الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....28


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7040 - 2021 / 10 / 7 - 00:38
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

شروط التخلص من الفساد في جماعاتنا الترابية:.....1

14) والشروط التي تعيشها جماعاتنا الترابية، تفرض التخلص من الفساد الانتخابي، ومن فساد المجلس الجماعي، ومن فساد الإدارات الجماعية؛ لأنه بدون التخلص من الفساد الانتخابي، في وقته، ومن فساد الأعضاء الجماعيين، في وقته، ومن فساد الإدارة الجماعية، في حينه، لا يمكن لجماعاتنا الترابية، أن تتقدم، وأن تتطور.

فالتقدم، والتطور، لا يأتي إلا نتيجة للتخلص من الفساد الانتخابي، والجماعي، ومن فساد الإدارة الجماعية. وعلى السكان الجماعيين، أن يدركوا الشروط التي تعيشها جماعاتنا، وأن يعملوا على جعل الجماعات تتجاوزها، حتى تتخلص من عوامل تخلفها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ومن أجل إنضاج شروط تقدمها، وتطورها، حتى تنخرط كل جماعاتنا، في تقدم، وتطور الإنسان، وسكان الجماعة، والوطن، والشعب، والدولة المغربية، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

فما هي الشروط التي تجعل جماعاتنا الترابية متخلفة، وتساهم في تخلف الشعب، والوطن، والدولة المغربية؟

هل يمكن أن تتقدم جماعاتنا الترابية، بدون تجاوز الشروط المذكورة؟

وما هي العوامل التي تجعل جماعاتنا الترابية، متقدمة، ومتطورة؟

وهل يمكن الأخذ بتلك العوامل، حتى تساهم جماعاتنا الترابية، في تقدم الشعب المغربي، وتطوره، وفي تقدم المغرب، وتطوره، وفي تقدم الدولة المغربية، وتطورها.

وإذا لم تقف تلك العوامل، أمام تقدم جماعاتنا الترابية، وتطورها، فما العمل؟

هل يعي السكان بحقوقهم الإنسانية، وبحقوق الشغل، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

هل يحرصون على التمتع بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، بعد امتلاك الوعي بها؟

أليس التمتع بحقوق الإنسان، وبحقوق الشغل، من عوامل تقدم الأمم، وتطورها؟

أليست الأمم، والشعوب، لا تكتسب كرامتها، إلا بتمتع أفرادها بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل؟

لماذا لا نجد أن سكان الجماعة الترابية، أي جماعة ترابية، لا يهتمون بحقوق الإنسان، كما يهتمون ببيع ضمائر ناخبيها؟

لماذا نجدهم يهتمون بالالتفاف حول سماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين؟

لماذا نجدهم يهرولون وراء التصويت، لمن اشترى ضمائر الناخبين؟

هل مات الإنسان في الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع؟ أم أن حاجتهم الملحة للمال، هي التي تقف وراء بيع الضمائر؟

أم أن هذا (الإنسان)، يفتقد الوعي بوجوده، في فكر، وفي ممارسة الكائن البشري، ذكرا كان، أو أنثى؟

ما العمل من أجل جعل الوعي بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، من مستلزمات الوجود البشري، في أي جماعة ترابية؟

ما العمل، من أجل جعل الكرامة الإنسانية من مستلزمات الوجود البشري، في أي جماعة ترابية؟

ما العمل، من أجل جعل المدرسة العمومية، مصدرا للمعرفة الحقوقية، والوعي بها؟

هل يمكن اشتراط احترام الحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، في وضع خطة جماعية معينة، تغطي الدورة الجماعية، من الانتخابات الجماعية، إلى الانتخابات الجماعية؟

هل يمكن أن يتطور سكان أي جماعة ترابية، إذا تمتع جميع أفرادها بحقوقهم الإنسانية، وحقوق الشغل؟

ألا يستلزم التقدم، والتطور الجماعي، أمورا أخرى، تساهم بشكل كبير، في تقدم، وتطور الجماعة الترابية؟

ما دور الفساد في تخلف جماعاتنا الترابية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا؟

هل يمكن تقدم جماعاتنا الترابية، وتطورها، بوضع حد لكل أشكال الفساد، التي تنخر كيانها البشري؟

ما العمل، من أجل إبادة التفكير، في إنتاج الفساد الانتخابي، والفساد الجماعي الترابي، وفساد الإدارة الجماعية الترابية؟

أليس استحضار الفساد في الفكر، وفي الممارسة اليومية، هو الذي يؤدي إلى إنتاجه؟

أليس إنتاج الفساد، تنكرا للإنسان، وللجماعة، وللشعب المغربي، وللوطن المغربي، وللدولة المغربية؟

لماذا لا تتحرك السلطة الوصية، لفرض احترام حقوق السكان، في تعامل الجماعات الترابية معهم، أثناء ممارسة العمل الجماعي الترابي؟

ما الفرق بين أن يعمل الأعضاء الجماعيون، على خدمة مصالحهم الخاصة، وأن يعملوا على خدمة مصالح السكان؟

إننا ونحن نطرح هذه الأسئلة، التي نعتمدها في مناقشة فقرة:

(الشروط التي تعيشها جماعاتنا، تفرض التخلص من كل أشكال الفساد).

من أجل أن تصير محاربة الفساد، مهمة جماعية، وإدارية، وسكانية، ومن أجل أن يصير التعامل الجماعي، سعيا إلى الوصول إلى جماعات ترابية، بدون فساد، في أفق مجتمع مغربي خال من الفساد.

وعمل كهذا، الذي ذكرنا، هو عمل من أجل الإنسان، وسعي إلى تحقيق الإنسان فينا، كفكر، وكممارسة، وكعلاقات إنسانية، وكحقوق متاحة للجميع، مهما كانت، وكيفما كانت، حتى يتأتى للإنسان، أنى كان، في المكان، ومن المكان الذي تسود فيه الإنسانية، التي صرنا نفتقدها في الفكر، وفي الممارسة، نظرا لغياب المثقف الإنساني، الذي لم يعد قائما بين مثقفينا، نظرا للخذلان الذي أصيب به المثقفون، المرضى بالتطلعات البورجوازية الصغرى، ففقدوا، بذلك، علاقتهم بثقافة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ونحن، عندما نسعى إلى التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، فلأننا نحرص على أن يكون الأمل في المستقبل النظيف من الفساد، حاضرا في الفكر، ومتجسدا في الممارسة، وساعيا إلى تحقيق آمال الكادحين في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

وبذلك، نحرص على أن تكون جماعاتنا الترابية، نظيفة من الفساد، وأن يكون الفساد مجرما في الممارسة الجماعية، سواء كان فسادا انتخابيا، أو فسادا جماعيا، أو فسادا للإدارة الجماعية.

وكل من مارس الفساد، في إطار الجماعة الترابية، فهو مجرم، سواء كان من سكان الجماعة، أو من الأعضاء الجماعيين، أو من الموظفين، والعمال العاملين في الإدارة الجماعية، حتى لا نعتبر الموظف، من سكان الجماعة وحده مجرما، والآخرون يتبرأون من الجريمة، خاصة، وأن الجريمة تتكون من موضوع الجريمة، ومن القائمين بها.

وحتى نسبر غور موضوع السؤال، المتعلق بالشروط التي تعيشها جماعاتنا الترابية، ونوفي موضوع السؤال حقه، حتى نشرع في مقاربتنا للأجوبة على الأسئلة التي ذيلنا بها السؤال الرئيسي، حتى نوفيه حقه في التحليل، والنقاش الهادف. وهذه الأجوبة التي نقارب بها الأسئلة المطروحة، في هذه الفقرة، تتمثل في:

ا ـ أن الشروط التي تجعل جماعاتنا متخلفة، وتساهم في تخلف الشعب، والدولة المغربية، هي شروط لها علاقة بالفساد الانتخابي، أو بفساد المجلس الجماعي، أو بفساد الإدارة الجماعية.

فالفساد الانتخابي، يتمثل في فساد الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، إما لجهلهم، بأن ما يقومون به، يعتبر جريمة، ترتكب في حق الشعب المغربي، أو في حق الوطن، أو في حق الدولة المغربية، أو في حق التاريخ، أوفي حق الجغرافية. وإما لعلمهم، بأن ما يقومون به، يعتبر جريمة، متعددة الأثر، لسيادتها في الانتخابات.

ومعلوم، أن الفساد الانتخابي، وكما أشرنا إلى ذلك، في غير ما مكان، من هذه الأرضية، يتكون من ثلاثة عناصر:

العنصر الأول: الناخبون الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات.

والعنصر الثاني: سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، الذين يشترون ضمائر الناخبين، من أجل إعادة بيعها، لأي مرشح، يراهن على شراء ضمائر الناخبين.

والعنصر الثالث: المرشحون، الذين يراهنون على شراء ضمائر الناخبين، من أجل الفوز في الانتخابات.

وهذه العناصر الثلاثة، تعرفها السلطات الوصية، ولكنها تغمض عينيها، ولا تريد أن تراها، ولا تسعى إلى رؤيتها، ولا تتخذ أي إجراء في حق من يقوم بها باعتباره مجرما، ولا تسعى إلى اتخاذ ذلك الإجراء، نظرا لإساءة الفساد الانتخابي الممارس، إلى سكان الجماعة الترابية، أو إلى الجماعة الترابية، كجماعة ينتشر فيها الفساد الانتخابي، وإلى الدولة المغربية، وقبلها، إلى الوطن؛ لأن الفساد الانتخابي، هو ممارسة شائعة، والسلطات الوصية، التي تغض الطرف عن الفساد الانتخابي، هي سلطة فاسدة، ومستفيدة من ذلك الفساد، والدولة التي يجري في ظلها الفساد، لا تقوم بتكليف السلطات الوصية على الجماعات الترابية، باتخاذ الإجراءات الضرورية، في أفق القضاء على الفساد الانتخابي، الذي يمارس في عز النهار، وفي بداية الحملة الانتخابية، وبعد بدايتها، وأثناءها، ويوم الاقتراع.

أما الفساد الجماعي، فمصدره الأعضاء الجماعيون، الذين يتحولون، بعد شرائهم لضمائر الناخبين، إلى ناخبين كبار في المجلس الجماعي، كما يقوم به الأعضاء الجماعيون، في العلاقة مه الإدارة الجماعية، ومع المكتب الجماعي، ومع الرئيس الجماعي؛ لأن الأعضاء الجماعيين الممارسين للفساد الجماعي، يقومون بدور مهم، وأساسي، في القيام بأي عمل يخدم مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يظهر العضو الفاسد، وكأنه يحمل هم السكان، ليضمن لنفسه التواجد المستقبلي، في إطار الجماعة، حتى يستمر في خدمة مصالحه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل أن يجعل من الجماعة، مصدرا لتنمية ثرواته، من خلال لعب دور الوساطة، ومن خلال ما يتلقاه من الرئيس، الذي يدعوه للتصويت لصالح برنامج معين، ومن خلال علاقته بالموظفين الجماعيين، وبالإدارة الجماعية.

وهذا الفساد الجماعي، هو ما يترتب عنه: أن الفساد الجماعي، الذي يمارسه الأعضاء الجماعيون، يعتبر أفضل وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية، نظرا لتعدد مصادر دخل العضو، من الرئيس، ومن الإدارة الجماعية، بالإضافة إلى التعويض عن المهام، التي قد يتم تكليفه بها، بالإضافة إلى ما يتلقاه من عمولات، من الشركات التي يلعب دور الوسيط لها، من أجل تمكينها من القيام بإنجاز مشاريع معينة.

أما العضو الذي يصير رئيسا، مع نوابه المختلفي التوجهات، فإنهم يعتبرون، جميعا، الجماعة، وكأنها مجرد ضيعة، يحق لهم التصرف في مواردها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ونحن عندما نعمل على اعتبار الأعضاء الجماعيين، مجرد ممارسين للفساد الجماعي، فلأننا ننطلق من واقع الجماعات الترابية، الذين يتحملون المسؤولية، في أي جماعة ترابية، وهم لا يملكون أي شيء، وعندما تمر سنة على عضويتهم، يصيرون شيئا آخر، على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وتغيير وضع العضو الجماعي، لا يأتي هكذا، بقدر ما يأتي نتيجة لممارسة الفساد الجماعي، في علاقة سكان الجماعة الترابية، أي جماعة ترابية، بأعضاء المجلس الجماعي، الذين قد يكونون في خدمتهم لمصالحهم، وبالرئيس الذي قد يحول الجماعة إلى إقطاعية له، وبالموظفين الجماعيين، وبالعمال في الإدارة الجماعية، وبممارسة العضو الجماعي، الذي يشتغل ليل نهار، ليجني من ذلك ثروة، تمكنه من تحقيق التطلعات الطبقية.

وبالنسبة لفساد الإدارة الجماعية، فإن الفساد فيها، رهين بطبيعة الخدمات الجماعية، التي تقدمها الإدارة الجماعية، تحت إشراف رئيس الجماعة، وبمسؤوليته، التي لها علاقة بكل ما يجري في الجماعة، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، كما له علاقة بالفساد الإداري، الذي ينتشر كالنار في الهشيم، عندما يتعلق الأمر بقبول المواطنين داخل الجماعة، وخارجها، للتعامل بالفساد مع الإدارة الجماعية، التي غالبا ما يصير المسؤولون عن أي قسم، أو في أي مصلحة، من الإدارة الجماعية، من كبار الأثرياء، في الإدارة الجماعية، التي تعتبر الفساد مصدرا للدخل، المؤدي إلى تكديس المزيد من الثروات الهائلة، خاصة، وأن الفساد، لم يعد مقتصرا على الأعضاء الجماعيين، وعلى الموظفين الجماعيين، وعلى العمال العاملين في الإدارة الجماعية، بل أصبح فساد التعامل مع الإدارة الجماعية، ممتدا في صفوف السكان، الذين صاروا، بدورهم، ممارسين للفساد الجماعي، ومتعاطين له، بالإضافة إلى الوافدين على الإدارة الجماعية، من خارج سكان الجماعة الترابية، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع الإدارة الجماعية بالفساد.

ولعل تقدم جماعاتنا الترابية، لا يمكن أن يتم، إلا بتوفير الشروط الآتية:

الشرط الأول: استئصال الفساد الانتخابي من جذوره، وعرض ممارسيه المعروفين على المحاكم، باعتبار الفساد الانتخابي جريمة، ترتكب في حق الجماعة، وفي حق الشعب، وفي حق الوطن، وفي حق الدولة المغربية.

الشرط الثاني: استئصال فساد الأعضاء الجماعيين، بمن فيهم الرئيس، عن طريق ضبطهم ممارسين للفساد، وعرضهم على المحاكم، التي تنزع الثقة منهم، واعتبار عضويتهم شاغرة.

والشرط الثالث: استئصال فساد الإدارة الجماعية، وتوقيف، أو طرد، أي موظف جماعي، أو عامل يعمل في الإدارة الجماعية، ضبط متلبسا بممارسة الفساد الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو السياسي، وعرض على المحكمة، لتحكم عليه حكما معينا.

وعدما تتوفر هذه الشروط، لا نشك في أن الفساد سيتراجع إلى الوراء، وسيتقلص إلى ما لا نهاية، حتى يختفي من الساحة الجماعية، لتصبح جماعاتنا خالية، وبصفة نهائية، من أي شكل من أشكال الفساد الانتخابي، أو الجماعي، أو الإداري.