التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 34


طلال الربيعي
الحوار المتمدن - العدد: 7396 - 2022 / 10 / 9 - 03:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

النظرية الماركسية تحتاج للتطور في اتجاه لاكاني من أجل التعامل مع الكثير من مشاكل عالمنا الحالي!

اذن بدلاً من مجرد نبذ الماركسية من خلال اعتبارها انه تم تجاوزها من منظور لاكاني، يمكننا تأرختها" hiatorization من خلال إعادة وضعها في سياق تاريخي معين بمساعدة لاكان. هذا ما فعله استاذ التحليل النفسي في جامعة بوينس آيريس سيدي أسكوفاري SIDI ASKOFARÉ من خلال إظهار كيف أن ملف "ظهور" البروليتاريا كـ "شخصية تاريخية" للحقيقة وتجريد المعرفة، في لحظة الانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية، سمح لماركس باكتشاف البروليتاريا ك"عنصر تاريخي" للحقيقة والتخلص من مناطقية المعرفة وترتيبتها الهرمية جغرافيا في عصر الانتقال من نظام الإقطاع الى النظام الرأسمالي, مما سمح لاكتشاف العَرَض sinthome (كما ورد في الحلقة 31) الذي" يشير إلى عالمية وظيفة sinthome الذي يعاني فيه الشخص من حقيقة معينة غير قابلة للاختزال إلى ما يمكن أن يعرف عنه عموميا او شموليا. هذه الحقيقة تختلف بشكل واضح لكل شخص وهذا هو السبب في مقاومتها المعرفة العالمية. هذا هو نفس السبب في أن الأعراض خاصة دائمًا، أي خاصة عالميًا. لكن عالمية الخصوصية على وجه التحديد لا يمكن التغلب عليها بالشعور بالأعراض الاجتماعية التي اكتشفها ماركس بفضل ظرف فريد من نوعه في التاريخ. هنا ندرك دور التاريخ في الاكتشافات الماركسية، التي كانت في الواقع، الاكتشافات عن طريق التاريخ وليس حول التاريخ فقط. العالَم التاريخي باختصار، اكتشف نفسه من خلال اكتشافات ماركس. ومع ذلك، كما رأينا للتو، فإن هذا لا يضر بعالمية ما تم اكتشافه ولا ينبغي لنا ادراجه في ملفات التاريخ. التاريخ لا يتخلف عنا أبدا. نحن ببساطة في لحظة أخرى من نفس التاريخ.

لدينا فرصة لاستكمال نظريات ماركس أو أتباعه من خلال نظرية لاكان. المساهمة النظرية اللاكانية تأتي لتصحيح النقص أو للتعامل مع منحدر الماركسية. هذا ما حدث، على سبيل المثال، عندما رفض ألان بادو،
Alain Badiou
Rene Descartes Chair and Professor of Philosophy at The European Graduate School / EGS
https://egs.edu/biography/alain-badiou/
كلا من الماركسية الفرويدية وعلم النفس الماركسي.
في عمل لاكان, "نظرية الفرد او الذات", التي تتطلبها الماركسية, تطورت تباعا كجبر للنقص وكطوبولوجيا فائض يمكننا من خلالها تقديم توضيح ماركسي لمفاهيم مثل الجماهير أو الحزب. تستدعي الماركسية نظرية للفرد مثل تلك التي نتلقاها من لاكان. القراءة اللاكانية لماركس والماركسية تستجيب لما يُقرأ لإكماله، لتكملته،لوضع أسسه، وتبريره، وألاجابة على أسئلته، وإشباع احتياجاته, والاستمرار بالمعنى الذي يمثله.
THEORY OF THE SUBJECT
Alain Badiou
https://www.docdroid.net/AxRO4K5/20-badiou-theory-of-the-subject-pdf#page=3

بعض تأثيرات لاكان في قراءة ماركس وأتباعه هي إيجابية لأنها تطور بشكل إيجابي الأفكار الماركسية. لكن المهم والنتيجة هي أنهم يطورونها في اتجاه لاكاني على وجه التحديد, والتي بدورها تنتج ما يسميه البعض بعناد "الماركسية اللاكانية", ظهور التوجه الماركسي اللاكاني، واحد من أغرب الأحداث في تاريخ الماركسية، الذي تعود أصوله إلى لاكان ونهجه الخاص في قراءة ماركس، وكذلك في عمل بعض من قراء وتلاميذ لاكان.
The Metapsychology of Capital
https://www.academia.edu/13159228/The_Metapsychology_of_Capital

بعد وفاة لاكان عام 1981، من الثمانينيات حتى الآن، تحولت الماركسية إلى واحدة من أكثر التيارات السياسية والفكرية خصوبة في عصرنا، وذلك من خلال ما يتم تسميته أحيانًا بالتعبير الغامض "اليسار اللاكاني"!
Stavrakakis, Yannis, 2006, The Lacanian Left
https://www.academia.edu/8730096/The_Lacanian_Left

يمكن للعديد من أتباع لاكان ان يُطلق عليهم "الماركسيون اللاكانيون"، لكنهم يتجنبون تسمية أنفسهم بذلك لعدة أسباب: لأنهم لا يبدو أنهم يريدون تسمية أنفسهم بأي شكل من الأشكال، بسبب تمسكهم بماركس أو اهتمامهم بأفكاره لا يعني بالضرورة وجود ميل للماركسية، لأنهم كذلك جميعهم مدركون لأخطاء ماركس والماركسية التي علموا عنها من لاكان، لأن هناك ما يمنعهم من التعرف على النجاحات العظيمة لماركس والماركسية التي علمّها لاكان أيضًا لهم، لأنهم يظلون مخلصين للاكان، الذي لم يكن ماركسيًا, وانهم انتقدوا الماركسية، لأن إخلاصهم الشديد للاكان يجعلهم يرفضون أي تحالف بين الماركسية والتحليل النفسي يذّكرهم بالماركسية- الفرويدوية التي رفضها لاكان, لأن لاكان اعتقد أن الماركسية ونظرية التحليل النفسي لا يستطيعان الاقتران ببعضهما البعض بدون الغاء احداهما للأخرى. الماركسية اللاكانية زائدة عن الحاجة لأن الماركسية تنطوي على إيجابية (البروليتاريا إيجابية اذا تميزت بوعيها الطبقي: الطبقة بذاتها تصبح طبقة لذاتها: الوعي إيجابية لارتباطها بهدف تحقيق الرسالة التاريخية للطبقة بإلغاء الطبقات ونفسها أيضا: إنها تكتسب إيجابيتها بإلغاءها سلبية تشيئها-مادية ديالكتيكية تحل محل مادية فويرباخ الجامدة) تتعارض مع السلبية في القراءة السائدة للاكان (الانسان بعرف لاكان محكوم باللاوعي وما يسمى ال Real الذي لا يمكن التعبير عنه لغويا او فهمه او استشرافه او استقصاءه وحاله حال الثَّقب الأسود الذي يمكن ادخال معلومات فيه ولكن لا يمكن استخراجها بحكم التعريف), لأننا نعيش في وقت أصبح فيه المفكر الماركسي أمرًا عفى عنه الزمان أو لا يعني شيئًا مشابهًا لما كان يعنيه من قبل، وبسبب تشويه سمعة ما بعد الحداثة للماركسية وأي معتقد عمومًا.

الا ان ما يقوله أستاذ الماركسية وعلم النفس الاجتماعي والتحليل النفسي بجامعة ولاية ميتشواكان (جامعة ميتشواكانا دي سان نيكولاس دي هيدالغو ، موريليا، المكسيك)
David Pavón-Cuéllar
http://www.criticalinstitute.org/david-pavon-cuellar/
من الأهمية بمكان ولذا ينبغي اقتباس النص الأصلي بأكمله:
However powerful some of the aforementioned arguments may be,
I have stubbornly sustained myself as a Lacanian Marxist for a decade. I
have done so based first on certain personal positions and convictions:
because I am a communist, I am in the Marxist tradition and I would
never renounce Marxism to adopt a Lacanian theory, which interests me
mainly for the service it can render to communism. Now, in addition to
my ‘subjective’ political reasons, there are also ‘objective’ theoretical
reasons and dogmatic rationalisations that appear to me to provide
unquestionable evidence to embrace Lacanian Marxism: because there
seems to be nothing insuperably incompatible between the Lacanian and
Marxist discourses, because Marxism does not cease to be consistent by
rectifying the errors that Lacan imputes to it, because this rectification
can only purify and reaffirm the Marxist theory, because this theory needs
to develop in a Lacanian ----dir----ection in order to deal with much of what it
encounters in the current world, because the new forms of domination
and subjectification pose difficulties that Marxism cannot even conceive
without being Lacanized, because Lacanian psychoanalysis requires
radical positions such as Marxism so as not to degrade itself by dissolving
into psychology´-or-dominant ideology, because many of the ideas of Marx
and his followers underlay Lacanian theory, because to go deeper into
Lacan inevitably leads us to Marx, because the entanglement produced by
adding Marxism to psychoanalysis only mirrors the opacity and complexity
of the material reality for those who try to conceive it, because Lacanian
Marxism can only be redundant for those who accept its truth, and because
most of the reasons to avoid Lacanian Marxism seem more suspicious and
tempting than persuasive´-or-dissuasive
Lacanizing Marxism
the Effects of Lacan
in Readings of Marx
and Marxist Thinkers
https://crisiscritique.org/april2019/cuellar.pdf
ص. 269-70
"مهما كانت بعض الحجج المذكورة أعلاه قوية، فقد حافظتُ على قناعتي بعناد كماركسي لاكاني لعقد من الزمان. أني قمت بذلك بناءً على مواقف ومعتقدات شخصية معينة: لأنني شيوعي، فأنا من اتباع التقاليد الماركسية ولن اتخلى عن الماركسية لتبني النظرية اللاكانية التي تهمني بشكل رئيسي للخدمة التي يمكن أن تقدمها للشيوعية. الآن، بالإضافة إلى أسبابي السياسية "الذاتية"، هناك أيضًا اسباب نظرية "موضوعية" ومبررات عقائدية التي تشكل دليلا لا جدال فيه على امكانية اعتناق الماركسية اللاكانية: لأنه يبدو انه ليس هناك شيء يتعارض بشكل لا يمكن التغلب عليه بين اللاكانية والخطابات الماركسية، لأن الماركسية لا تتوقف عن أن تكون متسقة بتصحيح الأخطاء التي ينسبها لها لاكان، لأن هذا التصحيح يمكنه فقط تنقية وإعادة تأكيد النظرية الماركسية، لأن هذه النظرية تحتاج للتطور في اتجاه لاكاني من أجل التعامل مع الكثير من مشاكل عالمنا الحالي، لأن الأشكال الجديدة للهيمنة ومنح التجربة الذاتية مغزاها تشكل صعوبات لا تستطيع الماركسية حتى تصورها دون أن تكون لاكانية، لأن التحليل النفسي اللاكاني يتطلب فهما راديكاليا للغاية مثل الماركسية كي لا يحط من نفسه عن طريق التذويب في علم النفس أو الأيديولوجيا السائدة، لأن العديد من أفكار ماركس وأتباعه هي أساس النظرية اللاكانية، لأن التعمق في لاكان يقودنا حتماً إلى ماركس، لأن التشابك الناتج عن إضافة الماركسية إلى التحليل النفسي يعكس فقط غموض وتعقيد الواقع المادي لأولئك الذين يحاولون فهمه، لأن الماركسية اللاكانية يمكن أن تكون زائدة عن الحاجة فقط لأولئك الذين يقبلون حقيقتها، ولأن معظم أسباب تجنب الماركسية اللاكانية تبدو نتيجة إغراء ومشكوك فيها اكثر منها نتيجة قناعات او خلافها."

يتبع