مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجعية والظلامية في العالم العربي - في الحوار المتمدن 5-5


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 7293 - 2022 / 6 / 28 - 22:26
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

نص الفقرة الرابعة مع الخامسة و الأخيرة لمقال الدكتور لبيب سلطان المحترم :
" إن الليبرالية ، أي فلسفة الحقوق والحريات ، هي انتاج مباشر للثورة الفرنسية عام 1789 التي طرحت مفهوم حقوق المواطن وحرياته الأساسية لتثبت كمواد أساسية في الدستورين الأمريكي والفرنسي في فترة واحدة تقريبا ومنه تم تطوير مفهوم الديمقراطية الكلاسيكية الى الديمقراطية الليبرالية التي ضمنت اضافة لحرية الأنتخاب حرية الرأي والمعتقد والنشر والصحافة وصولا الى قائمة كبيرة وواسعة من الحريات الشخصية والحقوق المدنية وحقوق المرأة وحقوق الأقليات وضمان حقوق التعدد الثقافي وغيرها مما نعرفه اليوم في المحتمعات الغربية التي نصفها بالليبرالية ، وعالمنا العربي يخوض معركة الحريات بشراسة مع قوى الظلام وهو الأحوج اليوم لتجارب الغرب وسياساته وممارساته وقوانينه الي تضمن للفرد اولا حقوقه قبل الأدعاء بحقوق الجماعة والمقولة الليبرالية الشهيرة تقول اذا ضمنت حقوق الفرد تكون قد ضمنت حقوق الجماعة وليس العكس وهذه طبعا نقطة الخلاف مع الظلاميين ومع المدرسة الماركسية السوفياتية وغيرها من الأنظمة التي تضع الجماعة قبل الفرد.
ان الرأسمالية قد نشات كنظام اقتصادي مع بدايات الثورة الصناعية في بريطانيا واختراع الألات الأنتاجية مما مهد الأنتقال من الأقتصاد الزراعي الأقطاعي الى الصناعي وظهور طبقات العمال والرأسماليين والمدن الصناعية بصورة واضحة منذ منتصف القرن التاسع عشر واحتاج الغرب الى قرابة قرن من المعارك الأجتماعية والفمرية كي يقنون هذه الأنتقال الثوري للمجتمع وفهم تناقضاته الجديدة وأهمها بين العامل والرآسمالي وبين السلطة وارباب المال والعمل واعادة صياغة مفهوم الدولة وتدريحيا بدأت الألة او وسائل الأنتاج في اجراء تغيرات جوهرية على المجتمع ومنها بدأت تظهر مدارس فكرية للعدالة الأجتماعية أهمها الأشتراكية والماركسية والفابية وغيرها. ان الرأسمالية كنظام اقتصادي يقوم على الربحية سواء في اختياره للأستثمار أم في ادارة المؤسسات (الشركات) الرأسمالية، هو نظام طبيعي لم يخترعه احد بل نشأ مع الثورة الصناعية واختراع الآلة ليقوم على اساس ادارة كفوءة وربحية عالية . ويصح هنا ان نطلق عليه انه نظام اقتصادي صرف لايعرف غير الربحية هدفا ولايعترف بقيم الأخلاق والرحمة والمساواة والعدالة التي حلم بها البشر وذلك لكونها ليست من مهماته بل هي مهمات الدولة . فهو نظام اقتصادي صرف معني بالأدارة والأرباح. ولم تستطع البشرية بعد من الأتيان بنظام اقتصادي اكثر كفاءة منه رغم جشعه لو ترك له الباب مفتوحا . وعليه لوقف جشع الرأسمال اخذت الحكومات بفرض حدود اجتماعية وقانونية عليه منها اقامة حقوق العاملين والضمان الأجتماعي وفرض ضرائب باهضة تستخدم في اقامة وتمويل سياسات اجتماعية للعدالة الأجتماعية مقابل ضمان حقوق الرأسمال في العمل والتوسع والربح ومقابل رفع مسألة العمالة والتشغيل عن كاهل الدولة ووضعها على كاهل الرأسمال،وهذا مكن من تفرغ الدولة لتحقيق سياسات العدالة الأجتماعية والضمان الأجتماعي والصحي وسياسات الحفاظ على البيئة واقامة وتطوير مرافق التعليم والصحة والبنى التحتية والأعمار لتمول من الضرائب على ارباح الرأسماليين . ان الأحزاب الأشتراكية الماركسية الأوربية هي من قاد خوض هذه المعركة الأجتماعية مع الرأسمال وسادت نجاحاتها جميع دول اوروبا الغربية اليوم وتكرر نجاحها في كندا وحتى امريكا رغم تخلف الأخيرة مقارنة بتطبيق السياسات الأجتماعية الأوربية. وهناك مغالطة يستخدمها الماركسيون السوفيت بتسميتهم النظم الغربية بالنظم الرأسمالية والنظام يعني الدولة ومؤسساتها التي هي في الواقع نظم وحكومات ديمقراطية ليبرالية اما نظام ادارة الأقتصاد فهو رأسمالي. وربما هذه التسمية السوفياتية جاءت ليكون النظام الأشتراكي هو النقيض وكلا التسميتان تصح على نظم اقتصادية اساسية انتجت نموذجين فوقيين لشكل الدولة ، فما طرحه الأتحاد السوفياتي من نموذج للأشتراكية الماركسية يقوم على اساس وضع وسائل الأنتاح بيد الدولة وهو اجتهاد خاص بالمدرسة البلشفية السوفياتية مقابل اجتهاد المدرسة الأشتراكية الديمقراطية الأوربية (ومنهم المناشفة الروس) القائم على ابقاء وسائل الأنتاج وادارتها بيد الرأسمال وقيام الدولة بتطبيق سياسات الأصلاح الأجتماعي التدريجي من خلال البرلمان وتطوير دور الدولة بالمراقب والقيام بتشريعات اجتماعية لصالح العمال وعموم المجتمع تمول من ضرائب على الرآسمال . وقد اثبتت الحياة فشل التجربة الأشتراكية السوفياتية في التأميم وسيطرة الدولة على ألأنتاج والعمالة والسوق وعدا الفشل الأقتصادي رافقه فشل اجتماعي بمصادرة الحريات واقامة دول قمعية ، وكذلك فشلت غيرها من التجارب في الصين والعالم العربي على مدى مائة عام بمالارافقها من انظمة قمعية تسيطر على حياة الناس لسيطرتها على معيشتهم من خلال السيطرة على الأقتصاد. يقابلها نجاح تجارب اوربا الأشتراكية الديمقراطية التي جمعت بين الحفاظ على النظم الديمقراطية والحريات الليبرالية مع العدالة الأشتراكية الأجتماعيى وانتقلت بنجاحها لتعم أغلب دول العالم وخلقت دولا ناجحة اقتصاديا وسياسيا خارج اوروبا وامريكا مثل اليابان وكوريا وماليزيا واندنونيسيا وغيرها، ولعل تحول الصين الى الأقتصاد الرأسمالي من الأشتراكي السوفياتي كان خاتمة القول في انتهاء وفشل تجربة ادارة الدولة للأقتصاد او النموذج الأشتراكي السوفياتي."
انتهى الاقتباس .
التعليق :
من الواضح في كل النصوص المقتبسة للدكتور لبيب سلطان المحترم في أعلاه أنه معني بالتطبيل و التزمير لبربرية الغرب ، و لكنه ليس معنيا ابداً بالحرص على مصداقية الكلمة . لذا ، فهو يغمض عينيه عن رؤية الحقائق و الوقائع الواضحة وضوح الشمس . و منهج التطبيل و التزمير هذا للغرب البربري الفاشي – مثل منهج من زمروا و طبلوا للطغاة عبر التاريخ – مثير للاشمئزاز في الشرق عموماً ، و كذلك في الدوائر الأكاديمية في الغرب خصوصاً ؛ لأن مَنْ يحب نظاماً ما ، يجب أن يحرص عليه من التردي و من ثم التفسخ و الاندثار بنقده بغية اصلاحه . هذا هو المنهج في كل بحث علمي أكاديمي : استثمار الفكر النقدي لاكتشاف حقيقة الاشياء قبل توليد القناعات بصددها ، و تنقيط السلبيات ، و الدعوة لإصلاحها . لذا ، لا نجد من الاكاديميين الغربيين – و لا حتى من السياسيين البربريين الحاكمين في الغرب – من يطبِّل و يزمِّر لنظامه السياسي المتعفن نفسه – تذكروا مقولة تشرتشل حول كون النظام الديمقراطي هو أسوأ الانظمة ، إلا .. خرط القتاد . و لا أعلم كيف يمكن لأي باحث أكاديمي من المفترض أن يمتلك ذهنية نقدية علمية أن لا تساوره الشكوك بصدد مدى نجاعة المنظومة السياسية القائمة عندما يرى شخصاً فاسداً من طراز الخِبِل ترامب وهو يصبح رئيساً لأقوى دولة في العالم . نفس هذه المنظومة اللاديمقراطية الفاسدة هي التي رفعت الى البيت الأبيض كل الرؤساء الأمريكان – عدا اثنين - ممن عرفهم التاريخ بكونهم من المجرمين و المضطربين عقليا و الجانحين سلوكياً و الفاشلين عملياً . حتى العامل البسيط على ماكنة انتاج الأكواب البلاستيكية ، عندما يرى أن كل انتاج تلك الماكنة إنما هو من الأكواب المتهرئة مثل الرؤساء الأمريكان ، فسيدرك ضررها حالاً و يوقفها عن الاشتغال تفادياً لتفاقم الضرر ، فما بال من يسمي نفسه باحثاً أكاديمياً ؟
سأبدأ أولاً بتوصيف الدكتور لبيب سلطان لنظام العبودية الرأسمالي الغربي بقوله : " ان الرأسمالية كنظام اقتصادي يقوم على الربحية سواء في اختياره للأستثمار أم في ادارة المؤسسات (الشركات) الرأسمالية، هو نظام طبيعي لم يخترعه احد بل نشأ مع الثورة الصناعية واختراع الآلة ليقوم على اساس ادارة كفوءة وربحية عالية . ويصح هنا ان نطلق عليه انه نظام اقتصادي صرف لايعرف غير الربحية هدفا ولايعترف بقيم الأخلاق والرحمة والمساواة والعدالة التي حلم بها البشر وذلك لكونها ليست من مهماته بل هي مهمات الدولة " .
الجمل أعلاه كلها تلفيق . النظام الرأسمالي ليس "نظاماً طبيعياً" البتة ، بل هو النظام الاقتصادي الذي فرضه فرضاً احتكار الرأسماليين لأنفسهم وسائط الانتاج الاجتماعي فاجبروا بذلك العامل المحروم من نفس وسائط الانتاج التي احتكروها على بيع قوة عمله لهم بأقل من قيمة انتاجيته كي لا يموت من الجوع . هذه الحيلة هي التي مكنت المحتكر الرأسمالي من سرقة فائض قيمة عماله غير المسددة لهم . و الذي اخترع النظام الرأسمالي هم الرأسماليون أنفسهم – بطبيعة الحال ؛ فلا هو نظام "طبيعي" ، و لا هو نظام منزل من السماء . و ما يسميه الكاتب من الادارة الكفوءة مترجم عمليا باستعباد العامل الأجير داخل مؤسسة اقتصادية تسودها الفاشية مثلما بيَّن لنا تشومسكي في الحلقة السابقة . أما الربحية فهي رأس مال مسروق من أفواه العاملين . و النظام الاقتصاد الذي "لايعرف غير الربحية هدفا التي حلم بها البشر وذلك لكونها ليست من مهماته بل هي مهمات الدولة" مكانه في الزبالة (التي هي أنفع منه بكثير) و ليس الهيمنة على مقدّرات الاقتصاد و الدول و الشعوب . البشرية لا تحتاج مطلقاً أن يستعبدها نظام اقتصادي بربري "لايعترف بقيم الأخلاق والرحمة والمساواة والعدالة التي حلم بها البشر " ، بل بالعكس تماماً ؛ البشرية بحاجة الى نظام اقتصادي يعترف بقيم الأخلاق والرحمة والمساواة والعدالة و يرقّيها على طول الخط . و التفريق بين النظام الرأسمالي و بين الدول الرأسمالية هو تلفيق واضح . الرأسماليون يملكون الانتاج و يهيمنون على الدولة بمؤسساتها السياسية و الاقتصادية كافة علاوة على هيمنتهم على وسائل الاعلام المعنية بتزييف الوعي الجماعي . وفوق كل هذا ، فقد باتوا الآن يمتلكون حتى أخص المعلومات الشخصية الخاصة بكل مواطن في دولهم و العالم أجمع . كل الدساتير و القوانين و النظم السياسية الحاكمة في الغرب صاغها الرأسماليون أنفسهم لخدمة مصالحهم كطبقة مالكة و حاكمة أولاً ، قبل مصالح المحكومين . ليسأل الكاتب نفسه : ما هي مصلحة الشعب الأمريكي من احتلال جيوشه الغازية لأفغانستان و للعراق و لتأجيج الحرب في أوكرانيا الآن ؟ الجواب : لا مصلحة حقيقية للشعب الأمريكي في كل هذا ، بل بالعكس ، لكون الحرب تزهق أرواح مواطنية و تعوق آخرين و تستنزف أموال دافعي الضرائب منهم . طيب ، لماذا إذن حرصت الادارات الامريكية على اشعال و تأجيج هذه الحروب المهلكة ؟ الجواب الواضح هو : لكي تغرف شركات تصنيع الأسلحة المليارات ! الرأسماليون هم السداة ، و السياسيون هم لحمتهم في أنسجة الأنظمة الرأسمالية الغربية .
وأني لأعجب كيف يطيق أي شخص تسويق نظام اقتصادي "لايعترف بقيم الأخلاق والرحمة والمساواة والعدالة التي حلم بها البشر وذلك لكونها ليست من مهماته " بدعوى أنه تأسس في الفراغ من طرف شياطين غير معروفين ، فيما هو يحيى بين ظهراني الغيلان من طراز بيل غيتس و ايلون موسك و جيف بيزوس و وارين بوفيت و غيرهم من شلة الحرامية السفلة من البليونيريين ! حتى الذي يربّي الخرفان يحرص على رعايتهم و تسمينهم ، فما بالك بالإنسان ، أثمن رأسمال في الكون ؟
نعم ، بالتأكيد ، الدولة الرأسمالية ، و النظام الرأسمالي الغربي كلاهما بالضبط "لايعترف بقيم الأخلاق والرحمة والمساواة والعدالة التي حلم بها البشر وذلك لكون الاعتراف بها يقلل من أحجام تلال مسروقاتهم " . و لهذا يقول الباحثون الأكاديميون المتجردون في الغرب بأن " الفوضى الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي كما هو موجود اليوم هي المصدر الحقيقي للشر " .
حالما يسمع الدكتور لبيب سلطان الكلام أعلاه ، سيسارع لتشغيل مدفعيته الرأسمالية الإنسانية المهلكة بالقول : "إن مهاجمة الغرب لا يقوم بها سوى الظلاميين الرجعيين من الدينجية و القومجية و الماركسيين السوفيت العرب" !
و لكن الذي قال الكلام أعلاه هو واحد من أعظم العباقرة الذين عرفتهم البشرية ، و قد كان هو الآخر – مثلما يطلق الكاتب على نفسه - "باحثاً أكاديميا في أمريكا" ، و اسمه (حسب الدكتور لبيب سلطان) هو الظلامي الرجعي و الدينجي و القومجي و الماركسي السوفييتي : ألبرت آينشتاين !
أدناه نص تقييم العبقري ألبرت آينشتاين للنظام الرأسمالي و دفاعه عن حاجة البشرية للاشتراكية في مقاله المعنون "لماذا الاشتراكية" (1948) ، و ليس الامبريالية البربرية الرجعية المهلكة للبشرية [الأقواس الكبيرة لي] :
"لا يستطيع الإنسان أن يجد معنى في الحياة - القصيرة و المليئة بالمخاطر - إلا من خلال تكريس نفسه لمجتمعه .
إن الفوضى الإقتصادية للمجتمع الرأسمالي كما هو موجود اليوم هي ، برأيي ، المصدر الحقيقي للشر . نحن نشاهد أمامنا جماعة ضخمة من المنتجين يسعى أعضاؤها بلا هوادة لحرمان بعضهم البعض من ثمار عملهم الجماعي . يحصل هذا ليس بالقوة ، وإنما كامتثال مخلص للضوابط القانونية القائمة . هنا ، من المهم أن نعي بأن وسائل الإنتاج - أي كل الطاقة الإنتاجية المطلوبة لإنتاج السلع الإستهلاكية علاوة على السلع الرأسمالية الإضافية - يمكن أن تكون ، و هي بالفعل كذلك في قسطها الأكبر ، ملكية خاصة للأشخاص .
و بغية التبسيط ، فسأطلق في المناقشة الآتية إسم " العمال " على كل أولئك الذين لا يشاركون في ملكية وسائل الإنتاج - و إن كان هذا لا يتطابق تماماً مع الاستخدام التقليدي لهذه التسمية . إن مالك وسائل الإنتاج يؤهله موقعه لشراء قوة العمل للعامل . و باستخدامه وسائل الإنتاج ، ينتج العامل سلعاً جديدة ، و التي تصبح ملكاً للرأسمالي . النقطة الجوهرية في هذه العملية هي العلاقة القائمة بين ما ينتجه العامل و بين ما يقبضه [ من أجر ] ، قياساً للقيمة الحقيقية للإثنين . و ما دام عقد العمل " حراً " ، فإن ما يستلمه العامل لا تحدده القيمة الفعلية للسلع التي ينتجها ؛ و إنما يقرره الحد الأدنى لاحتياجاته ، و كذلك متطلبات الرأسمالي لقوة العمل نسبةً إلى عدد العمال المتنافسين على التوظيف . و من المهم أن نعي أنه ، حتى من الناحية النظرية ، فإن أجر العامل لا يتحدد بقيمة منتوجه .
و هناك توجه لدى رأس المال الخاص للتركز في أيد قليلة ، إما بسبب التنافس بين الرأسماليين ، أو لأن التطور التقني و تزايد حدة تقسيم العمل يشجعان على تكوّن وحدات الإنتاج الأكبر على حساب الوحدات الأصغر . و النتيجة لهذه التطورات هي تكوّن أوليغارشية لرأس المال الخاص ذات قوة هائلة لا يمكن كبحها حتى من جانب المجتمع السياسي ذي التنظيم الديمقراطي . هذه هي الحقيقة ، لأن أعضاء المجالس التشريعية تختارهم الأحزاب السياسية الممولة على نحو كبير من طرف الرأسماليين ، أو الواقعة بشكل أو بآخر تحت تأثيرهم . هؤلاء الرأسماليون يستطيعون - لأغراضهم العملية تماماً - أن يفصلوا بين الناخبين و بين هيئاتهم التشريعية . و النتيجة هي أن ممثلي الشعب لا يتولون توفير الحماية الكافية لمصالح الشرائح الدنيا من السكان . و علاوة على ذلك ، فأن الوضع القائم يحتم سيطرة الرأسماليين المباشرة أو غير المباشرة على المصادر الرئيسية للمعلومات ( الصحافة ، المذياع ، التعليم ) . أذن فقد أصبح من العسير جداً ، بل و حتى من المستحيل في أغلب الحالات ، على المواطن الفرد أن يتوصل إلى استنتاجات موضوعية ، و لا أن يستخدم بذكاء حقوقه السياسية .
إذن ، فالوضع السائد في الاقتصاد القائم على الملكية الخاصة لرأس المال يتميز بمبدأين أساسيين : اولاً ، أن وسائل الإنتاج (راس المال) فيه هي ملكية خاصة و أن هؤلاء المالكين لهم الحق في التصرف بتلك الوسائل حسبما يعتقدونه مناسباً ؛ و ثانياً : أن عقد العمل حر . طبعاً لا يوجد مجتمع رأسمالي بمثل هذا النقاء . و خصوصاً يجب ملاحظة أن العمال ، عبر الكفاح السياسي المر الطويل ، قد أفلحوا في ضمان شكل محسن من "عقد العمل الحر" بالنسبة لشرائح محددة من العمال . و لكن عندما نأخذه ككل ، فإن اقتصاد اليوم لا يختلف كثيراً عن الرأسمالية "الخالصة " .
أما الإنتاج ، فيتواصل من أجل الربح ، و ليس من أجل الاستعمال . و لا يوجد ثمة شرط يقضي بأن كل القادرين على العمل و الراغبين به سيكونون دائماً في وضع يحصلون فيه على التشغيل ؛ و لهذا فإن "جيش العاطلين" متواجد باستمرار في الأغلب الأعم . و يخشى العامل دوماً من فقدانه لعمله . و لما كانت البطالة و العمال ذوي الأجور المتدنية لا يوفرون سوقاً مربحاً ، لذا ، فإن إنتاج البضائع الاستهلاكية يصبح محدوداً ؛ و الحاصل هو المعاناة الكبيرة . كما أن التطور التقني غالباً ما يسفر عن المزيد من البطالة بدلاً من تيسيره لثقل العمل عن الجميع . إن دافع الربح ، بالارتباط مع التنافس بين الرأسماليين ، هما المسؤولان عن عدم الاستقرار في تراكم رأس المال و الانتفاع به ، و هو ما يؤدي إلى حصول كسادات [ اقتصادية ] متفاقمة الشدة . كما أن المنافسة غير المحدودة تؤدي إلى هدر هائل للعمل ، و إلى ذلك الشلل في الوعي الاجتماعي للأفراد الذي ذكرته آنفاً .
إن هذا الشلَّ للأفراد هو أسوأ شر للرأسمالية . كل نظامنا التعليمي يعاني من هذا الشر ، حيث يُزقُّ الطالب بنزعة تنافسية مبالغ فيها و يُدرب على عبادة النجاح الإستحواذي كإعداد لوظيفته المستقبلية .
أنني على قناعة بأن هناك فقط طريق أوحد لإزاحة هذه الشرور الجسيمة ، أي عبر بناء اقتصاد اشتراكي ، يرافقه نظام تربوي موجه نحو الأهداف الاجتماعية . في مثل هذا الاقتصاد ، يمتلك المجتمع نفسه وسائل الإنتاج التي ينتفع منها بأسلوب مخطط . إن الاقتصاد المخطط ، الذي يوائم الإنتاج مع حاجات المجتمع ، يوزع العمل المطلوب بين كل أولئك القادرين على العمل ، و يضمن سبل العيش لكل رجل و امرأة و طفل . كما أن تربية الفرد ، علاوة على ترقيتها لقابلياته الذاتية الكامنة ، ستحاول تطوير شعوره بالمسؤولية تجاه أبناء جلدته بدلاً من التمجيد للقوة و للنجاح في مجتمعنا الحالي ."
انتهى نص العبقري ألبرت أينشتاين .
المصدر :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=419668
و إني لأهيب بالدكتور لبيب سلطان المحترم أن يصغي بإمعان عميق و بضمير حي لحكمة العبقري ألبرت أينشتاين ، فينحاز مثله لمصالح الشعوب و ليس لأعدائها و مبيديها ، و أن يدرك جيداً بأن أساطين الأوليغارشية الامبريالية هم أناس غدارون ، لا أخلاق و لا ذمة و لا ضمير لهم ، و هم يسعدون كل السعادة بالتطويح بأقوى و أوثق و أقرب المساندين لهم في أول فرصة إزاء أي اخفاق وفشل يواجهون . أنظر كيف حرّض الرئيس الأمريكي الخبل ترامب غوغاءه على شنق مساعده "بينس" في الكابيتول هيل في السادس من كانون الثاني ، 2021 ، حالما وقف الأخير حجر عثرة أمام تحقيق رغباته السلطوية الجنونية ، و لسان حاله يقول في مساعده الذي تفانى في الاخلاص له طوال أريع سنوات : أنه يستحق ذلك (أي الشنق الغوغائي) مثلما أثبتت بالصورة و الصوت اللجنة التحقيقية المؤلفة من طرف الكونغرس الأمريكي نفسه . . كما تذكَّر أن طلب الرئيس ترامب علناً من نائبه بنس – أمام حشود غوغائه و على شاشات التلفاز - عدم المصادقة على نتائج الانتخابات التي خسرها على رؤوس الأشهاد ، و اعادتها للتدقيق ثانية إلى كل ولاية – و هذا اجراء متاح دستورياً (ما شاء الله على الدكمراطية!) – يؤكد مدى زيف و تعفن النظام الانتخابي الامريكي الذي يسمح لشخص واحد (نائب الرئيس) أن يتحكم بمصير أصوات عشرات ملايين الناخبين ؛ و هو يقدم الدليل العملي الذي يثبت ما سبق و أن قاله ماركس و ما تم اثباته علمياً بعدئذٍ بكون هذا النظام ما هو إلا واجهة لخداع الشعوب في تبرير و ادامة حكم الاوليغارشية و تحكمها بمصائره .
أما كلام الدكتور لبيب سلطان المحترم حول فشل التجربة السوفيتية ، فلا قيمة فكرية و لا سياسية له . فقد عرف تاريخ البشرية عشرات التجارب الاشتراكية في كل قارات العالم التي أفشلتها قوى الظلام و الرجعية الرأسمالية البربرية باقترافها شتى الجرائم العدوانية المهلكة ضدها ، و لكن أحرار و ثوار العالم الواعين يبقون مؤمنين – مثل العبقري ألبرت اينشتاين – تماماً بالقول : " أنني على قناعة بأن هناك فقط طريق أوحد لإزاحة هذه الشرور الجسيمة ، أي عبر بناء اقتصاد اشتراكي " . بدون هذا ، ستبقى البربرية الرأسمالية الظلامية و الرجعية تخنق البشرية حتى تزهق أرواح كل الاحياء على وجه الأرض . لنستمع مرة أخرى لما قاله نعوم تشومسكي بصدد مستقبل البشرية في ظل "حضارة الغرب" المزعومة .
في أدناه فقط مستهل المقابلة بالصورة و الصوت لمبعوثة قناة ( Global Conversation = الحوار العالمي) مع المفكر الأمريكي الكبير "نعوم تشومسكي" ، الأستاذ المتمرس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، و أحد أكبر العقول في العالم الآن [الأقواس الكبيرة لي] . رابط المقال :
https://www.youtube.com/watch?v=uj6GTj5c0kY
سؤال المبعوثة الصحفية :
- في هذا العام ، 2015 ، نحن نعيش في عالم يبدو غير مستقر ، فهل أنت متفائل أم متشائم بصدد الوضع العالمي القائم ؟
جواب نعوم تشومسكي :
- على الصعيد العالمي ، إننا نسرع نحو الهاوية . إننا مصممون على السقوط نحو العدم ، و هذا ما يقلل كثيراً من احتمالات بقائنا على قيد الحياة على نحو لائق .
المبعوثة الصحفية :
- أي نوع من الهاوية ؟
نعوم تشومسكي :
- هنالك في واقع الحال هاويتان . الهاوية الاولى هي الكارثة البيئية التي باتت وشيكة إذ لم يعد لدينا الكثير من الوقت للحد منها لأننا نسير في الطريق الخاطئ بصددها [أنظروا قرار جلاوزة الحكم في أوربا الغربية الآن العودة لاستخدام الفحم الحجري المدمر لنقاوة الهواء و التربة عقب حماقتهم بوقف استيراد الغاز الروسي ، مستهترين كل الاستهتار بمستقبل البشرية قاطبة ؛ من هم هؤلاء القرقوزات السبعة ليتحكموا بمصائر سبعة ملايين من البشر بإجبارهم على استنشاق الكربون المميت ؟ ها ؟ و من هو المسؤول عن تسنمهم قيادة العالم ؟ ها ؟ أليست هي دكتاتورية الديمقراطية الغربية الزائفة التي يتغنى بها المخدوعون و الظالمون ؟] . و الهاوية الثانية تعود الى سبعين عاماً عندما كان هناك خطر الحرب النووية ، و هو الخطر الذي مازال يتفاقم . و إذا ما نظرتم إلى هذا الملف ستدركون أننا لم نبق على قيد الحياة إلا بمعجزة .. "

سأكتفي بالنص البليغ أعلاه لكونه يفصح عن نفسه بنفسه ، متمنياً أن يواصل الرب دوام هذه المعجزة فلا يبيد نيرونات الامبريالية الغربية المتوحشة كل البشر بكبسة زر !
أما كلام الكاتب عن الانظمة البربرية الرجعية الظلامية الرأسمالية الأوربية التي تتهم نفسها زوراً و بهتاناً بـ "الاشتراكية الديمقراطية" فهي – باعتراف علماء السياسة و الاقتصاد المتجردين ممن استعرضنا أقوال أقل من القليل منهم في الحلقة السابقة – أنظمة امبريالية أوليغارشية حوَّلت شعوبها و بلدانها واقتصاداتها الى خدم للبنتاغون بعد أن ارتهنت مصائرهم بمصالح شركات صناعة الأسلحة الأمريكية و الشركات المتعدية الجنسية . كل هذه الاحزاب الرجعية فقدت شرعيتها الاجتماعية و السياسية منذ أن صادقت على الاعتمادات المالية لشن الحرب العالمية الأولى و وأدت الثورة البروليتارية الألمانية طوال الأعوام 1918-21 و قتلت روزا لكسمبرغ و كارل ليبكنخت بأسنة الحراب على قارعة الشوارع ، و هي باقية الآن بخدمة تغول سيدها الأمريكي في تأجيج الحروب الامبريالية - و آخرها الحرب الأوكرانية - و في تلميع صورة الامبريالية الغربية الملطخة بدماء شعوب البلدان الضعيفة و بؤسها . هذه الأحزاب المعادية للتقدم و الاشتراكية و السلام وحقوق الإنسان تراوح الآن في مكانها لحين ركلها في مزبلة التاريخ من طرف اليمين الفاشي القادم في الغرب مرة أخرى لامحالة ، أو الثورة الاشتراكية الحقيقية قبلها أو بعدها .
نأتي الآن على اللبرالية و حقوق الانسان و مبدأ سيادة القانون المدعى في الغرب الامبريالي . و سأقتبس هنا مقتطفات من ردي السابق بتاريخ 4/5/ 2018 على زَعَمات الدكتور عصام الخفاجي المحترم المشابهة بنفس هذا الصدد ، و المتوفرة على الرابط :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=597845
لنأخذ القانون المطبق داخل الولايات المتحدة الأمريكية و نتفحص مدى التزامه بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان . الحديث هنا هو فقط عن القانون المطبق داخل الولايات المتحدة الأمريكية و حسب ، و ليس خارجها ، لكون السياسة الخارجية الأمريكية الرسمية – مثلما أثبتت وقائع التاريخ مرارا ة تكراراً – لا تعتمد إلا شريعة الغاب بأبشع أشكالها التي تتجاوز حدود الخيال و التي لم يعرف لها التاريخ مثيلاً من شن العدوانات المسلحة و الإبادات الجماعية و القتل و التعذيب الممنهج الموجه ضد المعرضين السياسيين و فرض العقوبات الاقتصادية و المالية و التقنية الأحادية و الحصارات من كل الأنواع ... القائمة طويلة جداً و لا حصر لها من التاريخ الإرهابي البشع للإمبريالية الأمريكية . و لكن لنتفحص سجلها الداخلي فقط في مضمار الالتزام بواجباتها تجاه مواطنيها أنفسهم فيما يخص لوائح حقوق الإنسان المعترف بها دولياً بشأن مكافحة الفقر و منع التمييز بكل أشكاله و العنف ضد المرأة و تمكين المواطنين للاحتكام للنظام القضائي و منع الحرمان من حق التصويت و عدم غمط حقوق المهاجرين و إتاحة الحريات المدنية و السياسية و التعليم و العناية الصحية لنكتشف حالاَ تجاوزاً رهيباً على كل واحد من هذه الحقوق التسعة و ذلك بشهادة طرف نزيه و موضوعي هو : منظمة "أنصار حقوق الإنسان" على موقعها :
https://www.theadvocatesforhumanrights.org/u_s_human_rights_record.html
و التي سأترجم بعضاً من تقريرها المقتبس بتاريخ الثاني من آيار ، 2018 بهذا الصدد :
"مكافحة الفقر
إستناداً للبيانات الأمريكية الرسمية في إحصاء عام 2009 ، فإن (42.9%) من المواطنين الأمريكان يعيشون تحت خط الفقر ، و هذه النسبة آخذة بالازدياد . أما نسبة الفقر بين الأطفال - البالغة (29.7%) - فهي الأعلى في الدول المتقدمة رغم امتلاك البلد لأعلى دخل قومي . و يعاني خلال السنة الواحدة ثلاثة ملايين و نصف المليون مواطن من الحرمان من السكن ، و يُحْرَمُ أربعة مستحقين من كل عشرة مواطنين من برامج مكافحة الفقر بضمنها طوابع الطعام . كما أظهرت هذه الإحصائيات الرسمية أن (25.8%) من السود يعيشون تحت خط الفقر ، مقارنة بنسبة (9.4%) من البيض فقط ؛ في حين أن عدد العوائل الفقيرة التي تعيلها المرأة تزيد على ضعف العوائل الفقيرة التي يعيلها الرجل . هذه النسب توضح وجود ترابط قوي بين الفقر و لون البشر و جنسهم هي الانعكاس للتمييز العنصري ضد السود و النساء الأمريكيات .
منع التمييز بكل أشكاله بين المواطنين
يواصل التمييز الممنهج و التعصب العنصري تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية . فمثلاً ، بسبب التمييز في الأجور و الحرمان من الوظائف ذات الأجر الأعلى فإنه يترتب على كل من النساء و الأشخاص المعاقين و أفراد الأقليات الأثنية العمل ساعات أطول لبلوغ نفس مستوى المعيشة لأقرانهم من الرجال البيض . و يواجه الأمريكان من أصل أفريقي على وجه الخصوص المصاعب الأكبر في هذا الصدد ، لذا نراهم "أكثر عرضة للعيش الفقير ، و أقل حظوظاً في تملك مرفق للعمل خاص بهم ، و أقل حظوظاً في تحصيل شهادة جامعية ، و أكثر عرضة للسجن من أفراد بقية المكونات المجتمعية" . أما التمييز على أساس العرق و العمر و الجنس و العوق فهو قائم رغم وجود القوانين التي تحمي هذه المجاميع . و بالنسبة إلى مثليي الجنس و مزدوجيه و المتحولين فـإنهم محرومون من الضمانة الاتحادية لحقوقهم ، لذا فإنهم يواجهون التمييز في التعليم و في أماكن الإقامة العامة و من حق تكوين العائلة ..
العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة هو معضلة مستمرة في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تتعرض واحدة من كل أربع نساء تقريباً إلى الاغتصاب أو الضرب من جانب شريكها خلال سن الرشد . و يقدر أن مليوناً و ثلثمائة ألف امرأة تقع ضحية للهجوم من طرف شريكها الحميم كل عام . و النساء و الصبايا هن الأكثر عرضة للمتاجرة بالبشر و التي تكون في الأغلب الأعم بهدف الاستغلال الجنسي حيث يتم في كل عام توريد ما مجموعه خمسون ألف امرأة و صبية إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية .
النظام القضائي
تستمر المشاكل في الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص المساواة في الإتاحة العدلية للجميع و حماية حقوق المساجين . و يساهم الإعداد المتعنصر للملفات الشخصية من جانب ضباط تنفيذ القانون في الأعداد الكبيرة غير المتكافئة للأفراد من الأقليات ممن يودعون في السجن . و رغم أن القانون الأمريكي يضمن حق الاستشارة في القضايا الجرمية ، إلا أن غالبية مكاتب المدَّعين العامين تعاني من نقص الكادر و من الأجور المتدنية التي تفضي إلى حرمان المتهمين الفقراء من الاستشارة القانونية الكافية حتى في القضايا ذات الأحكام الثقيلة أو الإعدام .
الحرمان من حق الانتخاب
تواجه مجموعات في الولايات المتحدة موانع عالية أمام ممارسة حقهم في الانتخاب ، أو حتى الحرمان التام من ممارسة هذا الحق . ففي معظم الولايات ، يُمنع ذوي الجنح من مطلقي السراح بشروط أو المحكومين مع وقف التنفيذ من حق الانتخاب ، فيما تحرمهم حفنة من الولايات الأخرى من حق التصويت على نحو مستديم حتى بعد إنهائهم مدة محكوميتهم . و يحرم على سكان مقاطعة كولومبيا حق انتخاب نوابهم للكونغرس . كما يواجه المواطنون ممن يتعذر عليهم السفر و ذوي الدخل الواطئ و المحرومين من السكن الثابت الصعوبات في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات بسبب القيود المفروضة بموجب قوانين تسجيل الناخبين .
الهجرة
رغم التعهدات المعلنة حيال القانون الدولي و المحلي ، فإن نظام الولايات المتحدة الأمريكية غالباً ما يخيب في حماية الحقوق البشرية للمهاجرين الذين يعانون من التمييز و الإذلال في أماكن العمل و في المجتمع ، و من عدم المساواة في إتاحة الخدمات الأساسية لهم مثل العناية الصحية و السكن و التعليم ، و من التجاوز التحكمي على حرياتهم المدنية ، و من انكار حقهم الأساسي في اللجوء للإجراءات القانونية . كما أن تطبيق سياسات الهجرة التي تجند الشرطة المحلية لتنفيذ الغارات على المهاجرين يقوِّض أساس الثقة بتطبيق القانون المحلي ، و يُنفِّر الجاليات المهاجرة ، و يخلق جواً من الخوف . و ما أن يتم اعتقال المهاجرين حتى يصبحوا عرضة لأوضاع قاسية مثل إيوائهم مع المجرمين المدانين بجرائم خطيرة ؛ و التقييد غير المناسب و الشديد على الحركة ؛ و عدم إتاحة العناية الصحية الملائمة لهم بضمنها خدمات الصحة العقلية ، و حرمانهم من ممارسة التمارين البدنية .
عقوبة الإعدام
يوجد هناك المئات ممن ينتظرون في طابور الإعدام ممن يواجهون إمكانية تنفيذه بحقهم رغم حرمانهم من التمثيل القانوني المناسب . إن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تفرض عقوبة الإعدام فإنها غالباً ما تتصرف على نحو غير مسؤول ، و كثيراً ما تتجاهل حصول الأخطاء الجسيمة في الالتزام بالأصول القانونية النافذة . فقد تم إلغاء حكم الإعدام الصادر ظلماً بحق ما يزيد على 138 شخصاً منذ عام 1973 ، الأمر الذي يثير الشكوك الجدية في نزاهة نظام عقوبة الإعدام الأمريكي .
الحريات المدنية و السياسية
قامت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالتضييق الحاد على ممارسة الحقوق المدنية و الحريات السياسية المعينة بالذات كجزء من جهودها في مكافحة الإرهاب و مقاضاته . هذه التضييقات وقع أثقل كاهلها على المهاجرين ، و على المسلمين و العرب ، و على من يشك بضلوعهم بالإرهاب . و يواجه المهاجرون إجراءات صارمة جديدة تحرمهم من حقوقهم في التقاضي . و قد تم استهداف الآلاف من المسلمين و العرب بتشريع يتم تنفيذه انتقائياً ، و بالمراقبة الحكومية ، و بالاعتقال دون تهمة ، رغم انتفاء وجود أي علاقة لهم بالنشاط الجرمي . و تتولى الحكومة إنكار حقوق المتهمين بالإرهاب ، و احتجازهم في المعتقلات السرية مع حرمانهم من حق اللجوء للمحاكم ، و ترتكب بحقهم التعذيب و الاستجواب المسيء ، و تعيدهم إلى البلدان التي يتعرضون فيها إلى المزيد من التعذيب المحتمل . أن كل الأفراد في الولايات المتحدة الأمريكية يشعرون بصدمة أفعال مكافحة الإرهاب مثل : قوانين المراقبة الجديدة التي تصعب معرفتها و تحديها قانونياً في المحاكم ، بل و حتى التعرض للمراقبة خارج إطار الاشراف العدلي كلياً .
التعليم
يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية بون كبير بين الإنجاز التربوي لسكانها من الأقليات من الفقراء من جانب و بين سكانها من البيض و الأغنياء من الجانب الآخر . هذه الفجوة التحصيلية موجودة في عدة ميادين مختلفة : الدرجات العلمية ، الانجاز في الاختبارات المعيارية ، معدلات التسرب من المدارس ، و نسب المتخرجين من الجامعة ...
الرعاية الصحية
في عام 2009 ، عانى حوالي خمسون مليوناً من المواطنين غير الكبار بالسن ، أي ( (18.8% من السكان ، من الحرمان من التأمين الصحي . و في كل عام ، يموت 45000 ألف مواطن بسبب ذلك . و ينتمي أكثر من ثلاثة أرباع المحرومين من التأمين الصحي للعائلات العمالية ، و ينحدر أربع من كل عشرة من المحرومين من التأمين الصحي من عوائل فقيرة ... و علاوة على ذلك ، فإن خمساً و عشرين مليوناً من الأمريكيين يعانون من ضآلة غطاء تأمينهم الصحي ، الأمر الذي يدفعهم لتأجيل توفرهم على العناية الصحية اللازمة جرّاء التكاليف غير المغطاة بتأمينهم الصحي الزهيد . و حتى في حالة توفرها ، فإن هناك تبايناً ملحوظاً في نوعية العناية المقدمة لأفراد المجموعات العرقية و الاجتماقتصادية و الأثنية . و قد وَجَدَت إحدى الدراسات بأن ردم الهوة بين وفيات السود/البيض من شأنه تفادي موت 83000 شخصاً أسودَ سنوياً جراء حرمانه من الرعاية الصحية ."
انتهى .

المحزن و المؤلم حقاً هو أن كل هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان المميزة لحكم رأس المال لا تدفع الدكتور لبيب سلطان المحترم إلى إدانتها انتصاراً للإنسان ، أثمن ما في الوجود ، بل الى التسبيح بحمدها دون أن يسأل نفسه كيف يمكن أن يتأتى لهذا النظام الحد من تغول سلطة رأس المال و هو قائم بالأساس على شرعنة و تكريس قيام غيلان رأس المال بالتمتع ليل نهار بسرقة ثمار قوة العمل لأجيريه بقوة القانون ليبذروا ملياراتها على ملذاتهم و تسلكاتهم وحروبهم الشنيعة التي فاقت جرائم جنكيز خان ؟؟؟
و لا داعي للبحث في الكذبة المكشوفة بصدد استقلال السلطان الثلاث في بلدان الغرب المتعفن التي تشرف فيها الاغلبية البرلمانية (السلطة التشريعية) لحزب الرئيس أو رئيس الوزراء على وزارات الدولة كافة (السلطة التنفيذية) مثلما تحرص هذه الأغلبية البرلمانية على اصدار القوانين الواجبة التطبيق من طرف السلطة القضائية لخدمة المستثمرين الرأسماليين في أحزاب نفس تلك الاغلبية . تنين برلماني يؤمَّر تنيناً تنفيذياً و يملي على التنين الثالث القضائي قوانينه برسم خدمة تنانين راس المال : أسياد الكل في الكل ، و كل هذه التنانين تتوارث السلطة المتوحشة جيلاً بعد جيل معتاشة على امتصاص دماء الأجراء المستعبدين بدلاً من انقراضها وتخليص البشرية من شرورها المستطيرة !
تمت .