الرئيس السيسي … فارسُ التنوير الجسور


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 7006 - 2021 / 9 / 1 - 14:24
المحور: حقوق الانسان     

لا نكادُ نصدِّقُ أن الَله تعالى قد منَّ علينا برئيس جسور لا يهابُ صياحَ الحناجر التي ترفضُ الحقَّ والتنويرَ وحفظ حقوق المواطنة واحترام القيم الأخلاقية الرفيعة في المجتمع، فيقوم في لحظة بفتح ملفات "المسكوت عنه" في قضايا تهذيب وتشذيب وشحذ الوعي، لكي تصيرَ العقليةُ المصرية عقليةً مفكرة ناقدة، لا عقلية تابعة ناقلة مشحونة بالعنصرية والطائفية العمياء التي تُقوّض أركانَ المجتمع وتهدمُ أولًا بأول كلَّ محاولات التنمية والبناء. منذ أيامه الأولى في حكم مصر، نجح الرئيس/ "عبد الفتاح السيسي" في إرساء أعمدة التنوير التي كافح التنويريون من أجلها عقودًا طوالا، دون جدوى، وذهبت جهودهم هباءً لأن الإرادات السياسية السابقة لم تدعمها، إن لم تنافحها وتئدها في مهدها. بعد قليل من تنصيبه رئيسًا للجمهورية، دخل الرئيسُ السيسي الكاتدرائية، لكي يهنئ أشقاءنا أقباط مصر المسيحيين بعيدهم يوم 6 يناير 2015، وصارت سُنّة محمودة ألزم نفسَه بها طوال السنوات التالية، ونهجًا طيبًا يسيرُ عليها جميعُ من يتوالى على مصر من حكام في مقبل العصور. لم تكن تلك الزيارةُ مجرد "تهنئة" لفصيل كبير من أبناء شعبه وحسب، بل كانت "رسالة" حاسمة ونهائية تُعلن منذ اليوم الأول في عهد الرئيس السيسي أن "مصر دولةٌ مدنيةٌ" تقفُ على مسافة متساوية من العقائد، شأنَ الدول المتحضرة التي أكملت نهضتَها لأنها أكملت مشوار تنويرها. النهوضُ والتنويرُ صُنوان لا ينفصلان. الدولُ الظلامية العنصرية مستحيلٌ أن يُكتَب لها النهوض. ذلك هو قانونُ الحياة الذي لا استثناء له. ولم يكتفِ الرئيسُ السيسي بذلك، بل نكأ المشكلةَ في جوهرها وأخذ خطواتٍ جسورة في إصلاح مناهج التعليم؛ لأنه يعلمُ تمام العلم أن العمل على بناء الشخصية السوية يبدأ على مقاعد المدرسة الأولى. في مناهج التعليم الابتدائي، أمر السيسي بنزع جميع ملامح العنف والعنصرية والطائفية والبغضاء والتنمّر وعدم الانتماء للهوية المصرية الخالدة، وضخ بدلا من كل ما سبق قيمَ الأخلاق والمحبة واحترام الآخر والاعتزاز بهويتنا العريقة، ونَثَر في جنبات المناهج الأوليّة قبساتٍ مشرقاتٍ من علم المصريات وقانون "ماعت" الذي تُقرّه في مناهج تعليم أبنائها جميعُ دول العالم الأول التي قطعت شوطًا واسعًا في مضمار النهوض والريادة والتقدم. في جميع دول العالم المتحضرة قسمٌ خاص لتعليم "علم المصريات"؛ لأن مصرَ شيدت حضارتها الاستثنائية قبل بدء ساعة التاريخ. فكيف لا يَدرُسُ العالمُ أبجدياتِ تشييد الحضارات؟! وكيف يسبقُنا العالمُ في دراسة علم سلفنا المصري الفذّ؛ بدلا من أن نُصدّره نحن للعالم؟! الآن نصحِّحُ المسارَ. وفي عام 2030 سوف نجني ثمارَ البذرة الطيبة التي غرسها الرئيس السيسي قبل سنوات، حين نقفُ أمام طالبٍ مصريٍّ مثقف مستنير، يجري اليومَ نسجُ قوامه في المدارس على نَول العلم والنور والثقافة والأخلاق الطيبة. تلك معجزةٌ حقيقية قام بها الرئيسُ السيسي في مجال "جودة المواطن المصري"، و"جودة الطفل المصري"، بل تجاوز ذلك بالعمل على جودة الطفل المصري "قبل مولده"، في مبادرة الكشف المبكر على الراغبات في الإنجاب حتى نضمن بإذن الله أن القادمَ طيبٌ جيّد.
لم تصل أحلامي قطّ بمعاصرة رئيس جسور يُقرّر بحسم وجرأة تصويبَ خطاب الطائفية والكراهية والإقصاء، ذاك الذي ظلَّ ينخرُ في أحشاء مصرَ ويتغذى من دمائنا ولحمنا وعظامنا منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حتى صار غولاً أعمى يلتهمُ كلّ محاولات النهوض والإصلاح والتنوير وإرساء أسس المواطنة العادلة القويمة. ما يفعلُه الرئيسُ السيسي الآن يفوقُ بمراحل أقصى أحلام الحالمين. فهو لا يعيدُ إعمارَ مصرَ، التي تسلّمها كسيفةً منهارة مُقوّضة الأركان تئنُّ تحت معاول الإرهاب وعجز الموازنة وانهيار الصحة والتعليم وضياع هيبة مصر في عيون العالم، ليُعدِّل جميعَ ما سبق إلى الازدهار والعلوّ، بل كذلك، وهذا هو الأخطرُ والأصعب، يُعيدُ إعمار "الشخصية المصرية" التي بكل أسفٍ فقدت مع السنوات جمالَها ووهجها ونشاطها واستنارتها. ما يفعله الرئيسُ اليوم هو لونٌ من الحرث الشاقّ العميق في تربة كلسية قاسية تراكمت عليها الأملاحُ والرواسبُ وطبقات الجير الحارقة، لكي يُنبِت فيها زهورًا مشرقة سنشهدُ إشراقَها خلال السنوات القليلة المقبلة بإذن الله تعالى. دعو الرئيس يُكمل مشوارَ بناء الشخصية المصرية الجديدة، المواكب والمحاذي لبناء الجمهورية المصرية الجديدة. لأن كليهما يشدُّ أزرَ الآخر ويسنده. وليس علينا إلا مساعدته في بناء هذين الصرحين الشاهقين بالعمل الجاد وإعمال العقل وتنقية ضمائرنا من الشوائب والأدران التي علقت بأرواحنا على يد أعداء مصر وأعداء الدين. حفظ اللهُ مصرَ وحفظ رئيسَها العظيم. “الدينُ لله والوطنُ لمن يُنير دروبَ بالوطن"

***