الانتخابات والفساد الجماعي أي واقع وأية آفاق؟.....10


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6998 - 2021 / 8 / 24 - 11:30
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

سلامة الانتخابات من الفساد الانتخابي وتغير أوضاع الشعب المغربي:.....1

9) ويمكن أن تتغير أوضاع الشعب المغربي: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بدون الحاجة إلى تحركه، لوضع حد للفساد الانتخابي، في انتخابات الجماعات الترابية، غير أن عدم تحرك الشعب، والفقر المدقع، الذي يجعلهم يبحثون، باستمرار، عن مصدر للمال، حتى وإن كان ما يتلقونه، لا يتجاوز تمكينهم من الحصول على قوت بعض اليوم، أو بالحصول على قوت يوم بكامله، مقابل بيع ضميره، الذي لا يقدر بثمن. هو الذي يرفع مكانة الإنسان، أو يحط من قيمته. وفي حالة بيعه، فإنه يحط من قيمة صاحبه، الذي جعل ضميره معروضا للبيع.

وإذا كان للإنسان قيمة؛ فإن هذه القيمة يكتسبها من الضمير، الذي يحمله عقله، الذي يوجه سلوكه الفردي، والجمعي، في نفس الوقت.

فهل لتغيير أوضاع الشعب المغربي، علاقة بالضمير، الذي يحمله كل فرد، من أفراد كل أسرة؟

وهل للضمير، تأثير في سلوك الأفراد، والجماعات، على مستوى الاقتصاد، وعلى مستوى الجماعات، وعلى مستوى الثقافة، وعلى مستوى السياسة، التي تعتبر الانتخابات جزءا لا يتجزأ منها؟

وما مكان الضمير بعقل الإنسان: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؟

هل الضمير هو الذي يوجه السلوك؟

هل توجيه سلوك الأفراد، والجماعات، في مكان ما، وفي زمن ما، يرجع إلى العقل؟

هل العقل، أو الضمير، رهين بالمستوى العلمي للأفراد، أو الجماعات؟

فلماذا، إذن، نجد أن الأثرياء، حتى وإن كانوا دكاترة، وأساتذة جامعيين، يلجأون إلى شراء ضمائر الناخبين، عندما يقدمون على الترشيح، في الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية؟

لماذا لا يختلف الأثرياء، من ذوي الشهادات العليا، عن الأثرياء الذين ليست لهم أي شهادة، عندما يتعلق الأمر بشراء ضمائر الناخبين؟

ألا يختلف التكوين العلمي، عن الوعي، بأوجهه المختلفة، وفي مستوياته المختلفة؟

أليس الوهم، بأن الثروة، تمكن من كل شيء، بما في ذلك، شراء ضمائر الناخبين، كوسيلة للوصول إلى عضوية الجماعات الترابية؟

أليست الثروة، التي توظف فيما هو غير مشروع، غير مشروعة؟

ما العمل، من أجل جعل الثروة الكبيرة، في خدمة الشعب؟

ألا يمكن العمل على تحديد الملكية، حتى تصير الثروات المحدودة، سببا في اختفاء كل أشكال الفساد، ومنها الفساد الانتخابي؟

ألا يعمل المسؤولون، على تحديد مصادر الثروات المشروعة، التي يمكن لأي فرد أن يعتمدها؟

ألا تعمل الدولة، على تأميم المشاريع الكبرى، حتى لا تقف وراء تأجيج كل أشكال الفساد، ومنها فساد انتخابات الجماعات الترابية؟

وحتى نصل، فعلا، إلى إيجاد منهجية علمية، لاستئصال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يعتبر الفساد الانتخابي، جزءا، لا يتجزأ منه. لذلك نجد:

ا ـ أن تغيير أوضاع الشعب المغربي، لها علاقة بالضمير الحي، والحريص على رفع مكانة الشعب: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وانتخابيا، بحيث لا يسعى هذا الضمير الحي، إلا إلى تحقيق التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية. وهذا السعي، لا يقوم به إلا الضمير الحي، في كل فرد، من أفراد المجتمع، بمن فيهم: أفراد الأسرة. أما الضمير الميت، فلا يمكن أن يسعى، أبدا، إلى ما فيه خير للمجتمع المغربي، أو المجتمع الإنساني؛ لأن من مات ضميره، يبيعه، ومن يبيع ضميره، لا يمكنه أن يقوم بأي فعل، يلحق الأضرار بالمجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ويمكنه أن يصعد الفاسدين إلى الجماعات الترابية، ويمكنه أن يكون موضوعا للمواجهة، من قبل الشعب، وعلى المستوى القانوني، ما لم يستقظ فيه الضمير من الموت، وما لم يمتلك الوعي، بخطورة بيع الضمير، إلى المرشح الذي يراهن على شراء ضمائر الناخبين، الذين لا يمتلكون الوعي، عن قصد، أو عن غير قصد، وقد كان المفروض، أن يعمل ممتلكو الوعي، أن ينشروه، في صفوف المستلبين، الذين ماتت ضمائرهم، وصاروا يعرضونها على رصيف الانتخابات، ليشتريها سماسرة الانتخابات، أو المتاجرون فيها، لإعادة بيعها إلى المرشحين، الذين يراهنون عليها، من أجل أن يمتلكوا الوعي بخطورة ما يفعلون، في اتجاه تغيير أوضاع الشعب المغربي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، عن طريق التمسك بالعمل، على تحقيق التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، من أجل أن تصير الانتخابات عندنا: حرة، ونزيهة، لا تصعد إلى عضوية الجماعات الترابية، إلا من يخدم مصالح الكادحين، على اختلاف مستويات تلك المصالح، حتى يصير الشعب جديرا بتحقيق الاشتراكية، بعد تحقيق التحرر، والديمقراطية، التي يصبو إليها الشعب المغربي. وحتى يرتفع شأن الدولة المغربية، على المستوى الوطني، وبين الدول.

ب ـ ويمكن أن يكون للضمير تأثير إيجابي، أو سلبي، في حياة الأفراد، والجماعات: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وانتخابيا.

فالتأثير الإيجابي: الاقتصادي، يجعل جميع أفراد المجتمع، لا يمارسون إلا الأعمال الاقتصادية المشروعة، التي ترفع شأن ممارسيها، حتى لا يتصرف الفرد، وحتى لا يسود في الجماعة، إلا الأموال المشروعة، المكتسبة، بطريقة مشروعة، لا وجود فيها لشيء اسمه: بيع الضمائر الانتخابية، أو الاتجار فيها، أو شرائها، من قبل المرشحين؛ لأن هذه الضمائر، في ظل المشروعية، التي يحرص عليها الأفراد، وتحرص عليها الجماعات، ستكون منعدمة.

أما التأثير السلبي، فإنه يقود الفرد، ويقود الجماعة، إلى امتهان الضمير البشري، فيتم طرحه للبيع، من منطلق اعتباره مصدر دخل انتخابي. الأمر الذي يقود إلى تنشيط السمسرة، أو التجارة في ضمائر الناخبين، كما يقود إلى جعل المرشحين، يزايدون على ضمائر الناخبين، من أجل أن يحظوا بعضوية الجماعات الترابية، فيطرحون أنفسهم للبيع، كناخبين كبار، من أجل أن يحظوا بالملايين، من أصحاب الثروات، الذين يحرصون على رئاسة أي جماعة، من الجماعات الترابية.

وفي مثل حالتنا، في المغرب، فإن غالبية المشاركين في الانتخابات، تخلوا عن ضمائرهم، التي تباع في أسواق النخاسة، وأمام أعين السلطات المسؤولة، والتي يتزايد عليها المرشحون، من ذوي الماضي الأسود، الذين لا يمارسون في الجماعات، التي يحظون بعضويتها، أو يرأسونها، إلا الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ذلك، أن ما نحلم به، لجماعاتنا الترابية، على المستوى الوطني، فلا يتجاوز، أن تكون العضوية فيها، نتيجة للحرية، والنزاهة، وأن يكون الفوز بالمسؤولية فيها، نتيجة للحرية، والنزاهة.

ج ـ وعلاقة الضمير بعقل الإنسان، هي علاقة الجزء بالكل، وعلاقة الكل بالجزء، كذلك. فإذا كان الجزء سليما، فإن الكل، كذلك، يكون سليما، وإذا كان الكل سليما، فإن الجزء، كذلك، يكون سليما. أما إذا كان الجزء فاسدا، فإن الكل، كذلك، سيكون فاسدا. وإذا كان الكل فاسدا، فإن الجزء، لا يمكن أن يكون إلا فاسدا.

ومن منطلق هذه العلاقة الجدلية، بين الكل، والجزء، أو بين الجزء، والكل، يمكن القول: بأن فساد الضمير، أو موته، لا يمكن أن يكون إلا نتيجة للعقل، الذي لا يتشكل، إلا من الفساد، ولا يتصور، إلا للفساد.

وإذا كان العقل لا يشتغل إلا على الفساد، ولا ينظر إلا للفساد، فإن الضمير، لا بد أن يكون، كذلك، فاسدا، بسبب موته. ومن هذا المنطلق، فإن عرض ضمائر الناخبين، على رصيف الانتخابات، هو شكل من أشكال التعبير عن فساد الضمير. وفساد الضمير، يعتبر جزءا لا يتجزأ من فساد العقل. وكذلك، نجد أن فساد العقل، لا يمكن أن ينتج لنا إلا ضميرا يعرض على رصيف الانتخابات. وهو شكل من أشكال التعبير عن فساد الضمير، وفساد الضمير، يعتبر جزءا لا يتجزأ من فساد العقل. حتى يقف وراء إنتاج أشكال أخرى من الفساد، كما هو الشأن بالنسبة لسماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، وكما هو الشأن بالنسبة للمرشحين، الذين يراهنون على شراء ضمائر الناخبين.

أما إذا كان الضمير سليما، فمن عقل سليم. فإن أول شيء، يعبر عن ذلك الضمير، هو الحياة. والضمير الحي الشريف، من عقل نظيف، لا يعرض على رصيف الانتخابات، حتى لا يتعرض للإذلال، من أجل أن يحافظ على حياته، وحياة العقل السليم، الذي يمكن أن ينتج لنا ضميرا حيا، يحرص على التعبير الانتخابي، بكامل الحرية، والنزاهة.

ونفس الشيء، نقوله عن العقل السليم، الذي لا يفرز لنا إلا ضميرا، ينأى بنفسه، عن أن يصير معروضا على رصيف الانتخابات، ويحرص على أن يكون التعبير الانتخابي، كذلك، حرا، ونزيها، من أجل إيجاد ممثلين حقيقيين للشعب المغربي، في مجالس الجماعات الترابية، التي لا يباع أعضاؤها، ولا يشترون، كناخبين كبار، يفرزون من بينهم مسؤولا جماعيا، على أساس التعبير الانتخابي الحر، والنزيه.

وجماعات كهذه، المشار إليها، لا يمكن أن تكون إلا نظيفة؛ لأن نظافة أي جماعة، من نظافة أعضائها، ولأن نظافة الأعضاء، كذلك، من نظافة المجلس الجماعي.

وجماعات نظيفة، لا يمكن أن تكون إلا في خدمة الشعب.