الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....21


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7021 - 2021 / 9 / 16 - 22:11
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

محاربة الفساد الجماعي مساهمة في تقدم جماعاتنا الترابية:.....2

ج ـ والفرق بين فساد المجالس الترابية، وفساد الإدارة الجماعية الترابية، يتمثل في كون:

أولا: أن فساد الأعضاء، يمارسه الأعضاء الجماعيون، إما في إطار مكتب المجلس الجماعي، أو بالصفة الشخصية، لكل عضو من الأعضاء الجماعيين، أو في علاقة كل واحد منهم بالرئيس مباشرة، أو بالمكتب الجماعي، أو بالرئيس الجماعي، أو بالإدارة الجماعية، أو بالسلطات الوصية، أو بأي إدارة من الإدارات التابعة، لمختلف الوزارات، إما لقضاء مصالحه الخاصة، ذات الطابع الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو السياسي، أو في إطار القيام بدور الوساطة بين أي مواطن، وبين المجلس الجماعي، أو بالإدارة الجماعية، أو بالسلطات الوصية، أو أي إدارة تابعة لأي وزارة.

ثانيا: أن فساد الإدارة، يمارسه الموظفون، العاملون في الإدارة الجماعية، أو العمال العاملون في الإدارة الجماعية، في العلاقة بالأعضاء الجماعيين، كل على حدة، أو بالمجلس الجماعي، أو بالرئيس، أو في إطار العلاقة مع السلطات الوصية، أو في إطار العلاقة بالمواطن، الساكن في نفس الجماعة، أو له علاقة بها.

ومعلوم أن الفساد الإداري، هو فساد ناتج عن كون الإدارة الجماعية، تشكل بؤرة فساد اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو سياسي، وقد كان المفروض أن تبقى الإدارة الجماعية، بعيدة عن بؤرة الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تصير مهمتها مقتصرة، في تقديم الخدمات المشروعة، إلى المواطنين، مهما كانت الأسباب، التي تفرض اللجوء إلى ممارسة الفساد الإداري.

ثالثا: أن الفساد الجماعي، لا يمارسه إلا الرئيس، أو المكتب الذي يدبر أمور المجلس الجماعي، أو المجلس الجماعي، أو العضو الجماعي، ولا علاقة للإدارة الجماعية به، إلا إذا تعلق الأمر بتنفيذ أوامر الرئيس، أو قرارات المكتب الجماعي، أو قرارات المجلس الجماعي، سواء كانت تلك القرارات فاسدة، أو لا علاقة لها بالفساد الجماعي؛ لأن ذلك، لا يهم الإدارة في شيء؛ لأن مسؤوليته، يتحملها الرئيس، أو المكتب الجماعي، أو المجلس الجماعي، أو الأعضاء الجماعيون.

رابعا: أن فساد الإدارة الجماعية، تتحمله الإدارة الجماعية بالدرجة الأولى، ولا يد للجماعة فيه، ما لم يكن الفساد، بمثابة قرار صادر عن الرئيس، أو عن مكتب المجلس، أو عن المجلس ، مما يقتضي التنفيذ الإداري، بصفة نهائية، خاصة، وأن المنطلق هو الموظفون الجماعيون، أو العامل في الإدارة الجماعية، إذا لم يلتزم بالقيام بالإجراءات الإدارية، لأي قرار جماعي، فإنه قد يتعرض إلى التأديب، أو التوقيف، أو الطرد، أو غير ذلك.

والذي يجمع بين الفساد الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية، أنهما:

أولا: يقعان في الجماعة الترابية، تحت إشراف رئيس الجماعة الترابية، وبموافقته، وأمام أنظار السلطات الوصية، وبموافقتها، وعلى أساس أن الفساد الجماعي، والفساد الإداري، يبقى جماعيا: ماديا، وإداريا، ولا داعي للانشغال به، وصرف الوقت للتفكير فيه، خاصة، وأن من استفاد منه، ضار، ومن تضرر، لا يشتكي، مما يجعل الجماعة فاسدة.

ومن تعود على ممارسة الفساد، لا يمكن أن يمارس، غير الفساد.

ثانيا: يساهمان معا، في تخلف الجماعة الترابية، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. خاصة، وأن الفساد والتخلف، متلازمان، على جميع المستويات، مما يجعل الفساد، لا يستطيع أن يطل برأسه، من داخل اسوار الجماعة، أو من داخل أسوار الإدارة الجماعية؛ كأنه، يمتد في الفكر، وفي الممارسة، وفي العلاقات، ويقف وراء كل الكوارث، التي تعرفها الجماعة، أي جماعة، في علاقتها مع سكان الجماعة، ومع كل الذين لهم علاقة بالجماعة؛ لأنهم، هم وحدهم، يكونون:

إما مستفيدين من الفساد الجماعي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وإما متضررين منه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وسواء كان الفرد من السكان، أو داخل على الجماعة، من خارج تراب الجماعة، فإنه يعتبر مساهما في فساد الجماعة، أو فساد إدارتها، حتى لا تنتج إلا الفساد.

والجماعة التي تصير غير منتجة إلا للفساد، هي جماعة غير قادرة على الاستمرار، في هذا الوجود، كجماعة، لأنها أصبحت مضرة بنفسها، وبالسكان، وبالسلطات الوصية، وبالشعب، وبالوطن، وبالدولة المغربية.

د ـ ونحن، عندما نمتنع عن المساهمة في أي من الفسادين، وعن اعتبار وقوف أحدهما وراء وجود الآخر، نجد أننا مضطرين إلى القول: بأنهما معا نتاج للفساد العام، في المجتمع، خاصة، وأن القرار السياسي، الذي يمشي على الأرض، يقضي: بضرورة قيام السلطات المسؤولة، بحماية كل أشكال الفسا، القائمة على الأرض، سواء تعلق الأمر بفساد الإدارة المغربية، بما فيها فساد مختلف المؤسسات الجماعية، بما فيها المجلس الجماعي، والإدارة الجماعية.

ولذلك، نجد أن الفساد الجماعي، وفساد الإدارة الجماعية، يأتيان امتدادا للفساد العام، القائم في المجتمع، إلا أن ذلك، لا يمنع من:

أولا: وقوف الفساد الجماعي، وراء ازدهار الفساد الإداري، في مستوياته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعل الأرض التي يجري عليها الفساد الإداري، تئن من وطأة الفساد الإداري، الذي يصير متجاوزا لكل الحدود، ويمتد إلى الأسر، والعائلات، ويسعى إلى احتلال المكانة اللائقة به، في المجتمع، كفساد إداري، يتحكم في مسار، وفي مصير المجتمع، على جميع المستويات.

ثانيا: أن الفساد الإداري، كذلك، يقف وراء ازدهار الفساد الجماعي، ومن باب الاعتراف بالجميل؛ لأن الإدارة الفاسدة، عندما تقف وراء ازدهار الفساد الجماعي، الذي يقف، بدوره، وراء ازدهار الفساد الإداري.

ثالثا: أن وقوف كل من الفساد الجماعي، والفساد الإداري، وراء ازدهار الآخر، فإن الفساد بصفة عامة، يصير مزدهرا، خاصة، وأنه صار يشمل كل خلايا المجتمع، وكل قطاعاته، وعلى المستوى الوطني، مما يترتب عنه: أن الطرق التي نعتمدها في إعداد البشر، إلى خوض غمار المستقبل، هي طرق فاسدة، ولا يمكن أن تنتج إلا أجيالا فاسدة، إلى درجة: أننا لا ننتظر من الطرق المتبعة في الإعداد، إلا الفساد.

والفساد، مهما كان، وكيفما كان، يبقى فسادا. وما زاد عن العمل الفاسد، لا يمكن أن يكون إلا فسادا.

رابعا:أن تجاوز فساد الإعداد، وإنتاج أجيال فاسدة، يقتضي إبداع فرق جديدة، ثم تفعيلها، في إطار الالتزام ببرنامج جديد، للإعداد، يهدف إلى:

ـ محاربة الطرق الفاسدة، وبرامج الإعداد القديمة الفاسدة، في أفق التخلص من الإعداد، ومن البرامج، باعتبارهما فاسدين، سعيا إلى نسيانهما، والعمل على التخلص من آثارهما، في الواقع الجماعي.

ـ الاهتمام بترسيخ الطرق الجديدة، وبتفعيل البرامج الجديدة، في أفق إعداد جيل جديد، لا يعرف الفساد إليه طريقا، ولا يمكن أن يفكر أبدا في إنتاج الفساد.

ـ الاهتمام بالتصور الجديد للمجتمع، الذي لا وجود فيه لشيء اسمه: الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى جعل الحديث، عن وقوع أي شكل من أشكال الفساد، غير وارد، لامتناع الناس عن ممارسة الفساد.

ـ التفكير في قيام مجتمع مغربي، بدون فساد، بما فيه الفساد الانتخابي، بأنواعه المختلفة. والفساد الجماعي الذي ينتجه الأعضاء، والفساد الإداري الذي ينتجه الموظفون، والعمال، العاملون في الإدارة الجماعية الترابية، الذي يعتبر امتدادا لفساد إدارات الدولة.

خامسا: أن السعي إلى تغيير الواقع الفاسد، هو في نفس الوقت، سعي إلى:

ـ تغيير القيم الفاسدة، بقيم نبيلة، وصالحة، يمكن اعتمادها في التعامل، وفي الفكر، وفي الممارسة اليومية، التي يمكن اعتمادها في الممارسة الفردية، والجماعية، التي تعمل على تغيير السلوك الفردي، والسلوك الجماعي، لإيجاد إنسان لا يفكر في الفساد أبدا.

ـ جعل الإنسان الجديد، المتحلي بالقيم النبيلة، لم يعد قائما في الواقع الفاسد، الذي صار فيه كل شيء بمقابل، بما في ذلك الكلام، الذي لا يشترى، ولا يباع، وباعتباره وسيلة للتواصل بين البشر، وصولا إلى جعله وسيلىة للتطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يقتضيه منه الجميع.

سادسا: أن الوصول إلى جماعات بدون فساد اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، يقتضي منا:

ـ الوعي بمضمون الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبخطورة الفساد الانتخابي، والجماعي، وفساد الإدارة الجماعية، وفساد الإدارة العامة، التي تعمل تحت إشراف الدولة المغربية. وعلى الإنسان في هذا الوطن، وعلى الشعب، وعلى الأجيال الصاعدة، أن تقاوم الفساد، حتى تتجنب، ما أمكن، ذلك الوقوع في ممارسة أي شكل من أشكال الفساد.

فإذا كان تجار الممنوعات، يبيضون الأموال، في اقتناء العقارات، فإن الناهبين، والتجار، يبيضون الأموال، كذلك، في اقتناء العقارات المختلفة، خاصة، وأن هناك من الأعضاء الجماعيين، أو الموظفين، لم تترك لهم أسرهم أي ثروة، ولم تكن لهم أملاك، وليس لهم دخل، إلا الأجور، التي يتلقونها، عن الأعمال التي يقومون بها في مشغلهم، أو في الإدارة، وفي ممارسة المهام التي يكلفون بها، والتي قد لا تكفيهم، حتى في معيشتهم اليومية. ومع ذلك، نجد لهم ممتلكات، تقدر بمئات الملايين.