إنهم يحتفلون بالنصر ... إننا نلعن الهزيمة


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 6725 - 2020 / 11 / 6 - 14:47
المحور: القضية الفلسطينية     

بأجواء محمومة بالشرق الأوسط ينتظر العرب أكثر من غيرهم في العالم نتائج الانتخابات الأمريكية كما يفعلون على رأس كل دورة رئاسية أمريكية وأيا كانت النتائج دائما فهي الانتصار لأمريكا كما تريده امريكا والهزيمة لنا كما تريدها اسرائيل التي لا تنتظر النتائج أبدا على قاعدة ان ساكن البيت الابيض أيا كان هو معها ولها ولن يحيد عن الطريق المرسومة لها بينما ننتظر نحن ما انتظرناه منذ نهاية الحرب الاستعمارية الثانية ودائما حصلنا على نفس النتائج باستقبال عدو جديد في البيت الابيض لا لشيء الا لأننا في معادلة الساسة العالمية خارج أي اعتبار.
كغيره من مرشحي الرئاسة الامريكية جاء بايدن بما يختلف عن ترامب بانه سيعيد تنشيط فكرة الدولتين في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مع التزامه التام بأمن وحماية اسرائيل وهو ما فعله الجميع تقريبا قولا لكن النتائج دائما كانت لصالح امن وحماية اسرائيل وتهميش وإضاعة الحق العربي والفلسطيني وقد أسس ترامب لكل من سيأتي من بعده ليتابع ما بدأه في حملة التطبيع المحمومة بين العرب وإسرائيل.
بايدن القديم الجديد في الرئاسة فهو نائب باراك اوباما أي انه لم يأتي ليدرس ولا ليتعلم فهو ابن مدرسة الرئاسة الديمقراطية الحريصة على اسرائيل بهدوء ولكن بتصميم فهو معروف كأكثر المؤيدين لاسرائيل مع إعلانه عن تأييده لفكرة الدولتين التي تعلن اسرائيل تأييدها له نظريا وقولا وتعمل على تحطيمها عمليا وهو ما فعله باراك اوباما وما سيتابعه نائبه إن سكن البيت الابيض.
أبدا لا تحتاج اسرائيل من بايدن انجازات ترامب الاستعراضية ويكفيها ان ينفذ جديا موضوع القدس ويسكت عن الاستيطان وعن الضم العملي لما تيسر من ارض فلسطينية وبالتالي فان انتظار الدبس كما يفعل العرب من مصدر يعرفون انه لا ينتجه بل ينتج عكسه دائما هو انتظار جديد لهزيمة جديدة مهما كانت الإعلانات المسبقة من بايدن فجميع الرؤساء الامريكيين بما فيهم ترامب يخوضون معاركهم الانتخابية سياسيا فيما يخص الشرق الأوسط على قاعدة الذهاب الى تنفيذ فكرة الدولتين وحين يصلون كرسي الرئيس يتصرفون بخلاف ذلك وأي عودة الى الوراء سنقرأ نفس السيناريوهات فالرئيس الذي يسعى لتجديد ولايته لا ياتي على ذكر الشرق الاوسط فقد كان واضحا ما فعل والرئيس القادم يتقرب بالقول قليلا من بعض العدل في النظرة لسياسية بانتظار الوصول لينقلب كغيره ديمقراطيا بالقفازات الناعمة وجمهوريا بالقبضات الخشنة.
الناخب الأمريكي سينتصر والمؤسسة الامريكية ستنتصر والديمقراطية الامريكية ستنتصر فكل النتائج هي أمريكية وسينهزم الشعبي العربي الذي لم يترك لنفسه الا الانتظار كما علموه أسياده وسينهزم هؤلاء الأسياد أيضا لاتهم تعودوا آن يبقوا على بيضهم في سلة من قادهم الربعة سنوات خشية أن يعود ويعاقبهم على إدارة الظهر لهم وحتى في حالة ترامب الذي اشتغل " حلابا " للعرب لصالح الخزينة الامريكية ومهرجا جعل من صورة العربي وخصوصا الحاكم أكثر الصور كاريكاتورية في تاريخ الولايات المتحدة وحول العربي الى احد مصادر السخرية العلنية ومع ذلك لم " تهتز لنا رقبة ".
إنهم ينتصرون في امريكا لاتهم يصوتون لأنفسهم وينتصرون في دولة الاحتلال لانهم يعرفون قواعد اللعبة ويتعاملون معها كما ينبغي وننهزم لأننا لا نتقن من فنون السياسة شيء ولأننا لا نعرف أصلا ماذا نريد ولماذا نريد وماذا ننتظر ولماذا ننتظر ولأننا لم نتعلم أبدا الدرس الذي يتكرر منذ جلس ساكن البيت الابيض على عرش العالم وظللنا ننتظر مع إدراكنا التام أن في موضوعة الشرق الاوسط فان التطابق تام بين بيت رئيس الولايات المتحدة على ارض الهنود الحمر ورئيس وزراء دولة الاحتلال على ارض القدس العربية الفلسطينية فكلاهما لهم نفس الأجندة ولا يغادرونها مهما تلون الكلام.
لا شيء سيتغير مع إعلان النتائج بعد دقائق أو أكثر فحتى اللحظة لم تحسم النتائج وسيبقى الحال على ما هو عليه وفقط سيجد الرئيس القادم بعض كلمات جديدة ولهاية جديدة لغويا لننشغل بها كما اشغلنا أصحاب خارطة الطريق وصفقة القرن وكما فعل اوباما في حملته الانتخابية وأيامه الأولى في البيت الابيض بان بلاده لم تدير ظهرها لرغبة الفلسطينيين بإقامة دولة لهم فأبقى على ظهره وأدار يديه ليفعل من الخلف ما يشاء ليأتي ترامب من بعده ويفعل ما فعل وهو ما سيكرره بايدن إن ظلت النتائج على حلها لساعات آو لدقائق وكذا سيفعل من سيأتي من بعد ومن بعد وسنبقى كما حالنا ننتظر هزيمتنا ونلعنها وينتظرون نصرهم ويلعنوننا ومن يلعن نفسه لن يجد من يرفع عنه اللعنة أبدا.
إن على العرب آن يغادروا ذاكرتهم المخرومة مرة واحدة ويتذكروا ما قاله المنقذ اوباما في جامعة القاهرة عن الحق العربي والفلسطيني وما فعله قبل ان يغادر البيت الابيض بأشهر قليلة وهو يوقع على منح اسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار أمريكي على مدى عشر سنوات فلا معنى للقول مقابل الفعل وحكاية دموع الصياد يعرفها حتى الأغبياء.