الاندماج كأفق / الاندماج كقرار.....5


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6828 - 2021 / 3 / 1 - 11:21
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية     

الفرق بين مستويات الاندماج الثلاثة:

إننا عندما نتكلم عن الاندماج، كمفهوم عام، وعن الاندماج كأفق، وعن الاندماج كقرار، نتكلم عن العام، وعن الخاص.

فالاندماج، بصفة عامة، عام، والاندماج كأفق، والاندماج كقرار، خاص.

والفرق بين العام، والخاص، واضح، ولا يحتاج إلى بذل مجهود، لإدراك الفرق القائم بينهما؛ لأن العام عام، مهما كانت الحالة التي تدرج تحته، سواء تعلق الأمر بالاندماج بين الجمعيات، أو بين النقابات، أو بين الأحزاب، أو بين الجماعات، أو بين الشعوب والأمم؛ لأن المهم، هو وقوع الاندماج، بدون وجود شروط معينة، تهم العام، بقدر ما تهم الخاص.

بينما نجد أن الاندماج، بمعناه الخاص، يمكن أن يكون كأفق، ويمكن أن يكون كقرار، ويمكن أن يقع بين الجمعيات، وبين النقابات، وبين الأحزاب السياسية، وبين الجماعات، وبين الشعوب، كما يمكن أن يكون كقرار.

فالاندماج بمعناه العام، يتميز عن بقية أشكال الاندماج الأخرى، بكونه يشمل كل أشكال الاندماج، بين الأفراد، وبين المجتمع، وبين الجماعات، وبين الشعوب، وبين الجمعيات، وبين النقابات، وبين الأحزاب، ودون اشتراط أي شرط من شروط الاندماج، مما يجعل هذا النوع من الاندماج، يتميز عن غيره من أشكال الاندماج الأخرى، بكونه عندما يطرح الاندماج، يطرحه في عموميته، ولا يمكن له أن يعمل على تخصيصه؛ لأن المخصص، لا يكون إلا مشروطا، ويأتي الاندماج كقرار، في الدرجة الثانية، باعتباره خاليا من الشروط، التي يقتضيها التخصيص. وخصوصيته، آتية من كونه يتم بناء على اتخاذ قرار الاندماج، بين أطراف معينة. وهذا الاندماج، يستهدف الجماعات، أو الشعوب، أو الجمعيات، أو النقابات، أو الأحزاب، ولكن دون شروط تذكر، لإتمام الاندماج المتخذ كقرار.

أما الاندماج كأفق، فهو الاندماج، الذي يتم بناء على إنضاج شروط محددة، تتعلق بالعمل الجمعوي، أو بالنقابات، أو بالأحزاب السياسية، أو بالجماعات، أو بالشعوب.

ذلك، أن إنضاج شروط الاندماج، الذي يختلف من حالة، إلى حالة أخرى، هو المحدد الأساسي لإتمام عملية الاندماج. فإذا لم يتم إنضاج الشروط، فإن الاندماج لا يصير سليما أن نصل إلى أن حصوله، يشكل خطرا على الإطارات المندمجة، وعلى إطار الاندماج نفسه.

ولذلك فإنضاج الشروط يقتضي:

1) عدم التسرع، من أجل إتمام الاندماج، وعلى أسس قد لا تكون سليمة، ومن أجل العمل على إنضاج الشروط في ظروف موضوعية سليمةن حتى يتم الاندماج بين الإطارات المستهدفة به، في شروط موضوعية، سليمة في نضجها، وفي اعتمادها على عملية الاندماج، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والأيديولوجية، والتنظيمية.

2) الحرص على إنضاج الشروط، إنضاجا سليما، سواء تعلق الأمر بالاندماج بين الجماعات، أو بين الشعوب، أو بين الجمعيات، أو بين النقابات، أو بين الأحزاب، خاصة، وأن شروط الاندماج بين الجمعيات، ليست هي شروط الاندماج بين الجماعات، وليست هي شروط الاندماج بين الأحزاب، وليست هي شروط الاندماج بين النقابات، وليست هي شروط الاندماج بين الشعوب، وبين الاندماج بين الأمم، وبين القارات، وبين الدول.

3) العمل على إنضاج شروط المجال الحاضن للاندماج، حتى يساعد على إنجاح عملية الاندماج بين الإطارات المختلفة؛ لأن المجال الحاضن للاندماج، يمكن أن يكون غير قابل بعملية الاندماج، مهما كانت، وكيفما كانت، ويمكن أن يحتضنها بسهولة. فالمجال الذي يسود فيه اليمين، أو اليمين المتطرف، يحتاج إلى قيام الجمعيات، والنقابات، والأحزاب اليسارية، بالعمل على تفعيل مراجعها، لتحقيق هدفين أساسيين:

الهدف الأول: جعل المستهدفين بالاندماج، يدركون أن اليمين المتطرف، أو الأصولي، إنما يريد استنزاف الواقع لصالح اليمين، ولصالح اليمين المتطرف، حتى يجعل المواطنين غير قادرين على العيش الكريم، وغير مستعدين لجعل الإنسان يتمتع بكرامته الإنسانية.

الهدف الثاني: فضح الممارسات اليمينية المتطرفة، الهادفة إلى إنهاك قدرات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، سعيا إلى جعلهم غير قادرين على العيش، حتى لا يفكروا في ممارسة أي شكل من أشكال الضغوط، من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية.

وتحقيق الهدفين معا، يهدف إلى جعل الاندماج، في حالة إتمامه، قائما على أساس الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، في أفق قيادة نضالاتها، من أجل القضاء على الاستغلال المادي، والمعنوي، ومن أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.