التنبؤ بنهاية الرأسمالية 5


طلال الربيعي
الحوار المتمدن - العدد: 6799 - 2021 / 1 / 26 - 05:13
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات     

استقر الألمانيان ماركس وإنجلز ، ألذان شنا الهجوم النظري الأكثر تطرفا ضد الرأسمالية، في إنجلترا 1849 بعد فترات طويلة في باريس وبروكسل، حيث انخرطا في العمل الصحافي والنشاط السياسي. خلفية ماركس تشكلت إلى حد كبير من خلال الجدل حول الرغبة في جدوى "المجتمع البرجوازي" الذي كان مستعرا في ألمانيا منذ زمن جي دبليو هيجل. الأساسية الأخرى التي شكلت تكوينه الفكري هي قراءته للطوباويين الاشتراكيين، للاقتصادي السويسري دي سيسموندي J.-C.-L. de Sismondi
(تلميذ آدم سميث ولكنه اختلف معه ودعا الى تنظيم الحكومة للاقتصاد كبديل لليد الخفية للسوق حسب سميث, كما انه مهد لمفهوم فائض القيمة الذي طوره ماركس لاحقا, و ابتكر مفهوم الصراع الطبقي بين البرجوازية والعمال, وكذلك مفهوم الاستهلاك. 1773-1842)، وكذلك إطلاعه على أفكار الاشتراكيين الفرنسيين لويس بلان وبيير (مؤرخ وسياسي فرنسي دعا الى تأسيس التعاونيات العمالية ولكن دعوته لم يتم تنفيذها-نوقشت هذه النقطة عمومًا في الحلقة السابقة. 1811 – 1882), وجوزيف برودون الذين التقى بهما في باريس.
حدد هؤلاء المؤلفون إما العلامات المبكرة أو بعض العلامات المهمة في النظام الرأسمالي الجديد.

لم يكن لدى هيجل والهيغليين، من اليمين واليسار، مفهوم للرأسمالية، لكن كان لديهم نظرية عن البرجوازية.
Hegel and Capitalism
Andrew Buchw(ed.)
https://philpapers.org/rec/BUCHAC
كانت مشكلتهم هي تحديد ما إذا كان دمج القيم الألمانية مع الفردية الاقتصادية الغربية - ما كان مونتسكيو قد أطلق عليه حضارة "التجارة اللطيفة" “gentle commerce” - كانت شيئًا جيدًا أم لا. بالتأكيد لا نستطيع القول إنهم كانوا على دراية بالصناعة الحديثة. نفس الشيء ينطبق على مؤلفي القرن التاسع عشر الذين رغبوا في تحقيق مجتمع أفضل بالتجارب العملية وبناء مجتمعات صناعية على نطاق ضيق. كان مثل هؤلاء الحالمين تشارلز فورييه, روبرت أوين، وهنري دي سان سيمون، المعروفين باسم الاشتراكيين الطوباويين. كتب إنجلز بحق: "الطوباويون"،
"كانوا طوباويين لأنهم لا يمكن أن يكونوا أي شيء آخر في أي وقت لم يكن الإنتاج الرأسمالي متطورًا حتى الآن. كان عليهم بالضرورة بناء عناصر مجتمع جديد من تلقاء أنفسهم
بخيالاتهم الخاصة، لأن داخل المجتمع القديم لم تكن عناصر المجتمع الجديد واضحة بشكل عام حتى الآن"
Frederick Engels, Anti-­Dühring: Herr Eugen Dühring’s Revolution in
Science (1878), in MECW, vol. 25, 253.
notes to pages 24–29 281

على النقيض من ذلك، كان سيسموندي، مُنظِّر الأزمات الرأسمالية، منغمسًا تمامًا في الحداثة. في مقدمة الطبعة الثانية من كتابه "مبادئ جديدة للاقتصاد السياسي" ، 1827، كتب: "الدراسة التي أجريتها عن إنجلترا أثبتت لي صحة مبادئي الجديدة. لقد رأيت في ذلك البلد الرائع، والذي يبدو أنه يمر بتجربة رائعة لتعليم بقية العالم، زيادة الإنتاج بينما تناقصت السعادة. هذه " التجربة العظيمة "، التي لم يمنحها سيسموندي اسما يبدو أنها تعتمد على خلط كبير بين غاية الحياة الجيدة (السعادة) ووسيلة تحقيقها (الثروة) ، بعد أن ضحى الإنجليز من اجل تراكم الثروة بأي هدف آخر معقول. ومن هنا كان السلام الاجتماعي للطبقات مهدد بشعور واسع النطاق من عدم الاستقرار ، وخصوصا في الطبقات السفلى.

سيسموندي استخدم مصطلح "البروليتاريين" لوصف الفقراء العاملين وعوائلهم الكبيرة التي تعاني الجوع, والوعي بأن الرأسمالية تنتج اقتصاديًا الانكماش والإحباط والبؤس الأخلاقي. وهكذا كان هَمْ سيسموندي الرئيسي يكمن في المفارقة التالية: لماذا كان يصر الإنجليز على الاستمرار في تطبيق وصفات آدم سميث الخاطئة، على الرغم من النتائج المشكوك فيها لتجربتهم؟ كتابه "مبادئ جديدة للاقتصاد السياسي"، يجعل سيسموندي واحدا من أوائل الدعاة إلى التدخل الحكومي في الاقتصاد الرأسمالي، أراد تقديم النقد البناء.

مصطلح "الرأسمالية" نشأ في حوالي منتصف القرن من قبل لويس بلا Louis Blanc وبيير جوزيف برودون، كلاهما كان لهما دورا في الثورة الفرنسية عام 1848. لكونهما كانا معاديين للعنف، كانا ملتزمين بتحقيق الاشتراكية عن طريق الاساليب السلمية. يعني: السياسة في حالة بلا والنشاط الاقتصادي في حالة برودون. ناضل بلا من أجل الاعتراف بالحق في العمل للكل لموازنة الضرر الذي تلحقه الملكية الخاصة، مقترنة بالمنافسة, بالأعضاء الأضعف في المجتمع. برودون لم يثق في تدخل الدولة وكان أكثر ميلا إلى الأناركية. ومن ثم دعا إلى التبادلية: اعتقد أنه فقط النظام الاقتصادي القائم على المعاملة بالمثل يمكن أن يجرد الرأسماليين من احتكار وسائل الإنتاج والبنوك من احتكار الائتمان بينما في نفس الوقت يتجنب طغيان ملكية الدولة. بصفته كعضو في الحكومة المؤقتة للجمهورية الثانية، شجع بلا على إنشاء تعاونيات العمال بتمويل حكومي. من ناحية أخرى، سعى برودون إلى ان يؤسس بنفسه "بنك الشعب" ، اتحاد ائتماني كان عليه منح قروض بدون فوائد. كلتا التجربتين فشلتا. نهاية الجمهورية الثانية على يد لويس نابليون اكدت قناعة ماركس بأن البروليتاريا لا يمكن أن تحقق الاشتراكية بالتصالح مع البرجوازية. كما جادل في الثامن عشر برومير، مثل هذه المحاولة لا يمكن إلا تنتهي بـ "مهزلة" (تعليقاتي العديدة في الحلقة السابقة ذهبت ايضا بهذا الاتجاه). والدرس الذي يجب تعلمه هو أنه من العبث محاولة تغيير مجرى التاريخ. كان على المرء فقط الامتثال
له. بمرور الوقت، سيأخذ التاريخ البروليتاريا والبرجوازية إلى الحساب النهائي.
Karl Marx, The Eighteenth Brumaire of Louis Bonaparte (1852), in MECW,
vol. 11 (London: Lawrence & Wishart, 1979), 103.

لنفس السبب, ان سياسة الحزب الشيوعي العراقي في "الديموقراطية التوافقية" مناقضة لماركسية ماركس هي الأخرى, كما ناقشت سابقا!
-الحزب الشيوعي العراقي والديموقراطية التوافقية-
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=406994
يتبع