أيّ الكواكب أنت - اسمها محمد 23-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 6908 - 2021 / 5 / 24 - 22:22
المحور: الادب والفن     

الكواكب لا تقطن السماء فقط، بعض البشر كواكبٌ شتى..
منهم مسكون بالأحلام كالأرض، منهم من يحترق في سبيل الآخرين كالشمس، منهم غامض مثل أورانوس، منهم من يصنع الحكايا كالمريخ والزهرة، وآخرون يرشدونك في حياتك للخير كالمشتري، ومنهم مظلم وبارد وإن كان قمراً…

التقوا مع كواكب تكملكم، لكن لا تحكموا على أي كوكب- إنسان- قالاً عن قيل…
الافتراض عالم مشابه تماماً لعالمنا الأرضي، لكن تحكمه الاتصالات غير اللفظية أكثر…
بعض الناس مشغولٌ جداً، يراجعون صفحاتهم الشخصيّة من أجل عمل ما أو لدعم موهبة يمتلكونها كالرسم، التصوير، والكتابة…
هؤلاء يعاملون جميع الأصدقاء كما يعاملون أهلهم وأعز ناسهم.. قلة تواصلهم لا تعني الغرور ولا هي بأي شكل من الأشكال تجاهل، بل عمل مضني، وضيق وقت..
من يحبهم، يقدر ظروفهم…
أما يا عزيزي عندما تنفق كامل وقتك في صفحات الأغاني، الأفلام وفي مراقبة الأحداث المحليّة والعالميّة، فيما تتجاهل مناسبة زميل ما.. أمل صديق.. أو موهبة قريب.. فأنت أناني لا تحكم الطيبة في قلبك إلا ما تيسر، أنت لا تريد صديقاً، بل (مقايضاً)، فيما يبتعد من يسرق العمل وقته بالكامل عن المقايضات…
في العام الافتراضي: القاعدة الذهبية هي:
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك بشرط تقدير اختلاف ظروفكما.. حسّ التقدير سيد علاقات الافتراض.


كتبتُ ذلك في الفضاء الافتراضي، لتصلني رسالة أمنية:
-حبيبتي عليا؟ عندي تحضير عرس على شاطئ البحر، لديك وقت؟ تذهبين معي؟
-أذهب يا سيدة الأعمال الشابة.. أذهب…

اتفقنا على اللقاء بعد عدة ساعات، لقد تطور مشروع أمنية أكثر، فأكثر..
مشروع "قلْ بأنك تحب" أصبح يرعى ويقيم الأعراس بأبسط الإمكانيات على الشاطئ…

قالت لي:
-عليا.. لقد أصبحتُ.
-إن الحياة عندما تبتسمين لها.. تبتسم حتماً…
-هل مازلت تفكرين بنقل هذا المشروع إلى البلاد العربيّة…
-أجل، أنا أنقل الفكرة في كتاباتي.. علّ الحياة تصبح أسهل.. الحياة أبسط بكثير مما يعقده البشر .
***************

وصلتُ الشاطئ، روعة التحضير لحفل الزفاف على الشاطئ تضاهي أجمل حفل زفاف باذخ، مترف، قصده شغف التظاهر، والرقص فوق قصص حب لم تكتمل بسبب فقر البصيرة قبل فقر الجيب…
صفوف كراسي بيضاء بلاستيكية.. مزينة بالورد الأبيض.. للمعازيم وقوس من الأزهار البيضاء فوق العروسين.. لا يوجد طعام، فقط شوكولا لذيذة.
موسيقى هادئة تختلط مع صوت أمواج البحر، فيما طيور البحار بأنواعها: النوارس، الكراكر، وأسراب الأطيش الشمالي تحلّق فوق الحدث السعيد…
أيّ حفل زفاف أجمل من هذا؟
حفل زفاف تشترك في تأليف مقاطعه الطبيعة وتساهم الملائكة في إخراجه…

من فترة انتشر في الفضاء الافتراضي فيديو حفل زفاف لشابة لا أعرفها قالوا أنها ( يوتيوبر): الكلمة تعني صانع محتوى في تطبيق (اليوتيوب)، وهو شخص عرفه الناس من خلال ذلك التطبيق...
المهم الحفل كان باذخاً.. متكلفاً، متصنعاً و خالٍ من أي مظهر عفوي.. أي درجة من التكلف وصلتها شعوبنا لنبتعد كل هذا عن البساطة، العفويّة وجمال حرية الفرح؟

ابتسمتُ أتذكر ذلك الزفاف، وأنا أنظر لأمنية تضع لمساتها الأخيرة على حفل الزفاف البحريّ الساحر هذا…

أنهتْ تحضيراتها و أشارت لي أنها قادمة..
-معي ساعة ونصف حتى يبدأ المدعوون بالحضور، تمشي على البحر، أم نجلس هنا…

-طبعاً نجلس هنا، كل هذا الجمال لا يقاوم، إن تزوجتُ يوماً أريد حفل زفاف كهذا…

-تكرم عينك يا عليا، فقط تزوجي أنت وما عليك…
بالمناسبة، رائع ماكتبتهِ اليوم على صفحتكِ، شاركته على صفحتي، وصفحات كل من أعرف، تلامسين القلب قبل العقل، ممكن المشاركة أليس كذلك؟

-ممتنة لك جداً، أول ما أراجعه هو المشاركات، من يشارك القصة يريد لي الاستمرار، يساعدني ويوجهني، كيف لا أكون ممتنة!

-ماذكرتهِ قلّبَ عليّ المواجع..
قضيتُ كل حياتي أعطي في علاقة صداقتي مع سراب -حكيت لك- لم يحدث أن أخذتُ، لم يحدث أن وضعت تلك الصديقة نفسها مكاني، كنتُ أظن أنها أخت لي، لكنها لم تعاملني كما تعامل أخوتها، حتى عائلتها اعتبرتها عائلتي، وما حدث؟ خدمتُ، نصحتُ، باركتُ، احتفلتُ، أهديتُ و ذكرتهم في كل خير عملته، بينما تجاهلوا أن لي أقرباء يحتاجون دعمهم في السعودية…
وعندما تزوجت عروة لم يكن بأحسن حال من تلك الصديقة، كان عروة الأناني الآخر الذي يريد راحته أولاً، مصلحته أولاً، يفكر في نفسه كل الوقت، يغار من خياله، حبسني في البيت، منعني من العمل، وعلى عينك ضربني وأهانني، ثم خانني…

عندما تطلقت عادت لي الحياة، تذكرين حديثنا في بداية معرفتنا:

-الرجل الذي لا يريد أن يسمعك، أو الذي يدير ظهره لحزنك أو خوفك خائن حتى يثبت العكس…

-والحل؟

-اتركيه لقدره.. الخونة لا يحصدون سوى الفضائح، قلة القيمة وسوء الطالع.. أنتِ شمس جميلة يا أمنية، تذكري هذا…



لقد تحقق ما ذكرته بالحرف، هو حصد الفضائح بينما أنا هنا أراقب مشاريعي تنجح واحداً بعد الآخر، لكِ فضل كبير عليّ يا صديقتي، لا تغلق الحياة باباً، دون أن تفتح لنا آخر، وقد كنت الشمس والمشتري في حياتي…

تركتها لتتابع حفل الزفاف، فيما مشيت على الشاطئ لوحدي لكن لستُ وحيدة.. أنا كوكبٌ آخر أيضاً، هي تعتقد أنني الشمس والمشتري، لكني أرى نفسي أرضاً.. حبيبتي يا أمنية، الله يسعدك يا أختي…

يتبع…
- الرواية تحمل بين صفحاتها الجزء الثالث من رواية عليّ السوري-الحب بالأزرق/بغددة-سلالم القراص