كيف وقف العرب (المسلمون) مع اسرائيل -اسمها محمد 22-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 6897 - 2021 / 5 / 13 - 22:48
المحور: الادب والفن     

-في حكاية بيعنا للقضية حكايا وحكايا.. وهذه الحكايا تستدعي الحكاية!

-اسمع في كلامك نبرة السخريّة.. هل تقصدينها؟

-معاذ الله يا رفيق.. أتكلم الحقيقة، والحقيقة ساخرة بطبيعتها.. كيف لا تكون ساخرة في هذا الواقع المزري؟

-ما تقصدين ب “بيعنا للقضية”؟

-جميع العرب والمسلمين باعوا القضية.. أقول لك كيف.. باعوها عندما رضوا بحكم من يدعون الإسلام لعقول شبابهم..
باعوها عندما أفسحوا المجال لدواعش الداخل بالتمدد.. باعوها عندما سمحوا للمسؤولين -الغير مسؤولين- بسرقة الأوطان..
عندما صارت الرشاوى عادة، وصار الشرف خرقة قماش.. عندما أصبح المبتَذل رئيساً والعامل المجد مرؤوساً…
عندما صار الحاكم إلَهاً.. وصارت الأوطان فنادقاً..
عندما أضحى القانون لعبة بيد السّراق، فاغتصبوا شرفنا قبل بناتنا..
عندما آل الإعلام إلى هز المؤخرات وتشويه صور المعارضين..
عندما صارت جامعات اسرائيل من الأفضل عالمياً، فيما يتدافع شباب العرب على أبواب السفارات الغربيّة..
باعوها عندما انتفضوا من أجل شعر امرأة.. ولم يهتز جفنهم لتجارة أعضاء الأطفال..
وعندما شوّهوا المثقفين الذين دعوا لخطاب التجديد الديني.. بينما وضعوا ذيولهم في أفواههم عندما طلب الملوك ذلك…
النفاق.. النفاق.. دخل حتى في علاقتهم مع الله…
باعوا القضية كلهم، بكلهم واليوم يبكون فلسطين… يا وقاحتهم يا أخي..
يريدون من الفلسطينين تقديم أولادهم قرابين، فيما هم بلسانهم ولسانهم فقط عاملين..
لو سأل أهل فلسطين أنفسهم ما ثمن مستقبل أفضل؟ ما سيكون الجواب؟

-ما سيكون الجواب؟ السلام؟ هذا ما تقصدين؟

ابتسمت هبة، وقالت بنفس النبرة الساخرة:
-لا.. قصدتُ وحدة العرب.
***********



الحكمة الإلهية في كون القلوب بيضاء عندما تخلو من الدم.. هي في كون تصنيفك لنفسك حسب العرق، اللون، الحدود، المعتقدات بعيداً كل البعد عن نقاء الإنسانية الأبيض.

قال لي أبي يوماً:
-نحن نتفق مع الجميع، لا يوجد من نختلف معه…

-وماذا عمن يؤذينا؟

-هو يختلف معنا.. هذه مشكلته، ليست مشكلتنا…

-من نحن؟

-نحن (الروحانيين)…
يوجد من البشر من يبدأ حديثه عن الروحانيّة بتعريفه لنفسه كملحد.. ويوجد من يبدأ ذات الحديث بتعريفة لنفسه كمتدين..
الاثنان لم يفهما بعد المعنى العميق للروحانية..

أن تكون روحانياً يعني أن تتقبل الآخر أيّاً كان معتقده، دينه، طائفته، قوميته، لغته، جنسيته، توجهه، آراؤه، ثقافته، وحتى هواياته.. أن تضع نفسك مكانه دونما أطر سخيفة صنعها البشر.. الإطار الوحيد الذي يصلح لهذا العالم البشري هو المعاناة…

هناك فرق كبير بين أن تكون متديناً وأن تكون مؤمناً.. بين أن تتبع ديناً ام وبين إتباعك للقدرة العظيمة في السماء..

-لم أفهم، بسطيها يا عليا...

-مراحل تطور الإنسان فيك كثيرة.. تبدأ من الدائرة الضيقة في محيطك وأسرتك..

في المرحلة الأولى: تظن أن ما وجدت عليه أسرتك من عادات وعقائد هو الأصح، وهو عند الله المختار ..
تبدأ بالتطور عندما تبدأ بالتساؤل:
لماذا؟ وكيف؟
وتأتي المرحلة الثانية: إختيارك وتقبلك لثقافة جديدة.. دولة جديدة.. حياة جديدة.. لباس جديد.. عادات جديدة.. وتبدأ بالتطور خارج هذه المرحلة عندما أيضاً تتحدى أساسياتها وتضع كل شيء تحت سلطة العقل...

وتأتي المرحلة الثالثة: تعرف نفسك ما لها وما عليها...

-آخر مرحلة؟

-لا المرحلة الرابعة هي الأخيرة، وهي ببساطة الإحساس بالآخرين والسعي لمساعدة الآخرين بغض النظر عن معتقداتهم وألوانهم.. عندها فقط أنت خليفة الله في الأرض.. وعندها فقط تقل أمراضك النفسيّة.

-الله عليك يا عليا.. الله…

يتبع…

من رواية"اسمها محمد"
الرواية تحمل بين صفحاتها الجزء الثالث من رواية عليّ_السوريّ_الحب_بالأزرق
الجزء الثاني: بغددة_سلالم_القُرَّاص