|
غلق |
|
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: حسين علوان حسين |
قبقاب طفلة ترشيحا المفقودة
ما أن انغمس أسامة – الولوع بجمع التحفيات من كل نوع – بتفقد معروضات متجر الأنتيكات في عكّا ، حتى انتابته الرعشة لمشهد قبقاب عكّاوي شبري . إنه بعينه القبقاب الذي خرجت ابنته نضال تطقطق مزهوة به في ذلك اليوم المشؤوم الذي قامت فيه الطائرات و المدافع الصهيونية بالقصف العشوائي للأهالي العزل لمدينته ترشيحا الباسلة يوم 28/10/ 1948 ، فدمرت بيوت المدينة و احتلتها ، وقتلت ألفين من سكانها ، بضمنهم أمه و زوجته الحامل و عمه و طفلته نضال التي لم تكن قد أكملت الأحد عشر ربيعاً من عمرها . أما هو ، فقد تكفلت شظية مدفع صهيوني ببتر عضد يده اليسرى قبل احتلال العصابات الصهيونية للمدينة ، فنقله الثوار الفلسطينيين على عجل إلى عكا خلسة – و أدخلوه مستشفى البعثة التبشيرية الأنغليكانية هناك بذريعة اصابته بحادث سير ، حيث رقد طويلاً حتى اندمل جرحه الرهيب . و مع أن من تبقى من أهالي البلدة قد عثروا تحت جدران بيتهم المهدم على الجثث الممزقة لأمه و زوجته و عمه ، و دفونها بما يليق من مراسيم الشهادة في مقبرة المدينة - مثلما أعلموه بعدئذ - إلا أن جثة طفلته نضال لم يظهر لها أدني أثر قط . بعد خروجه من المستشفى ، و عودته لمدينته المدمَّرة ، بحث أسامة طويلاً عن أي أثر لطفلته نضال ، و لكن دونما نتيجة . سأل كل من تبقى من أهالي البلدة عنها ، و راسل من يعرف من المهجَّرين منهم المقيمين في برج البراجنة بلبنان ، و في مخيم النيرب في سوريّة ، فلم يفز بطائل . كما و فتش شبراً شبراً خربة جدين ، وخربة جعتون ، وخربة عليا ، وخربة شغبا القريبة من ترشيحا دون أن يعثر على ضالته . و أخيراً ، فقد جمع ما تبقى من ملابس طفلته الممزقة من داره المهدم ، و حفر قبراً عميقاً ، و دفن صرة ملابسها تلك في مقبرة المدينة ـ جنبا إلى جنب قبر أبيه - الذي استشهد في ثورة المدينة ضد عساكر الانجليز في 9 أيلول ، عام 1936 - و قبور أمه و زوجته و عمه . و بعد أن نصب الشاهد الصخري – الذي نحته بنفسه بخط الثلث الجميل باسم فقيدته - على ما أقنع نفسه أنه قبرها ، قرأ على أرواح ذويه الشهداء الأبرار سورة الفاتحة ، و ترك الدموع تنهمر مدرارة دون أن يكفكفها .
|
|
| ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد | نسخ - Copy | حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | اضافة موضوع جديد | اضافة خبر | | |||
| نسخة قابلة للطباعة | الحوار المتمدن | قواعد النشر | ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن | قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن | | غلق | ||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |