الرئيسُ السيسي … داعمًا الرحلةَ المقدسة


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 6923 - 2021 / 6 / 9 - 13:38
المحور: حقوق الانسان     


قبل ألفي عام، قبل نزول المسيحية والإسلام، جاءت إلى مِصرنا الغالية صبيةٌ جميلة تحمل على ذراعيها طفلا صبوحًا. هربت به من فلسطين، حيث الملك هيرودس الذي أمرَ بقتل جميع الأطفال خوفًا من نبوءة تقول إن طفلا سيصيرُ ملكًا في مقبل الأيام. اختبأتِ الصَّبيةُ بطفلها في مغارات مصر وجبالها من جنود غلاظ لاحقوها يرومون قتل الصغير! فكانت تلك الصخورُ، أحنَّ من قلوب رجال تكاثروا على فتاة وطفلها. طافت الصبيةُ ربوعَ مصر من شرقها لغربها لشمالها لجنوبها، فكانت ينابيعُ الماء العذب والآبارُ الصافية تتدفق تحت قدميها لتروي ظمأ الصغير وأمّه في الرحلة الشاقّة. الصبيّةُ الطهورُ التي خصَّها القرآنُ الكريم بعدئذ بستة قرون بسورة باسمها: "مريم"، وقال عنها في "آل عمران": “وإذْ قالتِ الملائكةُ يا مريمُ إن اللهَ اصطفاكِ وطهّركِ واصطفاكِ على نساءِ العالمين"، وقال عن طفلِها: “وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين”، ليكبرَ الطفلُ ويغدو رسولا للسلام والمحبة "يجولُ يصنع خيرًا”. وكانت مصرُنا الطيبة ملاذًا للطفل الكريم وأمّه البتول في رحلة قدسية كانت ذكراها أول أمس، 1 يونيو الذي نرجو أن يغدو عيدًا قوميًّا يحتفل فيه المصريون مسلمين ومسيحيين بتلك المناسبة الوطنية التي تميّزُّ مصرَ عن سائر بلاد الله، وأن يغدو مسارَ الرحلة مزارًا سياحيًّا يستقطبُ ملايين السياح كلَّ عام ويُدرُّ على مصر مليارات الدولارات كل عام. وهذا ما ينادى به منذ عام 1999 رجلُ الأعمال المثقف "منير غبور"، الخبير السياحى، ورئيس جمعية إحياء التراث الوطنى "نهرا"، وما بدأ تنفيذه بالفعل الرئيس "عبد الفتاح السيسي" ووزير السياحة والآثار د. “خالد عناني" بتطوير المواقع الأثرية لتلك الرحلة، لتكون مراكز جاذبة للسياح من شتى بقاع الأرض.
من "بيت لحم" بفلسطين، إلى "الدير المحرَّق" بقلب مصر في أسيوط، ارتحلت العذراء المُطوّبة "مريم"، تحملُ طفلها، وتمتطي حمارًا، ويسيرُ جوارها الشيخ يوسف النجار، دليلا وحاميًا لتلك العائلة المقدسة التي طوّبت أرض مصر: رفح- العريش- فرما- سيناء- تلّ بسطا- الزقازيق- مسطرد- سمنود- البرلّس- سخا- وادي النطرون- المطرية (شجرة مريم )- عين شمس- الفسطاط بابليون، بمصر القديمة - المعادي- قرية البهنسا- سمالوط- جبل الطير- بلدة الأشمونيين- ديروط- القوصية- قرية مير- ثم الدير المحرّق، الذي استقرت به العائلة ستة أشهر، ثم جبل درنكة بأسيوط، لتبدأ رحلة العودة إلى فلسطين، بعد موت هيرودس.
كم مصريًّا يعرفُ مقامَ مصرَ الرفيع؟! تلك الأرض التي لم يخترِ اللهُ سواها لتستقبلَ الوليدَ الجليل وأمَّه الطاهرة، اللذين حماهما اللهُ تعالى من نخْسِ الشيطان؛ وطوّبه بالسلام عليه: "يومَ وُلِد ويومَ يموتُ ويم يُبعثُ حيّا". وكانت أرضُنا الطيبة لتلك العائلة المقدسة: “ربوة ذات قرار ومعين".
في كل عامٍ في مثل ذلك اليوم، تجتمع رموزُ مصرَ الوطنية في الإعلام والفكر والأدب والثقافة والسياسة والفن والدين للاحتفال بذكرى تشريف العائلة المقدسة أرض مصر. ومنذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم في مصرَ، خرج الاحتفالُ من الحيّز المسيحيّ إلى الحيز المصري الوطني الأوسع، لأنها بالفعل مناسبة وطنية قومية يفخرُ بها المصريون جميعًا.
ومن جديد أناشدُ المسؤولين وصنّاعَ القرار بأمنياتٍ ثلاث: 1- أن يغدو هذا اليوم، 1 يونيو، عيدًا وطنيًّا تحتفلُ فيه مصرُ كلُّها بذلك الحدث التاريخيّ الفريد، وليكن اسمه: “عيد السلام"، بما أن السيد المسيح هو رسولُ السلام. 2- أن يُضمِّنَ د. "طارق شوقي" وزير التعليم المحترم، مسارَ العائلة المقدسة في مناهج التعليم للتلاميذ، حتى ينشأوا نشأة معرفية صحيّة تربطهم بتاريخ وطنهم العظيم، فينشأ جيلٌ صحيح معافٍ من أمراض العنصرية والطائفية. 3- أن يتعاون القطاعُ الخاص (البنوك، شركات التأمين، شركات السياحة، الفضائيات، المستثمرون والرعاةُ ورجال الأعمال) مع الدولة من أجل استكمال المنشآت المطلوبة للمشروع وتطوير المواقع ال 24 لتلك الرحلة الوطنية؛ لكي يتسنى لوزارة السياحة في القريب العاجل تنظيم رحلاتٍ دوريةً للمصريين والسياح تقطع مسارَ الرحلة المقدسة من رفح وحتى دير المحرق. ففي هذا تنشيطٌ للسياحة التي ركدت منذ جائحة كورونا، وضخُّ أموال تُصبُّ في خزانة الدولة تساعدنا في مرحلة التنمية والارتقاء التي نشهدها الآن. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحترمُ تاريخَ الوطن.”
***