ابقوا النقاش سياسياً! (رد على مقال عبد الحسين سلمان وبعض التعليقات)


توما حميد
الحوار المتمدن - العدد: 6878 - 2021 / 4 / 24 - 05:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لم أكن في البداية انوي الرد على عبد الحسين سلمان وبقية المعلقين على مقالي "رزكار عقراوي والدوران في مرحلة المكارثية"، ولكن اشعر بان مقالة عبد الحسين سلمان "الشيوعية الداعشية" وتلك التعليقات قد أصبحت محاولة هستيرية للتشهير الشخصي واغتيال الشخصية.
لن أرد على الكثير من التعليقات والافكار لأنها ببساطة تشير الى منهجية متخلفة وروح قمعية وغير سياسية منقطعة النظير. فكيف تجاوب شخص يدعو الى "تجريدك من شهادتك العلمية ومهنتك" بسبب رأي سياسي؟! مافرقه عن منطق البعث حيث كان يقوم بفصل المختلفين معه من وظائفهم نتيجة آرائهم السياسية؟! وما فائدة مناقشة اراء تتناول المسائل والحياة الشخصية كالبلد الذي أعيش فيه، وفيما اذا انا جالس في غرفة انيقة و"ادخن الغليون الكوبي" ويحدد لي في هذه القرية الصغيرة، العالم، اين اعيش واين لا اعيش؟! والخ من هذه التجاوزات. مثل هذه الآراء والأفكار تعبر عن سطحية أصحابها وانعدام الصلة بادنى درجات المدنية للاسف، ناهيك عن التحريف وتلفيق الاتهامات.
حول المكارثية!
لقد اثيرت ضجة كبيرة حول مقالي هذا والحجة باختصار شديد هو انني قلت ان تركيز رزكار عقراوي على غياب الديمقراطية داخل الأحزاب الشيوعية وتقديم الديمقراطية كترياق لكل المشاكل يأتي بسبب المناخ الذي خلقته الهجمة المكارثية على الشيوعية والماركسية وهدفها تخويف الناس من الشيوعية والعمل الشيوعي والقيادات الشيوعية والمنظمات الشيوعية. وهنا قامت القائمة.
ادرج طلال الربيعي اقتباس تعريف للمكارثية من الموسوعة البريطانية على أساس كونها: "الاسم الذي اطلق على الفترة الزمنية في التاريخ الأمريكي التي شهدت قيام السيناتور الأمريكي جوزيف مكارثي بالقيام بسلسلة من التحقيقات وجلسات الاستماع خلال الخمسينيات في محاولة لفضح التسلل الشيوعي المفترض لمناطق مختلفة من حكومة الولايات المتحدة. اصبح هذا المصطلح منذ ذلك الحين اسما للتشهير بالشخصية او السمعة من خلال ادعاءات عشوائية تم نشرها على نطاق واسع، لاسيما على أساس اتهامات لا أساس لها".
لقد حول الربيعي المكارثية الى قيام شخص "بسلسلة من التحقيقات وجلسات استماع" اسمه جوزيف مكارثي! ان هذا التصوير التبسيطي هو تصوير مغرض للبرجوازية الغربية عموما وموسوعتها. اذ لم يكن سلسلة "تحقيقات و..."، بل حملة ايديولوجية وفكرية وسياسية وامنية ضد الشيوعيين والشيوعية والاشتراكية والماركسية ولم تقتصر على الخمسينيات، بل استمرت لحد الان، رغم ضعف الهجمة في الوقت الحاضر في أمريكا مثلا جراء ازمة الرأسمالية وخاصة بعد ازمة 2008. انها خلقت مناخ فكري وسياسي هدفه اخافة الناس من الشيوعية. وكان ركن أساسي من اركان المكارثية هو تصوير الأحزاب الشيوعية والاشتراكية كمنظمات دكتاتورية وتشبيه الشيوعيين والماركسيين بستالين الذي هو واحد من أشرس قادة التيار القومي البرجوازي. لقد وصل الوضع الى درجة كان فيه الاساتذة في الكثير من الجامعات الامريكية يرتبكون ويتغير لون وجوهم عندما توجه لهم أسئلة متعلقة بالماركسية من قبل الطلاب. وقام اغلب الماركسيين الأمريكيين في فترة من فترات في إخفاء ميولهم بسبب المكارثية. ولايزال الغرب يصور روسيا كوحش رغم انهيار الاتحاد السوفيتي. فعندما نظمت روسيا كاس العالم لكرة القدم في 2018 كان الكثير من المشجعين الغربين متوجسين من الذهاب الى روسيا، ولكن معظم الذين ذهبوا الى روسيا قالوا "وجدنا وضع اخر يختلف كلياً" عن الدعاية التي اشاعها الغرب واعلامه وساسته عن روسيا على امتداد عقود مديدة!
لقد قام عبد الحسين السلمان وطلال الربيعي بشكل متعمد بتفسير ما قلته على أساس انني قلت بان رزكار عقراوي هو مكارثي. في حين ان أي شخص له ذرة منطق وانصاف يعرف جيدا الفرق. انا لم اقل رزكار مكارثي. وانما انه لا زال تصوراته تدور في مرحلة معينة تحديداً!
ما قلته ان موضوعة رزكار، وبغض النظر عن لا صلة له بالمكارثية، تلعب الدور ذاته وتتطابق مع هذا الهدف. ان هذا موضوع سياسي بوسع اي انسان ان يناقشه بهدوء، ولا يحتاج الامر الى كل هذا الضجيج.
الديمقراطية والحرية:
في حركتنا ثمة تمييز كبير بين الديمقراطية والحرية. الديمقراطية هي حركة البرجوازية من اجل اختزال الحرية الى الديمقراطية. نحن دعاة الحرية. فالحرية تعني التحرر من الفقر والجوع، من البطالة والعوز، من القسر والاخضاع بشتى اشكالهما، من الخرافة. الحرية تعني التحرر التام من السلطة والحكم الاقتصادي والسياسي والثقافي للراسمال والراسمالية، من طوق عبودية العمل الماجور، التحرر من الخضوع الطبقي، من القمع، من انعدام الحقوق السياسي، من الاستلاب والاغتراب، من الرضوخ الثقافي، من قيود الدين والقيم والتقاليد والقوانين الخرافية والمتخلفة للمجتمع القائم، التحرر من كل اشكال الظلم الديني والقومي والطائفي، من الجهل ومجمل اشكال التمييز وماسي المجتمع البرجوازي. ان هذا هو تصورنا للحرية. والديمقراطية لا ربط لها بالحرية. كما ان الحرية ليست امتداداً او توسيعا للديمقراطية.
ماهي الديمقراطية؟ بابسط اشكالها القائمة: انتخابات، حق التصويت، الحق الشكلي بالترشيح، والاغلبية والاقلية. علما ان كل هذه قد تم فرضها ايضا بالنضال الواقعي واللاديمقراطي للتحرريين بالضد من الحكومات والسلطات القائمة. حتى ان حرية الراي والتعبير والحريات السياسية غير المشروطة ليست من مرتكزات الديمقراطية، بل فرضتها الجماهير التحررية على الديمقراطية.
ولهذا، حين نقول ان الشيوعية تعني الحرية، وليس بوسع الديمقراطية ان يكون لها اي مكان فيها. فهذا هو قصدنا بالضبط، وهذا سر نفينا لـ"ديمقرطة الشيوعية". ان هذا الامر تم توضيحه في العديد من كتابات منصور حكمت وكتاباتنا.
منهجية: قص ولصق!
وحاله حال رفاقه الذين يسعون دوما الى تفنيد ارائنا عبر الهروع لاوراق ومقتبسات ماركس او لينين في تعامل غير تاريخي. اذ يتحدث عن استخدام ماركس لمصطلح ديمقراطية بصورة ايجابية وبوصفه مطلب ويناقضنا به. انه تعامل غير تاريخي. فالديمقراطية التي يتحدث بها ماركس، ديمقراطية برنامج غوته وفلسفة الحق هيغل، ديمقراطية 1843 وليس لها اي صلة بديمقراطية اليوم. انها ديمقراطية مرحلة كان للبرجوازية دور تقدمي، كنس علاقات الانتاج ماقبل الراسمالية، ديمقراطية توسع الراسمالية ودفع المجتمعات للعصرية والالة البخارية والصناعة ومجتمعات حديثة. ماهو ربطها بديمقراطية اليوم الذي تحدث لينين قبل اكثر من قرن لا عن عدم بقاء مهمة تقدمية للبرجوازية فحسب، بل عن تفسخها وتعفنها التامين. ماهو ربط الديمقراطية البرجوازية في عهد ماركس ولينين بديمقراطية بوش وبلير وترامب وبولسينارو؟! لقد طرأ تغيير جذري على هذا المصطلح. لم يبقى ثابتاً.
انه تقليد معروف في اليسار، اذ يحولون النقاش والصراع السياسي الى نقاش نصوص ومقتباسات. هذا يقول ان ماركس يقول في المؤلف الفلاني وفي الصفحة الفلانية كذا، ويرد عليه الاخر بمقتبس في مكان اخر وهكذا. ويتحول الصراع الى صراع نصوص، هو ماركس نفسه بريء من كلاهما. ان ماركس ولينين منهج قبل ان يكونا نصوص. كنت اتمنى ان يقول عبد الحسين نفسه كلامه هو. لماذا يعتمد على الاقتباسات بحيث تنتهي كتباته كمن يقوم بـ"قص" و"لصق"؟. ماركس ولينين في الاقتباسات اعلاه لا يتحدثان عن الشيء ذاته رغم انهما يستعمل كلمة الديمقراطية. ففي مكان يتحدثوا عن الديمقراطية كمفهوم عام عن الحرية بصورتها العامة، ومرة كمطاليب وحقوق برجوازية مثل حق الامم في تقرير مصيرها، الحريات السياسية وغيرها، وفي مكان اخر باسم الديمقراطية البرجوازية والديمقراطية العمالية، كما تحدثوا عنها كمرحلة من دكتاتورية البروليتارية ( الحكومة العمالية) بعد الثورة العمالية، اي عن شكل الدولة مابعد الانتصار (الديمقراطية المجالسية) وغيرها. وليس بقليلا ما تحدثوا عن صفتها البرجوازية. ولكن يقول عبد الحسين قال ماركس في 1843. هل يعتقد ان الديمقراطية في 1843 هي ديمقراطية عام 2021؟!
عندما كان ماركس ولينين يتحدثون عن الديمقراطية البرجوازية كان هذا في مرحلة تتمتع به البرجوازية بدور تقدمي وهو كنس كل العلاقات ما قبل الرأسمالية و"اسطبل اجيانوس"، اي قذارة ما قبل الراسمالية. في حين اليوم ليس للديمقراطية البرجوازية ربط بكنس علاقات ما قبل الرأسمالية. اذ لم يبق اي شيء ذا صلة بعلاقات انتاج ما قبل الراسمالية.
ان اغلب منجزات الديمقراطية البرجوازية من حق التصويت وحق الترشح والمساواة امام القانون الخ هي مسائل فرضت على البرجوازية من خلال نضالات الطبقة العاملة. فلا يمكن للبرجوازية ان تفتخر بالكثير من المنجزات في ميدان الحقوق المدنية والفردية التي تمت تحقيقيها في ظل الأنظمة الليبرالية في حين ان حق المراة و السود في التصويت، الحد الأدنى للأجور، المساواة امام القانون، منع عمل الأطفال، حقوق المثليين، الرعاية الصحية ومئات المسائل الأخرى فرضت على البرجوازية فرض. من جهة أخرى لقد تمت تحطيم مجتمعات وقتل الملايين من قبل " الحكومات الديمقراطية" الليبرالية وبقرارات اتخذت من قبل " ممثلي الشعب" بشكل ديمقراطي. غير مثال على هذا الامر هو الحرب على العراق في 2003. لذا الديمقراطية البرجوازية هي رؤية البرجوازية للحرية وهي رؤية ضيقة الى اقصى الحدود. نقول نحن الشيوعيون نتحدث عن الحرية وليس عن الديمقراطية البرجوازية. يصرخون كيف لك ان ترفض الديمقراطية؟! الم يذكر ماركس كلمة الديمقراطية في 8431 او لينين في 1917؟! من الواضح ان ماركس ولينين لايتعديان نصوص، بيد انهما منهج، وهذا فرق جدي بيننا.
قليل من الانصاف!
قام عبد الحسين سلمان بكتابة مقال بعنوان " الشيوعية الداعشية" وقارن بيني وبين اتباع داعش، وكدليل على وجود شيوعية داعشية يشير الى الاتحاد السوفيتي السابق وكمبوديا وارتيريا وكوريا الشمالية والصين والبانيا. ويسميني انا بالشيوعي الداعشي.
أولا فقط من فقد صوابه من يستطيع ان يصفني بداعشي. انا قمت بمجرد نشر رأي سياسي بشكل سلمي، واقف انا وحزبي في مقدمة الجميع دفاعاً عن الحريات بدون اي قيد او شرط، بما فيها حرية التعبير وضد أي نوع من العنف والاكراه ضد الانسان، وقد نكون من الاوائل الذين طالبوا بالغاء الاعدام والسجن المؤبد حتى. يقارنني بحركة إسلامية قامت بذبح البشر امام الكاميرات؟! من له ذرة انصاف ومنطق لا يقوم بهذه المقارنة! ان هذا ليس نقد سياسي، بل هذا تسقيط شخصي ومحاولة بائسة لاغتيال الشخصية.
انا لم اقم بتكفير أحد، ولكن من حقي وحق غيري ان نقول نحن نمثل شيوعية ماركس في العراق ولماذا نعتقد هكذا. ولاننا نرى تلك "الشيوعيات" لا ربط لها بماركس، فصلنا شيوعيتنا عنها واسمينا شيوعيتنا بـ"الشيوعية العمالية". وأفضل دليل على هذه الضرورة هي حقيقة ان عبد الحسين سلمان لايزال يعتبر الاتحاد السوفيتي وكمبوديا والصين وكوريا الشمالية دول شيوعية. انا لا اعتبر نفسي جزء من تلك الشيوعية. انا وغيري عندما ننتمي الى تنظيم او حزب معين يكون على أساس ان هذا الحزب او التنظيم هو أفضل من يمثل الشيوعية. هذه هي بديهيات في السياسة. هذا ليس تكفير. عبد الحسين سلمان يعرف جيدا بان التكفير الإسلامي يعني القتل وليس فقط اعلان حقانية والجدال الفكري.
يتحدث عني وقد "صببت جام غضبي" على اليسار، ويورد النص التالي كـ"نموذج لهذا الغضب":
"اليسار واليسارية لا يعنيان الشيوعي والشيوعية / فاليسار هو غير شيوعي بنظري، حتى مشكلة اليسار هي ليست غياب الديمقراطية، وانما عدم صلته بالشيوعية وبالثورة العمالية / يقوم اليسار بادارة ماكنة البرجوازية، بالاخص بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ….الخ"
أولا الاقتباس أعلاه من مقالي. اين هو "صب جام الغضب" فيه؟! هل هذا نموذجه على "غضبي"!!! انه رأي سياسي هادي بوسع احد ببساطة ان يقبل به او يرفضه، وهو ان الشيوعية هي غير اليسار، والدليل على صحة كلامي هو ما يقوله في الجملة التالية. يقول "لا أحب أن اخوض نقاش سفسطائي مع السيد (توما ) حول ( المعنى الحقيقي لليسار) ولكن اذكره فقط بالأحزاب الاسترالية , المصنفة قانونيا على أنها أحزاب يسارية:"
ويقوم بسرد عدد من الأحزاب الاسترالية". للاسف، ان عصر استعراض المثقف لاطلاعه ومعلوماته قد انتهى منذ زمن. لم يبقي "محرك كوكل" مجال لهذه النزعة! يجب ان انوه في البداية، بانه مولع بالاستعراض المعلوماتي لمعلومات عديمة الصلة. اذ يقوم بالاقتباس المكثف من ماركس ولينين في الكثير من الأحيان بدون حاجة كدليل على الاطلاع. كما يحب ان يضع المرادفات بالإنكليزي ولغة اخرى لكلمات عربية مفهومة وواضحة أحيانا، وفوق هذا بشكل خاطئ مثل كلمة de facto في احدى تعليقاته الأخيرة. كما يقوم باستخدام محرك غوغل وعرض معلومات كدليل على سعة المعرفة و"الاكاديمية" واخرها كانت قائمة بالأحزاب الاسترالية، وهو لا يعرف أي من تلك الأحزاب باقية او تم حلها، وهي أحزاب قضيت انا اكثر من عشرين سنة في التعامل معها.
يسأل عبد الحسين وهو لا يعرف ان سؤاله هذا يوضح ان اليسار هو فرق عن الشيوعية، أي يؤكد ما أقوله انا. يقول " الآن هل يعتبر السيد توما حميد هذه الاحزاب معادية للشيوعية؟؟
هل يعتبر السيد توما حميد أن ( الشيوعية !!) هي الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ و إِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ. " فيما اذا كانوا ضد الشيوعية ام لا؟ اسال عبد الحسين، عن أي شيوعية تتحدث؟ هل شيوعية كوبا ام شيوعية ماركس مثلا؟ ولكن للجواب على سؤاله. قسم من هذه الأحزاب مثل حزب العمال وحزب الخضر هي ضد الشيوعية، وتؤمن بان النظام الرأسمالي هو أحسن نظام ولا يتوجب تغييره، بل يجب اصلاحه، في حين ان قسم منها تؤمن بضرورة الثورة الاشتراكية لفظاً ولكنها تحيلها عملا الى مستقبل غير معلوم، مثل "الثورة العالمية"، "الحتمية التاريخية" وغيرها.
الا يوضح هذا المثال بانه هناك فرق بين الشيوعية واليسار؟! اليس هناك اشتراكيين مسيحيين، يؤمنون بالمساواة التي يدعوا لها ماركس ولكن يعتقدون بان الافكار والممارسة المسيحية هما قناة تحقيقها؟ اليس هناك فرق بين هذا الاشتراكي، الاشتراكي المسيحي والشيوعي؟! هل هذه مسالة معقدة؟ هناك اشتراكيون عرب ايضا. يعتقدون بان ارساء الاشتراكية عبر تحرير "الامة العربية" من الاستعمار الاحتلالي، وبعدها الاستعمار الاقتصادي ووحدتها وغيرها من تنظيرات...
تحرر الطبقة العاملة عبر حزبها الشيوعي!
فيما يخص الحزب وضرورته، "يفند" ارائي عبر الاستشهاد بماركس: الم يقل لنا انجلز "ان تحرير الطبقة العاملة لايمكنه الا ان يكون من قبل الطبقة العاملة" وعن ان ماركس "لم يتحدث عن حزب يطيح بطبقة، وانما طبقة بروليتارية تكون حفارة قبر الراسمالية". واني نسفت ماركس الذي يؤكد على "لاتجاوز للراسمالية الا في اطارها، وبفضل انجازاتها، وتطورها بالذات، ولايمكن تجاوزها"!! (في الحقيقة انه نظرية عبد الحسين وليس ماركس!!!) وكيف يتم ذلك غير قناة احزاب سياسية؟!
ان ما يذكره سلمان هو نموذج للاتحزب. هو دعوة برجوازية لخلع سلاح الطبقة العاملة عبر تجريدها من حزبها. في السياسة، في الصراع على السلطة، يتجسد الصراع باحزاب سياسية حصراً، وليس طبقات دون احزاب. ليرينا السيد سلمان في اي مكان ظهر الصراع بشكل طبقات مجردة؟! قناة الصراع السياسي هي احزاب. ان هذه بديهيات.
اولاً، ليترك عبد الحسين ماركس في حاله، ويتحدث هو نفسه باسمه وبافكاره هو. لايجتزأ العبارات من سياقها. انا اتعجب، فعبد الحسين، صاحب ماركسية الاقتباسات والنصوص و"الصفحة الفلانية"، الذي لا يتحدث جملة واحدة بدون ان يأتي باقتباس يرفض اغلب طروحات ماركس حول علاقات الإنتاج الرأسمالية، والصراع الطبقي، وضرورة التنظيم الخ.
ان ضعف او غياب تحزب الشيوعية والطبقة العاملة يعود في الدرجة الاولى لهجمة البرجوازية على التحزب الشيوعي، والمكارثية احد اشكال ابعاد الجماهير العمالية والكادحة من التحزب الشيوعي.
يقول ما معناه، علينا الابتعاد عن التحزب والنضال من اجل الإطاحة بالنظام الرأسمالي! اذ ان طبقة عاملة على العموم تكون حفارة قبر. لاحظ الجبرية التاريخية والميكانيكية! اذ سوف تنهار الرأسمالية بفضل إنجازاتها وتطورها الذاتي!! تقوم البرجوازية بالحكم والقمع وإدارة المجتمع من خلال الأحزاب ومؤسسات الدولة، ولكن يجب على الطبقة العاملة والشيوعيين، ان يبتعدوا عن الأحزاب، لان الراسمالية سوف تنهار من تلقاء نفسها. مرت قرون على وجود البرجوازية ولم تنهار من تلقاء نفسها. على خلاف زوال الاقطاعية وانهاء البرجوازية لعمر حكمها الاقتصادي والسياسي كمجيء طبقة مالكة بدلاً من اخرى، البرجوازية لن تضمحل امام طبقة غير مالكة لا تفقد سوى اغلالها.
أ ثمة خدمة للبرجوازية اكثر من هذه؟!
تزوير فاضح!
ويستمر عبد الحسين في تزوير ما كتبته اذ يقول: "يبدوا أن السيد توما حميد لايزال يعيش بعقلية (الحزب الواحد: كل العراقيون بعثيون وأن لم ينتموا) فيطالب بالغاء: الجريدة, والمواقع إلكترونية, و وسائل التواصل الاجتماعي, و سايتات، حلقات، قنوات فيديوية، يوتوب ..الخ , لكي يبقى ( الحزب) هو : الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ و إِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ , الأمر , , الناهي, المطاع."
لاضع جانباً هذا التعامل غير اللائق جانبا، ما اود قوله: كن اميناً قليلاً! احترم القاريء! من تحدث عن "الغاء الجريدة والمواقع الاكترونية" و ..... انا ذكرت ما نصه: "واخيراً، ما اود قوله: يستحيل تغيير العالم الا عبر احزاب سياسية. ليس بوسع الف جريدة، شخصيات، مشاهير، سايتات، حلقات، قنوات فيديوية، يوتوب و.... مع اهميتها،....، ان ترد على هذه الحاجة الحياتية ولا ان تكون اداة التغيير. لا يملى هذا الفراغ الا باحزاب سياسية". (خط التاكيد مني)
لا تلوث النقاش رجاءا. اين تحدثت عن الغاءها؟! الم اؤكد على انه رغم اهميتها الا ان ليس بوسعها تعويض دور الحزب؟! انظر للبرجوازية في العالم كله، ورغم ان الاف القنوات الاعلامية والمنابر بايديها، الا انها تدرك ضرورة الاحزاب ووجودها بوصفها امر لا غنى عنه لسلطتها وللصراع على السلطة!
حشع ليس شيوعياً!
ويتحدث :"السيد عقراوي دعى في تغريتده في ( التويتر) للتخلص من ديكتاتورية ( الحزب) على أعضائه .نتيجة للتجارب المريرة ل ( حشع) في أعوام 1958, 1963, 1973, 1978 , وأخيرا تحالف (سائرون) حين لم تصغي ولم تسمع أصوات القاعدة الحزبية."
روزا لكسمبيرج لخصت هذه المأساة قائلة:
"اخذ الحزب يتحدث باسم البرولتاريا، ثم اخذ الجهاز يتحدث باسم الحزب، ثم اخذ القادة يتحدثون باسم الجهاز، وانتهي الامر الى ان فردا واحدا اخذ يتحدث باسم الجميع" .
عزيزي عبد الحسين، هذا هو جدالي معك ومع رزكار. الحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الستالينية هي ليست أحزاب شيوعية. انها احزاب قومية-اصلاحية. احزاب اجراء تعديلات على النظام الراسمالي بحيث تؤمن درجات من العيش "اللائق". لايؤمن الحزب نفسه بضرورة تغيير النظام الرأسمالي. انه حزب برجوازي، ان يحتاج الى ديمقرطة ام لا، فهذه ليست قضيتي!. اما ماذا تقوله روزا لوكسمبورغ، شخصيا لا اعرف سياق المسالة من جهة، ولا هي رؤيتي او تصوري لما يجب ان يكون عليه حزب شيوعي. ان هذا لايمكن ان يحدث في حزب شيوعي، حزب لينيني، حزب ماركس، ومن المؤكد انه لايحدث في حزب سن خطه منصور حكمت.
هل انت تمزح؟!
وبالمناسبة، يقوم طلال الربيعي باتهامنا ووصفنا بـ " اتباع الام الحنون الاذلاء" (يا للطفه!) ويقصد هنا أمريكا، ويتهمنا، ولذلك يقول اننا مسؤولون عن قتل أمريكا ل 600 الف عراقي في اول 40 شهر من احتلال العراق حسب مجلة لانسيت ومسؤولون عن قتل أمريكا لنصف مليون طفل عراقي. ان طلال الربيعي من الاطلاع بحيث يعرف باننا كنا الحزب الوحيد من كل المعارضة العراقية الذي وقف ضد الحصار. ويعرف اننا وقفنا بقوة ضد الحرب وتظاهراتنا امام السفارات الامريكية في لندن والسويد وكندا وغيرها شاهد حي على ذلك وقمنا باحتلال قنصلية أمريكا في سدني والعشرات من الاعمال الاخرى ضد الحرب. يعرف باننا ما من يوم ايدنا سياسات أمريكا في العراق او في أي بقعة من العالم. لكنه يقوم بشكل مغرض بوضعنا الى جانب الحزب الشيوعي العراقي واتهامنا بدون دليل بكل هذه التهم. على العكس من ذلك، اتهمتنا اغلب من في المعارضة البرجوازية العراقية في وقتها باننا "ازلام صدام"!