تقسيم العمل لدى ماركس 4


طلال الربيعي
الحوار المتمدن - العدد: 6751 - 2020 / 12 / 3 - 21:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

يمكن للمرء أن يكون أكثر تحديدًا في تفسير ماركس لتقسيم العمل. أولاً، التعاون البسيط هو "مصاحب ضروري لكل إنتاج على نطاق واسع (C1، 453) مثل تقسيم العمل (أي التفسير المعقد) في إنتاج السلع (C1, 486). ثانيًا، هناك مزايا التعاون البسيط وتقسيم قوى العمل. "إن ما يستخدمه الرأسمالي هو مزايا نظام التقسيم الاجتماعي للعمل برمته" (C3, 82). وعن التقسيم المانيفكتوري للعمل، قال إن "العديد من مزاياه (Vorteile) تنبع من طبيعة التعاون بشكل عام" (C1، 458). ثالثًا، كما لاحظ كوهين، تحدث ماركس غالبًا عن القوى التي تنتج أو تنشأ عن تقسيم العمل (C1، 486، 508). يبدو أن هناك القليل من الأسباب لعدم القبول بأن تقسيم العمل والتعاون البسيط هما في حد ذاتهما قوى إنتاج. في الواقع، تحدث ماركس صراحة عن تقسيم العمل على أنه "أحد القوى الإنتاجية المادية" التي فشل القدماء في تطويرها. يبدو أن كوهين يمكن أن يقبل تقسيم العمل كقوة إنتاج، لأنه شيء، إلى جانب التعاون البسيط، يستخدم بمعنى واسع, في الإنتاج. كانت هذه، على الأقل، وجهة نظر ماركس.

على الرغم من أنّ تقسيم العمل له مزاياه الخاصة، إلا أنه يمكن أن يكون له أيضًا آثاره المعوقة والمُهينة. يجب تحديد الجوانب المختلفة لنفس الظاهرة. لاحظ ماركس أنه على الرغم من أن التقسيم المانيفكتوري للعمل, من ناحية, "يظهر تاريخيًا باعتباره جانبًا متقدمًا وضروريًا للعملية الاقتصادية لتشكيل المجتمع، فهو, من ناحية أخرى، يُعتبر وسيلةً أكثر دقة وحضارية للاستغلال" (C1، 486: قارن C1، 547).

اشتهر ماركس كثيرًا بتوصيفه السلبي لتقسيم العمل على أنه وسيلة استغلال تصبح فيها قوى الإنتاج مدمرة (بدلاً من أن تكون منتجة أو كذلك) (CW5، 73). باختصار شديد، كان رأيه أنه في المانيفكتورة في ظل الرأسمالية (التي تلت التعاون البسيط في الحرف اليدوية) تم تضييق نشاط العمال في جزء صغير من العملية بواسطة التخصص في جزء واحد من عملية التصنيع؛ ومع إدخال أنظمة المكائن في الصناعة الكبيرة، أصبح كل العمل متساويًا, حيث أصبح العمال نشطاء، ومجرد ملاحق للآلة. حتى بدون وظيفة جزئية أو تخصص.

وفقًا لماركس، امتدت فترة المانيفكتورة "من منتصف القرن السادس عشر إلى الثلث الأخير من القرن الثامن عشر" (C1، 455). خلال هذه الفترة خلق التقسيم المانيفكتوري للعمل "تنظيمًا محددًا للعمل الاجتماعي" بواسطة "تشريح النشاط اليدوي إلى مكوناته المنفصلة، ومن خلال التخصص في أدوات العمل، وتكوين عمال متخصصين. ومن خلال التجميع والترابط بينهم في آلية-ميكانيكية واحدة" (C1، 486). "تم تحويل الحرفيين الذين يتمتعون بمجموعة متنوعة غنية من المهارات إلى عمال متخصصين يطورون تخصصًهم إلى درجة الكمال، على حساب قدرة العمل الكاملة للإنسان" (C1، 470). ثم تنقل تجزئة العمل إلى أبعد من ذلك مع تقسيم العمل إلى عمليات مجزأة (C1، 481-5). وحتى غياب المهارة يتم تعزيزه. والأهم من ذلك، تصبح الوظائف الجزئية معزولة وينسّب كل عامل إلى وظيفة واحدة للعمل كمصيره أو مصيرها مدى الحياة (C1، 463- 464 و 459).

مع بعض المبالغة، اتهم ماركس تقسيم العمل الصناعي في ظل الرأسمالية بتحويل العمل إلى "مسخ معطَل crippled monstrosity" ومحرك آلي لعملية مجزأة" (C1، 481).

عن طريق تخصص أدوات الإنتاج، طور المصنعون الآلات، التي أصبحت أساسًا للصناعة واسعة النطاق في نهاية القرن الثامن عشر. أقيمت الصناعة الكبيرة على أساس نظام آلي "يفاقم درجة الاستغلال" (C1، 518، 526). تستحوذ الآلة على المهارة المتخصصة للعامل وتفرض استقلالها عن العامل، الذي هو بدوره مطالب "بتكييف حركاته مع بدلة العمل والحركة المستمرة للألية الأوتوماتيكية (C1, 564). "أصبح الآن التخصص مدى الحياة للتعامل مع نفس الآلة تخصصًا مدى الحياة لخدمة نفس الماكينة" (C1، 547). لذا فإن تقسيم العمل في المانيفكتورة يتم إعادة إنتاجه في الصناعة الكبيرة" بشكل أكثر وحشية ... بتحويل العامل إلى ملحق حي للآلة" (C1، 614). "ما يميز تقسيم العمل في الصناعة الآلية-الاوتوماتيكية هو أن العمل هناك فقد صفته التخصصية تمامًا" (490 ,CW6, 190).

في تصويره للتقسيم الرأسمالي للعمل في المصنع، أثار ماركس قضايا تتعلق بكل من تنوع العمل والسيطرة على تقسيم العمل. فيما يتعلق بالتنوع، كانت النقطة هي أن العمال في المانفيكتورة يؤدون عمليات تفصيلية مقيَدة، بينما في الصناعة واسعة النطاق، فإن تشغيل العمال للمكائن لديه "ميل إلى المساواة واختزال العمل إلى مستوى مماثل لكل نوع من العمل" (C1، 545). لا يزال هناك تقسيم للعمل، كما يتضح من تنوع النتائج، الذي يحدد نوع العمل. في الواقع هناك "عدد متزايد من أنواع العمل" (C1، 1040)، وان جزءًا من خصائص الصناعة الكبيرة هو إعادة إنتاج تقسيم العمل في المانيفكتورة . إنه "التقسيم المتطرف للعمل الذي يساوي العمل (CW6، 127). هناك انحطاط في العمل حيث يتم توسيع تقسيم العمل في الصناعة الرأسمالية واسعة النطاق.
يتبع
---------
المصادر
CW: Karl Marx and Friedrich Engels. Collected Works. New York: International Publishers. 1975 to present
C1: Karl Marx, Capital Volume 1, Penguin, 1976
C3: Karl Marx
3 Capital Volume
1970 .New York: International Publishers
Cohen, G. A
Karl Marx s Theory of history: A Defense
https://www.normativeorders.net/de/veranstaltungen/alleveranstaltungen/69-veranstaltungen/6410-g-a-cohen-s-karl-marx-s-theory-of-history-a-defence-40-years-on