النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....27


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7362 - 2022 / 9 / 5 - 10:02
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

العلاقة بين النقابة المبدئية المبادئية وبين النقابات المتعددة:.....8

وبعد أن وقفنا على أن النقابة، لا يمكن أن تتحول إلى حزب، وأن الحزب لا يمكن أن يتحول، كذلك، إلى نقابة. نتساءل من جديد:

لماذا نشترط في النقابة، أن تكون مبدئية مبادئية، كعنوان على إخلاصها في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراءن وسائر الكادحين؟

وهذا السؤال، يرسم لنا التوجه الذي نسلكه، من أجل رسم معالم النقابة الحقيقية، التي لا تخدم مصالح أي جهة، كيفما كانت هذه الجهة؛ لأن النقابة تشتغل باستمرار، انطلاقا من مبدئيتها، ومن مبادئيتها، على ملفات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، التي تقتضي تدخل النقابة، لدى مختلف الإدارات، من أجل تسوية الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالإضافة إلى اشتغالها على البرنامج النقابي، الهادف إلى توعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

فالمبدئية، في حد ذاتها، تعتبر عنوانا، على إخلاص النقابة، واستماتتها في خدمة قضايا العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يهتمون بالوعي بالواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يعيشونه، وبالوعي بالذات، كعمال، وكأجراء، وككادحين، ولا يمكن أن تستقيم أمور المجتمع، إلا بعملهم، وبتقديمهم للخدمات، وبكدحهم المستمر، إلى ما لا نهاية. والذين يتعرض مشغلوهم، للخيرات المادية، والمعنوية، التي ينهبونها، ليصيروا من كبار الإقطاعيين أو البورجوازيين، أو من كبار مكونات التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، الأمر الذي يترتب عنه: تعرض العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، للاستغلال الهمجي، من قبل المستغلين، الذين يحرمون العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن حقوق الشغل، التي تنضاف إلى الرأسمال، وتصير جزءا لا يتجزأ من وسائل الاستغلال المادي، والمعنوي، الذي يصير أداة لإخضاع المجتمع ككل، إلى إرادة الطبقات التي تمارس الاستغلال على المجتمع، ولكنها المبدئية، التي تفرض على النقابة الاعتراف بشرعية الاستغلال المادي، والمعنوي، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وإلا، فإنه، إذا لم يكن هناك استغلال:

فما الداعي إلى وجود النقابة في الأصل؟

فالنقابة موجودة؛ لأن الاستغلال قائم في الواقع المادي، والمعنوي، ولولا النقابة، لا ازدادت الهمجية في الاستغلال، ولا امتنع المستغلون عن أداء الأجور، أو جعلها لا تستجيب لمعظم حاجيات المجتمع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فوجود الطبقات المستغلة للمجتمع، ووجود النقابة للدفاع عن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، متلازمان، والغاية: هي الحرص على التوازن الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بهدف جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ينالون بعض الحقوق، ويناضلون من أجل التمتع بكافة حقوقهم الإنسانية، والشغلية، في أفق العمل على التحرر من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، التي تضمن المساواة في الحقوق، وفي الواجبات.

وعندها تصير للنقابة مهام أخرى، تقتضيها شروط الحياة الجديدة، فإنها تنصرف إلى إنجاز تلك المهام، على أساس أن تصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

أما المبادئية، فهي الركائز التي تقوم عليها النقابة المبادئية، التي عندما تسقط، فإن النقابة، تتحول إلى نقابة صورية، كما هو الشأن بالنسبة للنقابة البيروقراطية، والنقابة الحزبية، والنقابة التابعة؛ لأن نقابات من هذا النوع، لا تهتم بقضايا العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بقدر ما تهتم بمصالح القائد النقابي، وبمصالح الحزب، وبمصالح الجهة التي تتبعها النقابة.

وبالنسبة للركائز التي تقوم عليها النقابة، والتي تندرج ضمن مصطلح المبادئية، تتمثل في:

1) الديمقراطية، التي تجعل النقابة تهتم بالحرص على أن تكون العلاقات الداخلية، قائمة على أساس الديمقراطية الداخلية، التي تقتضي إشراك جميع النقابيين في التقرير، وتتحمل المسؤوليات النقابية المختلفة، وطريقة التسيير الإداري، وطرق التعبئة، التي تختلف من قطاع، إلى قطاع آخر، وطريقة تنفيذ أي قرار، تتخذه النقابة، من أجل قطع الطريق، أمام تحول النقابة، إلى نقابة تحريفية بيروقراطية، يجب عدم القبول بها، باعتبارها ممارسة فاسدة.

والديمقراطية الداخلية، التي تعتمدها النقابة، في عملها النقابي اليومي، الذي يخضع فيه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، للتربية على الديمقراطية، التي تنتقل عبر ممارستهم إلى المجتمع ككل، من خلال الأسرة، ومن خلال العائلة، ومن خلال العلاقات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يترتب عنه: أن الممارسة النقابية، الديمقراطية، تعتبر مساهمة، بطريقة غير مباشرة، في النضال الديمقراطي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وخاصة عندما تعتمد الربط الجدلي، بين النضال النقابي، والنضال السياسي، حتى يعتبر العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين: أن النضال السياسي، كذلك، جزء لا يتجزأ من نضال النقابة، من خلال طرح المطالب السياسية، إلى جانب المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

وانطلاقا من اهتمام النقابة المبدئية المبادئية، بالحرص على الممارسة الديمقراطية الداخلية، ومن مساهمتها في النضال الديمقراطي، بطريقة غير مباشرة، ومن ربطها الجدلي، بين النضال النقابي، والنضال السياسي، فإن النقابة المبدئية المبادئية، تعتبر مدعوة للانخراط في النضال النقابي المجتمعي، من خلال دعم كل الإطارات التي تناضل من أجل الديمقراطية، سواء كانت أحزابا، أو منظمات جماهيرية، ومن خلال الانخراط في التنسيقيات المختلفة، التي تنجز محطات معينة، للنضال من أجل الديمقراطية، ومن خلال الانخراط في الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، وفق برنامج حد أدنى، تعمل الجبهة بصفة مستمرة، على تحقيقه، ولا تتوقف، إلا إذا صارت الديمقراطية، بمضامينها المختلفة: اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، وصار كل شيء في المجتمع، بما في ذلك الحكم، والتوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، ديمقراطيا، ومحكوما بالممارسة الديمقراطية.

2) التقدمية، التي تقتضي منا إعطاءها مدلولا نقابيا، كمبدإ من مبادئ النقابة، التي تعمل على تحصين النقابة، من التحريف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

فالتقدمية، في مدلولها السياسي، ضد الرجعية، والرجعية، في مدلولها السياسي، ضد التقدمية، كذلك، وإذا عملنا على فهم التقدمية بالمدلول النقابي؛ لأن المفهوم السياسي، لا ينسحب عليها؛ لأن الحزب السياسي، يمكن وصفه بالتقدمي، وبالرجعي، باليميني، وباليساري وبالوسط لأنه يحمل تصورا مجتمعيا، تكريسيا، أو إصلاحيا، أو تغييريا. وقد سبق أن وقفنا على مدلولات كل مصطلحن من هذه المصطلحات السياسيةن على أن النقابة لا يمكن أن تعتبر تقدمية، حتى نعتبرها، كذلك، يمينية، أو يسارية، أو وسطية، الأمر الذي يفرض أن نعتبر التقدمية، مشتقة من التقدم، والتطور، بفعل النقابة، والعمل النقابي، الذي يجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مستهدفين بتحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، وباكتساب الوعي بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبتوظيف ذلك الوعي، في الوقوف على طبيعة الاستغلال الممارس على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالفرق بين القيمة، وفائض القيمة.

وماذا يأخذ العامل من القيمة؟

وأين يذهب فائض القيمة؟

هل يتمتع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، أثناء ممارساهم للعمل في المؤسسة الإنتاجية، أو الخدماتية؟

وإذا كانوا لا يتمتعون، لا بحقوق الإنسان، ولا بحقوق الشغل، فأين تذهب تلك الحقوق؟

وهل يمكن القول: بأن الحقوق المهضومة، تتحول إلى جزء من الرأسمال، الذي يستغل بواسطته العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

ألا نعتبر ذلك وسيلة، لجعل حقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أداة لاستغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

أي انهم يستغلون برأسمال، تتم المساهمة في نموه، بحرمان العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من حقوقهم الإنسانية، والشغلية، التي تتحول إلى جزء لا يتجزأ من الرأسمال المادي، والمعنوي، الذي يصير وسيلة لمضاعفة استغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما يجعلهم يعمقون وعيهم بطبيعة الرأسمالية القائمة في بلادنا، ودور النقابة: أنها تعمل من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، مع الحرص على تمتيع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بكل الحقوق الإنسانية، والشغلية، انطلاقا من مبدئيتها، ومن مبادئيتها، ومن كونها نقابة ديمقراطية، وتحرص على أن تكون تقدمية، تسعى إلى جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يسعون إلى التقدم، والتطور، نحو الأحسن: ماديا، ومعنويا، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وفكريا، بهدف الوصول إلى امتلاك القدرة على محاربة الاستغلال الممارس: ماديا، ومعنويا، وفرض احترام الحقوق الإنسانية، والشغلية، والعمل على معرفة الإنتاج المادي، والمعنوي، والفرق بينهما، والفرق بين القيمة، وفائض القيمة:

وما هي مكونات قيمة البضاعة؟

وماذا يأخذ العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من القيمة؟

وماذا يتبقى للمستغل؟

ولماذا نسميه بفائض القيمة؟

وماذا يترتب عنه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا؟

ولماذا يحرص الرأسماليون، على التواجد في البرلمان؟

لأن كل ذلك، يدخل في إطار تقدم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتطورهم اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لأن النقابة التي ينتمون إليها، نقابة مبدئية مبادئية، وليست بيروقراطية، أو حزبية، أو تابعة، حتى تخل بالتزاماتها، تجاه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وحتى لا نجسد المفهوم النقابي للتقدمية.

3) الجماهيرية في النقابة، لا تعني إلا انفتاح النقابة على جماهير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما سبق أن وضحنا ذلك، في مكان آخر.

والانفتاح، بصفة عامة، على عموم الجماهير الشعبية الكادحة، من منطلق أن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من هذه الجماهير الشعبية الكادحة، وليس من الوسط الإقطاعي، أو البورجوازي، أو الريعي، أو المهرب، من، وإلى الوطن، وتاجر الممنوعات، كالسلاح، والمخدرات؛ لأن مثل هؤلاء، ليسوا من الجماهير، وليست الجماهير منهم، خاصة، وأنهم يعتبرون أنفسهم نخبا مالية، لا يهمها إلا نهب الخيرات المادية، والمعنوية للمجتمع الكادح، الذي لا يسعى إلا إلى العيش الكريم: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

والنقابة الجماهيرية المبدئية المبادئية، عندما اختارت التمبدأ بمبدإ الجماهيرية، فلأن هذه النقابة، تعرف أنها موجودة من أجل الجماهير: جماهير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والجماهير الشعبية الكادحة؛ لأنه بدون الانفتاح على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا يقبل هؤلاء على الانتظام في النقابة المبدئية المبادئية، ولا يساهمون لا في التقرير، ولا في التنفيذ، ولا يعملون على تكوين ملفاتهم المطلبية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا يساهمون في وضع البرنامج النقابي، ولا في تنفيذ القرارات النقابية، التي لها علاقة بالميدان، ولا يكونون مستعدين لأداء ضريبة النضال النقابي، حتى يكتسبونها طيبة، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، من أجل أن تصير لهم مكانة شعبية، ترتبط بالإقبال على التضحية، من أجل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن أجل الجماهير الشعبية الكادحة.

وجماهيرية النقابة، لا تتحقق إلا بديمقراطيتها، وتقدميتها، لأن النقابة، إذا لم تكن ديمقراطية، فإن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، سينسحبون منها. وإذا لم تكن تقدمية، فإنها لا تعمل على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، ولا تسعى إلى تقدم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعموم الجماهير الشعبية الكادحة، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، عن طريق انتزاع المزيد من المكاسب، لصالحها، بالنضال المستمر: المبدئي المبادئي.

4) الاستقلالية، كمبدإ، لا يمكن للنقابة أن تصير ديمقراطية، بالمضامين الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلا إذا كانت مستقلة، كما أنها لا يمكن أن تسعى إلى تقدم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتطورهم: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، إلا بالاستقلالية عن الدولة، وعن تقديس القائد، وعن الحزب، وعن التبعية. خاصة، وأن النقابة، إذا لم تحرص على أن تكون ديمقراطية، وإذا لم تسع إلى تقدم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتطورهم، فإنها تصير إما ديمقراطية، وإما حزبية، وإما تابعة للدولة، أو إلى حزب معين؛ لأن هذه النقابات، لا يستفيد منها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بقدر ما تستفيد منها الإدارة المخزنية، والقائد البيروقراطي، والحزب، والجهة، أو الجهات التي تتبعها النقابة، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. الأمر الذي يترتب عنه: أن الاستقلالية تضمن حضور المبادئ الأخرى، وتضمن توطيد العلاقة بين النقابة، وبين العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما تضمن إخلاص النقابة لمبدئيتها، ولمبادئيتها، وللعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

5) الوحدوية، التي بدونها لا تستطيع السعي إلى توحيد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في إطار التنظيم النقابي الوحدوي، وتصير مطالب النقابة وحدوية، ويصير برنامجها وحدويا، وتصير تعبئتها وحدوية، وتصير قراراتها النضالية وحدوية، خاصة، وأن نضالها المبدئي المبادئي، وحدوي، واقتناعها بمبادئ الديمقراطية، والتقدمية، بمفهومها النقابي، والجماهيرية التي تجعل النقابة منفتحة على الجماهير الشعبية الكادحة، وحدوية، وأن الاستقلالية عن تقديس القائد، وعن الحزب، وعن التبعية للدولة، أو لأحد الأحزاب السياسية، لا يمكن أن تكون إلا عملا وحدويا.

والعمل النقابي، عندما يصير وحدويا، يصير ديمقراطيا، تقدميا، جماهيريا، مستقلا، حتى يصير مندمجا في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة. والجماهير الشعبية الكادحة، مندمجة فيه، ليصير، بذلك، جزءا لا يتجزأ من النقابة، وتصير النقابة جزءا لا يتجزأ من العمل النقابي، لتتحقق بذلك الوحدة الجدلية، بين النقابة المبدئية المبادئية، وبين العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وإذا تعذر اعتبار النقابة المبدئية المبادئية، وحدويا: مطلبيا، وبرنامجيا، ونضاليا، فإنها تعمل على التنسيق مع النقابات القريبة منها، على مستوى المبادئ، وعلى مستوى البرنامج، من أجل القيام بعمل مشترك، يستفيد منه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما يمكن للنقابة المبدئية المبادئية، أن تنخرط في إطار الجبهة الوطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، انطلاقا من برنامج حد أدنى، باعتبار الجبهة عملا وحدويا أوسع، لتحقيق مجتمع ديمقراطي بديل، للمجتمع المحكوم بالاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وبناء على مبدئية النقابة، ومبادئيتها، وانطلاقا من العمل الوحدوي، الذي نسعى إليه اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، نتساءل كذلك:

لماذا نعتبر: أن النقابة تتجاوز أن تكون إصلاحية، ولا يمكن أن تصير ثورية أبدا، كما يدعي البعض؟

إننا، هنا، أمام مقارنة، من الصعب عدم إخضاعها للنقاش. وهذه المقارنة، تستهدف الحزب، وتستهدف النقابة، في نفس الوقت، خاصة، وأن التحريفيين، مهما كان لونهم، يخلطون بين النقابة، والحزب، فيعتبرون النقابة، هي الحزب، ويعتبرون الحزب، هو النقابة، مع أنهما يختلفان، اختلافا جوهريا؛ لأن بنية الحزب، ليست هي بنية النقابة؛ ولأن مبادئ الحزب، ليست هي مبادئ النقابة، ولأن أهداف الحزب، ليست هي أهداف النقابة.

وإذا كان لا بد من الوقوف على الفروق القائمة بين الحزب، وبين النقابة، فإن علينا أن نسجل ما يجعل الحزب حزبا، وما يجعل النقابة نقابة، وهذه الفروق، تتمثل في:

1) أن الحزب، يهتم بمصير المجتمع ككل: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ولا يمكن أن يكون شيئا آخر، فهو يهتم بوضعية الدولة، وبطريقة تسييرها لشؤون الحكم، في مجالات الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، كما يهتم بما تقوم به الدولة، تجاه الشعب، وتجاه الطبقات الاجتماعية، فيتخذ مواقف، بناء على ذلك، تأييدا، أو مطالبة بالإصلاح، في ميادين الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، أو سعيا إلى التغيير في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بناء على الرغبة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

2) أن النقابة، لا تهتم إلا بوضعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بهدف العمل على الزيادة في الأجور، والتعويضات، وفي تحسين شروط العمل، وفي التخفيف من حدة الاستغلال المادي، والمعنوي، وفي ضمان الحماية الصحية، والاجتماعية: لضمان الحماية الصحية، عندما يصاب العامل / الأجير / الكادح، بمرض معين، والحماية الاجتماعية، عندما يصل إلى سن التقاعد.

3) أن الحزب، لا ينتظم فيه إلا من يقتنع بأيديولوجيته، وببرنامجه، وبالأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، سعيا إلى تكريس ما هو قائم، أو العمل على إصلاحه، أو العمل على تغييره اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ليرضي الطبقة الحاكمة، والطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، سواء كانت هذه الطبقات قائمة على أساس التمتع بالامتيازات الريعية، والتي تمكن من يتمتع بتلك الامتيازات، من مراكمة الثروات الهائلة، التي تجعله من الطبقات الريعية، أو الخدماتية، أو يشتغل على التهريب، أو الاتجار في الممنوعات. وهو ما يترتب عنه: تنشيط تبييض الأموال، التي تمكن الريعيين، والمهربين، وتجار الممنوعات، من تحويل الأموال، التي تمكن الريعيين، والمهربين، وتجار الممنوعات، من تحويل الأموال الطائلة، إلى ممتلكات، لا حدود لها، في كل مكان من المغرب: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

4) أن النقابة، تهتم بتنظيم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حسب كونهم يرتبطون بالتنظيم المركزي، أو التنظيم القطاعي العام، أو التنظيم القطاعي الخاص، سعيا إلى مساهمتهم، في تكوين الملفات المطلبية، وصياغة البرنامج النقابي، الذي يتم اعتماده في تفعيل العمل النقابي: التنظيمي، والتوعوي، والتعبوي، وخوض المعارك النضالية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الهادفة إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، المؤدي إلى التخفيف من حدة الاستغلال المادي، والمعنوي، بهدف العمل على انتزاع المزيد من المكاسب، التي توطد الارتباط بالنقابة، وبالعمل النقابي، واعتباره الوسيلة المثلى، لمواجهة الاستغلال، الذي يزداد همجية، كلما تراجعت النضالات المطلبية، والتعبوية، والتوعوية، بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بهدف البحث عن سبل الفعل فيها، من أجل أن تصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بدل أن تبقى في خدمة الحكام، والمستغلين، الذين لا هم لهم إلا نهب ثروات الوطن، وتهريبها إلى حسابات الأبناك الخارجية.

5) أن الحزب الذي يقتنع بأيديولوجية معينة، تسعى إلى خدمة مصالح طبقة معينة، يسعى إلى الوصول إلى الحكم، وإلى مختلف المؤسسات المنتخبة، إن كانت هناك انتخابات حرة، ونزيهة، من أجل خدمة مصالح طبقة معينة، وحماية تلك المصالح، وتشريع القوانين، التي تعضد تلك الخدمة، وتلك الحماية، حتى يتأتى لتلك الطبقة، أن تزداد شأنا، في المجتمع، وتصير متمكنة من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يسير في خدمة مصالحها، ويعمل على جعل القوانين القائمة، تفرض تلك الخدمة، وتضمن حمايتها، حتى تتمكن الطبقة الاجتماعية، التي وصل الحزب الحامل لأيديولو جيتها، إلى الحكم.

6) أن النقابة، لا يمكن أن تكون إلا مبدئية، مبادئية، بهدف صيرورتها لجميع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة، وأن النقابة، لا تتخذ لها أبدا ايديولوجية معينة، لأن المنتظمين في إطاراتها المختلفة، قد يقتنع كل واحد منهم بأيديولوجية معينة، تجعله ينتمي إلى حزب معين، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، يتبنى رأي ذلك الحزب، في مختلف القضايا، الأمر الذي يترتب عنه: أن النقابة، حتى وإن كانت خاصة بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا يجوز لها أن تقتنع بايديولوجية معينة، حتى لا تنفر حاملي باقي الأيديولوجيات، من النقابة، والعمل النقابي، والذي تعمل من أجله النقابة، ليس هو الوصول إلى الحكم، بل إنها تعمل على فرض الاستجابة للملفات المطلبية القائمة، التي يؤدي تحقيقها إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى تنسجم النقابة مع نفسها، ومع مبدئيتها، ومع مبادئيتها، ومع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وانطلاقا من هذه الفروق، التي وقفنا عليها، فإن النقابة، لا يمكن أن توصف، لا بالرجعية، ولا بالثورية، ولا بخدمة المصالح الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عن طريق التنظيم النقابي، الذي يفكر بوضع الملفات المطلبية، ويصوغ البرامج النضالية، ويقرر النضالات المطلبية، من أجل فرض تحقيق المكاسب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

أما الحزب، فإنه لا يكون إلا قائما على أساس الاقتناع بأيديولوجية معينة، تستهدف تضليل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو تعمل على توعيتهم بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إن كانت قائمة على أساس الاقناع بالاشتراكية العلمية، حتى يستطيع الحزب خدمة مصالح الطبقة، التي يحمل أيديولوجيتها، ويمكنها من كل شيء، في المجتمع، ويخدم مصالحها، لتصير بذلك جزءا لا يتجزأ من الطبقة الحاكمة، التي بيدها الأمر كله: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ويستطيع أن يوجه أمر الحكم، كما يشاء، ما دام الحكم يخدم مصالحه، أو يسعى الحزب الحامل لأيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، إلى تغيير الواقع تغييرا جذريا، من أجل أن يصير في خدمة المجتمع ككل.