كوكب ياسمين مصطفى… المصري


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 7364 - 2022 / 9 / 7 - 13:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

هذه الفتاة الصبوح ذات الوجه المصري المليح، تشغلُ حديث دوائر البحث العلمي منذ سنوات في أمريكا والعالم، وصارت أحد الأسماء الشهيرة في مجالات الابتكارات والكشوف العلمية الواعدة للشباب الصغير بما أنجزُه عقلُها المضيءُ منذ كانت في المرحلة الثانوية وحتى اليوم، وهي بعدُ لم تتجاوز العشرين من عمرها إلا بسنوات قليلة. وتُوّجت شهرتُها العالمية بإطلاق اسمها على أحد الكواكب المُكتشفة حديثًا، في كناية مجازية بأن شابتنا المصرية كويكبٌ مشعٌّ حديث الاكتشاف. الشابة المصرية الجميلة "ياسمين يحيى مصطفى" إحدى اللآلئ المصرية المشرقة التي تختبئ في محار مصر غزير الكنوز، فتح العلمُ المحارةَ ليخرجَ ضوؤها مشعًّا يخطفُ الأبصار. في أبريل عام ٢٠٠٠، أطلقت "وكالة ناسا الأمريكية للفضاء" اسم:MOUSTAFA-31910 على أحد الكويكبات الواقعة ضمن الحزام الرئيسي في منطقة النظام الشمسي الواقع بين كوكبي المريخ والمشترى، والمكتشفة حديثًا بمعرفة مختبر "لينكولن" الأمريكي، تقديرًا لجهودها العلمية لصالح علوم الأرض والبيئة، ليحمل اسم العائلة لابنتنا المصرية، ويظل شاهدًا أبديًّا على عبقرية هذا العقل النيّر بعدما اخترعت "ياسمين" جهازًا يعمل على تبخير المياه باستخدام الحرارة الناجمة عن إحراق "قش الأرز" ثم تمرير الغازات الناتجة من عملية الاحتراق على مجموعة من الطحالب حتى تنتج مادة "بايو ديزيل"، ومجموعة من الزيوت النافعة، ثم ضغط الغازات الناتجة لتوليد أنواع مختلفة من الطاقة، وكذلك استغلال رماد القش الناتج في صناعات عديدة مثل الأسمنت والأسمدة العضوية. أطلقت على مشروعها الواعد اسم: “القوة الكامنة في قشّ الأرز". وحصد مشروعها هذا المركز الأول عن فئة "علوم الأرض والبيئة" في معرض "إنتل" الدولي للعلوم والهندسة الذي انعقد مؤخرًا في مدينة "بيتسبورج" في ولاية "تكساس" الأمريكية. وتلقّت ياسمين" عروضًا عديدة من دول أجنبية لتنفيذ مشروعها على أراضيها، لكنها اعتذرت وأصرّت على تنفيذ مشروعها الجميل في وطنها مصر الطيبة بعد تصديق الحكومة عليه. ولم يكن تكريم وكالة ناسا هو مجدها الأوحد، بل كُرّمت من قِبَل مؤسسة علمية في دولة الإمارات الشقيقة تُدعى مؤسسة "القدرات" للتدريب العلمي، وهي الجهة المنظمة لمعرض تنمية وتطوير الشباب العربي. وكذلك اختارت شركة "هاينمان" الأمريكية قصة النابغة المصرية "ياسمين مصطفى" لسردها في كتاب وُزِّع منه ملايين النسخ على المدارس الأمريكية لكي تكون نموذجًا يُحتذى للطلاب الأمريكان. وكرَّمتها الرئاسة المصرية والفنية العسكرية ووزارة البيئة ودخلت قائمة الشرف الوطني المصري.
عبقريتنا المصرية الجميلة من مواليد قرية "المنازلة" مركز "كفر سعد" بمحافظة دمياط. وهي الابنة الوسطى بين شقيقين: "محمد- إنجي". بعد رحيل والدهم، عكفت أمُّهم على تربيتهم وتنشئتهم على محبة العلم والاجتهاد. بدأ بزوغ عقلها في المرحلة الابتدائية حيث حصلت على المركز الأول في محافظة دمياط، واستمر تفوقها في المرحلة الإعدادية، وكان حلمها أن تلتحق في المرحلة الثانوية بمدرسة "المتفوقات في العلوم والتكنولوجيا" في زهراء المعادي بالقاهرة. ولهذه المدرسة نظامٌ مختلف عن الثانوي العام، حيث يكون التركيز على العلوم والبحث التكنولوجي العملي؛ إذ يعتمد ٦٠٪ من مجموع الدرجات على مشروع علمي عملي يتقدم به الطالبُ لحل إحدى المشكلات في مصر. وكان لها ما أرادت والتحقت بالمدرسة الحلم، رغم صعوبة وتحديات الانتقال من الريف إلى المدينة. وكانت أسرتُها المتحضرة صخرتَها التي ساعدتها في تحقيق حلمها. وفي الصف الثاني الثانوي بمدرسة المتفوقات للعلوم والتكنولوجيا حصدت "ياسمين" جائزة التفوق العلمي عن المشروع الذي تقدمت به لاختراع جهاز يعمل على تنقية أي نوع من المياه وتحويلها إلى مياه شرب نقية بنسبة ١٠٠٪، وكذلك إنتاج طاقة هيدروجينية والتخلص من السحابة السوداء الشهيرة التي تتكرر كل عام، تلك الناجمة عن إحراق قش الأرز. وهكذا نجحت "ياسمين" في تحويل "المحنة" إلى "منحة"، والأزمة إلى منفعة، واستخراج النعمة من مشكلة دورية تؤرق جنبات مصر في مواسم الأرز.
في ربيعها السابع عشر، احتلّت "ياسمين" الجميلة المركز الأول على العالم في مسابقة "إنتل إيسف" الدولية للعلوم والهندسة، وهي أرفع جائزة عالميًّا في مجال البحوث العلمية للمرحلة ما قبل الجامعية. وهي مسابقة دولية مخصصة للمشاريع العلمية الواعدة لصغار المخترعين، اشترك فيها ١٧٠٠ متسابق من ٧٨ دولة،. وكانت لجنة التحكيم من أرفع المستويات العلمية في العالم بينهم حاصلون على جائزة نوبل للعلوم، وكانت صبيتنا المصرية الواعدة هي الفائز العربي الأوحد بالجائزة في تاريخ المسابقة.
ورغم حداثة سنّها (٢٣ عامًا) ، تُدعى "ياسمين مصطفى" لتُحاضِر في كبرى المؤتمرات والمحافل العلمية الدولية في مختلف دول العالم، وتنهال عليها العروض من شركات أوروبية وأمريكية للعمل لديها كباحثة. لكنها تأملُ، ونأملُ معها، أن تتبنى الدولةُ المصرية تلك المشاريع الطموحة التي تُثري الوطنَ في جمهوريتنا الجديدة.
                                               ***