اليوم العالمي للفتاة … زهرة الحياة


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 7403 - 2022 / 10 / 16 - 12:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

"الطفلةُ" في أي أسرة هي زهرةُ تلك الأسرة التي تنشرُ شذاها في أرجاء البيت وفي جنبات الحياة. وليس أجمل من أن تراقبَ تلك الزهرةَ وهي تنمو يومًا بعد يوم حتى تغدو شجرةً وارفةً، تُظلِّلُ البيت بالفرح والرحمة والسلام. محظوظٌ من منحه الله نعمةَ إنجاب البنت. كنتُ وزوجي، نبتهلُ إلى الله أن ننجبَ طفلة تكون قُرَّة عين لي وله. حلمنا بها واخترنا اسمَها وجهّزنا غرفتها ولوّنا حوائطها بالزهور، واشترينا لعبها وفساتينها وتوكات شعرها، وانتظرنا شهور الحمل في شغفٍ، والأملُ الجميل ينمو في قلبينا يومًا بعد يوم. لكن اللهَ تعالى أهدانا صبيين رائعين: مازن، عمر، قرَّت بهما عيونُنا. ولكن قلبي وقلب زوجي مازالا مُتعلقين بحب الزهور والشغف بهنّ. حين نقابلُ في الطريق طفلةً تركضُ، نحملها ونحتضنها، وكأنها تركضُ إلينا، ثم نعيدها إلى أمِّها، التي تقفُ تتأملُ شغفَنا بابتسامةٍ. وكبر الصبيان وتزوج ابني الأكبر، وعاد الأملُ في قلوبنا أن يمنحنا اللهُ حفيدةً تُشرقُ في بيتنا جمالا وفرحًا، بإذن الله.
أول أمس، 11 أكتوبر، احتفل العالمُ بـ"اليوم العالمي للفتاة"، وهو اليوم الذي أعلنته "الأممُ المتحدة" لدعم الأولويات الأساسية لحماية حقوق الفتيات وتوفير ما يضمن لهنَّ الحياة الأفضل والأجمل والأرقى. دشّنت الأمم المتحدة هذا اليوم لتكريس الوعي بخطورة عدم المساواة الذي تتعرض له كثيرٌ من الفتيات في جميع أنحاء العالم. من الحقوق التي يجب إزكاء الوعي بها: حقُّ الفتاة في التعليم، والتغذية الصحية، وحقوقها الدستورية والقانونية، والرعاية الصحية والطبية، والحماية من العنف والتحرش والتمييز في العمل، وحقها الكامل في اختيار الزوج بكامل إرادتها دون إرغام، ومحاربة تزويج الطفلات القسري، قبل النضوج الجسدي والعقلي الكاملين. وفقًا لإحصاءات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولة عام 2014، هناك حول 62 مليون فتاة حول العالم لم تُتح لهن الحصول على التعليم الذي يؤهلهن للزود عن حقوقهن وحماية أنفسهن من الانتهاك أو الزواج القسري. وعلى الصعيد العالمي فإن نسبة زواج الفتيات دون سن الثامنة عشر، يمثّل واحدة لكل أربع فتيات، وتلك نسبة مخيفة. أما نسبة تعرض الفتيات للعنف الجسدي والعنف الجنسي فأرقام مرعبة بحق، وفي معظم الأحيان، يفرُّ الجاني دون عقاب!
ومصر الغالية ليست بعيدة عن الوعي بجميع تلك الإشكاليات، خصوصًا في "الجمهورية الجديدة" التي أعلى فيها الرئيس "عبد الفتاح السيسي" من شأن المرأة، قولا وفعلا، وفي كل مناسبة يتكلم فيها تقريبًا لابد أن يشير إلى وجوب تقدير المرأة والفتاة والطفلة وتكريس الرعاية لها واحترام خصوصيتها وتوقير مكانتها. في احتفالات الأم المثالية كل عام، ينزل الرئيس من المنصّة ليحتضن الأمهات اللواتي حضرن على الكراسي المتحركة. وفي أعياد الطفولة يتحلّق حوله الأطفالُ من ذوي الهمم (وأشكره على هذا التعبير فائق الجمال؛ بدلا من المصطلحات القديمة غير الكريمة)، يتحلقون حوله ويمطرونه بطفولتهم وشقاوتهم فيمازحهم ويلاطفهم ولا يضجر من مقاطعتهم لخطبته، وهو الرجلُ الحريص على كل لحظة من كل ثانية من كل دقيقة في يومه، بدليل أننا نشهد له منجزًا أو منجزات في كل يوم منذ تولى الحكم في يوم سعيد من عام 2014؛ حتى انتقلت مصرُ نقلةً حضارية نوعية ينظرُ إليها العالم في عجب وانبهار، ومازال النهوضُ مستمرًا يَسرُّ الناظرين الوطنيين، ويطحنُ قلوبَ الأعداء الحاقدين.
لدينا رئيسٌ لا يرى أن المرأة أحد مفاتيح الحياة، بل هي "مفتاحُ الحياة"، كما يقول دائمًا. وإذا أردتَ أن تحكمَ على مستوى التحضُّر في مجتمع ما، انظرْ إلى مكانة المرأة في ذلك المجتمع. فإن كانت المرأةُ مُكرّمةٌ عاليةَ الشأن رافعةَ الرأس، فهذا مجتمعٌ مشرقٌ متحضرٌ، وإن كانت كسيرةَ النفس مصدوعةَ الروح ينظرُ إليها مجتمعُها بوصفها الأقلَّ شأنًا الأهونَ مكانةً، فاعلمْ أن هذا المجتمع مظلمٌ هزيلٌ مكتوبٌ عليه ألا يعلو شأنُه أبدًا. لهذا نشكرُ اللهَ على هديته العظيمة لنا أن منحنا رئيسًا متحضرًا مثقفًا وخلوقًا لم يكتفِ بالتعامل الرفيع مع المرأة بتحضر ورقيّ واحترام، بل يُعلّمُ الناسَ ذلك كل يومٍ في رسائلَ عمليةٍ متواليةٍ ومستمرة بدأت منذ توليه حكمِ مصرَ. بدأت رسائلُه في إعلاء شأن المرأة بأن حملت ْسيداتٌ جميلاتٌ حقائبَ وزارية مهمة كانت حِكرًا على الرجال في العهود السابقة، كذلك شهدنا في "الجمهورية الجديدة المضيئة" سيداتٍ جميلات يعتلين مقعدَ المحافظ ومنصات القضاء، لأول مرة في تاريخ مصر. وتوالت الرسائلُ الجسورة التي يُكرّس بها الرئيسُ السيسي مفهومَ "المواطَنة" الحضاري بمنح المنصب لمن يستحق، دون اعتباراتٍ عنصرية أو طائفية. والقادمُ أجملُ بإذن الله وتحيا مصر.


               ***