محافظ بابل...بين قداسة المدينة و دناسة العقل


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7064 - 2021 / 11 / 1 - 20:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

بعد استلام قوى الإسلام السياسي للسلطة في العراق، عملت هذه القوى على خلق واستحداث واختراع المزيد من الطقوس والاساطير الدينية، أيضا ابتدعت "ازمنة مقدسة" جديدة "ولادة او وفاة الامام او السيد او الشيخ الفلاني"، ثم صنعت "أماكن مقدسة" جديدة "قبر العلوية، مزار السيد، خطوة الامام"؛ كل تلك الخطوات التي قامت بها هذه القوى كانت تعبر بها عن الية السيطرة على الناس واخضاعهم، وبالفعل فقد نجحت.

لقد رسخت هذه السلطة الدينية من خرافة افضلية مكان على مكان آخر، والحقت كلمات "المقدسة، الاشرف" على بعض المدن او المناطق، بالتالي فقد حددت جغرافيا الأماكن التي لا يمكن المساس بها او يشملها التغيير، لقد فصلت هذه المدن والمناطق عن الجسم الكامل للبلد.

في مدينة بابل الاثرية، كان يقام مهرجان غنائي كل عام، توقف بعد احداث 2003، ومجيء الإسلاميين الفاشست للسلطة، الذين شنوا حملة اسلمة خطيرة على المجتمع، ونشروا الخرافات والاساطير والطقوس الدينية، لكن هذا المجتمع لم يخضع بشكل تام لإرادات هذه الشرذمة الظلامية، فتحت ضغط جماهيري مدني وحضاري وتقدمي عال، رضخت قوى الإسلام السياسي، فأعلنت عن إقامة المهرجان، بشكله الغنائي.

محافظ بابل، التافه والضيق الأفق، حرك بعضا من ادواته من "المعممين"، للاحتجاج على إقامة هذا المهرجان، بحجة انها "مدينة مقدسة"، مع ان الصحيح ان عقله هو وادواته كلهم دنس، فليس من المعقول رؤية مدينة "الحلة كلها" يعلوها الغبار والتراب، كالحة، متكسرة الشوارع، تنشتر فيها العشوائيات واطنان النفايات، ونسب بطالة عالية، مدينة يقتلك القهر عند رؤيتها بهذا الشكل المزري، ليس من المعقول ان تحتج على مطرب يغني؛ هذا هٌراء، لكن المحافظ الذي ينهب أموال هذه المدينة، يصر على ان المدينة "مقدسة"، وهو محق في ذلك، فحتى يستمر هو والقوى الإسلامية الأخرى بالنهب والسلب، عليهم ان يتمسكوا "بقدسية" هذه المدينة او تلك.

لقد تنبه هذا المجتمع بشكل رائع الى خواء هذه القوى الفاشية، وأدرك بأن الالاعيب الدينية والطائفية والقومية لن تطيل من عمر هذه السلطة، هذا المجتمع الذي انتفض في أكتوبر حتما سيكمل مشوار رحلته، وسيتم التغيير والخلاص من هذه العصابات.

ملاحظة قد تفيد:
يقال ان التاريخ دائما يعيد نفسه
لهذا فأن بعض مؤرخي تاريخ العراق القديم يعتقدوا بأن محافظ بابل وكان يدعى "غوبارو-غوبرياس" ابان حكم اخر ملوكها نبوبلاصر، هو الذي ساهم في اسقاط مدينة بابل على يد الدولة الفارسية سنة 539 ق-م، وليس التفوق العسكري.