لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقة 1-5


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 6880 - 2021 / 4 / 26 - 11:25
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

في عنوانه المصاغ تعمداً - مع سبق الاصرار و الترصد – بغية الربط بين الصحيحة (دعوة الرفيق رزگار عقراوي المحترم الملحة جداً بل و المصيرية بضرورة التزام الديمقراطية في حشع) و الجرباء (الدوران في مرحلة –"المكارثية") على نحو اعتباطي مثير للأسف و للاستهجان ، أتحفنا الدكتور توما حميد المحترم في العدد : 6871 من الحوار المتمدن المؤرخ في 17/ 4 / 2021 بنظريات مضحكة و مبكية مشروخة سبق و أن سمعناها من هتلر الذي قال : "الديمقراطية ليست ألمانيّة أساساً : إنها يهودية ". لذا ، و تيمّناً منه بالطاغية هتلر ، نجد أن الدكتور توما حميد المحترم يصرح بالفم المليان "برهاوة و أريحية يحسده عليها حبايبه من النازيين و الفاشيين و المكارثيين" قائلاً ما يلي :
"ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية ."
يا للهول !
مرحى مرحى للشيوعية التوماحميدية الجديدة ! لهذا السبب يقال بأن أقصى اليسار لا بد أن يلتقي مع أقصى اليمين : البرجوازي الرث توما حميد يتماهى مع مواقف البرجوازي الرث هتلر و من لف لفه من أساطين الفاشية : شبيه الشيء منجذب إليه ! ليس للديمقراطية مكان في المنظومة التوماحميدية مثلما لا وجود لها في ألمانيا النازية .
ليس هذا فحسب ، بل هو يؤكد أيضاً ما يلي :
"أؤكد على ما سبق حول ان الشيوعية تعني الحرية بالمعنى الكامل للكلمة. "
هو يقول للمهدد بالموت جوعاً : أمامك هذه السُفرة العامرة بألذ الأطعمة : كُلْ حتى تشبع تماماً دون أن تضع أي طعام في فمك ! أمضغ الهواء !
فما دامت "الديمقراطية ليس لها مكان في المنظومة الشيوعية التوماحميدية" مثلما يثبِّت الدكتور توما حميد المحترم بعظمة لسانه ، فأنّى يتأتى "للحرية بالمعنى الكامل للكلمة" أن يُكتب لها الوجود و التطبيق و التطور في ظل انعدام الديمقراطية في ضوء حقيقة كون الحرية إنما هي وعي الضرورة ؛ و أن ضرورة تحرير البشر من عبوديتهم لرأس المال تستلزم حتماً تحرير العمل بإقامة النظام الشيوعي اللاطبقي الديمقراطي حقاً الذي يكفل لكل البشر أن يكتبوا بأنفسهم الدستور الذي يخدم مصالحهم جميعاً و يرقيهم على طول الخط ؟
من الواضح من النصين الناسفين لبعضهما البعض أعلاه أن الدكتور توما حميد المحترم لم يكلف نفسه بعد مشقة الارتقاء إلى مرحلة استيعاب العلاقة الجدلية القائمة بالضرورة بين الديمقراطية الحقيقية و الحرية و التي يعيها كل شيوعي حقيقي غير مزيف و غير مزوّر عمداً للشيوعية .
ليس هذا فحسب ، بل إن الدكتور توما حميد المحترم لا يعي ماهيّة "الديمقراطية الماركسية" بدليل أنه يخلط في مقالته بينها و بين تطبيقات "الديمقراطية البرجوازية القذرة لدكتاتورية رأس المال" مراراً و تكراراَ . الدكتور توما حميد المحترم جاهل تماماً – رغم حرصه التام على حشر اسم ماركس ظلماً و عدواناً بخزعبلاته المعادية للماركسية و للشيوعية قلباً و قالباً - أن لماركس نظريته العبقرية الفذة في "الديمقراطية الحقيقية" طوّرها أولاً و قبل كل شيء آخر و على نحو أصيل منذ عام 1843 عندما كان عمره خمساً و عشرين سنة في "نقد فلسفة الحق لهيجل" حيث اعتبر الديمقراطية الحقيقية "هي : "الكينونة البشرية" ، نعم ؛ و أن : "الديمقراطية هي الوجود البشري" ، نعم ؛ و سمّى العصور الوسطى جدلياً باسم "ديمقراطية اللاحرية" للتعبير عن العلاقة المتلازمة القائمة حتماً بين الحرية و الديمقراطية غبر تاريخ البشرية برمته .
و لكن لا ! العبقري ماركس لا يفهم بالماركسية و لا بالشيوعية و لا بالديمقراطية . من هو الفهيمة بهذا كله ؟ إنه الدكتور توما حميد المحترم ، باعتباره أنه هو و من لف لفه من أعدى أعداء الماركسية و الشيوعية الحقيقية فكراً و ممارسة – يقررون للبشرية من بين أربعة جدران : ""ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية " . إللي يختشوا ، ماتوا ! هتلر يُبعث من جديد في القرن الواحد و العشرين ، و إن مهزلياً !
و لما كان ماركس يؤكد – مثلما سنرى بالنصوص الثابتة القاطعة التي لا تقبل التأويل و لا التزوير و لا اللف و الدوران – بأن الديمقراطية الحقيقية إنما هي الوجود البشري بحد ذاته ؛ لذا ، فإن موديل الشيوعية التوماحميدية اللاديمقراطية لا بد أنه يخص حتماً عالماً قد أُبيد فيه وجود كل البشر عن بكرة أبيهم ! ما شاء الله : إنها شيوعية سكان قبور سدوم و عامورة و أشفيتز و هيروشيما و ناغازاكي و الأنفال ! هللويا لشيوعية البشر المبادين جماعياً من سكان القبور ممن طَرَدوا "آفة" الديمقراطية من بين ظهرانيهم إلى الأبد بفضل مكرمات الدكتور توما حميد المحترم الجليلة !
يُتبع ، لطفاً .