كيف دمر العربان الهوية المصرية 2


ياسين المصري
الحوار المتمدن - العدد: 6852 - 2021 / 3 / 28 - 01:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

ما أن يكتب المرء تعبير ”أعداء الإسلام“ في موقع البحث ”جوجل“، حتى تظهر أمامه على الفور عشرات المقالات والكتب والمحاضرات المرئية التي تتناول هذا التعبير بالرد والفحص والتمحيص، ولكنه لا يجد إجابة واضحة وصريحة على تساؤلات مثل:
لماذا يكون لهذه الديانة أعداء منذ نشأتها وحتى الآن؟
وإذا كانت هي ”دين الحق“ التي لا دين غيره عند الله؟ فلماذا يكون الحق غامضًا أو مُبْهمًا إلى هذا الحد؟
وماذا عن الباطل؟
إن أية ديانة يجب أن تكون - في المقام الأول - مرجعًا للأخلاق الحميدة، وتتعامل مع الصحيح والخاطئ في حياة البشر، وليس مع الحلال والحرام، خاصة إذا كانت آخر الديانات ونبيها المزعوم آخر الأنبياء وسيد الخلق أجمعين كما تزعم. ومما لا ريب فيه أن كل إنسان في العالم، مهما كان مستواه العلمي يعرف الفرق بين الأخلاق الحميدة وغير الحميدة، وبين الصحيح والخاطئ في حياته ولكنه في حاجة إلى من يحثه على الأخلاق المرغوبة ويردعه عن فعل الأخلاق المرذولة. هذا العمل يجب أن تقوم به السياسة في المقام الأول، ولذلك فهي موضع خلاف باستمرار لأنها تتعامل مباشرة مع حياة البشر بما فيها من أهواء متباينة ورغبات وأمزجة مختلفة وتفاوت في مستويات الفهم والإدراك والمعرفة. وفيها قدر كبير من الأنانية، فكل شيء في حياة الإنسان يتصل اتصالا جوهريًا بالاعتبارات السياسية وأنه ما من شعب مهما يكن تقدمه أن يتسم بقدر ما من الأخلاق الحميدة أو المرذولة إلَّا بقدر ما تُعُّده له طبيعة نظام الحكم فيه، فإعداد صنع الإنسانية يسبق إعداد صنع المواطنة لدي البشر، حينما يكون لديهم سياسة حكيمة وقوانين فعالة.
إن تدخل الدين في السياسة من شأنه تلويثها أكثر مما هي عليه من تلوُّث، والعكس صحيح، والسياسة في الدول المتأسلمة جميعها ملوثة لأن ديانتها ديانة سياسية وحربية واستعمارية بامتياز، لذلك يكثر ويتكاثر أعداؤها كل يوم.
والعجيب هو تكاثر الكتابات وعقد الندوات والحوارات بين المفكرين والكتاب والباحثين من الشرق والغرب هذه الأيام، حول ما اصطلح على تسميته حديثًا: ”الإسلام السياسي“، يتناولونه بالفحص والتمحيص ومحاولة التنبُّؤ بمستقبله، في مقابل ”إسلام غير سياسي“، ينسبونه عادة إلى الفترة الإسلاموية الأولى في مكة، وهم بذلك يتجاهلون عمدًا أو جهلًا تدخل نبي الأسلمة وعصابته - حتى وإن كان بالقول - في شؤون الأفراد والجماعات الدينية الأخرى في المجتمع المكي، وتسفيههم وتحقير دياناتهم ومحاولة الحد من قيمهم الإنسانية، قبل لجوئهم إلى يثرب وتكوينهم جيشًا لشن الحروب على القبائل والقرى والنجوع ويقتلون كل من يعارضهم، ويضربون أعناقهم بين يدي نبيهم. كتب السيرة تذكر منهم خمسة سفاحين متخصصين هم: عليٌ، والزبير، والمقداد، ومحمد بن مسلمة، وعاصم بن ثابت، وكانوا يقومون بقطع رؤوس المعارضين أمام نبي الرحمة وسيد الخلق أجمعين! المصدر: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير (الجزء الثاني) / محمد بن سيد الناس.
أليس هذا هو العمل السياسي الحقير، الذي يبدأ عادة بالكلام وينتهي بقدر من الإجرام، وهو نفس النمط السائد أمام أعيننا حتى الآن؟. لماذا إذن لا يركزون جل اهتمامهم على نبي الأسلمة بوصفة منظِّرًا سياسيًا وقائدًا حربيا، فاق في ممارساته السياسية جميع من سبقوه أو من لحقوه، ولماذا يتجاهلون خلفائه الراشدين وغير الراشدين الذين ساروا على نهجه النبوي؟
لا شيء في تاريخ الإسلاموية المفبرك أكثر وضوحًا ولا خلاف حوله على الإطلاق غير الجرائم اللاإنسانية التي ارتكبها النبي الكريم ومن ثم صارت نبراسًا وأسوة حسنة لخلفائه من بعده.
***
هذه الديانة لم تكن لتتشكل على مر السنين إلَّا لهدف احتلال البلاد وإذلال العباد واضطهادهم أو قتلهم، ومسح هويتهم الوطنية وسلب ونهب ممتلكاتهم وسبي نسائهم وبناتهم واغتصابهن!، وهكذا نجد الشيخ المصري أبو أسحق الحوينى يدعو جِهارًا نهارًا إلى العودة لنظام الرق والاستعباد، واتخاذ الجوارى والسبايا، باعتباره حلا للمشاكل الاقتصادية ودواءً للفقر، وقال الشيخ بلهجة مصرية فى تسجيل متلفز: « أظلنا زمان الجهاد، والجهاد فى سبيل الله متعة»، متسائلا: «هو الفقر اللى إحنا فيه ده مش بسبب تركنا للجهاد؟ مش لو كنا كل سنة عمالين نغزو مرة ولا اتنين ولا تلاتة مش كان هيسلم ناس كتير فى الأرض»، معتبرا أن الجهاد وما يعقبه من حصول المجاهدين على الغنائم والسبايا هو الحل للخروج من الأزمة، وعدَّد الشيخ المزايا الاقتصادية للجهاد، قائلا: «كل واحد كان هيرجع من الغزوة جايب معاه "يقصد أسرى" تلات أربع أشحطة وتلات أربع ”نسوان“ وتلات أربع ولاد، اضرب كل رأس فى ستميت درهم ولا ستميت دينار يطلع بمالية كويسة».
وفضَّل الشيخ طريقة الغزو والغنائم المالية والبشرية على التجارة والصناعة وعقد الصفقات قائلا: «ولو رايح علشان تعمل صفقة عمرك ما هتعمل الأموال دى، وكل ما الواحد "يتعذر" ياخد رأس يبيعها ويفك أزمته ويبقاله الغلبة».
وأكد "الحوينى" أن من يهاجمون هذا الطرح يستحقون القتال، ليلاقوا نفس مصير من يتم أسره بعد الغزوات، قائلا: «واللى يرفض هذه الدعوة نقاتله ونخدوا أسير وناخد أموالهم ونساءهم وكل دى عبارة عن فلوس».
وهكذا كان من أهم الأشياء التي فعلها البدو الصعاليك فور احتلالهم الشعوب الحضارية العريقة المجاورة لهم، هو خلق قطيع عريض من داخل تلك الشعوب، يمثله حاليًا هذا الشيخ، لتبني أفكارهم وعاداتهم والدفاع بالنيابة عنهم وعن ديانتهم، هذا القطيع يشمل الأفراد العاديين والجماعات والمؤسسات والمعاهد العلمية والمدارس التعليمية والوزارات والحكومات المختلفة. بل وإيجاد دول بكاملها تتمسح بهم وبديانتهم وتتباهى بإنها منهم ولهم، وتسمي نفسها بإسمهم وإسم ديانتهم، وهي بعيدة كل البعد عن هذا وذاك، فلا مصر هي الجمهورية ”العربية“ المتحدة، ولا إيران هي الجمهورية ”الإسلامية“ الإيرانية،!.
جميع أفراد القطيع يتبارون في الترويج لبداوتهم الصحراوية وجهلهم المقدَّس وانحطاطهم المكدَّس، ويقدمون ذلك بنظرات يملأها الفخر والثقة وملامح الغرور والاطمئنان، وقلوب خالية تمامًا من الرحمة!.
وفي المقابل نجد أن أشهر قادة هذا القطيع في العصر الحديث الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي مازال وهو في قبره يزرع بذور التخلف والانحطاط في المجتمعات المستعربة، يؤكد على أن الله يرضى فقط عن العجزة والفاشلين والبؤساء والضعفاء والفقراء.. يقول صراحة: «إن العرب والمسلمين أكثر شعوب الأرض بؤسا في الدنيا وفقرا وضعفا وذّلّا لأنهم ﴿أعزاء عند الله﴾، فكلما كثرت عليهم الشدائد وضاقت بهم الدنيا كلما رضي الله عنهم.. وأن أكثر شعوب الأرض سعادة وغِنَى وقوة هم من ﴿المغضوب عليهم والضالين﴾»! بهذا المنطق الأعور ينفي فضيلة الشيخ جميع الأسباب والقوانين الكونية لينشر الجهل المقدَّس والانحطاط المكدَّس..
والسؤال هنا هو: عندما غزا العربان الأوائل في عصر الصحابة (الصعاليك) ملايين الشعوب واحتلوا دولا كثيرة وغنموا غنائم وسبايا لا تحصى، ودانت لهم الدنيا وما فيها وعاشوا في رغد ونعيم.. هل كانوا بذلك ﴿ليسوا أعزاء عند الله﴾؟. بالطبع ولأننا شعوب مخدَّرة سلفًا لا يخطر ببال أحد أو لا يجرؤ أحد منا أن يسأله هذا السؤال الذي يفضح جهل وانحطاط فضيلته، ولا يدرك أحد حتى اليوم كيف أن هذا الرجل وغيرة الكثير كانوا ومازالوا نكبة على الشعوب المتأسلمة برمتها.
إذن يبقى المتأسلم العادي في حيرة من أمر دينه، هل يغزوا ليفلت من الفقر تبعًا لفتوى الحويني، أم لا يغزو ليبقى فقيرا عزيزًا عند الله بناء على فتوى الشعراوي؟!، والأدهى والأمر من هذا هو عدم تدخُّل الحكام لوقف هؤلاء الموتورين ومنعهم من الاستمرار في هذيانها!
***
في وقت مبكر جدا من ظهور هذه الديانة أصيب البعض بصدمة كبيرة من جراء الحروب الأهلية بين المتأسلمين مثل معركة الجمل (عام 656)، ومعركة صفين (عام 657)، التي أدَّت إلى إقامة ملكية وراثية، وبلغت ذروتها في اضطهاد وقتل أحفاد النبي. وحاول عندئذ بعض المفكرين المحترمين - ومازالت المحاولات قائمة حتى اليوم - تخليص الدين من قبضة السياسة، بما يشبه فصله عن الدولة، ولكن رجال الدين في العصر العباسي الأول، وهم في غالبيتهم من الفرس الذين تمت على أيديهم فبركة الديانة وتاريخها، لم يكونوا مستعدِّين للتخلي عن استقلاليتهم، رغم سجن البعض منهم وتعذيبهم مثل أبي حنيفة (699 - 767م) أو ابن حنبل (780 - 855م).
ثم جاء الفارسي أبو حامد الغزالي النيسابوري (1111 - 1055م) - كأبرز ممثِّلي المدارس النظامية - ليرسِّخ فكرة أنَّ ”الدولة والدين توأمان“. فمهد بذلك لما نسمعه دائمًا من أن الإسلاموية ”دين ودولة“، وبشَّر بميلاد التحالف بين رجال الدين ورجال الدولة، مما أدَّى إلى الانحطاط الفكري والعلمي الممتد حتى اليوم.
***
إستمر الحال على ما هو عليه حتى قام الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت بحملته العسكرية على مصر والشام بصفتهما أهم الولايات العثمانية ما بين عامي 1798 و 1801م، فأحدثت تلك الحملة صفعة قوية على وجه المصريين كي يفيقوا من غسيل المخ الذي فعله العربان وديانتهم بهم، وبدأت تتفتق قرائح البعض منهم عن عوالم أخرى تنعم بالحرية والتقدم والكرامة الإنسانية، وبدت ردود الفعل تجاه الحملة وكأنَّها تتبنَّى صفحة جديدة في تاريخ المصريين على يد محمد علي. وعندما فك شمبليون رموز حجر رشيد وتأسس تبعًا لذلك علم المصريات في مصر والعديد من دول العالم المتحضر، بدى الأمر وكأنَّ الصحوة من الغيبوبة التي أصابهم بها المحتل العروبي الهمجي على مدى قرون طويله قد أخذت في الانبثاق، وأن المصريين أخذوا بأسباب العلوم الحقيقية واسترجاع جزء من ذاكرتهم الوطنية المغيبة، وجمع شتات هويتهم المدمَّرة عمدًا ومع سبق الإصرار والترصد، والتعرُّف على تاريخهم الحقيقي وعظمتهم الأصيلة وثقافتهم الجمعية التي دمرها البرابرة.
وبعد الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية، ظهر على الساحة الرأي الداعي إلى التبرؤ من العثمانيين الأتراك ومن العربان على حد سواء، واتخاذ القومية المصرية فقط دون غيرها كأساس للهوية المصرية، ولكن بالطبع لم يتفق هذا مع أهواء الحكام الجهلة ذي الأصول التركية، ولا مع المحتل البريطاني. وبعد رحيل المحتل البريطاني، وقعت مصر ضحية لثلاثة تيارات أيديولوجية شديدة التخلف، كل منها يحاول السيطرة على الثقافة المصرية وقولبتها وإذلال المصريين:
الأول هو التيار القومي العروبي، الذي ألغى الدولة القومية ذات التوجه الفرعوني التي أقامها سعد زغلول عام 1919، إذ جاء البكباشي جمال عبد الناصر عام 1952، فحوّل مصر إلى دولة ذات توجّه قومي عروبي، ينظر لمصر على انها دار العربان، وسار على نهجه بعض الحكام الجهلة والعجزة، بعد انقلاباتهم على الحكم في بلادهم، فاتَّبعه الحكام البعثيون في العراق وسوريا عام 1963، وبالمثل فعل هواري بومدين في الجزائر عام 1965، والعقيد معمر القذافي في ليبيا عام 1969، وجعفر النميري في السودان عام 1969، وعبد الله السلال في اليمن عام 1962، ولكن هذا التيار أخذ في الانهيار التدريجي بعد الهزيمة الناصرية النكراء في عام 1967!
والثاني هو التيار الأممي الإسلاموي الذي قاده جماعة الإخوان المتأسلمين واتباعهم في مصر وفي غيرها، ومازال هذا التيار يعمل - خفية أو في العلن - للسيطرة السياسية على المجتمعات المتأسلمة، بوسائل ميكيافيلية مختلفة، تحت بند ”الغاية تبرر الوسيلة“.
والثالث هو التيار العسكري الممتد منذ عصر نبي الأسلمة وخلفائه الغاوين، حيث كان القادة العسكريون يحظون دائمًا بمميزات خاصة لا يحظى بها غيرهم، ومع ذلك لم يشكلوا طبقة إرستقراطية عسكرية حاكمة، ولم تتشكل تلك الطبقة إلَّا في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، مع حدوث أزمة اقتصادية طويلة الأمد، تجاوب معها العباسيون (750 - 1258م) بتوزيع الأراضي المسلوبة في الدول المحتلة على الجنود، مما أدَّى إلى صعود طبقة مميزة من الحكام الأرستقراطيين العسكريين.
ومن ناحية أخرى وفي بداية العصر العباسي ازدهرت الحياة الثقافية والعلوم نتيجة لتلاقح الثقافات الأممية المختلفة، وكان المفكرون من العلماء والفلاسفة والفقهاء آنذاك مستقلين ماليًا وبإمكانهم الاعتماد على أعمالهم الخاصة أو الدعم السخي من التجار والحرفيين، وبالتالي كانت أفكارهم تتَّسم بالاجتهاد والتنوُّع الفقهي والمنافسة الحيوية. ولكن التزام السلاجقة الأتراك ومن بعدهم العثمانيون بعسكرة هيكل الدولة، أدَّى إلى إضعاف طبقتي التجار والحرفيين، فوقع الفقهاء والمفكِّرون في أزمات مالية. وعندما أنشأ الفاطميون الأزهر عام 972م في القاهرة، وأنشِئت الكتاتيب النظامية الحكومية التابعة له، دخل رجال الدين تدريجيًا وبصورة رسمية في خدمة الدولة، وراحوا يعتمدون على ما تقدمه لهم من مميزات مادية ومعنوية.
***
عقب أنهيار التيار القومي العروبي بعد الهزيمة العسكرية الناصرية في عام 1967، انتقلت مصر نقلة نوعية لم يشهدها تاريخها من قبل، إذ تبنَّى العسكر ترسيخ التيار العسكري في حكمهم للبلاد، بشكل أبشع مما يتصوره عقل، إذ سيطرت هوية الثكنة العسكرية على هوية وثقافة المصريين، لأن من مصلحة تلك الهوية البائسة طمس كل ما هو متعلق بآثار الهويات المدنية الأخرى، فتدهورت الأوضاع المادية والمعنوية لدي المصريين، وأصيبوا بالبلادة والانحطاط وانعدام الذوق، إلى جانب إصابتهم المزمنة بالفقر والجهل والمرض.
تمكن العسكر من تجريد المصريين من كل ما له علاقه بهويتهم الأصلية التي حاول علي عبد الرازق وأحمد لطفي السيد وطه حسين وغيرهم احياءها والدفاع عنها. ونظرا لجهلهم وعجزهم عن ممارسة السياسة بشكل سليم أسرعوا إلى التحالف السياسي مع رجال الدين الإسلامي الذين يناصرونهم ويلتزمون بتبرير سياساتهم، فسمعنا لأول مرة عن دين إسلاموي جديد تحت مسمَّى ”الاسلام الوسطي“ الجميل، يقوم على تكفير كل من يخالف رأي العسكر وحلفائهم من رجال الدين ووعَّاظ السلاطين.
تكاثرت طبقة رجال الدين المحترفين من خريجي الأزهر ومن الهواة كالذباب في طول البلاد وعرضها، وازدادت وتضاربت آراؤهم الفقهية، كما هو واضح من المثالين السابقين للحويني والشعراوي!
وازدادت معهم البرامج الدينية (يوجد حاليًا في مصر 23 برنامج ديني على القنوات الحكومية والخاصة، بخلاف القنوات الدينية المتخصصة)، وبالمقابل إزداد المصريون تخلفًا وبلادة وانحطاطًا وانعدامًا للذوق، وفقرًا وجهلا ومرضًا. فالجميع يتبارون في الترويج لعربان الصحراء وجهلهم المقدَّس وانحطاطهم المكدَّس ويقدمونهم بنظرات يملأها الثقة وملامح الغرور والاطمئنان، وقلوب خالية تمامًا من الرحمة، يبثون سمومهم ليلًا ونهارًا لتجهيل الشعب وتجريده من أي إحساس بذاته وبكرامته الإنسانية.
***
لا جدال في إنَّ الديانة الإسلاموية تثير عداء الآخرين لها منذ نشأتها، وأنها أصبحت عبء كبير ليس على الآخرين فحسب، بل وفي المقام الأول على معتنقيها، وذلك لأنها تُمجِّد العنف والقهر وتشجِّع على استخدامهما وهي غير إنسانية وغير قادرة على مواكبة ركب الحضارة، وبالتالي يكون معتنقوها متأخِّرين ومتخلفين. وأن تحالفها السياسي مع الحكام الجهلة والعجزة هو المسؤولة الأول وربما الوحيد عن بؤس البلدان الإسلاموية وفي مقدمتها مصر.
لقد خلقت مجتمعات منغلقة يسود فيها أنماط التفكير المتحجر والمقوْلَب، ومن ثم أصبحت تلك المجتمعات هي الأكثر من مناطق العالم الأخرى تضرُّرًا بالحروب والأزمات والظلم والانحطاط.