|
غلق |
|
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: فاطمة ناعوت |
ماذا صرتَ اليومَ يا جوناثان؟
منذ سنوات كتبتُ مقالا عن صبيّ صغير بترت "بوكو حرام" الإرهابية ذراعَه. طفلٌ أسمرُ مليحٌ اسمه "جوناثان" من شمال نيجيريا، ضرب الإرهابيون بيتَه بقنبلة، واستطاع أفراد الأسرة الهروب والنجاة، لكن "جوناثان" تعثّر وتسببت الشظايا في تمزيق ذراعه اليمنى، وبُترت من مِفصل الكوع. ترك المدرسةَ وظلّت أمُّه تُمرّنُه على الحياة بذراع واحدة. وبعد عامين من الكارثة، استجاب اللهُ لدعاء الأمّ الحزينة وخرج الصبيُّ ابن الثانية عشرة من اكتئابه وعزلته. وفي صحو نهارٍ مشرق استيقظ "جوناثان" وقد عقد العزم على مواصلة تعليمه. وبالفعل ذهب إلى مدرسته والتقى بزملائه القدامى الذين سبقوه بعامين دراسيين، وانتظم مع زملاء جدد في تلقّي العلم بالمدرسة الفقيرة، التي فارقها يوم فارقته ذراعُه. عكف على تمرين نفسه على الكتابة باليد اليسرى، ويومًا بعد يوم، تحسّن خطُّه وشارف أن يغدو مقروءًا. عزيمةُ الطفل الصلبة جعلتني أفكّر أنه قد يغدو مع الأيام أديبًا ذائع الصيت مثل النيجيري "تشينوا آتشيبي"، أو عالمًا في الفيزياء مثل "آينشتين"، أو أو فيلسوفًا مثل "فرنسيس بيكون"، أو حتى فلاحًا جميلا يزرع لأهل بلدته القمح والشعير وزهورَ السوسن؛ التي تضعها الصبايا في أكاليل أعراسهن ليزددن جمالاً فوق جمال. لكنه لن يغدو مثلما أراد له إرهابيو "بوكو حرام" أن يصبح: إنسانًا أكتعَ عاجزًا يتسوّل لقمته من العابرين والسابلة. لكن "جوناثان" كان يحلم أن يلتحق بكلية الحقوق ليصبح محاميًا. اختار الصبيُّ مهنةَ "الحقّ" الذي حُرم منه، مثلما حُرمت منه كلُّ بقعة فوق الأرض دخلها أولئك الإرهابيون سُرّاق الحياة لصوص الأرواح. حينما عقد عزمه على مواصلة تعليمه المُغتال قال كلمته الشهيرة التي اتخذتها جريدة "الجارديان" البريطانية مانشيت عنوانها الرئيس: School is Good "المدرسة جميلة”. وأضيفُ أنا على قوله: “الإرادةُ جميلةٌ. حبُّ الحياة جميلٌ. الإصرارُ على هزيمة القبح والظلم جميلٌ جميل. تذكرتُ "جوناثان" وأنا أزورُ مؤسسة لرعاية "ذوي الهمم" الشهر الماضي، وتساءلتُ: هل حقق حلمه؟
|
|
| ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد | نسخ - Copy | حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | اضافة موضوع جديد | اضافة خبر | | |||
| نسخة قابلة للطباعة | الحوار المتمدن | قواعد النشر | ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن | قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن | | غلق | ||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |