يوميات نصراوي: كيف شارك الحكم العسكري بشنق نفسه؟


نبيل عودة
الحوار المتمدن - العدد: 6739 - 2020 / 11 / 21 - 10:08
المحور: سيرة ذاتية     

نبيل عودة

لا أذكر التاريخ بدقة ولكنه كما أظن بين أعوام 1955- 1959. قررت الشبيبة الشيوعية في الناصرة ان تساهم في النضال ضدَّ الحكم العسكري حسب طريقة جديدة مبتكرة.
أنتجوا لعبة كبيرة عُبِّئت بنشارة الخشب، كتبوا على الصدر والظهر "الحكم العسكري" طوقوا رقبة اللعبة بحبل للشنق، في احدى الليالي تسلّق أحد شباب الحركة خفيفي الحركة شجرة سرو شاهقة العلو كانت بجانب عين مريم العذراء على الشارع الرئيسي للناصرة، علّق لعبة القش التي سميت "الحكم العسكري" في اعلى نقطة على شجرة السرو الشاهقة وتدلّت اللعبة مشنوقةً... فجراً، تجمّع النصراويون يضحكون ويصفّقون لشنق الحكم العسكري.
ثار غضب الحاكم العسكري للناصرة الذي جاء مع مدير الشرطة ليشاهد السخرية من جهازه. طلب سيارة خاصة مع رافعة، لينزل اللعبة المشنوقة ويوقف المهزلة من الحكم العسكري.
صعد شرطي في سلّة الرافعة، لكنها لم تصل للحبل ليفكَّه ويحرّر لعبة الحكم العسكري من حبل المشنقة.
أُنزِلَ إلى الأرض وأُعطيَ خنجرا ليقطع اللعبة إرَبا، بنفس الوقت غيرت الرافعة مكانها مقتربة اكثر من السروة الشاهقة ورفعت الشرطي مع الخنجر بيده من جديد، مد الشرطي يده بالخنجر الى أقصى ارتفاع تمكن من وصوله، فوصل الى رقبة اللعبة، وبدأ "يذبحها" ونجح بفصل جسد اللعبة عن رأسها، فسقط الجسد والرأس على الأرض مفصولين عن بعضهما وتناثرت نشارة الخشب بالجو كأن السماء تندف ثلجا لونه أصفر .. والجماهير المتجمّعة لمشاهدة أجمل عرض في مدينة الناصرة، تضحك، تصفق وتهلّل احتفالا بالشنق الناجح للحكم العسكري.