من السخافات البائسة (مرشح مستقل)


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7014 - 2021 / 9 / 9 - 14:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في عصر حكم قوى الإسلام السياسي الفاشي رأينا أشياء عجيبة كثيرة، بل شاهدنا العجب العجاب مثلما يقال، شاهدناهم وهم يسرقون وينهبون ويسلبون كل ثروات هذا البلد، يخرجون من على شاشات التلفزيون، يلبسون أحسن الثياب، تبدأ المذيع-ة بتوجيه سؤال: الناس تقول عنك أنك فاسد؟ فيجيب الضيف، تعلوه ضحكة هستيرية: كلنا فاسدين وتقاسمنا الكعكة.

شاهدناهم وهم يقتلون ويغتالون ويخطفون ويعذبون شبيبة الانتفاضة؛ تخرج مذيعة القناة التلفزيونية "س" لتذيع خبرا: لحظة اغتيال-خطف-تعذيب أحد الشباب؛ وتستقبل ضيفا من هذه القوى الإسلامية، تسأله، الناس تتهمكم بأنكم وراء هذه العمليات، ما تعليقك؟ فيرد: هناك مؤامرة على نظام الحكم ويجب ان تتعامل "الدولة" مع الخارجين عن القانون.

شاهدناهم وهم يخضعون لهذا السفير او ذاك القائد، من هذه الدولة او تلك، متذللين، خنوعين، عبيد، ذيول وتبعية، وعندما تسألهم المذيعة: الناس تصفكم بأنكم "ذيول" ما تعليقك: اننا نقاوم المحتل الأمريكي-الصهيوني، فنحن في محور المقاومة.
شاهدناهم وهم يقيمون المؤتمرات، ويتحدثون بكل وقاحة عن حقوق الانسان، وكرامة الانسان، وعزة الانسان في العراق، انهم يهزؤون من الناس ويسخرون منها.

كل تلك المشاهد المؤلمة تمر علينا يوميا، ونتجرعها رغما عنا، وما يزيد من هذه المرارة والالم مشاهدة صور اشخاص عٌلقت في الطرق والازقة والاقضية والنواحي النائية مكتوب عليها "مرشح مستقل" او "كتلة س المستقلة"، وهذه من أكبر المهازل والسخافات.

هل يعتقد هذا الشخص "المستقل" انه سيفعل شيئا امام جبروت وطغيان هذه القوى، التي تدعمها دول كبرى وصغرى؟

ما الذي سيفعله هذا "المستقل"، هل سيعبد شارعا في منطقته، ام سيعين أحد أبناء المنطقة في "الحشد الشعبي"، او سيحول مساكنهم ذات "الطابو الزراعي" الى "طابو سكني"، او سيرغم مقر البلدية لعمل مجاري صرف صحي للمنطقة؟ يا للبؤس، كل تلك الأشياء قد يسمحون لهذا المرشح "المستقل" ان يفعلها، وهي اقصى ما يمكن فعله؛ المشكلة تكمن في شعارات هؤلاء "المستقلون" ولغتهم البراقة: "نحن أداة التغيير" "المستقبل يكون بنا" "لا تغيير الا بالانتخابات ونحن أأهلها" "نحن الدولة المدنية والعلمانية" الخ من هذه الجمل الطنانة والرنانة.

قد تكون هذه الشخصيات "المستقلة" تطمح لمستقبل لها كأفراد، لا بأس في ذلك، لكن لن يتوقف التحليل عند هذا الحد، فهناك محتوى سياسي لهذه الظاهرة، خصوصا ونحن في بلد تحكمه قوى إسلامية فاشية لا تهادن على قضية سلطتها، وهذه القوى تريد لهذه الشخصيات "المستقلة" ان تشارك، بل لا نستبعد من دعم البعض منهم، اذن فهذه الشخصيات "المستقلة" في النتيجة النهائية هي لتجميل صورة النظام أولا، فهم يدعون "المدنية"، ولتأبيده ثانيا بالمشاركة في فعالياته، اما قضية التغيير فهي الة الخداع والتلاعب عند هؤلاء المرشحون "المستقلون".

ان التفكير السياسي الجاد والحقيقي لا يسمح مطلقا بالتصديق بهذه السخافات "مرشح مستقل"، وإذا ما استغرق المرء أكثر في هذا التفكير فسيكون امام تساؤل أكبر واشد وقعا:
هل صحيح ان هذا المرشح الفلاني او ذاك هو مستقل؟