ماما أمريكا-اسمها محمد28-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 6993 - 2021 / 8 / 19 - 00:26
المحور: الادب والفن     

مازلت أعتقد أن الناس جميعهم أنقياء.. هذا الاعتقاد خاطئ، لكنه يضمن راحة بالي، فلمَ لا؟
مازلت أعتقد أنه يجب عليّ أن أعيش الحياة بأسلوبي.. هذا الاعتقاد خاطئ، لكنه يضمن لاحلامي البقاء، فلمَ لا؟
والسماح سيدُ المواقف.. لا أنا متعجرفة تقف في طريقه.. أعرف أنّ هذا سيحتاج صبراً كثيراً، لكنه سيخلق فيك الحكمة، فلم لا؟

مازلت أعتقد أن الواثق يحب الناس جميعهم، هذه مثالية كبيرة.. لكنك ترى نفسك فيما تكرهه في الآخرين، فالتبرير لهم يضمن حبك لنفسك.
الحياة أقصر من مشكلة تمتد من إعصار عقل ما إلى بركان عقل آخر، انتبه كيف تستهلك وقتك وجهدك، ستحفر طويلاً في سبيل ينبوع ماء عذب…


-نحن في زمن الاعتقادات الخاطئة.. لماذا تطلب مني أن أكون خارج السياق؟

ابتسم عمار:
-لأنك علمتني أن تكوني خارج السياق، منذ ظهر السوريّ في حياتك صرت أخرى..
-صرتُ أخرى يا رفيق من يوم سُجنتُ بسبب صوت أفكاري..
الأفكار في هذه البلدان تولد بمجهودك وإرادة الله.. لكنها لا تعيش إلا خرساء أو منافقة.. أفكاري لم تقبل الخرس ولم تقوَ على النفاق.. فدفعت روحي الضريبة.. ثم تقول لي السوريّ؟
-آسف هبة.. هي الغيرة تأكلني، أنت تعلمين ذلك…
-حصل خير، لا تقلق أنا مثلك أعز الاعتقادات الخاطئة…
*********

في ذات الزمان وغير المكان كان لحديث أحلام مع أمنية طعم آخر…

-مازلتُ أحنّ إلى الوطن الذي ولدتُ فيه.. شاهدينا هنا.. نعمل ليل نهار، لماذا كل هذا الركض؟
-وهل هي أفضل في البلد الذي ولدت فيه؟
-ليس الآن، ربما كانت أفضل.. لكني لا أؤيد مصطلح "ماما أمريكا"؟
-لو كانت أفضل يا عزيزتي لما كنتِ أنتِ هنا.. ومن قال "ماما أمريكا".. الوطن ليس أمّاً ولا يجب أن يكون..
عموماً، لقد قايضنا الذكرى بالحلم كما تقول عليا…

ضحكتُ: -لا دخل لي في هذا الحوار الدائري.. حوار الدجاجة والبيض…

-يعني عليا أنت مع المقارنة بين هنا وهناك…

-مجرد قولك هنا وهناك يختصر الجواب.. الفروقات بين هنا و هناك بسيطة: اسمعي:
يعمل المغتربون في أمريكا ساعات طويلة، لكنهم لا يقلقون حول الكهرباء، الماء.. والاحتياجات الحياتية الأساسية…

يوجد عنصريّة في أمريكا، لكن القانون يحميك…

يوجد محسوبيات في أمريكا، لكن عملك الجيد يرفعك عاجلاً أم آجلاً…

يوجد من يدعيّ حيازة مفاتيح الجنان هنا أيضاً.. لكن لا يتدخل أيّ كان في معتقدك، عباداتك ودينك…

التاريخ الأمريكي حافل بالأخطاء أيضاً، لكن الحاضر يضمن كرامة المواطن الأمريكي -أيّاً كان مكان ولادته-…

كثير من الساسة في أمريكا سفلة أيضاً، لكنهم لا يستطيعون رفع إصبعهم في وجه القانون…

العديد من المسؤولين الأميركيين منافقين أيضاً، لكنهم لا يسرقون خبز أطفالك…

مفهوم الوطن مفهوم ساذج.. الوطن ليس البلد الذي تولد فيه بصدفة جنسيّة..

الوطن هو المكان الذي لا يضيع كرامتك ويهدر عمرك في سبيل حاجاتك الأساسية!
فيما عدا ذلك أنا تتحدث عن الحدود.. و الحدود في عرف التاريخ حكاية استعمار.


-حكاية استعمار.. غربي ثم عربي.. من ينقذنا؟

ردت أمنية:
-نحن من قوم يستخدمون نظرية المؤامرة في غير مكانها..
نقول الاستعمار الغربيّ يتآمر علينا.. والأصح أن نقول: الاستعمار العربيّ سبب بلاوينا…

فسألت أحلام مجدداً.. من ينقذنا إذاً؟

-هؤلاء الذين يعرفون أن العلم عبادة، الدين معاملة و المحبة صلاة…
هؤلاء الناس الذين يخبرون الجميع عندما يحضرون مؤتمراً ما، أو عندما ينهون دورة تدريبية..
الذين يغردون في الافتراض عند نجاحهم الدراسي -أيّاً كان المجال-
الذين يتباهون بعقلهم لا بملابسهم، يفخرون بعملهم لا بنسبهم…
الشجعان الذين قالوا لا فيما كل من حولهم يقول نعم…
الكرماء الذين قسموا رغيف خبزهم بينهم وبين محتاج.. هذا تعرف الكرم، فيما عدا ذلك هو إنفاق…
المبدعون الذين طبخوا أفضل حساء.. ورسموا أجمل لوحة.. كتبوا أصدق خاطرة.. وحلموا بوطن لا نهجره قسراً…
المستعدون لزرع أنفسهم في بلدان جديدة، أو لزرع عملهم في صحراء يعمرونها…

سينقذنا جيل يؤمن أن العلم عبادة، الدين معاملة و المحبة صلاة…


تسألت الذكيتان:
-هل ينقذنا؟


يتبع…

- الرواية تحمل بين صفحاتها الجزء الثالث من رواية عليّ السوري-الحب بالأزرق/بغددة-سلالم القراص