معارك دفن الموتي


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 6850 - 2021 / 3 / 24 - 23:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

على أثر إعلان رحيل المفكرة والكاتبة المصرية الدكتوره نوال السعداوى ، وبمجرد أن كتب البعض على صفحات مواقع التواصل الإجتماعى كلمات النعى والعزاء التى تقدر جهد ومسيرة وإبداعات الدكتوره نوال ودورها التنويرى ومعاركها النضالية التى تجلت فيها شجاعتها وصلابتها سواء على صعيد قضايا المرأة أومواجهتها للإستبداد السياسي والثقافى وكافة أشكال القهر الإجتماعى
.. ماأن كتبت بعض الكلمات إلا وانطلق فى مواجهاتها تيار هادر من اللعنات الراحلة التى لم تكن مالبثت أن وارى جسدها الثرى أو ربما قبل أن يشيع جثمانها إلى مسواه الأخير ، وكذلك مضاعفة تلك اللعنات على من ترحم على الراحلة أو حاول أن يؤكد على دورها الذى لايمكن لمنصف إنكاره وتأثيرها البارز على كثير من الحركات المناصرة للمرأة على مستوى مصر والعالم العربى ..

-حينما كنت أطالع تلك الكتابات وأطالع ردود الأفعال المختلفة على صفحات العالم الإتصالي - شعرت بصدمة شديدة ، وأسي وحزن يقترب حد الفجيعة ، وأنا أري وأقرأ بعيني كيف أن هناك مصريون وعرب ومن بينهم للأسف عدد لابأس به من الشباب الذين ينتمون عمرياً إلي المستقبل يستخدمون العالم الإتصالي الحديث المتمثل في مواقع التواصل الإجتماعي بغرض التمثيل بجثث الموتي ، ومنح ومنع صكوك الغفران والرحمة ..
حزين لذلك التناقض العجيب المتمثل في استخدام آدوات تنتمي لمنجزات العصر الحديث لأغراض تنتمي من حيث القدم إلي الجماعات والتكوينات العشائرية والقبلية في أزمنة الهمجية البدائية ، التي تخطتها البشرية منذ قرون ، وتجاوزت عن مسالبها عبر تأسيس قيم التحضر الإنساني ..
لم أكن اتصور أن كل إعلان عن انتهاء لأجل شخص ما اختلفنا حوله أو اتفقنا .. أصبح مناسبة لتصفية حساباتنا معه قبل أن يجف غسله وقبل أن يغلق باب مقبرته عليه ..
اصبحنا نرقص علي جثث الموتي فرحاً ، ونودعهم بأفظع اللعنات ، ونسمح لأنفسنا بالتدخل نيابة عن السماء لتقرير الحرمان من الرحمة الغفران ، ونمنح صكوك العبور إلي الجنة لمن رضينا عنه ، ونمنعها عمن لم نرض عنه ، واصبحنا نحدد للسماء حتي درجات حرارة السعير التي ينبغي أن تكون من نصيب من اختلفنا معه ..
أين ذهبت عقولنا ؟
أين ذهبت قيم التسامح والرحمة والإخاء الإنساني ؟
وماهي القيم التي تحكمنا الآن ؟
وإلي أي اتجاه نسير؟