رأس المال: الفصل الثامن عشر (73) الأجور بالوقت


كارل ماركس
الحوار المتمدن - العدد: 6722 - 2020 / 11 / 3 - 09:45
المحور: الارشيف الماركسي     


تتخذ الأجور، بدورها، أشكالا عديدة جداً، الأمر الذي لا نجد له أثرا في اطروحات الاقتصاد السياسي التي تغفل أي فارق في الشكل، لشدة اهتمامها بالجانب المادي. إلا أن وصف جميع هذه الأشكال، ينتمي إلى بحث خاص بالعمل المأجور، وبالتالي لا مجال له في هذا البحث. مع ذلك نعرض هنا بإيجاز الشكلين الأساسيين السائدین للأجور.

إن بيع قوة العمل، كما نتذكر، يجري دائما لفترة معينة من الوقت. لذلك فإن الشكل المحول الذي تتخذه قيمة قوة العمل اليومية أو الأسبوعية، إلخ. بصورة مباشرة، هو “الأجور بالوقت”، أو الأجور اليومية، إلخ.

وينبغي أن نشير قبل كل شيء إلى أن القوانين المصاغة، في الفصل الخامس عشر، حول تغيرات سعر قوة العمل وفائض القيمة، تتحول، بعد تعديل طفيف في الشكل، إلى قوانین للأجور. وعلى الغرار نفسه، فإن الفارق بين القيمة التبادلية لقوة العمل، وكتلة وسائل العيش التي تتحول إليها هذه القيمة، يظهر هنا باعتباره فارقاً بين الأجور الإسمية والأجور الفعلية. وبصدد شكل تجلي الظاهرة لا فائدة هنا من تكرار ما سبق أن بيناه بالنسبة للشكل الجوهري. لذا نقصر بحثنا على عدد صغير من النقاط التي تميز الأجور بالوقت. إن المبلغ النقدي (1)، الذي يتقاضاه العامل مقابل عمله اليومي أو الأسبوعي، إلخ، يشكل أجوره الإسمية، أو يشكل أجوره مقدرة بالقيمة، ولكن من الواضح أن هذا الأجر اليومي أو الأسبوعي، إلخ، نفسه قد يمثل أسعار عمل متباينة تماما حسب طول يوم العمل، أي حسب كمية العمل الذي يقوم به العامل يوميا، نعني أنه يمثل مبالغ من النقد متباينة تماما رغم أنها مدفوعة عن كمية عمل واحدة (2). لذلك يجب، عند بحث الأجور بالوقت، أن نميز، من ثم، بین المبلغ الإجمالي للأجور اليومية أو الأسبوعية، إلخ، وبين سعر العمل. ولكن كيف نجد هذا السعر، كيف نجد القيمة النقدية لكمية معينة من العمل؟ إن متوسط سعر العمل يستخرج بتقسيم القيمة اليومية الوسطية لقوة العمل على عدد ساعات يوم العمل الوسطي. فلو كانت القيمة اليومية لقوة العمل هي 3 شلنات، أو القيمة المنتجة في 6 ساعات عمل، وكان يوم العمل مؤلفاً من 12 ساعة، فإن سعر ساعة عمل واحدة = 3شلنات/ 12 = 3 بنسات. وسعر ساعة العمل الواحدة المستخرج هكذا، يخدم كوحدة لقياس سعر العمل.

يترتب على ذلك أن الأجور اليومية أو الأسبوعية، وهلمجرا، يمكن أن تظل على حالها، رغم أن سعر العمل يهبط باستمرار. فلو كان يوم العمل العادي يبلغ 10 ساعات، والقيمة اليومية لقوة العمل 3 شلنات، فإن سعر ساعة العمل سيكون 5/3، 3 بنسات. ويهبط سعرها إلى 3 شلنات، حالما يرتفع يوم العمل إلى 12 ساعة، فيما يهبط السعر إلى 5/2، 2 بنس ما إن يرتفع يوم العمل إلى 15 ساعة. والأجور اليومية أو الأسبوعية تظل ثابتة، رغما عن ذلك كله. أو على العكس، يمكن للأجور اليومية أو الأسبوعية أن ترتفع، رغم أن سعر العمل يظل ثابتاً أو حتى في حالة هبوطه. فإذا كان يوم العمل مؤلفاً من 10 ساعات والقيمة اليومية لقوة العمل 3 شلنات، فإن سعر ساعة العمل الواحدة سيبلغ 5/3، 3 بنسات. ولو اشتغل العامل 12 ساعة، جراء ازدياد حجم العمل، فإن أجره اليومي سيرتفع، في حال بقاء سعر العمل ثابتاً، إلى 3 شلنات و5/1، 7 بنسات دون أي تغير في سعر العمل. وتنشأ النتيجة ذاتها فيما لو زیدت شدة العمل عوضا عن زيادة مدته (3). وعلى هذا فإن ارتفاع الأجور الإسمية اليومية أو الأسبوعية، قد يقترن بثبات أو هبوط سعر العمل. ويصح الشيء نفسه على مداخيل أسرة العامل، حيث إنه يضاف إلى كمية العمل، الذي يقدمه رب الأسرة، عمل أفراد أسرته الآخرين أيضا. وهناك، إذن، أساليب لخفض سعر العمل تفعل فعلها بمعزل عن خفض الأجور الاسمية اليومية أو الأسبوعية (4).

يترتب على ذلك قانون عام هو: إذا كانت كمية العمل اليومي أو الأسبوعي، إلخ، معينة، فإن الأجور اليومية أو الأسبوعية تتوقف على سعر العمل، وهذا السعر يتغير بدوره أما بتغير قيمة قوة العمل، وإما بانحراف سعر هذه القوة عن قيمتها. أما إذا كان سعر العمل، من الناحية الأخرى، معيناً، فإن الأجور اليومية أو الأسبوعية تتوقف على كمية العمل اليومي أو الأسبوعي.

إن وحدة قياس الأجور بالوقت، أي ساعة عمل واحدة، هي حاصل تقسيم القيمة اليومية لقوة العمل على عدد ساعات يوم العمل العادي. لنفرض أن هذا الأخير 12 ساعة، وأن القيمة اليومية لقوة العمل 3 شلنات وهي أيضا القيمة المنتجة في 6 ساعات عمل. في ظل ظروف كهذه يكون سعر ساعة العمل 3 بنسات، والقيمة المنتجة خلالها 6 بنسات. وإذا ما افترضنا تشغيل العامل الآن أقل من 12 ساعة في اليوم (أو أقل من 6 أيام في الأسبوع) كان يشتمل 6 أو 8 ساعات فإنه لا يتلقی، بسعر العمل نفسه، أكثر من شلنين أو شلن واحد و6 بنسات في اليوم (5). وبما أن عليه حسب افتراضنا، أن يعمل بالمتوسط 6 ساعات كل يوم لكي ينتج فقط أجرة يومية مقابل قيمة قوة عمله، وبما أنه، حسب الافتراض نفسه، لا يعمل في كل ساعة سوى نصف لنفسه ونصف للرأسمالي، فمن الجلي أنه لا يستطيع أن يحصل، لنفسه، على القيمة المنتجة في 6 ساعات إذا ما عمل أقل من 12 ساعة. لقد رأينا في الفصول السابقة العواقب المدمرة للتشغيل المفرط، أما الآن فنجد مصدر تلك العذابات التي تحل بالعامل من جراء تشغيله الناقص.

وإذا تُثبّت الأجور بالساعة، بحيث لا يلزم الرأسمالي نفسه بدفع أجور يومية أو أسبوعية معينة بل فقط أجور الساعات التي يطيب له استخدام العامل خلالها، فإن بوسعه استخدام العامل أقصر من مدة التشغيل التي كانت، في الأصل، أساسا لتقدير أجر الساعة، أي لتقدير وحدة قياس سعر العمل. وبما أن هذه الوحدة ستخرج على أساس نسبة القيمة اليومية لقوة العمل/ يوم عمل مؤلّف من عدد معين من الساعات، فإن وحدة القياس هذه تفقد طبعا كل معنی ما إن يكفّ يوم العمل عن احتواء ساعات عمل محددة، وتزول العلاقة بين العمل مدفوع الأجر والعمل غير مدفوع الأجر. فيستطيع الرأسمالي الآن أن يعتصر من العامل كمية معينة من العمل الفائض من دون أن يتيح له وقت العمل الضروري لعيشه بالذات. وبوسعه إزالة كل أثر للاستخدام المنتظم، ويستطيع، كما يحلو له ويشاء، انطلاقا من مصالحه الآنية، أن يجعل أشد أنواع العمل المفرط طولا تتعاقب مع أوقات البطالة النسبية أو حتى الكاملة. ويستطيع، بذريعة دفع “السعر الطبيعي للعمل”، أن يطيل يوم العمل بصورة غير عادية من دون أن يمنح العامل تعويضاً مناسباً ولو جزئياً. من هنا مصدر ذلك التمرد العقلاني حقا الذي قام به عمال البناء في لندن، عام 1860، ضد محاولة الرأسماليين فرض هذا النوع من الأجر بالساعة. إن التحديد القانوني ليوم العمل يضع حدا لشرٍّ كهذا، رغم أنه لا يقضي، بالطبع، على عدم استخدام العامل استخداما کاملا الذي ينجم عن منافسة الآلات، وتغير نوعية كفاءة العمال المستخدمين، والأزمات الجزئية والشاملة.

إن سعر العمل قد يظل ثابتاً من الناحية الاسمية وإن كان يهبط مع ذلك دون مستواه الطبيعي، بموازاة ارتفاع الأجر اليومي أو الأسبوعي. ويحدث ذلك حيثما يظل سعر العمل، أي سعر ساعة العمل، ثابتا ويمدد يوم العمل خارج طوله المعتاد. فإذا ازداد المخرج في الكسر التالي: القيمة اليومية لقوة العمل/ يوم العمل، فإن صورته تزداد بسرعة أكبر. وترتفع قيمة قوة العمل، بسبب اندثارها، مع ازدياد مدة أدائها لوظيفتها، بل ترتفع بدرجة أكبر من مقدار ازدیاد هذه المدة. ونتيجة لذلك ففي الكثير من فروع الإنتاج، حيث تسود الأجور بالوقت من دون تحديد قانوني لوقت العمل، جرت العادة، بصورة عفوية، أن يعتبر يوم العمل عادياً عند نقطة معينة، مثلا عند انقضاء عاشر ساعة (“يوم عمل طبيعي” «normal working day»، «عمل يوم» «the day’ s work»، «ساعات العمل النظامية the regular hours of work»). إن وقت العمل الواقع خارج هذه النقطة يعتبر وقت عمل إضافي (overtime)، ويقاس بالساعة ويدفع لقاءه، أجر أكبر (extra pay) رغم أن نسبة الارتفاع كثيرة ما تكون ضئيلة جدا (6). ويشكل يوم العمل العادي هنا جزءا من يوم العمل الفعلي، وكثيرا ما يكون هذا الأخير، أطول مدة من الأول على مدار السنة (7). إن ارتفاع سعر العمل مع إطالة يوم العمل خارج حد طبيعي معين، يتخذ، في بعض الصناعات البريطانية، طابعاً يضطر معه العامل، من جراء انخفاض سعر العمل خلال ما يسمى بالوقت العادي، إلى الاشتغال ساعات إضافية أعلى أجرة، هذا إذا ما رغب أصلا في الحصول على أجر كاف(8). ويأتي التحديد القانوني ليوم العمل ليضع نهاية لهذه المسرّات (9).

ومن المعروف عمومة، أنه كلما كانت أيام العمل أطول في فرع صناعي ما، كانت الأجور أدنى(10). ويشرح السيد أ. ريدغريف، مفتش المصانع، هذا الواقع بعرض مقارن، يستعرض فيه العشرين عاماً الواقعة بين 1839 – 1859، وحسب هذه المقارنة ارتفعت الأجور في المصانع الخاضعة لقانون الساعات العشر، بينما هبطت في المصانع التي يدوم العمل فيها من 14 إلى 15 ساعة يوميا (11).

إن القانون الذي صغناه آنفا، والذي ينص على ما يلي «إذا كان سعر العمل معيناً، فإن الأجر اليومي أو الأسبوعي يتوقف على كمية العمل المنفق» يترتب عليه، قبل كل شيء، أنه كلما كان سعر العمل أقل، وجب أن تكون كمية العمل أكبر، أو يوم العمل أطول، لكي يضمن العامل لنفسه متوسط أجر بائس لا أكثر. وتعمل ضالة سعر العمل كمحفز لتمديد وقت العمل (12).

من جهة أخرى، فإن إطالة وقت العمل تؤدي، بدورها، إلى خفض سعر العمل، وبالتالي خفض الأجور اليومية أو الأسبوعية.
إن تحديد سعر العمل بواسطة الصيغة:

القيمة اليومية لقوة العمل/ يوم عمل مؤلف من عدد معين من الساعات
يبين أن أي إطالة ليوم العمل تخفض سعر العمل، ما لم يأت تعویض ما. إلا أن الظروف التي تتيح للرأسمالي، على المدى البعيد، إطالة يوم العمل، هي نفسها التي تسمح له أولا، وترغمه أخيراً، على خفض السعر الإسمي للعمل أيضا، حتى يهبط السعر الإجمالي لساعات العمل التي ازدادت عدداً، أي الأجر اليومي أو الأسبوعي . وتكفي، هنا، الإشارة إلى ظرفين اثنين. إذا قام رجل واحد بعمل رجل ونصف أو رجلين، فإن عرض العمل يزداد رغم أن عرض قوة العمل في السوق يظل ثابتاً. والمنافسة التي تصطنع على هذا النحو بين العمال تسمح للرأسمالي بضغط سعر العمل إلى الأدنى، في حين أن هبوط سعر العمل يتيح له، من جهة أخرى، إطالة وقت العمل أكثر من ذي قبل (13). ولكن سرعان ما يغدو التصرف بكميات استثنائية من العمل غير مدفوع الأجر، أي كميات تفوق المستوى الوسطي اجتماعياً، وسيلة للمنافسة بين الرأسماليين أنفسهم. إن جزءا من سعر السلعة يتألف من سعر العمل. ولكن الجزء غير مدفوع الأجر من سعر العمل يمكن ألا يحتسب في سعر السلعة. فيمكن إهداؤه إلى الشاري. وهذه أول خطوة تقود إليها المنافسة. الخطوة الثانية التي تفرضها المنافسة ذاتها، هي أنها تحذف من سعر بيع السلعة جزءا، على الأقل، من فائض القيمة الاستثنائي الذي خلقته إطالة يوم العمل. وعلى هذا النحو ينشأ سعر بيع منخفض بصورة غير عادية للسلعة، هنا وهناك أول الأمر، ثم يثبت هذا السعر تدريجيا ويغدو من الآن فصاعداً القاعدة الثابتة للأجور الهزيلة ووقت العمل مفرط الطول، بعد أن كان هذا السعر، في الأصل، نتاج هذه الظروف بالذات. إننا نلمح هنا تلميحاً عابراً فقط إلى هذه الحركة، نظرا لأن تحليل المنافسة لا يندرج في هذا الجزء من موضوعنا. مع ذلك، فلندع الرأسمالي يتحدث لحظة عن نفسه
“ثمة في برمنغهام، قدر كبير من المنافسة بين أرباب العمل، الواحد ضد الآخر، بحيث أن البعض منا يضطر إلى القيام بأشياء، کرب عمل، يختزي منها لولا ذلك، مع هذا لا يحقق أحدهم ربحاً أكبر (and yet no more money is made)، فالجمهور وحده يجني النفع”(14). لنتذكر طائفتي الخبازين في لندن، التي تبيع أولاهما الخبز بسعره الكامل (the fullpriced bakers) وثانيتهما التي تبيع الخبز دون سعره. لقد اتهم أصحاب السعر الكامل، «thefullpriced» خصومهم أمام لجنة التحقيق البرلمانية قائلين:

“إنهم لا يعيشون إلا لأنهم يخدعون الجمهور أولا” (غش السلع)، “ولأنهم ينتزعون من رجالهم 18 ساعة عمل لقاء أجور 12 ساعة ثانياً … والعمل غير مدفوع الأجر (the unpaid labour) هو سلاح خوض المنافسة. والمنافسة بين أرباب المخابز هي علة الصعوبة في التخلص من العمل الليلي. وإن البائع بالسعر الأدنى الذي يبيع خبزه بالسعر الأدنى من تكاليف الإنتاج المتغيرة بتغير سعر الطحين، يعوض عن ذلك بانتزاع عمل أكثر من رجاله… فلو كنت أحصل من عمالي على 12 ساعة عمل فقط، وكان جاري يحصل على 18 أو 20 ساعة، فلا بد من أن يتغلب عليّ بسعر البيع. ولو استطاع العمال الإصرار على دفع أجور العمل الإضافي، لتم القضاء على هذه المناورة بسرعة… إن عددا كبيرة من أولئك الذين يستخدمهم البائعون بالسعر الأدنى، هم من الأجانب أو اليافعين، إلخ، المضطرين إلى تقبل أي أجر كان”(15). أنشودة النواح هذه طريفة لعدد من الأسباب، وبينها أنها تبين أن المظهر الخارجي لعلاقات الإنتاج هو كل ما ينعكس في ذهن الرأسمالي. فهو لا يعرف أن سعر العمل الطبيعي يتضمن، هو الآخر، كمية معينة من العمل غير مدفوع الأجر، وأن هذا العمل غير مدفوع الأجر، هو بالذات، المصدر الطبيعي لما يفوز به من ربح. فمقولة وقت العمل الفائض لا وجود لها في نظره، لأن هذا الوقت مندمج بيوم العمل العادي، الذي يعتقد الرأسمالي أنه يدفع لقاءه بواسطة الأجور اليومية. أما الوقت الإضافي فهو موجود بنظره، نظرا لأن الوقت الإضافي هو إطالة ليوم العمل خارج الحدود المطابقة للسعر العادي للعمل. بل إن الرأسمالي يصر، في مواجهة منافسه البائع بالسعر الأدنى، على أن يدفع أجرة إضافية (extra pay) لقاء الوقت الإضافي. ومرة أخرى نراه لا يعرف أن هذا الأجر الإضافي مرتبط بعمل غير مدفوع الأجر، شأنه شأن سعر ساعة العمل العادية. ولنأخذ مثالا يكون فيه سعر ساعة واحدة من الساعات الإثنتي عشرة ليوم العمل هو 3 بنسات وتكون هذه مساوية للقيمة المنتجة في نصف ساعة عمل، ويكون سعر ساعة العمل الإضافية 4 بنسات، أي يساوي قيمة منتوج 3 ساعة. في الحالة الأولى يستولي الرأسمالي مجانا، على نصف ساعة، وفي الحالة الثانية على ثلث ساعة.

____________

(1) نفترض هنا دائما أن قيمة النقد ثابتة.
(2) إن سعر العمل هو المبلغ المدفوع مقابل كمية معينة من العمل. (السير إدوارد ويست، سعر القمح وأجور العمل، لندن، 1826).
وهذا الكتاب يدشن عصرا كاملا في تاريخ الاقتصاد السياسي.
(3) تتوقف أجور العمل على سعر العمل وكمية العمل المبذول… وحصول زيادة في الأجور لا يعني بالضرورة ارتفاعا في سعر العمل. وبإطالة وقت العمل، وببذل جهود أكبر، يمكن لأجور العمل أن تزداد بدرجة ملحوظة، بينما يبقى سعر العمل على حاله، (ويست، المرجع المذكور نفسه، ص 67-68 و112) غير أن ويست يعالج السؤال الأساسي، كيف يتحدد “سعر العمل” بسطحية تامة.
(4) هذا ما يراه المدافع المتعصب عن البورجوازية الصناعية في القرن الثامن عشر، مؤلف بحث في الصناعة والتجارة، الذي استشهدنا به كثيرة، رغم أنه يصوغ المسألة بطريقة مرتبكة للغاية. إن كمية العمل لا سعره، (يقصد بذلك الأجور الإسمية اليومية أو الأسبوعية) هي التي تتحدد بسعر المواد الغذائية وغيرها من الضروريات: خفض سعر الضروريات كثيرة، فتنخفض طبعا بذلك كمية العمل بنفس النسبة … ويعرف الصناعيون أن هناك طرقاً شتی لرفع أو خفض سعر العمل من دون تغيير مقداره الإسمي.. (المرجع المذكور، ص 48 و61). ويقول ن. و. سنیور في كتابه: ثلاث محاضرات في معدل الأجور (1830 ,Three Lectures on the Rate of Wages, London) مستخدماً مؤلف ويست أعلاه من دون ذكر المصدر. “إن العامل… يهتم أساسا بمستوى الأجور” (ص 15). يقصد القول إن العامل يهتم أساسا بما يتلقاه، بالمقدار الإسمي لأجوره، لا بما يقدمه هو من كمية عمل!.
(5) إن تأثیر مثل هذا التقليص غير العادي لتشغيل العامل يختلف تماما عن التخفيف العام الإلزامي ليوم العمل، الذي يفرضه القانون. فهذا الأول لا علاقة له البتة بالطول المطلق ليوم العمل، إذ يمكن تماما أن يحدث ليوم عمل من 15 ساعة، كما ليوم عمل من 6 ساعات. وبحسب السعر الطبيعي للعمل، على أساس اشتغال العامل يوميا، وبالمتوسط، 15 ساعة في الحالة الأولى و6 ساعات في الحالة الثانية. لذا فإن النتيجة هي هي إذا كان يشتغل في الحالة الأولى مجرد 7 ساعة، أو يشتغل في الحالة الثانية 3 ساعات فقط.
(6) “إن معدل ما يدفع مقابل ساعات العمل الإضافية في صناعة المحرمات ضئيل جدا ويساوي 1/2 البنس، إلخ، في الساعة، وهذا يقف في تضاد صارخ مع مقدار الأذى الذي ينزله العمل الإضافي بصحة العاملين وحيويتهم… زد على ذلك أن هذا المبلغ الصغير المكتسب بهذه الصورة كثيراً ما ينفق، اضطراراً، على أغذية إضافية منعشة”. (لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثاني، ص XVI رقم 117)
(7) مثال من صناعة ورق الجدران، قبل العمل بقانون المصانع الذي طبق عليها مؤخراً: “نحن نعمل دون توقف لتناول الطعام، بحيث أن يوم العمل المؤلف من 10 ساعات ونصف الساعة ينتهي في الرابعة والنصف عصراً، وكل عمل بعد ذلك يعد ساعات إضافية، وقلما نغادر المصنع قبل السادسة مساء، بحيث أننا نعمل فعلا ساعات إضافية على مدار السنة”. (شهادة السيد سميث في: لجنة استخدام الأطفال، التقرير الأول، ص 125).
(8) مثال من مصانع قصر الأقمشة في اسكتلندا: كانت هذه الصناعة تزاول في بعض أنحاء اسكتلندا (قبل تطبيق قانون المصانع 1862) وفق نظام الساعات الإضافية، نعني أن عشر ساعات في اليوم كانت تؤلف ساعات العمل الاعتيادية ويدفع مقابلها أجر مقداره شلن وبنسان للعامل في اليوم. وجرى في كل يوم أداء 3 أو 4 ساعات من العمل الإضافي، الذي يدفع مقابله 3 بنسات في الساعة. وكانت نتيجة هذا النظام: إن المرء لا يستطيع أن يكسب أكثر من 8 شلنات اسبوعياً حين يعمل في الساعات العادية … وبدون الوقت الإضافي لا يستطيع العمال الحصول على أجر يومي كاف. (تقارير مفتشي المصانع، 31 نيسان/إبريل، 1863، ص 10). “إن الأجور المرتفعة لحمل العامل على العمل ساعات أكثر، اغراء لا يقاوم”.. (تقارير مفتشي المصانع، 30 نیسان/ إبريل، 1848، ص 5)، تستخدم صناعة تجليد الكتب في حي المال والأعمال في لندن (City) الكثير جدا من الفتيات بين سن 14 – 15 سنة، وذلك بموجب عقد عمل لمدة التمرن يحدد ساعات معينة للعمل. مع ذلك فهن يعملن في الأسبوع الأخير من كل شهر حتى الساعة العاشرة أو الحادية عشرة أو الثانية عشرة أو الواحدة ليلا، إلى جانب العمال الأكبر سنا في خليط كبير جداً. إن أرباب العمل يغرونهن (tempt) بأجر إضافي ونقود لعشاء جيد، يتناولنه في الحانات القريبة. غير أن إلقاء هؤلاء الصبايا الخالدات، (young immortals) في لجة الفجور (لجنة استخدام الأطفال، التقرير الخامس، ص44، قم 191). يشفع له حقيقة أن العديد من الأناجيل والكتب الدينية الأخرى هي من بين ما تجلده هؤلاء الفتيات.
(9) راجع: تقارير مفتشي المصانع، 30 نيسان/إبريل، 1863، المرجع المذكور. لقد أعلن عمال البناء في لندن، بانتقاد دقيق للأوضاع خلال الاضراب الكبير والإغلاق (Strike & Lock – out ) في 1860، أنهم لن يتقبلوا الأجور بالساعة إلا بعد توافر شرطين هما: 1- مع تحديد سعر ساعة العمل يجب أن يحدد أيضا طول يوم عمل عادي مؤلف من 9 أو 10 ساعات، وأن سعر الساعة لليوم المؤلف من 10 ساعات ينبغي أن يكون أعلى من سعر ساعة اليوم المؤلف من 9 ساعات؛ 2- إن كل ساعة تزيد على يوم العمل العادي ينبغي أن تعتبر ساعة إضافية، وأن يدفع مقابلها أجر أعلى.
(10) “والشيء الذي يلفت النظر تماما كذلك أنه حيثما تكون ساعات العمل الطويلة في القاعدة، تكون الأجور ضئيلة أيضا. (تقارير مفتشي المصانع، 31 تشرين الأول/ أكتوبر، 1863، ص 9، وتقریر الصحة العامة السادس، 1864، ص 15).
(11) تقارير مفتشي المصانع، 31 نيسان/إبريل 1860، ص 31، 32.
(12) يضطر صناع المسامير اليدويين في إنكلترا، مثلا بسبب ضآلة سعر العمل، إلى الاشتغال 15 ساعة في اليوم لكي يحصلوا على أجورهم الأسبوعية الهزيلة. وإنه لعدد كبير جدا من الساعات بالنسبة اليوم واحد، والعامل مضطر للعمل بشدة طوال الوقت كي يحصل على 11 بنساً او شلناً واحداً، يقتطع منها اندثار الأدوات، وتكاليف الوقود، وشيء ما لقاء ضياعات الحديد، مما يطرح بمجموعه 1/2،2 إلى 3 بنسات. (لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثالث، ص136، رقم 671). وتتقاضى النساء عن نفس وقت العمل أجوراً اسبوعية مقدارها 5 شلنات فقط (المرجع نفسه، ص 137، رقم 674).
(13) إذا رفض عامل صناعي مثلا العمل خلال الساعات الطويلة المعتادة «فسرعان ما يحل محله عامل ثان يرتضي العمل لأية فترة زمنية، وهكذا يطرد الأول من العمل». (تقارير مفتشي المصانع، 31 تشرين الأول/ أكتوبر 1848، ص 39، رقم 58). إذا … أدى رجل واحد عمل رجلين… فإن معدل الربح يرتفع عموماً… نظراً لأن عرض العمل الإضافي يؤدي إلى خفض سعر العمل.. سنيور، ثلاث محاضرات في معدل الأجور، ص 15).
(Senior, Three Lectures on the Rate of Wages, London, 1830, p. 15).
(14) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثالث، شهادات، ص 66، رقم 222.
(15) تقرير، إلخ، حول شكاوى الخبازين المياومين، لندن، 1862. وكذلك الشهادات المرقمة 479-359-27. وعلى أية حال، فإن طائفة السعر الكامل أيضا كما ذكرنا أعلاه، وكما يعترف بنيت (Benet) بنفسه، وهو الناطق بلسانهم، يجعلون عمالهم يشرعون بالعمل، عموما، في الساعة 11 مساء أو قبل ذلك الوقت… وحتى الساعة السابعة من مساء اليوم التالي، (المرجع نفسه، ص 22).