الديوانية وعرس الدم وداعا حيدر محمد


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7047 - 2021 / 10 / 14 - 20:50
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

الطموح العالي لدى هذه الشبيبة يصدم أي انسان، فهم يقارعون أعتى الأنظمة الفاشية، نظام عصاباتي ميليشياتي مافيوي، نظام قمعي دموي همجي ووحشي، نظام رجعي ومتخلف وظلامي، نظام حكم القرون الوسطى ومحاكم التفتيش، انه نظام الإسلام السياسي، الذي لا يتورع عن قتل أي انسان بمجرد انه هزء او سخر من قادتهم.

نظام متعطش للدماء، انه لا يرتوي من قتل المزيد من الأبرياء، ليس في قاموسه سوى الموت، عصاباته وقطعانه تسير في الشوارع كالزومبيات او كمصاصي الدماء، يبحثون عن فريسة تروي ظمأهم، هذه القطعان تخلو تماما من أي عقل او تفكير، لقد نزعوا منهم كل إنسانية، هم فقط أدوات قتل.

حيدر محمد شاب ذو السبعة عشر ربيعا، من أهالي الديوانية، على صغر سنه الا انه اشترك بالمظاهرات، رفع صور اصدقاءه من الذين قتلتهم الميليشيات الإسلامية، كانت صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي حادة جدا ضد الميليشيات وقادتها، كان يٌعرف نفسه بأنه "تشريني قح"، ويفتخر بذلك، الكثير لا يجرؤ على النشر مثلما يفعل حيدر.

الديوانية، المدينة التي يسكن فيها حيدر، تعد ثاني مدينة من حيث مستوى الفقر والبطالة وانعدام الخدمات في العراق، تسيطر عليها الميليشيات، نهبت كل ثرواتها، اقضيتها هي الأكثر بؤسا وفقرا، انها مدينة بائسة جدا، خرج شبيبتها ابان انتفاضة تشرين، واجهوا أعتى حملات التصفية والاغتيال والخطف من الميليشيات الإسلامية؛ هذا الواقع فرض نوعا من الوعي العال لدى شبيبة هذه المدينة، فكان حيدر أحد هؤلاء الشباب المقدامين والجريئين.

لم تسكت قطعان الميليشيات على سخريات حيدر من قادتهم، فتم خطفه، وتم تعذيبه، وبعدها ألقي في أحد الأنهر جثة هامدة؛ هذه كانت نهاية حيدر، على منشور ساخر في صفحته الشخصية، هذا هي الطبيعة الحقيقية لنظام الحكم الديني، نهايتك قد تكون على نظرة باتجاه "السيد" وليس على كلمة.
اليوم يعاد تدوير هذه الميليشيات، ومنذ هذا اليوم ستكون الحياة في هذا البلد أقسى وأكثر ايلاما، سنرى الميليشيات وهي تقيم الحدود في الشوارع والساحات، سيجلدون ويعدمون مخالفيهم، التيار الصدري، بدر، العصائب، حزب الله، وغيرهم العشرات من الميليشيات، سيقضون على ما تبقى من هذا البلد؛ فوداعا حيدر، فلم تكن الأول، ولن تكون الأخير.