الرب الصديق في حانة الفقراء


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7422 - 2022 / 11 / 4 - 04:32
المحور: الادب والفن     

عندما تسكر الخمرة على شفاه المتعبين
الهاربين من ظلم المحيط
المحبطين من حمل خيبات الليل والنهار
يتحول الليل
إلى واحة أحزان ثقيلة
يبكي مع الباكين
يسهر مع أصحاب الشقاء
الذين ينتظرون بلا أمل
مولد يوم جديد
فتعلن في تلك اللحظة
إلحادها بكل الأرباب
وكل الآلهة
وكل العبيد
فقط تمجد الرب الذي يمشي مع السكارى
يمد يده ليسندهم
يرافقهم في الطريق حتى لا تضيع خطواتهم المتعثرة
هذا الرب
هو الذي منح بركة النسيان
في مزيج الخمرة عندما تلعب بعقل الإنسان
هو الذي يطبع في قلوب السكارى شآبيب الرحمة
هل الذي يجعل عيونهم تبكي سريعا
وقلوبهم تنتعش سريعا
هذا الرب الجميل
صديق الفقراء
يعيش معهم في أكواخهم
أو في غرفهم البالية
هو الذي يمسك القمر من أن يغيب
حتى تنتهي أخر قطرات الخمرة في قنانيها
*****
عندما تسكر الخمرة على شفاه المتعبين
يرقص الرب رقصة اليائسين من تحول قريب
يخطب بأصدقاءه في الحانة
أنه ينوي إعلان العصيان
وإشعال الثورة
في طرقات المدينة
وسيقتل الشيطان
ويصرع السلطان
سيمنح أصحاب الظهور المحدبة من ثقل السنين
أوسمة ونياشين
وسيمنح النساء الصابرات وهن ينتظرن عودة العائدين
من حارات
من بارات
من أمكنة تضيق بأفكار ميتة متكررة متوهمة
سيمنح الجميع حياة أخرى
فيصفق الجميع للخطبة
إلا النادل القديم
فهو يعرف الأسرار
كما يعرف الدرهم من الدينار
لا يبالي
لا يهتم لكل جديد
فكل جديد عند الصباح يذهب في خانة المهملات
الرب الصديق عندما ينتصف الليل
يتذكر واجباته
فيصعد إلى السماء
ويترك الأصدقاء
مع البلاء
مع
خمرة تسكر قبل الشاربين.