الاندماج كأفق / الاندماج كقرار.....2


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6801 - 2021 / 1 / 28 - 12:03
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية     

مفهوم الاندماج:

إن اندماج فرد ما، في مجتمع ما غريب عنه، فإن ذلك الفرد استطاع أن يتجاوز المعيقات الأيديولوجية، والسياسية، واللغوية، واستوعب ما تقتضيه العادات، والتقاليد، والأعراف، واستطاع أن يحصل على عمل معين، يمكنه من كرامته الإنسانية، التي تمكن من التمتع باحترام أفراد المجتمع له.

أما الاندماج في جمعية ما، أو نقابة ما، أو حزب ما، فإنه يفترض الاقتناع بتلك الجمعية، أو تلك النقابة، أو ذلك الحزب، فإنه يعمل على استيعاب مبادئ، وقوانين، وبرامج، وأدبيات، وأهداف تلك الجمعية، أو تلك النقابة، أو ذلك الحزب، وأن يقبل على الانضمام إما، إلى الجمعية، أو النقابة، أو الحزب، من أجل الانخراط في عمل الجمعية، أو النقابة، أو الحزب، سعيا إلى تحقيق الأهداف القريبة، والمتوسطة، في أفق تحقيق الأهداف البعيدة، التي تقتضي العمل الدؤوب، والمتواصل.

أما عندما يتعلق الأمر باندماج تنظيمات معينة، في تنظيم واحد، فإن الأمر يحتاج إلى التأنى، والتروي، ورسم خطوات ما قبل الاندماج، والعمل على إنضاج تلك الشروط، وفتح ملف حول النقاش الأيديولوجي، وآخر تنظيمي، وآخر سياسي، بالإضافة إلى فتح ملفات أخرى، حول مختلف القضايا الثانوية الآنية، والمستقبلية، في أفق إنضاج الشرط الأيديولوجي، والشرط التنظيمي، والشرط السياسي، باعتبارها شروطا أساسية، لقيام الاندماج بين الأحزاب، التي ترغب في ذلك.

وبناء عليه، فإن الاندماج يعني: تحويل التعدد إلى وحدة، تعبر عما هو مشترك بين مجموعة من الأفراد، الذين أنشأوا تنظيما جمعويا، أو تنظيما نقابيا، أو تنظيما حزبيا، بناء على شروط معينة، ومبادئ معينة، من أجل العمل على تحقيق مبادئ مشتركة معينة: جمعوية، أو نقابية، أو حزبية.

وبالنسبة للإطارات المتحدة: الجمعوية، أو النقابية، أو الحزبية، فإنها تضع خطة لتنفيذها على أرض الواقع، وصولا إلى مرحلة الاندماج: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وفق شروط تنسجم مع طبيعة الاندماج:

هل هو اندماج جمعوي؟

هل هو اندماج نقابي؟

هل هو اندماج حزبي؟

وصولا إلى جعل الشروط ناضجة، ومؤدية إلى تحقيق الاندماج الجمعوي، أو النقابي، أو الحزبي، سعيا إلى تجميع ما تفرق، بسبب تعدد التنطيمات، التي يتحرك فيها اليسار بالخصوص.

ولعل مبدأ الاندماج بين التنظيمات المتعددة، يكون أكثر فائدة للمجتمع، من التشتت الذي كان سائدا، بالإضافة إلى أن الاندماج: يمكن اعتباره جنوحا نحو وحدة الفكر، ووحدة الممارسة، سعيأ إلى العمل على تحقيق الأهداف المشتركة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما لا يعبر إلا عن الإرادة، في تحرير الإنسان، من فكر التشرذم، الذي يعم في المجتمع، ويسود فيه، ويكاد يحول الحياة إلى صراع بين الأفراد، حول تحقيق الأهداف: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

الاندماج كأفق:

وعندما يتعلق الأمر بالاندماج كأفق، فإنه، بذلك، يعني: أن الاندماج عندما يحضر كرغبة، وكضرورة، فإن التخطيط له، والالتزام بتنفيذ المخطط، يصير واجبا، من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في المخطط، من أجل الوصول إلى الاندماج، وسواء كانت الأهداف جمعوية، أو نقابية، أو حزبية، خاصة، وأن مخطط الاندماج الجمعوي، يختلف عن مخطط الاندماج النقابي، الذي يختلف عن مخطط الاندماج الحزبي.

فلاندماج بين الجمعيات، كأفق، يقتضي العمل على إيجاد رقة توحد بين الأرضيات، التي قامت على أساسها الجمعيات الراغبة في الاندماج، الذي دعت إليه الضرورة، في جمعية واحدة، تعمل على إيجاد عمل جمعوي، يعمل على توحيد جميع أفراد المجتمع، حول فكرة تربوية، أو تنموية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، خاصة، وأن الاندماج بين الجمعيات، كأفق، تفرضه شروط التحول، التي يعرفها الواقع، والتي تقتضي الانتقال من واقع، إلى واقع مختلف، وإلا:

فلماذا العمل الجمعوي: التربوي، أو التنموي، أو الثقافي، او الحقوقي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو السياسي؟

وبالنسيبة للاندماج بين النقابات، التي تزداد تفريخا، فإن أفق الاندماج، يجب أن ينطلق من الأرضيات، التي قامت على أساسها مختلف النقابات، ومن المبادئ التي صادقت عليها كل نقابة، ومن البرنامج المعتمد في كل نقابة، ومن الأهداف التي تسعى كل نقابة إلى تحقيقها. مع العلم: أن أي نقابة إذا أخلصت في عملها، لا تتجاوز أهدافها: تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، وإخضاع كل ذلك للفكر، من أجل إيجاد أرضية مشتركة، وبرنامج مشترك، وأهداف مشتركة، يمكن الانتقال منها، في أفق الاندماج بين النقابات، ليتحول تعدد الإطارات النقابية، إلى إطار نقابي واحد.

وعلى مستوى الاندماج بين الأحزاب السياسية المتقاربة: يمينية، أو وسطية، أو يسارية.

والأحزاب المتقاربة المتعددة، عندما ترغب في الاندماج، فإنها تعمل على إيجاد إطار للعمل، من أجل إنضاج شروط اندماج مجموعة من الأحزاب: اليمينية، أو الوسطية، أو اليسارية، الراغبة في الاندماج، التي عليها أن تعمل على إنضاج شروط الاندماج، المتمثلة في الشرط الأيديولوجي، والشرط التنظيمي، والشرط السياسي، وصولا إلى إيجاد أرضية أيديولوجية، متوافق عليها، وأرضية تنظيمية، متوافق عليها كذلك، وأرضية سياسية، متوافق عليها أيضا، وصولا إلى قيام اندماج بين الأحزاب المتقاربة، التي يحل محلها جميعا حزب كبير، يعبر عن مصالح الطبقة الاجتماعية التي يمثلها، ويسعى:

إما إلى تكريس ما هو قائم.

أو إلى إصلاحه.

أو إلى تغييره.

من منطلق: أن الحزب اليميني، يهدف إلى التكريس، الذي يمكنه من الاستفادة من تكريس الوضع القائم، أما حزب الوسط، فيسعى إلى إصلاح الوضع القائم، حتى لا يبقى في خدمة اليمين فقط، أما حزب اليسار، فيسعى إلى تغيير الوضع، حتى يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.