تصحيح مسار الديمقراطية في العراق 2/2


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 6951 - 2021 / 7 / 7 - 13:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

وهذا كله، أي النقاط الاثنتي عشرة التي ذكرت في الجزء الأول، وغيره مما أدرج في النظام الداخلي للتجمع العلماني العراقي، لا يمكن تنفيذ أي منه إلا بتحقيق التغيير الجذري والشامل للعملية السياسية، وإنهاء دور الطبقة السياسية الفاسدة التحاصصية وغير الكفوءة والمعادية لقيم الديمقراطية.

يبقى السؤال كيف السبيل إلى ذلك، وهنا نطرح عددا من السبل، وسأذكر موقفنا المعروف من كل منها، وكذلك مدى إمكان تحقيق النجاح من خلالها:
1. الثورة.
2. الانقلاب العسكري.
3. الكفاح المسلح.
4. الانتخابات.
5. إعداد البديل.
والآن نمر على كل وسيلة من وسائل إحداث التغيير المتطلع إليه:
1. الثورة: عندما انطلقت تشرين في الأول من تشرين الأول عام 2019، انبعث الأمل لدى الكثير منا في أنها يمكن أن تتحول إلى ثورة تسقط هذه الطبقة السياسية وتأتي بالبديل، لكن بالرغم من أن تشرين بتقديري وتقدير الكثير منا، صحيح كانت بمعايير النوع ثورة، لكنها لم تتحول إلى ثورة بمعايير الكم، الذي لا يكفي النوع ما لم يعضد به، علاوة على العناصر التي أدت إلى ضعفها، ومنها غياب التنظيم، عدم بلورة قيادة، عدم وضوح الأهداف بشكل كاف، العجز عن الخروج بوحدة خطاب ووحدة أهداف ووحدة قيادة، النرجسية وحب القيادة التي انتقلت عدواها إلى العديد من الناشطين الذين استطاعوا أن يستقطبوا مجموعة حولهم، كذلك الخروج أحيانا، سواء من قبل مندسين أو شباب متحمسين متهورين فوضويين يرفضون سماع أي نصيحة من العقلاء عن السلمية والعقلائية. مع هذا بدأت حراكات تشرين مع الوقت تتخذ منحى أكثر عقلانية وأكثر وضوحا، وبقدر من التنسيق الذي لم يبلغ درجته المطلوبة بعد لكن السعي متواصل لتحقيق ذلك.

2. الانقلاب العسكري: هذا الخيار بلا شك مرفوض من قبلنا كديمقراطيين علمانيين ليبراليين، لأنه سيفتح أولا باب موجة الانقلابات العسكرية مجددا، كما حصل في 1958، 1963، 1968، علاوة على محاولات الانقلابات العسكرية التي فشلت في العهد الملكي، إضافة إلى أن الانقلاب سيفضي إما إلى حرب أهلية، وإما إلى حكم عسكري ديكتاتوري، ولو ديكتاتورية ناعمة لكسب تأييد الشارع، أو إلى كلاهما. فالانقلاب العسكري يمكن أن يكون مقبولا، بشروط يبدو أنها تكاد من المستحيل توفيرها، وهي أن يكون القائمون بالانقلاب أشخاصا وطنيين مخلصين غير متطلعين إلى السلطة، بقدر ما يريدون الانتقال بالعراق عبر مرحلة انتقالية إلى دولة ديمقراطية علمانية حديثة، بعد توفير شروطها بعد سنوات لا تتعدى الأربع، ثم يعود الانقلابيون إلى ثكناتهم، ويتركون الحكم للشعب ولقواه الديمقراطية الكفوءة. لكن وجود عسكريين من هذا النوع هو افتراض لحالة مثالية لا وجود لها على الأرجح، ثم حتى لو افترضنا وجودهم، فقدرتهم على التخطيط بسرية تامة دون أن يتسرب ذلك إلى القوى الرافضة للتغيير، أمر يكاد يكون هو الآخر مستحيلا.

3. الكفاح المسلح: هذا الخيار مرفوض لدينا جملة وتفصيلا، ومهما كانت السيناريوهات والمبررات التي يمكن أن تقدم له.

4. الانتخابات: الانتخابات كوسيلة ديمقراطية سلمية يمكن التعويل عليها، بل يجب أن تكون العامل الأساسي في التغيير، لو جرت بشروطها، والتي لا نرى حتى الآن في الأفق إمكانية توفيرها، وربما كان سيكون ذلك ممكنا، لو كانت تشرين قد أديمت وصُعِّدَت وتحولت إلى ثورة حقيقية تستطيع أن تجبر القوى السياسية إلى الانقياد إلى مطالب الجماهير والقبول بتطبيق تلك الشروط، مع هذا هناك لحد الآن ثمة أمل بتحقيق قدر من تلك الشروط، وأهمها إشراف الأمم المتحدة، لتكون الانتخابات حرة ونزيهة وآمنة.

5. إعداد البديل: لحد هذه اللحظة نحن المتطلعين إلى التغيير مشغولون بالتطلع إلى إزالة الطبقة السياسية التي دمرت العراق منذ 2003، وكثير منا مشغول بالزعامات، بينما لم نُعِدَّ بتقديري أنفسنا إعدادا يؤهلنا لنكون البديل. فقد تعددت بشكل مبالغ فيه الكيانات السياسية التي أسست، أو التي يراد تأسيسها، وتعددت الحراكات التشرينية، وتعددت التحالفات والجبهات، وكل هذا يمثل عامل إضعاف للبديل السياسي، ثم إن معظم زعماء المبادرات من أجل التغيير، أصيبوا بدرجة قلت أو كثرت من النرجسية وحب الزعامة، مما سيحول دون مشاريع التوحيد الضرورية لخلق البديل. علاوة على ذلك، لم تتضح ملامح الفكر السياسي للكثير من هذه الكيانات والمشاريع، كذلك وجدنا أحيانا كثيرة غياب الخطاب السياسي الحكيم للكثير من الرموز الجديدة.
ربما يُستنتَج من كلامي اليأس، فالثورة في الظرف الحالي والمستقبل المنظور صعبة التحقيق، وكل من الانقلاب العسكري والكفاح المسلح مرفوضان، ناهيك عن كونهما غير ممكنين، والانتخابات لا نحتمل إجراءها بشروطها، والبديل لم يولد بعد، فكيف يا ترى نريد تصحيح مسار الديمقراطية مع كل هذا؟
أقول كل هذا لا يدعو إلى التوقف عن العمل على جميع الأصعدة، لتهيئة الأرضية لتصحيح مسار الديمقراطية، وتحقيق الدولة الديمقراطية العلمانية الحديثة.
بالنسبة لنا في التجمع العلماني العراقي فنحن ماضون في تحقيق أو تبني الآتي:
1. نحن من حيث المبدأ مع تشرين، ولسنا محايدين تجاهها، رغم كل الملاحظات.
2. نحن ماضون في تأسيس التجمع العلماني العراقي، ونزعم إننا المشروع السياسي الوحيد حسب اطلاعنا حتى الآن، الذي تجاوز موضوع الزعامة، فلم يجعل له زعيما أو قائدا أو رئيسا أو أمينا عاما، بل ترك ذلك ليقرر بالآليات الديمقراطية عند انعقاد المؤتمر التأسيسي، وطارح المبادرة لا ينوي الترشح لرئاسة التجمع.
3. نحن ندعو بكل صدق القوى والحراكات والمشاريع ذات الرؤى التي تكاد تكون متطابقة مع رؤانا، لنتوحد في كيان سياسي واحد، لا ينضمون إلينا ولا ننضم إليهم، بل نتوحد متكافئين غير متحاصصين وبلا شروط، إلا ما هو الاتفاق على الفكر السياسي والمبادئ والأهداف. كما ندعو إلى أقصى درجات التنسيق والتعاون مع القوى التي نلتقي معها في المشتركات الكبرى والأساسية، وإن اختلفنا في التفاصيل.
4. نحن متيقنون أن المنظومة السياسية من 2003 غير قابلة للإصلاح، بل لا بد من إزاحتها بالنضال السلمي والسبل الديمقراطية.
5. نحن لا نحيد عن هدف علمنة الدولة، مهما طال الطريق لتحقيق ذلك.
6. نحن نبذل الجهد للتثقيف اجتماعيا على الثقافة اللازمة لبناء الدولة الحديثة وإحداث التغيير وتهيئة البديل.
7. نحن مؤمنون بأن حتمية التاريخ توجب ألا يصح في آخر المطاف إلا الصحيح ولا يبقى إلا النافع.
05/07/2021