5- الأزهر وثقافة الغباء الجمعي


ياسين المصري
الحوار المتمدن - العدد: 7302 - 2022 / 7 / 7 - 07:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

ملحوظة:
المقالات السابقة لم تحظى بتعليقات كثيرة (2 أو 3 من أساتذة متنورين وتنويريين)، مما يشير بأن” السكوت علامة الرضا“. بينما المقال الرابع على وجه الخصوص، وهو عن: محمد وثقافة الغباء الجمعي، حاول أحد القراء إرسال تعليقه أكثر من 10 مرات إلى (الكذاب الحاقد)، ورفض الموقع نشر التعليق لمخالفته القواعد، مما يشير إلى أنه اتَّبع في تعليقه أسلوب نبيه البذيء، مما يؤكد ويثبت ما قلته من قبل: إنهم «عبيد سيدهم النبي». وكان الأجدى للقراء لو كان لديه أدنى وعي بجهله وغبائه، لِيَفْتح عقله، ويوضِّح لهم كذب الكذاب وحقد الحاقد وعلى من يحقد ولماذا؟، بدلا من اتباع هذا الأسلوب النبوي الكريم جدا في البذاءة والسفالة!.
***
نعود إلى مقال اليوم:
سبق ونشرتُ مقالين عن الأزهر الموسوم بالشريف (دون سبب)، بعنوان: ”من أطلق الوحش“، وجرى الحديث فيهما عن نشأته وتطوره والكيفية التي تحوَّل بها من مجرد حمل وديع إلى وحش كاسر على أيدي البكباشي عبد الناصر وخلفائه من بعده وأصبح مؤسسة كبرى، تتمتع بسلطة سياسية موازية للسلطة الرسمية في البلاد وأكثر منها تأثيرا في المجتمع:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=731200
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=731540
يتركز الحديث هنا على مدى تأثير هذه المؤسسة، ودورها السياسي المقدس في صناعة الجهل والكذب والهذيان والإرهاب، والعمل الدؤوب على تعميم ثقافة الغباء الجمعي في مصر وفي أي مكان من العالم تصل إليه.
في بداية الثمانينات من القرن الماضي في السوان، وكان عهد الرئيس العسكري الانقلابي جعفر محمد النميري (حكم من 25 مايو 1969 إلى 6 أبريل 1985) يقترب من نهايته، أتُّهِم المفكر السوداني محمود محمد طه (1909 - 1985م) بالرِّدَّة عن التأسلم، وتم إعدام في يناير 1985، بتحريض ومباركة من مشيخة الأزهر في مصر:
https://ar.wikipedia.org/wiki/محمود_محمد_طه
وقبل إعدامه قال جملته الشهيرة: « سوف ياتي يوم توضَع على باب الأزهر خشبة مكتوب عليها: هنا كان يدرَّس الجهل».
بعد ذلك بما يزيد على أربعين عامًا سمعنا المفكر الراحل الدكتور سيد القمني يقول صراحة: « إن الفقه الأزهري الذي يتم تدريسه في مؤسسة الأزهر لا تخرج للمجتمع الا مجرمين ودواعش، ومن وجهة نظري الأزهر هو آخر قلاع الاحتلال العربي في مصر، وحان الوقت لإعادة هذا الديناصور إلى جحره»
ومنذ أيام قليلة كسر حاجز الصمت الرهيب الأستاذ حلمي النمنم وزير الثقافة السابق في مصر، واقترب من نفس الحقيقة، قائلًا: « إن تعليم الأزهر تسبب في انتشار العنف في المجتمع»
ما الذي جعل هذه المؤسسة العريقة لا تخرِّج، بالفعل، سوى المجرمين والدواعش، وتمثل، حقيقة، آخر القلاع لأسوأ إحتلال عرفته البشرية بالمطلق. وأن تتبنى مناهج تعليمية تسبب العنف كبند أساسي من بنود الغباء الجمعي المقدس المتفشي حاليًا بين أفراد المجتمع على كافة الأصعدة؟.
كثيرا ما يحتج رجال الأزهر على المنتقدين لهم ولديانتهم من خارج أو داخل مؤسستهم بالقول:«إن الإسلاموية أصبحت “ملطشة“ لكل من هب ودب»، (”ملطشة“ في اللهجة العامية المصرية، تعني مكان للطش، أي الضرب بالكف على الخد، ولطش المال بمعنى نهبه قسرًا وعنوة). وهم على حق، فديانتهم أصبحت بالفعل ”ملطشة“، ولكن لا أحد منهم يود أن يعرف: لماذا ”أصبحت ملطشة“ دون غيرها من الديانات الأخرى؟، لا أحد منهم يمكنه الاعتراف بأن السبب الوحيد في ذلك هو مؤسستهم، التي تحوَّلت إلى قلعة حصينة لصناعة الجهل المقدس، ونشره في مصر وتصديره للخارج، أقول: ”تحوَّلت“ لأنها كانت قبل ذلك مجرد جامع أو معهد ديني لمذهب الشيعة قبل تغييره إلى السنة، لتخريج الدعاة والأئمة فقط، وكان كامنًا في جحره الذي يريد الدكتور القمني إعادته إليه. وظل لسنوات طويلة منذ إنشائه لا يتدخل في الشؤون الحياتية للمواطنين إلا في الأمور الفقهية الأساسية، ولم يكن يأبه بما إذا كان المواطن يعمل بها أو لا، ثم جاءت عوامل كثيرة ومثيرة لتكشف عن أمور أخرى متعددة، لم يكن مشايخه يتطرقون إليها من قريب أو بعيد، ويتعمدون إخفاءها عن العوام.
وبظهور المخفي من الديانة، ووضعه تحت مجهر البحث العلمي في جامعات عالمية متخصصة، بدأت المؤسسة تتخذ تدريجيًا موقفًا متوحشا وإرهابيا، بمساعدة مباشرة من الحكام الجهلة والعجزة الذين حكموا مصر منذ بداية العقد الخامس من القرن الماضي، واستخدموها كأداة (دينية) في مواجهة الجماعة الإسلاموية، التي تتكاثر كالذباب وتتنافس معهم على السلطة (فيما يعرَف خطأ بالإسلام السياسي).
يقول الدكتور عبد الحليم عويس في كتاب له بعنوان: الدولة الحديثة بين الحقيقية والتزييف، الصادر من دار الصحوة للنشر والتوزيع - القاهرة، ط 1، 1994، ص 8: « أما الشهادات الجامعية داخل المحيط الإسلامي حيث لا تتوفر إمكانيات البحث العلمي، وحيث يُحشد الطلاب بالآلافً وحيث يُحارب كل نابغة، وكل حر الفكر، وحيث ينظر إلى الشخص من منظور الثقة والولاء وليس الكفاية والنبوغ، بل ينظر إليه أحيانًا من منظور أصله القبائلي أو الوطني الضيق أو المذهبي … حيث تقوم كل هذه الأصفاد أو الأكبال، فإن احتمالات ظهور عبقري تكاد تكون معدومة!!».
وعلى هذا النحو تفرِّخ جامعاتها سنويًا مئات الآلاف من المشوهين فكريًا وثقافية، وقد حملوا شهادات أطباء ومهندسين وقضاة ومحامين ورجال دين محترفين، ليلتحق الأغلبية العظمى منهم بطوابير العاطلين عن العمل، ويواجهوا عالمًا انكشف فيه كل شيء، فيسعوْن جاهدين للربط الساذج والمستعصي بين العلم والدين، في تلفيق جديد أسموه: الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، متبعين في ذلك أسلوب نبيهم الكريم في الكذب والخداع والعنف اللفظي والشتائم والتكفير والتحريض على قتل كل من يخالفهم أو يختلف معهم. حتى أن هذا الأسلوب انتشر بشكل وبائي بين الكثيرين من العوام، ومنهم من يأخذ على عاتقه تنفيذ القتل بنفسه!
بعيدا عن المواقف الإجرامية للأزهر تجاه المفكرين التنويريين أينما ظهروا، نشر منذ أسابيع أحد أعضاء البرلمان والمتحدث الرسمي باسم حزب ”بهاراتيا جاناتا“ في الهند في صفحته على تويتر، مجرد سؤال عن عدم تصديقه أنَّ نبي الأسلمة (محمد) قد تزوج طفلة أصغر سنا من أحفاده !! وتساءل بدهشة : هل النبى حقا قد تزوج طفلة يكبرها بنص قرن؟ !!.. وكان سبب دهشته أنه سمع - مجرد سمع - أن كتب التراث الإسلاموي أكدت أن هذا قد حدث فعلاً !!.. وعلى الفور جاء رد الأزهر - كعادته دائمًا - غبيا وعنيفا للغاية، إذ أصدر بيانا مطوَّلا تجاهل فيه تماماً سؤال البرلماني الهندى، ولم يرد عليه لا بالنفي ولا بالإيجاب !! (نص البيان موجود على النت) ..
وفي الوقت الذي لم يتعدَّى بيان وزارة خارجية آل سعود مجرد الشجب والاستنكار، لجأ رجال الأزهر إلى الجانب المظلم لأسوتهم الحسنة، فلم يدْعوا السائل إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّه بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، ولم يجادلوه بالتى هى أحسن (النحل 125)، ولم يؤكدوا صحة الواقعة المذكورة في كتب تراثهم، ويقدموا لها تفسيرا منطقيا مقنعا ومقبولا، بحيث يقضي على الشكوك ويزيل سوء الفهم ..، أو ينكرونها من أساسها، وينفون عن النبى تلك الفعلة الشنعاء، ومن ثم يكذِّبون أسيادهم البخاريستاني والنيسابوري وغيرهما من الفرس الخبثاء!!.. اكتفى البيان بالردح الديني المقدَّس والمعتاد.. صبوا جام غضبهم بالشتائم واللعنات على السياسي الهندى، ووصفوه بألفاظ قاسية مثل: بذاءة، جهل فاضح، استهتار، تطاول، سوء أدب، وسخف من القول الذي يردده بين الحين والآخر كل حاقد على الإسلام والمسلمين… إلخ، مع التهديد بأن مثل هذه الأسئلة هي "الإرهاب" بعينه الذي يمكن أن يُدخل العالم بأسره في أزمات قاتلة وحروب طاحنة، على حد قول البيان... وبدون حياء، طالب البيان المجتمع الدولي بأن « يتصدى بكل حزمٍ وبأس وقوّة لوقف مخاطر هؤلاء العابثين».
وهكذا يطالبون دائمًا بإيقاف مخاطر الآخرين وتطاولهم على ديانتهم، وهم ينشرون مخاطرهم عبر العالم، ويتمادون في تطاولهم المقدس على الأديان الأخرى. المصيبة الكبيرة التي يعرفونها جيدًا أن هذه الديانة التي يتاجرون بها ويدافعون عنها هي التي أدخلت المنطقة برمتها في أزمات قاتلة وحروب طاحنة منذ نشأتها وحتى اليوم. والمصيبة الأكبر والأفدح التي يخفونها عمدًا ومع سبق الإصرار، وربما لا يعرفها هذا السياسي الهندي، أن كتب التراث الإسلاموي التي يدرِّسونها في مؤسستهم، تعجُّ بما هو أشد هولًا من ذلك بكثير ويشيب لهوله الولدان !! فمثلا يبيح هذا التراث العفن تفخيذ الرضيعة !!.. ومنعًا للخجل، يمكن للمرء أن يدخل على جوجل، ويكتب عبارة "فقه نكاح الرضيعة" وسوف يجد عددا كبيرًا من الفقهاء يبيحون الاستمتاع الجنسي بطفلة رضيعة لايتجاوز عمرها شهرًا واحدًا!!..، متجاهلين حقيقة أن اشتهاء الأطفال جنسيا مرض من أمراض الشذوذ الجنسي المعروف فى الطب النفسي باسم ”بيدوفيليا Pedophilia“!
الكثير من مشايخ الأزهر يحملون درجة الدكتوراة دون سبب أو علم أو معرفة أو أدنى فائدة للمجتمع، ولا عمل لديهم سوى الكلام، الذي لا يكلفهم شيئًا ولا يحاسبون عليه، حتى أن الكلام اصبح على غير الحقيقة ”علمًا“ عندهم، ولذلك لا مانع عندهم من إقحامه في كل شيء وعن أي شيء، إلى جانب الحرص على ما يحددونه هم بأنفسهم للناس من الحلال والحرام. الحلال مثلا عند (الدكتور) صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، هو بكل أريحية: « أنَّ معاشرة الزوج لزوجته الميتة لا يعد "زنا"، ولا يقام عليه الحد أو أية عقوبة، لأنها شرعياً أمر غير محرم، والفعل الحقيقى أنها زوجته»!. فضيلة الدكتور لا يحتاج أن بستعمل عقله، أو يأتي بجديد، فكتبه التراثية تؤكد على أنَّ "نكاح البهيمة" و"نكاح الميتة" لا "حد فيه" ولا "مهر" إذا كانت زوجته، وذلك رغم أن رسول الله (الكريم) ضاجع زوجة عمه (أبي طالب) فى قبرها!، ولم يضاجع أحدى زوجاته كما لم يثبت عنه أنه ضاجع بهيمة. على أي حال جاء هذا الخبر اليقين على لسان ابن عباس حبر الامة وابن عمه. (أنظر المعجم الأوسط للطبراني - أبو القاسم سليمان بن أحمد المعروف ( الطبراني) - الحديث رقم 6931 - الجزء السابع - [ص: 473] - طبعة مكتبة المعارف - سنة النشر: 1405هـ / 1985م .
والحرام عند (الدكتور أيضًا) محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، هو:« لا يجوز أن يُدفَن المرء بجوار أمه مباشرة لأن هذا حرام، بل ينبغي أن يكون هناك مكان لدفن الرجال وآخر لدفن النساء، ولا يدفن الرجل بجوار المرأة إلا لضرورة». مضيفا في تصريحات خلال بث مباشر للدار: « يعني لما ميكونش في مكان تاني، وفي الحالة دي يجب عمل ساتر رملي للفصل بينهما».
https://islamqa.info/ar/answers/96667/هل-يجوز-دفن-الزوج-مع-زوجته-في-قبر-واحد
وفي إطار زعمهم بمعرفة أحكام الله، لا يعوزهم الخيال المنفلت من عقاله ليصنعوا وينشروا الغباء بين الناس، لأنهم يستفيدون منه، كما يستفيد الطبيب من الأمراض والمحامي من الشرور. يعلموا الأطفال أشياء غبية وغيبية عن الجن والسحر والحسد والملائكة والشياطين والوحي والنجاسة والوسوسة وعذاب القبر والثعبان الأقرع وأسلمة سكان الأرض جميعًا أو دفع الجزية وهم صاغرون أو القتل!، كيلا يستعملون عقولهم، ويصبحون في الكبر وحوشًا فعالة في غابة المجتمع وآلة حتمية في ترسيخ الضلال والغباء الجمعي الشامل بين ربوعه. أنهم كما هو واضح يعانون من أفظع أنواع العبودية العقلية والفكرية وانعدام الضمير والإنسانية، ويورثون معاناتهم للأجيال اللاحقة، بإسم الله وهدي نبيه الكريم، مما يمنحهم الوهم بالحرية، ويولِّد لديهم الثقة والرغبة الشديدة في الدفاع عنهما، ويجعل ممن يسعون لتحريرهم وفتح أعينهم على النور مجرد أعداء ملعونين وكفرة منبوذين، يجب التخلص منهم وإزالتهم من الوجود.
يقول مفتي أستراليا الدكتور مصطفى راشد وهو أيضًا من خريجي الأزهر الذين اختطوا لأنفسهم طريقًا تنويريا: «إذا كان دينك يمنعك أن تحب الآخر المختلف في العقيدة، فأنت بالتاكيد تتبع دين الشيطان وعليك المراجعة»، وهو يقصد الإسلاموية لكونها فكرة أيدولوجية فاشية شيطانية مرعبة، تقتل المرتد وتدعو إلى الكذب وكراهية الآخرين وقتلهم وسلب ونهب ممتلكاتهم وسبي واغتصاب نسائهم …، وأن تاريخها الماضي والحاضر يدل بوضوح لا لبس فيه، أن كل نظام حاول تطبيقها، جلبت له الخراب وجعلت بلاده بحيرات من الدم وحياة الناس جحيماً لا يُطاق، بدءاً بدولة الرسول وحتى دولة الدواعش في العراق وليبيا وسوريا واليمن وأفغانستان وغيرها. وعندما تسأل الأزهريين عن السبب، يقولون لك: « لأننا ابتعدنا عن جوهر الدين وأن الإسلاموية الحقيقية لم تطبق فعلياً إلا في زمن الرسول الكريم». بينما الرسول نفسه كان كريمًا فقط في ارتكاب الجرائم وخوض الحروب التي تسمَّى غزوات، وضليع في إراقة سيل من الدماء، وسار على نهجه خلفاؤه الراشدون فيما تسمَّى بالفتوحات!
الطالب الأزهري يدرس الفقه الإسلاموي في كلية الحقوق، ليصبح محاميًا أو قاضيًا، يقيم أحكام القانون، يتعلم أن من شروط القصاص في القتل العمد هو أنْه « لا يُقتل مسلم بكافر»، بحسب سيده البخاريستاني، و«لا يُقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد فى عهده»، بحسب سيده أبو داود الأزدي السجستاني (سجستان معظمها حاليا في أفغانستان وأجزاء منها في باكستان وإيران)، وأن المذاهب الأربعة اتفقت على أن الكافر هو من على غير ملة الأسلمة، إذن فالتذهب حقوق الأقباط والبهائيين وغيرهم إلى الجحيم، وليعيشوا حياتهم في خوف رهيب!
وعلى ذلك، وقف الشيخ محمد الغزالي أمام المحكمة التي تنظر في مقتل المفكر الدكتور فرج فودة، ليقول: «كل جريمة قاتل فرج فودة هي افتئات على الدولة وأنه من حق أي مسلم أن يقيم الحد إذا امتنع الحاكم عن إقامته». بمعنى أن كل جريمة القاتل هي أنه تعدى على الدولة بسبب امتناعها عن تنفيذ الحد أو تعطيلها له، وهو بذلك يعطي رخصة شرعية لأي شخص يسير في الشارع أن يقيم الحد بنفسه إذا امتنع الحاكم عن تنفيذه!. إنه إذن تشريع لقانون الغاب!
ولكن من العجب العجاب أن تتبنى هذه المؤسسة (الشريفة) خطابان دينيان متناقضان، أحدهما للعالم الخارجي، يبدو وكأنه غاية في التسامح والمحبة، وآخر للداخل، يتسم بالعنف والإرهاب، وفي نفس الوقت وبقدر كبير من البلادة والغباء يُنَقِّبون في عقائد الآخرين، الذين يصفونهم بالكفار، للبحث عن الخرافات والسخافات فيها، ليبرروا بها خرافاتهم وسخافاتهم.
كما أنه لا مانع ولا حياء، أن يقف الإمام الأكبر ”شيخ الأزهر“ خاطبًا في البرلمان الألماني ويقدم خطابًا دينيًا مختلفًا تمامًا عن الخطاب الديني داخل بلده، يتحدث - مثلا - عن الختان على أنه ليس من الإسلاموية، في حين يدرِّس في مؤسسته على أنَّ: «الختان للرجال سنة وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة، ولو اجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام». الشامل في أحكام الطهارة والصلاة على المذاهب الأربعة. الكتاب الأول بقلم نجاح محمد عبد الخالق عيسى، ص. 119، ط. 1، دار المأمون، الأردن 2017.
وعندما يتحدث عن الكراهية لغير المتأسلمين يعدد لهم آيات مثل: {لكم دينكم ولي دين} (الكافرون 6)، وعن قتل المرتد يقول: {لا إكراه في الدين} (البقرة: 256)، وآيات أخري مثل (الرعد: 31)، و(يونس: 99)، و(الكهف 29) … إلخ، وفي المقابل عندما يقف على المنابر الداخلية يقول: {ان الدين عند الله الاسلام، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} (آل عمران 19)، أو نفس الآية مكررة في (آل عمران: 85)!، ويرفع الشعار النبوي الكريم: (من بدل دينه فاقتلوه)، … إلخ. وبذلك يدور هو ومؤسسة في فلك تراث عفن ومنتج نتن، فلا يخرِّج إلَّا الفاسدين المتخاصمين مع أنفسهم، والكارهين لمجتمعاتهم وللبشرية جمعاء، والعدوانيين الذي لا يرون غير السيف والقتل، والمغرورين المتعالين على غيرهم لأن إلههم لا يقبل سواهم ومن على عقيدتهم.
ويبلغ الخداع مدى غير مسبوق بأن يقول (الدكتور) أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن :« هناك مستشفى للأمراض النفسية والعصبية في بريطانيا، يستخدم أشرطة التسجيلات للقرآن الكريم لعلاج المرضى»، مضيفا في تصريحات لبرنامج "كلام هوانم"، المذاع عبر فضائية "الحدث اليوم" : «لما يعلمون من وجود تأثيرات ايجابية لكتاب الله تعالى على المرضى»، ولأنه يخاطب سذج ومغفَّلين، لا يقدم أي تفاصيل أو أدِلَّة مؤكدة عن زعمه!، لأنَّه على يقين أنهم يعلمون أكثر من غيرهم بوجود تأثيرات سلبية أيضا في القرآن وما أكثرها. (أنظر المقال السابق عن القرآن وثقافة الغباء الجمعي).
وعندما يتحرر أحدهم ولو لمرة واحدة من سطوة القطيع ويفند بعضًا من غبائهم، يعمل على زعزعة وحدتهم وتصدُّع نفوسهم، وزلزلة الأرض تحت أقدامهم. مجرد أن قال لهم الدكتور سعد الدين الهلالي: إنه يجب التفريق بين حكم الله وحكم البشر أرعبهم وقضَّ مضجعهم، مع أنه بالمثل يعرف جيدًا أن حكم الله من زعمهم، ولذلك هو وحكمهم واحد!. يبدو الأمر وكأنهم يتنافسون ويتشاجرون من أجل منظومة فكرية عفنه لا تنتج سوى أناسٍ يتباركون ويتطهرون بمياه المجاري!. بينما الحقيقة هي الخوف على مصالحهم الشخصية، والأنفة من العمل المفيد، والفكر السديد، يجيدون فن المراوغة والبلادة، ليقتاتوا على حساب الجهلة والمغيبين وذوي العاهات والخائفين من سيوفهم ومن عذاب قبورهم ونار جحيمهم. يتمترسون بكل صلابة وتعنت ووقاحة وراء شعبيتهم وتحت حماية الحكام العجزة مغتصبي المناصب، وبذلك يمثلون عقبة كأداء في طريق التقدم والتحضر في مصر. ويظل بقاؤهم من عدمه، رهنًا باستعمال العقل والحكمة، والتساؤل المشروع عمَّا إذا كان هناك أهمية تذكر للمجتمع في بقائهم بشكلهم ووضعهم الحالي؟ وهل تحتاج البلد إلى هذا التفريخ الهائل منهم سنويا، ليعيثوا في الأرض جهلا وغباءً وفسادًا وانحطاطًا؟