انتخابات الاستغفال


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 6845 - 2021 / 3 / 19 - 13:45
المحور: القضية الفلسطينية     

تتزايد قناعتي يوميا للأسف الى اننا لن نصل الى صناديق الاقتراع وان البديل هي الفوضى وتكريس الانقسام وان ذلك يعني انه لن يعود بإمكان احد الحديث عن الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام بعد ان قبل الجميع بحالة الانقسام القائمة كأساس لانتخابات تم الاتفاق عليها بين المنقسمين انفسهم اولا وبعد ان قدموا للشارع الفلسطيني نموذج يشبه الاعجوبة نختلف في الواقع ولا يوجد أي قاسم مشترك لا سياسي ولا ايديولوجي ولا ما يحزنون ومع ذلك نجد طريقا للاتفاق على اجراء انتخابات شاملة يقودها المقسمون انفسهم والأنكى من ذلك انهم يجدون القدرة الذاتية على الاعلان عن امكانية خوض الانتخابات بقائمة مشتركة بين فتح وحماس دون ان يعنهم تقديم تفسير مقبول لمثل هذه الفكرة.
يبدو ان الشعب مغلوبا على امره قد صمت عن حكاية الانتخابات في ظل الانقسام ويبدو انه قد قبل حكاية ميثاق الشرف ولكن ماذا سيكون موقف الشعب من حكاية القائمة الانتخابية المشتركة وكيف سيكون نوع برنامج هذه القائمة السياسي مع تناقض تام في الرؤيا والبرامج السياسية بين الطرفين ففتح تعلن رسميا وبلا تردد التزامها باتفاقيات اوسلو في حين تعلن حماس رفضها المطلق لهذه الاتفاقيات فما هو المشترك فتح تعلن ان المقاومة الشعبية هي طريقها للتحرير بينما تعلن حماس المقاومة المسلحة اساسا للتحرير وفتح تعلن قبولها بحل الدولتين بينما تعارضه حماس باستمرار وفتح تعلن عن سلاح واحد هو سلاح السلطة بينما تصر حماس على سلاح المقاومة.
أيا من الاختلافات او التناقضات السابقة لم يتم حله او تجاوزه ولا احد يدري كيف يمكن لذلك ان يحدث بعد الانتخابات المأمولة ولقد سبق لنا وان جربنا انتخابات 2006 وكيف جرى التعامل مع نتائجها ويعرف الشعب الفلسطيني ان شيئا لم يتغير لا في واقع الحال ولا في من صنعوا واقع الحال هذا فكيف سنرجو اذن نتائج مختلفة من نفس المصنع والصانع وكيف تسمح جميع الفصائل بلا استثناء لنفسها ان تتحدث عن تحالفات دون ان تتذكر حجم الاختلافات اللهم الا اذا استطاع الجميع بلا استثناء من تنفيذ ما جاء على لسان حسام بدران من الوصول الى قائمة اجماع ووطني ببرنامج سياسي شامل يمكن تسميته ببرنامج الحد الادنى يصبح برنامجا للكل الفلسطيني.
الى جانب ما يجري الحديث عنه في العلن عن احتمال تشكيل قائمة مشتركة هناك صراع محتدم تحت الرماد يغذيه الانقسام القائم ولقد اعتدنا ان تنفجر شرارات الرماد مرات ومرات بعد كل اتفاق فيتم تدمير كل شيء ببساطة فالساحة مليئة باللغط والاختلافات وبقاء الانقسام والمنقسمين فتح شهية الجميع على هذه الانتخابات فظهرت العديد من الاصوات وانشغل العديد بفكرة قوائم جديدة وسعت الفصائل الصغيرة الى ايجاد مكان لها على الخارطة والكل يعتقد ان الشعب قد يعاقب فتح وحماس على ما فعلوا.
الانقسامات المعلنة في فتح لن تضر بفتح بل على العكس من ذلك ستفوت الفرصة على كل من يعتقد انه سيحصل على اصواته من جمهور فتح وحماس والحقيقة قطعا خلاف ذلك وهي ان الغاضبين من فتح اليوم سيذهبون الى قوائمها الجديدة وستعود حماس الى جمهورها فقط وستخسر ما ربحته من الانتخابات السابقة اولا لأنها ستظهر على انها تخلت عن برامجها وقبلت ببرنامج فتح ثم انها ستظهر على انها تنازلت عن الاختلافات السياسية مع فتح ولم تتنازل عن الانقسام وبالتالي الغاضبين من فتح سيعودون اليها من الابواب الخلفية بينما الغاضبين من حماس لن يجدوا بابا ولا شباكا للعودة اليها منه كون حماس حركة موحدة وحديدية التنظيم ولا يبدو اية خلافات في داخلها بالمعنى الحقيقي او الظاهر علنا وان وجدت هذه الخلافات فلا قيمة لها على الحركة وعلى تماسكها اما الفصائل الاخرى فقد لا تجد فرصة لها في مقعد واحد ان لم تتوحد جميعا في قائمة موحدة وبرنامج موحد يعيد للشعب الامل وهذا ايضا ينطبق على عديد قوائم المستقلين التي يجري الحديث عنها خصوصا وان هناك عزوف ظاهر عن الرغبة في الترشح لدى قطاعات واسعة من المعنيين والمهتمين بالشأن السياسي وهو ما يجعل من نتائج هذه الانتخابات ان حدثت تكريسا لما هو قائم ان لم يكن بشكل اسوأ مما هو عليه الان.
باختصار شديد فان ما يجري اليوم من حديث عن تحالفات بين المتناقضين وعن بحث عن اسماء ومسميات لقوائم واشخاص وقوى دون الاكتراث براي الشعب ولا بما يفكر به ولا بما يريد هو مواصلة استغفال واستبعاد للشعب وكان المطلوب من هذا الشعب هي مهمة البصم لا اكثر ولا أقل.