|
غلق |
|
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: فاطمة ناعوت |
ثورةُ فستان
في ألبوم صور العائلة، لقطاتٌ جميلة لأمي وخالتي وجَدتي، في فساتينَ أنيقةٍ كالتي نشاهدها في أفلام “الأبيض والأسود”. كانت البناتُ في فساتينهن يُشبهن الفراشات، كأنهن باليريناتُ رشيقاتٌ لا يمسسن الأرضَ بأقدامهن، بل يطرن خفيفاتٍ فيكدن يلمسن السماءَ بأطراف أناملهن. ربما لهذا نحبُّ أفلام زمان؛ حيث المجتمعُ راقٍ والبشرُ متحضرون، والألسنُ نظيفةٌ لا تعرف إلا المعاجمَ المهذبة، والبناياتُ أنيقةٌ منسّقة، والشجرُ كثيفٌ أخضرُ يرمى بظلاله على شوارعَ نظيفةٍ، والتماثيل في الميادين مغسولةٌ بالجمال والسحر. الرجال أنيقون مهذبون، والسيدات فاتنات بكعوب عالية وحقائبَ كأنها قطعٌ تشكيلية من الفن الرفيع. أشرتُ إلى صورة في ألبوم أمي القديم مع شقيقتها في حديقة الأندلس. كانت أمي في فستان ساحر بخصر ضيق وجوب واسع وكول رقيق. سألتها: (ماما، مكنش حد بيعاكسك وأنت خارجة كده؟ ) فقالت: (لم يكن في قاموسنا شيء اسمه ‘معاكسة’. كانت العيونُ نظيفة والعقول راقية والكلُّ يحترم الكل. الشابُّ يعتبر كلَّ البنات السائرات في الطريق شقيقاته! ). وصدقتْ أمي. الفضيلةُ والعفافُ والتحضُّر واحترام المرأة، ثقافةٌ وليست ملابسَ. الحجابُ والنقاب يملأ جوانب العالم، ولم تسلمِ النساءُ من التحرش والبذاءات والاغتصاب!! الفضيلةُ في الدماغ، لا في طول الثوب وقصره. ونتذكر من قراءاتنا مقالا كتبه د. "فكرى أباظة" في ثلاثينيات القرن الماضي، يهاجمُ فيه تدهور أخلاق الشباب وفساد أخلاقهم، قائلا: (الشابُّ الصفيق من هؤلاء يتعمدُ الوقوفَ على رصيف محطة الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى الصفاقة ويقول لها دون سابق معرفة: "بنسوار يا هانم!) كانت تلك الكلمة هي أقصى وأقسى ما يحدثُ للمرأة من تحرّش في ذلك الزمن السعيد! تُرى ماذا عساه يكتبُ اليوم!
|
|
| ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد | نسخ - Copy | حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | اضافة موضوع جديد | اضافة خبر | | |||
| نسخة قابلة للطباعة | الحوار المتمدن | قواعد النشر | ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن | قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن | | غلق | ||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |