البرنامج الثوري البرنامج الإصلاحي: أية علاقة؟ وأي أفق؟


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 19:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

مقدمة:
إن أي حركة، كيفما كانت هذه الحركة، سواء كانت نقابية، أو حقوقية، أو جمعوية، أو أحزاب سياسيبة، لا يمكن أن تكتسب قيمتها، إلا بما تلتزم به، من برنامج معروف المراحل، محدد الخطوات، معروف الأهداف، تقود على أساسه الحركة كل الفئات المستهدفة بذلك البرنامج، في أفق العمل على تحقيق الأهداف المسطرة، من أجل العمل على نقل المستهدفين من واقع، إلى واقع مختلف، معبر عن التحول الإيجابي، الذي تنشده الحركات المناضلة، من أجل إحداث تطور ما، في حياة أفراد الشعب، أو في أفق تغيير واقعهم، في أفق تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، الهادفة إلى إيجاد واقع جديد، بإنسان جديد، وبعقلية متقدمة، ومتطورة، تنسجم مع الطموحات الشعبية، في تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، على المدى المتوسط، والبعيد.

وحرص الإنسان على التغيير المنشود، لا بد له من حركة، وهذه الحركة، لا بد أن تكون ثورية، والحركة الثورية، لا بد لها من برنامج ثوري؛ لأن ما يهمها، هو تثوير المناضلين أولا، على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة.

وتثوير الحركة على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة اليومية، للمناضل الثوري، وعلى مستوى البرنامج المعتمد، الذي يجب أن يكون ثوريا، حتى يساهم في الحفاظ على الأداء الثوري، لتنظيمات الحركة الثورية، وللمناضلين الثوريين، على جميع المستويات التنظيمية، في أفق تحقيق الأهداف، المسطرة في البرنامج الثوري، للمرحلة الإستراتيجية.

ومعلوم أن البرنامج المرحلي / الإستراتيجي، يشمل البرنامج الاقتصادي، والبرنامج الاجتماعي، والبرنامج الثقافي، والبرنامج السياسي، بالإضافة إلى البرنامج التنظيمي، والإشعاعي.

وهذه البرامج التي يعتمدها التنظيم الحزبي الثوري، بأبعادها المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، في أفق خلق دينامية تنظيمية ثورية، تجعل التنظيم الحزبي الثوري، مع الجماهير، وإلى جانبها، وفي قيادة نضالاتها الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، من أجل تحقيق مطالبها الآنية، وسعيا إلى جعل الحكم يستجيب لمطالبها المستعجلة، التي تقتضي شروطا معينة، للاستجابة إليها، من أجل التخفيف من حدة الاستغلال، الممارسة على الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، مما يشعر الكادحين بأهمية النضال الجماهيري، مع ربطه بالنضال السياسي، الذي يعتبر شرطا لإبراز أهمية خطورة وعي الجماهير الشعبية الكادحة، في العمل على تغيير ميزان القوى لصالحها، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ونحن عندما نعمل على تغيير ميزان القوى، لصالح الجماهير المعنية بالتغيير، تبقى معرضة للتهميش، ما لم يتغير ميزان القوى لصالحها، من أجل التخفيف من حدة ما تتعرض له من تهميش.

ومهمة البرنامج الثوري، هي الدفع في اتجاه تغيير ميزان القوى: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لصالح الجهات المعنية بالتغيير.

أما مهمة البرنامج الإصلاحي، فلا تتجاوز مهمة المحافظة على ما هو قائم، مع الظهور بمظهر الحرص على تمكين المتضررين من الأوضاع من السعي إلى الإصلاحات، التي تمكنهم من الشعور بالتخلص من الوضعية التي يعانون منها، والتي سرعان ما تعود، تلك المعاناة، بأقبح ما كانت عليه؛ لأن البرنامج الإصلاحي، لا يستهدف أصل المشكل، من أجل تغييره، حتى وإن كان في إطار المشاركة في الانتخابات، فإن البرنامج الثوري، سيكون له فعل مخالف، وتأثير إيجابي، لصالح المستهدفين بالتغيير.

فالبرنامج الثوري، ليس هو البرنامج الإصلاحي، والبرنامج الإصلاحي، ليس هو البرنامج الثوري، على مستوى الإنسان، وعلى مستوى مصلحة الكادحين، وعلى مستوى المحافظة على ما هو قائم.

فما المراد بالبرنامج الثوري؟

وما هي سبل الالتزام به؟

وماهي الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها؟

وما هي الغاية من وراء تحقيق تلك الأهداف؟

وما المراد بالبرنامج الإصلاحي؟

وما هي سبل الالتزام به؟

وما هي الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها؟

وما هي الغاية من وراء تحقيق تلك الأهداف؟

فما هي العلاقة القائمة بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي؟

وما هو أفق علاقة البرنامج الثوري بالبرنامج الإصلاحي؟

وما هو البرنامج الأولى بالتفعيل، بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة؟

ونظرا للاختلاف القائم على مستوى مفهوم البرنامج الثوري، ومفهوم البرنامج الإصلاحي، فلأننا سنعمل على مقاربة الأجوبة، عن الأسئلة المطروحة في هذا السياق، حتى تصير أوجه الاختلاف واضحة، في ذهن أي متتبع، ومن أجل أن نصل إلى تحديد الأولوية لأي برنامج، بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة:

هل هو البرنامج الثوري؟

هل هو البرنامج الإصلاحي؟

وقد يعتقد البعض، أن البرنامج الثوري هو البرنامج التحريضي، الذي يقف وراء تهييج الجماهير الشعبية الكادحة. وهو اعتقاد خاطئ؛ لأن البرنامج يكون ثوريا بمنهجه، وبالأفكار التي يعتمدها، لإقناع الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من أجل المساهمة، بالفعل اليومي الهادف، فى تحقيق الأهداف المحددة في البرنامج، والتي تخدم في حالة تحققها، مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومصالح الشعب الكادح.

والبرنامج الثوري، لا يتناقض، أبدا، مع المشاركة، أو المقاطعة، التي يقررها الحزب الثوري. فطبيعة الأفكار التي يطرحها البرنامج، مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد، وفي إطار الحرص على سلامة البرنامج من السقوط في أي شكل من أشكال التحريف.

ومن منطلق: أن الحركة الثورية، أو حزب للطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، قرر المشاركة في أي انتخابات تجري، وبدون قيد، أو شرط، فإن قرار المشاركة، لا يتنافى مع الصياغة الثورية للبرنامج، إلى درجة أننا اعتقدنا: أن الصياغة الثورية للبرنامج، هي صياغة تقتضي عدم التمسك بالأمهات، في صياغة أي برنامج انتخابي، مع أن البرنامج الانتخابي نفسه، يمكن أن تصير الأمهات، كما كان يسميها فقيد الشعب المغربي، القائد الأممي: أحمد بنجلون، منطلقات في صياغة البرنامج الثوري / الانتخابي، سواء تفاعلت معه الجماهير الشعبية الكادحة، أو لم تتفاعل معه، نظرا للشروط القائمة، التي يعم فيها الفساد جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يصعب معه تفاعل البرنامج الانتخابي، مع الشروط الموضوعية، التي تجري فيها الانتخابات. وهذا لا يعني: أن الحركة الثورية، أو حزب الطبقة العاملة، تعيد، أو يعيد النظر في البرنامج الثوري، لإرضاء الجماهير، بقدر ما يعتبر التمسك بالبرنامج الثوري، هو المدخل من أجل إنضاج شروط إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، وخالية من كل أشكال الفساد الانتخابي، الذي يقتضي من الحركة الثورية، اعتماد الفضح الإعلامي المكتوب، والمسموع، والمسموع المرئي، والمكتوب الإليكتروني، والمسموع الإليكتروني، لجعل المتتبعين في المستويات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، يقفون على كل أشكال الفساد المعتمدة في الانتخابات، مما يقتضي اتخاذ موقف معين منها، للحكم: إما بحريتها، ونزاهتها، أو عدم حريتها، ونزاهتها.

إن الفئات التي يستهدفها حزب الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، تدرك جيدا: أن الحركة الثورية، يتم الالتفاف عليها، من خلال إطلاق يد الفاسدين، بما يتوفرون عليه، من أموال طائلة، لإفساد الحياة الإدارية، والحياة السياسية، في نفس الوقت، لقطع الطريق أمام الحركة الثورية، أو حزب الطبقة العاملة، الذي يعتمد البرنامج الثوري، كوسيلة للوصول إلى الناخب المغربي النظيف، والواعي بأهمية البرنامج الثوري، والتدخل لدى الجهات المشرفة على إجراء الانتخابات، من أجل فرض حريتها، ونزاهتها، ومن أجل وضع حد للفساد، بكل أنواعه: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يصير المجال مهيأ، لجعل البرنامج المعتمد، من قبل أي حزب مشارك في الانتخابات، هو الذي ينال اهتمام الناخبين. وفي هذا الإطار، نجد أنه لا بد أن ينال البرنامج الثوري، اهتمام الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وبالتالي، سيصير اختيار التصويت على البرنامج الثوري، مسألة واردة؛ لأن البرنامج الثوري، يستجيب لإرادة الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، في حال امتلاكهم للوعي الطبقي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يمتلكوا القدرة على اختيار البرنامج الثوري، الذي يستجيب لطموحات الكادحين، المشكلين للغالبية العظمى من الناخبين.

فالبرنامج الثوري، هو البرنامج الثوري، ولا يمكن أن يصير شيئا آخر، سواء تعلق الأمر بمقاطعة للانتخابات، التي تفتقر إلى الحرية، والنزاهة، ومحاربة كل أشكال الفساد الإداري، والسياسي، أو المشاركة فيها، بناء على محطات ذاتية، تقتضي من الحركة الثورية: المشاركة في الانتخابات، من أجل الاستمرار في الوجود، وإسماع الصوت إلى الجماهير الشعبية الكادحة؛ ولكن بنفس البرنامج الثوري، الذي يهدف إلى توعية الجماهير الشعبية الكادحة، بواقعها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تكتسب، وتمتلك القدرة على مواجهة كافة أشكال الفساد، التي تنخر كيان المجتمع، وأن لا يكون الهدف من المشاركة في الانتخابات، هو الوصول إلى مقاعد المؤسسات المنتخبة، التي لا يمكن نكران أهميتها، بقدر ما يكون الهدف، هو تفعيل البرنامج الثوري، في شقه الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تتحمل الجماهير الشعبية الكادحة، الحاملة للوعي، في أبعاده المختلفة، مسؤوليتها في مواجهة الفساد، وما يظهر منه، وما يصير خفيا، حتى يصير عاجزا عن الاستمرار في التوالد، والامتداد، في صفوف الشعب المغربي.

وبناء على كوننا نسعى إلى التمييز بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي، وانطلاقا من أن البرنامج الثوري، لا يقدم أي شكل من أشكال التنازلات، بسبب المشاركة في الانتخابات، ولا يزايد على الحكم، بسبب المقاطعة.

فالبرنامج الثوري، يبقى ثوريا في الحالتين معا: المقاطعة، والمشاركة. والهدف، هو الهدف، في نفس الحالتين؛ لأن الغاية، ليست هي المقاطعة، وليست هي المشاركة من أجل المقاعد الجماعية، أو البرلمانية، بل الغاية، هي جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يحملون وعيهم بالذات، وبالواقع، وفي حالة حصول الحركة الثورية، أو حزب الطبقة العاملة، على مقاعد معينة، فإن مناضلي الحركة الثورية، أو حزب الطبقة العاملة، يلتزمون بالبرنامج الثوري، سواء كانوا في موقع المسؤولية، أو في المعارضة، التي لا علاقة لها بالمعارضة الرسمية.

وبالنسبة للبرنامج الإصلاحي، الذي يختلف شكلا، ومضمونا، عن البرنامج الثوري، فإننا لا نجد أنه يسعى إلى إحداث تغيير معين في الواقع. فإنه لا يتجاوز المحافظة على الواقع كما هو، مع إدخال بعض التعديلات التي تظهره، وكأنه يقوم بتغيير معين، في اتجاه إيجاد بديل لما هو قائم، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في الوقت الذي يزداد ترسيخا، كما هو قائم في الواقع، إلى درجة أن الجهات المتضررة من الواقع، تزداد تضررا. وهو ما يؤكد: أن رفع شعار الإصلاح، ما هو إلا إعلان عن قبول الواقع، كما هو، دون تغيير اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي ،مع القيام بإبراز تعديلات معينة، لا تمس بالجوهر، ولا تحد من ازدياد ارتفاع مكانة المستفيدين من الواقع، ولا تحد من مضاعفة الأضرار، التي تلحق المتضررين في الأصل؛ لأن منهج الإصلاح، ليس هو منهج التغيير، فالأمر كما هو، لا يتبدل، ولا يتغير في ظل الإصلاح. فما يتبدل: هو ازدياد تضرر المتضررين.

فازدياد استفادة المستفيدين، وازدياد تضرر المتضررين، هو السمة الكبرى، المميزة للبرنامج الإصلاحي، الذي يمكن تسميته بالبرنامج التكريسي، الذي يعتبر وسيلة لحماية مصالح المستفيدين من الأوضاع القائمة، والحيلولة دون الحد من الأضرار التي تلحق المتضررين اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، سعيا إلى جعل النظام القائم، مطمئنا على مستقبل وجوده، وعلى استمرار نموه، وتجذره، والمساهمة في حمايته، من كل ما يمكن أن يلحق به أي شكل من أشكال الأضرار، التي قد تجعله يتراجع، ولو قيد أنملة، إلى الوراء، لصالح الحد من استفادة المستفيدين، والتخفيف من الأضرار التي تلحق المتضررين أصلا.

وبناء على هذه التوطئة، فإن البرنامج الإصلاحي في عمقه، وفي جوهره، هو برنامج لإنقاذ النظام القائم، حتى يستعيد قدرته على التحكم في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل جعله في خدمة المستفيدين منه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، دون القيام بأي مساهمة، في الحد من الأضرار، التي تلحق المتضررين من الواقع القائم، على جميع المستويات، حتى يتأتى للنظام القائم، استعادة مكانته، وقوته، وقدرته على التحكم في الواقع، مع الاستمرار في إلحاق المزيد من الأضرار بالمتضررين، الذين يخضعون، باسم الإصلاح، للاستغلال الهمجي، كما هو الشأن بالنسبة لاستغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بطرق همجية، تتناقض مع إنسانية الإنسان، ومع السعي إلى السطو على مفاهيم حقوق الإنسان، والحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، لتصر غير قائمة، مع العمل على تغييبها من الخطاب الإعلامي، باعتبارها موحية بالتغيير، الذي لا يسعى إليه المدافعون عن البرنامج الإصلاحي، حتى يبرهنوا للنظام القائم، على أنهم الأجدر باحتضانه لهم، وبالتالي، تمكينهم من شروط تحقيق تطلعاتهم الطبقية، جزاء لهم، على اتباع السياسة الإصلاحية القائمة، على أساس الالتزام بالبرنامج الإصلاحي الهادف، إلى جعل النظام القائم، يستعيد مكانته، وقوته، وقدرته على التحكم في الواقع.

بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي:

وإذا كان البرنامج الإصلاحي، لا يرقى إلى مستوى البرنامج الثوري، المنحاز إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإنه يصير هو البرنامج، الذي يبحث عنه الممارسون للاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، نظرا لدور البرنامج الإصلاحي، الذي لا يكون إلا مضللا، ولا يكون شيئا آخر، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يستمر الممارسون للاستغلال، في استغلالهم مدى عمرهم العملي. والتضليل، ممارسة ضرورية، يمارسها الإصلاحيون، من خلال التزامهم بأجرأة برنامجهم الإصلاحي، المنحاز، أصلا، إلى الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي؛ لأنها، هي الطبقات التي تساهم في تحقيق التطلعات الطبقية للقيادات الإصلاحية. أما العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المعرضون جميعا للاستغلال الهمجي، فإنهم لا يستطيعون، لا من قريب، ولا من بعيد، تحقيق التطلعات الطبقية للقيادات الإصلاحية، ولكنها تستطيع، إذا امتلكت وعيها الطبقي، وأدركت أن البرنامج الإصلاحي، هو مجرد برنامج تضليلي، لا يخدم إلا مصالح الممارسين للاستغلال المادي، والمعنوي، في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وإذا كان العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يخضعون للاستغلال الهمجي، بسبب التضليل، الذي تمارسه القيادات الإصلاحية، العاملة على جعل الالتزام بالبرنامج الإصلاحي، نظرا لاستفادة القيادات الإصلاحية، من تعميق استغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عن طريق تمكينها من تحقيق تطلعاتها الطبقية، فإن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يراهن الحزب الثوري، على تطور وعيهم بالذات، وبالواقع، وبما يمارس عليهم من استغلال، وبالشروط الذاتية، والموضوعية، التي تؤدي إلى القبول بذلك الاستغلال، وعدم القبول به، انطلاقا من الشروط القائمة. وهو ما يقتضي من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، العمل على مواجهة الاستغلال المادي، والمعنوي، حتى يتأتى للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أن يعملوا على توظيف رصيدهم من الوعي بالذات، وبالواقع، من أجل الوصول إلى جعل الذات قادرة على الصمود، بالإضافة إلى الوصول، إلى جعل الواقع في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل التخفيف من حدة الاستغلال أولا، ومن أجل العمل على القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، حرصا منهم على التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية، عندما تكون الشروط مساعدة على ذلك، من أجل وضع حد للفساد، الذي ينمو في النظام الرأسمالي، الحاضن له، والساعي إلى تأبيد استغلال الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة.

وكثيرا ما تكون هناك محطات نضالية، ينحاز فيها الإصلاحيون إلى الحكم، وإلى الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، وبطريقة همجية للواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يصير في خدمة الطبقات المستغلة، أو المستفيدة من الاستغلال المادي، والمعنوي. وهذا الانحياز المكشوف للإصلاحيين إلى الحكم، وإلى الطبقات المكرسة لاستغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ليس خوفا من الحكم، أو الطبقات المستغلة، بل رغبة في أن يصير هذا الانحياز، أفضل وسيلة للتسريع بتحقيق التطلعات الطبقية، التي يمكن أن تتحقق بالانحياز إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويمكن أن نعتبر أن محطة 08 مايو ،1983 أفضل مثال، على أن القيادات الإصلاحية، عندما تتطلع إلى الحكم، إلى جانب المستغلين، تتمكن من التسريع بتحقيق التطلعات الطبقية، التي هي المحرك الأساسي لعملية الانحياز تلك، ولكن القيادات الإصلاحية، عندما يمارس عليها الاستغلال الهمجي، وعندما تصير مهددة، في مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، تجد نفسها مضطرة إلى الانحياز إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا من أجل دعم نضالاتهم، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؛ بل من أجل الوصول إلى قيادتهم، واستغلال تلك القيادة، في ممارسة كافة أشكال التحريف، التي تخدم العمل على تحقيق التطلعات الطبقية، ولكن هذه المرة في العمل على:

1) ممارسة كافة أشكال التحريف، التي تهدف إلى جعل الحركة عاجزة، تماما، عن العمل على تحقيق الأهداف المرسومة، وخاصة: التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، التي تصير مستحيلة التحقق.

2) تقديم المزيد من التنازلات، إلى الحكم، وإلى الطبقة الحاكمة، وإلى كل المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، حتى يعمل هؤلاء على تمكين قيادة الحركة، التي تحولت إلى قيادة إصلاحية، من تحقيق تطلعاتها الطبقية، التي تجعلها أكثر وفاء للحكم، ولكل المستغلين. وبعد ذلك فليذهب الحزب الثوري إلى الجحيم.

فالبرنامج الثوري، إذن، هو البرنامج الذي تعتمده الحركة الثورية، المنحازة إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبقيادة تهدف إلى التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، ولا تقدم أي تنازل، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

أما البرنامج الإصلاحي، فهو البرنامج الذي تعتمده الحركة الإصلاحية، التي تنحاز في شروط معينة، إلى الحكام، وإلى الطبقات الحاكمة، وإلى كافة المستغلين، مهما كان مستواهم، في ممارسة الاستغلال، وإذا وصل الإصلاحيون إلى قيادة الحركة الثورية، فإنهم يعملون على بث التحريف في صفوفها، ويقدمون المزيد من التنازلات للحكام، وللطبقة الحاكمةن ولكل المستغلين، في مقابل تمكين القيادة الإصلاحية، من تحقيق تطلعاتها الطبقية. أما الحزب الثوري، الذي تحول إلى عملة في العلاقة مع الحكم، فإنه يدخل في عملية الانتظار إلى حين، كما حصل في 08 مايو 1983، لولا تصدي المناضلين الشرفاء، للقيادة الإصلاحية.

سبل الالتزام بالبرنامج الثوري:

وبالنسبة لسبل الالتزام بالبرنامج الثوري، نرى: أنها تتحدد طبقا لطموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من منطلق أن تلك الطموحات، تسعى إلى جعل الواقع: في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق جعله في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وحتى نعمل على تحديد سبل الالتزام بالبرنامج الثوري، نرى ضرورة:

1) أن يصير مناضلو الحركة، مستوعبين، ومفعلين للقوانين العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، باعتبار تلك القوانين العلمية، هي المحرض على الالتزام بالبرنامج الثوري، وعلى تفعيله في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وجعل تلك القوانين سارية في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى تتأتى لهم إمكانية التفاعل مع البرنامج الثوري، وفهم بنوده، واستيعاب مراحله، حتى يسعوا جميعا إلى تحقيق أهدافه المحددة، حتى يصير التفعيل مشتركا، بين العاملين في الحركة الثورية، وبين المستهدفين بتفعيل البرنامج الثوري، ويصير البرنامج الثوري، من اهتمامات المستهدفين به.

2) أن تقوم الحركة الثورية، بحملة إعلامية مسموعة، ومرئية مسموعة، ومقروءة، وإليكترونية، من أجل التعريف بالبرنامج الثوري، وبالأهداف التي يسعى إلى تحقيقها للمجتمع ككل، حتى يتأتى أن يصير الاهتمام بأجرأة بنود البرنامج الثوري، ذات بعد شعبي، في مختلف المجالات الاجتماعية، وفي كل القطاعات القائمة في المجتمع، سعيا إلى أن يصبح الاهتمام بتفعيل البرنامج الثوري، ذي بعد شعبي.

3) أن يصير العمل الثوري، الذي تنتجه الحركة، من خلال كل مناحي الحياة، في مجالاتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى تحقيق التربية على العمل الثوري، الذي هو المبتدأ، وهو المنتهى، في عملية تفعيل البرنامج الثوري، الذي يعمل على تغيير الواقع، حتى يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بدل أن يبقى في خدمة الحكم المخزني، وخدمة الطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين المنتمين إلى الإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، في مستوياتها المختلفة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي والمعنوي.

4) أن يمتلك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعيهم بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن منطلق: أن هذين الشكلين من الوعي، يعتبران مدخلا لامتلاك باقي أشكال الوعي الأخرى: الاقتصادية، والاجتماعية، والقافية، والسياسية، في أبعادها الطبقية، التي تعتبر شرطا لانخراط العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في خوض الصراع الطبقي، في أبعاده المختلفة، على أساس التمييز بين الصراع الهادف، إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، من أجل التخفيف من حدة الاستغلال المادي، والمعنوي، والذي تقوده النقابات القطاعية، والمركزية، وبين الصراع الهادف إلى التغيير الجذري للواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والذي تقوده الحركة الثورية، أو حزب الطبقة العاملة، الذي لا يكون إلا ثوريا، من أجل تحرير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

5) أن تلتزم الحركة الثورية، بالبرنامج الثوري، الذي لا يسعى، في نفس الوقت، وعبر تحقيق الأهداف المرحلية القريبة، والمتوسطة المدى، إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، ومن خلال عمل الحزب الثوري، إلى تغيير الواقع، انطلاقا من الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، التي تجعل الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

6) أن يصير البرنامج المرحلي، الذي تعمل على تحقيقه المنظمات الجماهيرية، والهادفة إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في خدمة تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، من خلال الربط الجدلي، بين النضال الجماهيري، والنضال السياسي، بمعناه العام، والذي يعتبر دعما للحركة الثورية، أو للحزب الثوري، أو لحزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهذا الدعم، ومن هذا النوع، لا يتأتى إلا بإدراك: أن العمل الجماهيري، في عمقه، هو عمل سياسي، وليس عملا حزبيا، وأن العمل الثوري، ليس إلا عملا حزبيا، من النوع الذي تمتد إليه نتائج العمل الجماهيري، الملتزم بالربط الجدلي، بين النضال الجماهيري، وبين النضال السياسي.

وفيما يتعلق بسبل الالتزام بالبرنامج الثوري، فإن هذه السبل التي تقودنا إلى الالتزام بمختلف بنود البرنامج الثوري، وبالنقطة والفاصلة، في أفق تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، تتمثل في:

1) إعداد البرنامج إعدادا جيدا، على مستوى الفلسفة المعتمدة في الإعداد، وعلى مستوى المنهج، وعلى مستوى العلم بأهمية، ومراحل البرنامج، حتى يكون قابلا للتفعيل من قبل الحركة الثورية، أو من قبل حزب الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق العمل على تغيير الواقع، تغييرا جذريا، بصيرورته في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بعد تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وبعد القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

2) جعل البرنامج مستوعبا من قبل العاملين في النقابات، وفي الجمعيات، وخاصة منها ذات الطابع الحقوقي الصرف، والمتفرغين للعمل في الحركة الثورية، الساعين إلى العمل على تغيير الواقع، تغييرا جذريا، حتى يستطيع المعنيون التمييز بين ما يمكن أن يطرح في النقابات، وما يمكن أن يطرح على مستوى مختلف الجمعيات، وخاصة منها الجمعيات ذات الطابع الحقوقي، التي نذكر منها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحماية المال العام، وما هو مختص بالطرح، على مستوى التحالفات اليسارية، بصفة عامة، وما لا يمكن طرحه إلا في إطار الحركة الثورية، الساعية إلى التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

3) تفعيل البرنامج الثوري، على مستوى النقابات، وعلى مستوى مختلف الجمعيات، التي تختلف حسب كل جمعية على حدة، وعلى مستوى البرامج المطلوب تفعيلها في كل جمعية على حدة، وعلى مستوى الجمعيات المهتمة بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبعدم الإفلات من العقاب، وعلى مستوى التحالفات، أو التنسيقيات اليسارية، وعلى مستوى الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، وعلى مستوى الحركة الثورية، الساعية إلى التغيير الجذري؛ لأن البرنامج الثوري، إذا لم يفعل، فإنه لا يستطيع الاستمرار في الواقع، خاصة، وأن التفعيل يكسبه الحياة في المجتمع، ومن خلال النقابات، والجمعيات، والتنسيقيات، والتحالفات، والجبهات، يستطيع أن يفعل في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ويسعى إلى التخفيف من حدة الاستغلال، بالنسبة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق تغيير الواقع، تغييرا جذريا، بتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

4) ربط النضال من أجل تفعيل البرنامج الثوري، والبرنامج النضالي الديمقراطي، بالنضال من أجل تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، نظرا لتداخل البرنامج الثوري، مع البرنامج الذي تعمل على تفعيله الحركة الديمقراطية، خاصة، وأن تحقيق الديمقراطية بالمضامين المذكورة، تعتبر من بين الأهداف التي تسعى الحركة الثورية، إلى النضال من أجل تحقيقها. وهي من بين الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، التي تسعى الحركة الثورية إلى تحقيقها على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد. وعملية الربط هذه، تفرضها شروط النضال الثوري / الديمقراطي، حتى ترتفع درجة التفاعل بين الحركة الثورية، والحركة الديمقراطية، برنامجيا، وميدانيا، فينفس الوقت، سعيا إلى تحقيق الديمقراطية، وفي نفس الوقت، إلى تحقيق الأهداف الثورية: المرحلية / الإستراتيجية، من أجل انعتاق الشعب من العبودية، والاستبداد، والاستغلال.

5) الحرص على أن تكون التنظيمات الجماهيرية مبدئية، ومبادئية، حتى تتخلص من التبعية لأية جهة، بما في ذلك الحركة الثورية، وحتى تكتسب القدرة على الندية، في أي شكل تنسيقي، في أية جبهة من الجبهات، التي تتم إقامتها من الإطارات المناضلة.

والحركة الثورية، هي التي تدرك، جيدا، أنه ليس من مصلحة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، أن تصير أي نقابة، او أي جمعية ثقافية، أو تربوية، أو حقوقية، أو تنموية، أو غيرها من الجمعيات التابعة لجهة ما، أو موجهة منها، أو تعتبر جزءا لا يتجزأ منها، حتى يأخذ النضال الجماهيري مجراه الحقيقي.

وإذا كانت الحركة الثورية، تأخذ بسبل الالتزام بالبرنامج الثوري، من خلال إعداد البرنامج إعدادا جيدا، وجعل البرنامج مستوعبا من قبل أعضاء الحركة الثورية، العاملين في مختلف الإطارات الجماهيرية، والمتفرغين للعمل في الحركة الثورية، ومن خلال تفعيل البرنامج الثوري، على مستوى الإطارات الجماهيرية، وعلى مستوى التحالفات، والتنسيقيات اليسارية، وعلى مستوى الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، والحرص على أن تكون التنظيمات الجماهيرية مبدئية، ومبادئية، حتى تتخلص من التبعية الثورية، فإننا نجد أن الحركة الإصلاحية العاملة على تفعيل البرنامج الإصلاحي، تصير شيئا آخر.

المراد بالبرنامج الإصلاحي:

إن البرنامج الإصلاحي، لا يسعى إلى القيام بعملية التغيير الشامل، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بقدر ما يحرص على إقرار ما هو قائم، في إطار اختيارات لا ديمقراطية، ولا شعبية، مع ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، في إطار نفس الاختيارات.

وهذه الإصلاحات التي يقترحها الإصلاحيون، في برنامجهم الإصلاحي، في إطار نفس الاختيارات القائمة، لا تستهدف الجوهر، بقدر ما تقتصر على الشكل، من منطلق أن الإصلاحيين، يعتبرون أن الحكم، والطبقة الحاكمة، وكل المستهدفين من الاستغلال المادي، والمعنوي، مجرد خصوم للديمقراطية، وليسوا أعداء طبقيين. فالخصم يمكن أن يكون صديقا. أما العدو، فما يجمع الحركة الثورية به إلا الصراع، الذي لا يكون إلا طبقيا، ويستهدف نفي الاختيارات القائمة، وإقرار اختيارات بديلة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، بهدف تغيير الأسس، التي تقوم عليها سياسة الدولة، حتى تتحول تلك السياسة، من خدمة المستغلين، إلى خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والإصلاحيون لا يسعون إلى ما تسعى إليه الحركة الثورية، بقدر ما يحرصون على مداراة الحكم، والطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، من منطلق اعتبارهم مجرد خصوم.

وهؤلاء الخصوم، لا يتجاوزون أن يكونوا وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية، للقيادات الإصلاحية؛ لأن الإستراتيجية الإصلاحية، لا تستهدف نقض الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، بقدر ما يقرون تلك الاختيارات، مع العمل على إجراء بعض التغييرات، في السياسة القائمة على أساسها، حتى يصير في إمكان الإصلاحيين، وخاصة منهم القيادات الإصلاحية، تحقيق التطلعات الطبقية، التي تجعلهم يلتحقون بحركية المستغلين: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من أجل أن يصيروا، كذلك، مستهدفين من الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، ويتصنفوا إلى جانب الحكم، والطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وإذا كان الإصلاحيون، يطرحون في برنامجهم، بعض الفقرات، التي تهم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإن ذلك لا يتجاوز أن يصير جزءا لا يتجزأ من ممارسة التضليل على الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.

ومعلوم، أن التضليل بالنسبة للكادحين، يعتبر أشد أنواع القمع، كما قال الشهيد عمر بنجلون، أمام المؤتمر الاستثنائي، الذي انعقد في يناير 1975. فكأنه يعلم مسبقا، أن الحركة الإصلاحية، والبرنامج الإصلاحي، الذي تعمل على تفعيله، يسعيان، معا، إلى تضليل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إرضاء للحكام، وللطبقة الحاكمة، ولسائر المستغلين، ولكل المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، ونظرا للنهج الذي تسلكه الحركة الإصلاحية؛ فإنها تجد نفسها، وجها لوجه، مع الحركة الثورية، التي يصير من واجبها، إدخال الإصلاحيين ضمن المستهدفين بالصراع الطبقي، مثلهم مثل الحكم، والطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، ومثلهم مثل الظلاميين، المؤدلجين للدين الإسلامي، مما يجعل الحركة الثورية، هي محور الصراع، من أجل فك الحصار عن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. أما الحركة الإصلاحية، فأفقها إصلاحي، ولا تتجاوز تحقيق تطلعاتها الطبقية.

وعندما يتعلق الأمر بسبل التزام الحركة الإصلاحية، بالبرنامج الإصلاحي، فإننا نرى أنها تتحدد، طبقا لطبيعة التطلعات الطبقية للإصلاحيين.

وحتى نعمل على تحديد سبل التزام الإصلاحيين، بالبرنامج الإصلاحي، فإننا نزى أنه: لا بد من:

1) أن يصير المنتمون إلى الحركة الإصلاحية، مستوعبين، ومفعلين، لميولاتهم اللامحدودة، لجعل البرنامج الإصلاحي، من خلال الالتزام ببنوده المختلفة، أفضل وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية، بجعل المبدئية المتبعة، في ظل الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، في خدمة تحقيق تلك التطلعات الطبقية، ليصير بذلك البرنامج الإصلاحي، برنامجا رائدا. وبعد ذلك، فليذهب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى حال سبيلهم، وليموتوا، إن أمكنهم الموت، ما داموا لا يستطيعون البقاء، والاستمرار في هذه الحياة، خاصة، وأن البقاء لا يتمكن منه إلا الأقوياء. وهو ما يثبت أن الإصلاحيين، وبرنامجهم الإصلاحي، لا يهتمون لا بمصلحة الشعب، ولا بمصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بقدر ما يهتمون بالعمل على تحقيق تطلعاتهم الطبقية.

2) أن تقوم الحركة الإصلاحية، بعمل إعلامي مسموع، ومرئي مسموع، ومقروء، وإليكتروني، من أجل التعريف بالحركة الإصلاحية، وبالأهداف التي تسعى إلى تحقيقها للإصلاحيين، وللقيادات الإصلاحية، من أجل أن يصير الاهتمام بالحركة الإصلاحية، وبالبرنامج الإصلاحي، وبأجرأة هذا البرنامج، الذي لا ينتظر منه إلا تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، بقياداتهم، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل أن تساهم الجماهير الشعبية، في تفعيل البرنامج الإصلاحي، نجد أن الإصلاحيين، في حملتهم الإعلامية، يوهمون العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بأن البرنامج يخدم مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وهم في الواقع، إنما يسعون إلى توسيع دائرة الضغط، من أجل جعل الحكام يستجيبون، بالخصوص، إلى المطالب التي تساهم بشكل كبير، في التسريع بتحقيق التطلعات الطبقية. وليذهب بعد ذلك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى الجحيم.

3) أن يصير العمل الإصلاحي، الذي تنتجه الحركة الإصلاحية، متخللا لكل مناحي الحياة، حتى يتوهم الجميع، بأن العمل على تفعيل البرنامج الإصلاحي، سيكون من أجل الجميع، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى تحقيق التربية، على تفعيل البرنامج الإصلاحي، الذي يتوهم الكادحون: بأنه يفعل من أجل تحقيق مطالب الجميع، مع أن عملية التفعيل المستمر، للبرنامج الإصلاحي، الذي لا يهدف إلا إلى تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، الذين يحرصون على أن يتصنفوا إلى جانب الطبقة الحاكمة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، بصيرورتهم من الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة: وأن الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا تدخل أبدا في اهتمامات الإصلاحيين، إلا من حيث صلاحيتهم للاستغلال المادي، والمعنوي، بعد تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، بتحويلهم إلى هدف من أهداف الإصلاحيين.

4) الحرص على أن لا يمتلك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعيهم بالذات، وبالواقع، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأن ذلك الوعي، إن حصل، سيترتب عنه تحقيق مطالب العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، كما يترتب عنه تعطيل تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، كما يترتب عنه عدم تفعيل البرنامج الإصلاحي.

ولذلك، نجد أن الإصلاحيين، ومن خلال برنامجهم الإصلاحي، يحرصون على تكريس التضليل في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي حق المجتمع ككل؛ لأن التضليل، هو الذي يشكل سدا منيعا ضد تسرب الوعي الحقيقي، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يصيروا محافظين على هويتهم، التي جعلتهم غير صالحين، إلا للاستغلال المادي، والمعنوي.

5) أن تلتزم الحركة الإصلاحية، بالبرنامج الإصلاحي، الذي لا يسعى إلا إلى تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، ولا يلتفت لا من قريب، ولا من بعيد، إلى الشعب المغربي، وخاصة إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين لا يمكن أن يستفيدوا من خلال تفعيل البرنامج الإصلاحي، بل يسعى إلى تحقيق أهداف تخص الإصلاحيين وحدهم، في الوقت الذي يسعى البرنامج الثوري، إلى تحقيق أهداف مختلفة، تهم الشعب المغربي ككل، وخاصة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

6) أن يصير البرنامج الإصلاحي، باعتباره برنامجا للحركة الإصلاحية، وبرنامجا للمنظمات الجماهيرية، التي لا تسعى إلا إلى تحقيق التطلعات الطبقية للعاملين، في الإطارات النقابية القائمة، والجمعوية، وغيرها من الإطارات الجماهيرية، التي يقودها الإصلاحيون، والتي لا تهتم بالكادحين، إلا من باب الادعاء؛ لأن اهتمامها الحقيقي، لا يتجاوز الاهتمام بتحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، الذين يقصدونها، أو ينخرطون فيها، من أجل توظيف نضالاتها، لممارسة الابتزاز على الحكم، الذي يقدم الامتيازات، التي تساهم في تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، بالإضافة إلى ما تمارسه الحركة الإصلاحية، ذات الطبيعة البورجوازية الصغرى، التي لا تهتم إلا بتحقيق تطلعاتها الطبقية، انطلاقا من برنامجها الإصلاحي، الذي يقدم للحكم المزيد من التنازلات، وبكل الطرق، على أساس أن يساهم الحكم، وتساهم الطبقة الحاكمة، وكافة المستغلين المباشرين، وغير المباشرين، في جعل الحكم، وكل المستغلين، في تمهيد كل الطرق المؤدية إلى تحقيق التطلعات الطبقية، أما سبل الالتزام بالبرنامج الإصلاحي، الذي يقود الإصلاحيين، إلى تحقيق تطلعاتهم الطبقية، فإنها تتمثل في:

1) إعداد البرنامج الإصلاحي، إعدادا جيدا، حتى يساهم بالتسريع في تحقيق التطلعات الطبقية، انطلاقا من الفلسفة المعتمدة من قبل الإصلاحيين، في إعداد البرنامج الإصلاحي الهادف، إلى تحقيق التطلعات الطبقية، على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق جعل الحكم، والطبقة الحاكمة، وكافة المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، يذللون المسالك التي يتحكمون فيها، من أجل جعل البرنامج الإصلاحي، يعرف التفعيل الإيجابي، حتى يؤدي دوره، في إفادة الحكم، والطبقة الحاكمة، والمستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، وفي نفس الوقت، يعمل على التسريع بتحقيق التطلعات الطبقية، التي تمهد الطرق، أمام التحاق الإصلاحيين بالطبقة الحاكمة، وبالمستغلين وبالمستفيدين من الاستغلال، ليتحول بذلك الإصلاحيون، إلى أعداء للطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وليصيروا مستهدفين بنضال الحركة الثورية، التي تعمل على تفعيل البرنامج الثوري.

2) جعل البرنامج الإصلاحي مستوعبا من قبل جميع الإصلاحيين، ومنهم العاملون في مختلف المنظمات الجماهيرية، التي يعملون على توجيه برامجها، وعملها، حتى تقوم بدورها كاملا، في توظيف مختلف التنظيمات الجماهيرية، في أفق تعميق التطلعات الطبقية للإصلاحيين بصفة عامة، ولقياداتهم بصفة خاصة، حتى يصير تفعيل البرنامج الإصلاحي، تفعيلا إيجابيا، في اتجاه تحقيق الأهداف المرسومة، والتي تخدم الحكم، والطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال، إلى جانب مساهمتها في تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين.

3) تفعيل البرنامج الإصلاحي، عن طريق الحركة الإصلاحية، وعن طريق التنظيمات الجماهيرية، التي يعمل فيها الإصلاحيون، باعتبار ذلك التفعيل، هو الوسيلة المثلى لتحقيق أهداف الإصلاحيين: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، باعتبارها معبرة: قولا، وعملا، على تحقيق التطلعات الطبقية، التي هي الهدف الأسمى للإصلاحيين، ولبرنامجهم الإصلاحي، الذي يقطع الطريق أمام العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأمام البرنامج الثوري، الذي تفعله الحركة الثورية، نظرا للتضليل الذي يمارسه الإصلاحيون، بواسطة برنامجهم التضليلي، الذي يدعون أنه يخدم مصلحة الشعب، ومصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يخسرون الكثير، بسبب تفعيل البرنامج الإصلاحي المضلل، وبسبب تعطيل البرنامج الثوري، الذي يخدم مصلحة الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

4) ربط العمل الذي تنجزه الإطارات الجماهيرية، التي يوجهها الإصلاحيون بالحزب، أو بالحركة الإصلاحية التي ينتمون إليها، حتى يتأكدوا من أن التنظيمات الجماهيرية، ملتزمة بالحركة الإصلاحية، وببرنامجها الإصلاحي، وبالعمل الهادف إلى تحقيق التطلعات الطبقية، الهادفة إلى تصنيف الإصلاحيين، إلى جانب الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي. أما العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المرتبطين بالتنظيمات الجماهيرية، التي يوجهها الإصلاحيون، فإنهم يتبقون خاضعين للمستغلين، الذين قد يصبح منهم الإصلاحيون، الذين أصبحوا مصنفين إلى جانب المستغلين، بعد تحقيق تطلعاتهم الطبقية، عن طريق تفعيل برنامجهم الإصلاحي، الذي ضلل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما جعلهم يعتقدون: أن ما يهدف إلى تحقيقه البرنامج الإصلاحي، يهمهم. والعكس صحيح.

5) عدم الحرص على أن تكون التنظيمات الجماهيرية مبدئية، ومبادئية؛ لأن المبدئية، لا تخدم مصلحة الإصلاحيين، ولا تسمح باستغلال التنظيمات الجماهيرية، لتحقيق التطلعات الطبقية، لذلك، نجد أن التنظيمات الجماهيرية، التي يوجهها الإصلاحيون، لا مبدئية، ولأن المبادئية، لا تعني إلا أن تصير التنظيمات الجماهيرية، تنظيمات ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، وحدوية. وهي مبادئ تفرض احترام الديمقراطية الداخلية. وهذا الاحترام غير وارد عند الإصلاحيين، كما تفرض احترام تقدمية الإطار الجماهيري، الذي لا يعتبر واردا عندهم، كما تفرض احترام جماهيرية الإطار الجماهيري، في الوقت الذي يتمسكون فيه بالنخبوية، التي تستبعد جماهيرية التنظيم الجماهيري، وتفرض أيضا استقلالية التنظيم الجماهيري عن الحكم، وعن أي حزب، كيفما كانت هويته الطوعية. والإصلاحيون، لا يقولون بالاستقلالية أبدا، لأنهم تعودوا على توجيه التنظيمات الجماهيرية، من خارجها، فهي ليست مستقلة أبدا، كما تفرض احترام وحدويتها، على مستوى العمل الجماهيري النقابي، أو الحقوقي، أو الثقافي، أو التربوي، أو التنموي. والإصلاحيون، لا يستطيعون التسليم بوحدوية العمل الجماهيري، بقدر ما يعتمدون تعددية هذا العمل، بالإضافة إلى الكونية، والشمولية، التي تهم حقوق الإنسان. والإصلاحيون، لا يقولون، لا بالكونية، ولا بالشمولية، بقدر ما يرون في حقوق الإنسان، ما يخدم مصلحتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وما سوى ذلك، لا يعتبر عندهم.

فإعداد البرنامج الإصلاحي، جعل البرنامج الإصلاحي مستوعبا من قبل جميع الإصلاحيين، وتفعيل البرنامج الإصلاحي عن طريق الحركة الإصلاحية، وعن طريق التنظيمات الجماهيرية، التي يتحكمون فيها، وفي توجيهها، وربط الذي تنجزه التنظيمات الجماهيرية، بتوجيهات الحركة الإصلاحية، حتى تساهم في تحقيق الأهداف المسطرة، وعدم الحرص على مبدئية التنظيمات الجماهيرية، ومبادئيتها؛ لأن كونها كذلك، لا يخدم توجيه قراراتها من خارجها، حتى تستطيع إيجاد تنظيمات جماهيرية، على مقاس الإصلاحيين، حتى تساهم من خلال تنظيمات العمل الجماهيري، في تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين.

وهكذا يتبين، من خلال سبل الالتزام بالبرنامج الثوري، والالتزام بالبرنامج الإصلاحي، أنه يوجد بون شاسع بين الحركة الثورية، والحركة الإصلاحية من جهة، وبين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي من جهة ثانية، وبين الأهداف الثورية، والأهداف الإصلاحية من جهة ثالثة، وبين الغاية من ارتباط الحركة الثورية بالعمل الجماهيري، واتباط الحركة الإصلاحية بتطلعاتها الطبقية من جهة رابعة. وهو ما يعني ـ في نهاية المطاف ـ ذوبان الحركة الثورية، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، والحرص على نخبوية الحركة الإصلاحية، حتى لا تتعرض للذوبان في صفوف الجماهير الشعبية، لتناقض ذلك، مع سعيها إلى تتحقيق تطلعاتها الطبقية.

أهداف البرنامج الثوري:

وبالنسبة للأهداف التي يسعى البرنامج الثوري إلى تحقيقها، فإنها محكومة بطبيعة سبل الالتزام بالبرنامج الثوري، التي تسعى إلى الارتقاء بالإنسان، إلى ما عليه الإنسان في الدول المتقدمة، والمتطورة، والاشتراكية، والديمقراطية، والمتحررة. وهذا الطموح، هو الذي يعمل الحزب الثوري، من خلال أجرأة برنامجه الثوري، إلى تحقيقه. غير أن هذا الطموح، يصعب تحقيقه في بلد كالمغرب، إن لم يتم تفكيك الواقع فيه، تفكيكا علميا دقيقا، حتى يتبين ما يجب عمله، من أجل إدراك ما يمكن تغييره على المستوى القريب، وعلى المستوى المتوسط، وعلى الميتوى البعيد. وما هو غائب حتى الآن، وفي ظل هذه الشروط الي يعيشها الشعب المغربي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، والتي تقتضي من المستهدفين بالتغيير، الوعي بالذات، وبالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبالموقع من علاقات الإنتاج، وبفائض القيمة، وغير ذلك، مما يقتضي شروط التغيير، والوعي بها.

ولذلك، وجب على الحزب الثوري، أن يضع برنامجا خاصا، لجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يدركون أهمية، ومهمة الوعي ب:

1) خطورة انتشار، وتجذر الفكر الإقطاعي المتخلف: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا على الواقع، وعلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، نظرا لأهمية التضليل، الذي يمليه الفكر الإقطاعي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما يجعلهم ينخدعون بذلك الفكر، ولا يتعاطون مع الفكر المتقدم، والمتطور، في حدوده التنويرية، قبل أن يرتقي إلى مستواه العلمي المتطور، في اتجاه صيرورته اشتراكيا علميا؛ لأن امتلاك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لوعيهم الحقيقي، الذي يجعلهم ينجزون وعيهم بدورهم التاريخي، ويقومون بهذا الدور، كما يجب، في تاريخه، وفي لحظته التاريخية، التي تقتضي القيام به، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى لامتلاك الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعيهم الحقيقي، الذي يجعلهم يقبلون على الانخراط بالتنظيمات الجماهيرية المبدئية / المبادئية، من أجل المساهمة في النضال، من خلال التنظيمات الجماهيرية، من أجل التخفيف من حدة الاستغلال، عن طريق فرض الاستجابة للمطالب المطروحة.

2) خطورة انتشار الفكر الإقطاعي الجديد، الذي يلعب دوره، كذلك، في تضليل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينخدعون بمختلف الخطابات الرائجة، نظرا لطبيعة تكوينهم، أصلا، خاصة، وأن ثقافة الإقطاع الجديد، تحاول أن تؤلف بين الأصالة، والمعاصرة، في فكره، وفي ممارسته، حتى يبعد عنه صفة التخلف، التي تلتصق، أصلا، بالإقطاع المحافظ، الذي يتمسك بالأصالة، وينبذ المعاصرة؛ لأنه لا يستطيع أن يتعاطى معها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. والإقطاع الجديد، كالإقطاع القديم، من صناعة الاحتلال الأجنبي، قبل الاستقلال الشكلي، وبعده يستمر الحكم المخزني، في دعم، وفي صناعة الإقطاع الجديد، الذي يتم تمكينه من المنح، التي تساعده على إنجاز المشاريع الزراعية العصرية، ذات البعد التقليدي، والعصري، في نفس الوقت، حتى يصير في خدمة الدولة المغربية، ومن أجل العمل على جعل الإقطاعيين الجدد، يتصدرون المشاهد المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

3) خطورة انتشار الفكر البورجوازي التابع، الذي يشكل ذيلا للفكر الاستعماري من جهة، لأنه لا يستطيع نكران الدور، الذي قام به الاحتلال الأجنبي، في صناعة بورجوازية هجينة، ومتخلفة، ولا تستطيع إلا أن تكون تابعة، حتى بعد الاستقلال الشكلي، الذي استمر فيه الحكم المخزني في المغرب، في صناعة هذه البورجوازية، التي صارت ترتبط ارتباطا عضويا، وجدليا، بالحكم، حتى تعتبر في عملية التشريع، والتنفيذ، الذي لا يكون إلا لصالح الطبقات المستغلة، على مستوى التشريع، وعلى مستوى التنفيذ، ولصالح الحكم، في نفس الوقت، لتصير الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في خبر كان، على مستوى الاستفادة، وتعميق هضم الحقوق.

4) خطورة انتشار الفكر الإقطاعي / البورجوازي المتخلف، الذي صار يسيطر في الأفق، لجمعه بين مرجعيات مختلفة، بما فيها المرجعية الدينية، والمرجعية الغربية، على المستوى العالمي، لكونه يختزل تجربة الشرق، وتجربة الغرب، على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة، وهذا التحالف، لا يعني اجتماع طبقتين: طبقة بورجوازية، وطبقة إقطاعية، ليتحالفا فيما بينهما؛ بل لأن الشروط الموضوعية، التي ساقت الإقطاع إلى الاشتغال على التجارة، أو الخدمات، أو الصناعة، أو ساقت البورجوازية المدينية، إلى الاشتغال على الزراعة، وتربية المواشي، ليلتقيا معا على نفس المصالح: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتكون بذلك تحالفا طبقيا، بورجوازيا / إقطاعيا، أو إقطاعيا / بورجوازيا؛ لأنه تجمع بين أفراده نفس المصالح، ويسعى إلى تحقيق نفس الأهداف، ويسعى إلى العمل على تأليف التنظيمات الجماهيرية، والسياسية، التي تجمع بينها، بمرجعية الدين، والغرب الداعم، والمغذي للمصالح، ليجمع، بذلك، في بنيته، بين الأصالة، والمعاصرة.

5) خطورة انتشار الفكر البورجوازي الصغير، الذي لا يتجاوز، في أهدافه القريبة المدى، والمتوسطة المدى، والبعيدة المدى، تحقيق التطلعات الطبقية، خاصة، وأن فكر هذه الطبقة، فكر لقيط، لا أصل له، ولا فصل محكوم ب: (خذ من هنا، ومن هنا، وقل هذا لنا)، على أساس التوليف بين مختلف الأفكار، ومختلف الممارسات، ومختلف الأيديولوجيات، ومختلف المواقف السياسية، وحبكها بإتقان، وجعلها أفكارا، وممارسات، وأيديولوجيات، ومواقف سياسية، لأحزاب البورجوازية الصغرى، التي تظهر خلاف ما تخفي: تظهر ادعاء النضال من أجل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتخفي سعيها، عن طريق ذلك النضال، إلى تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، التي لا تكون واضحة في خطابها للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ونحن عندما ندرس هذا الخطاب البورجوازي الصغير ونتمعن فيه، سنجد أنه يحمل من التضليل، أكثر مما يحمل من الوضوح، وهو ما يعني: أن البورجوازية الصغرى، ذات طبيعة حربائية. والحربائية لا تعني إلا التلون، حسب الشروط التي تختلف من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، وفي ذلك التلون، عمق التضليل، الذي لا يدرك كنهه، وعمقه، إلا البورجوازية الصغرى. فهي ضد الإقطاع، وضد الإقطاع الجديد، وضد البورجوازية، وضد التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، ولكنها تخفي أنها كذلك ضد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وفي نفس الوقت، فإن البورجوازية الصغرى مع الإقطاع، ومع الإقطاع الجديد، ومع البورجوازية، ومع التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، ومن منطلق: أن البورجوازية الصغرى، تستفيد من هذه الطبقات، على المستوى الأيديولوجي، والسياسي، وعلى مستوى اعتبارها مطية لتحقيق التطلعات الطبقية. ويمكن أن تدعي البورجوازية الصغرى، في شروط معينة، أنها تقتنع بالاشتراكية العلمية، وأن أيديولوجيتها هي أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأن مصلحتها هي مصلحة الكادحين، ولكن البورجوازية الصغرى، عندما تدعي ذلك، تخفي: أن هدفها من كل ذلك، هو وصولها إلى قيادة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى تمتلك القدرة على توظيف قيادتهم، في أفق المساومة مع الحكم، من أجل تحقيق التطلعات الطبقية، على ظهر الكادحين، وعلى حسابهم. وهو أمر يجب كشفه، والتصدي له، تنظيميا، وفكريا، وأيديولوجيا، وسياسيا، وصولا إلى اعتبار البورجوازية الصغرى، عدوة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهو أمر، يجب توضيحه للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يكونوا على بينة منهم، وحتى يتتبعوا فكرهم، وممارستهم، مع مختلف الجهات.

6) خطورة الفكر المؤدلج للدين الإسلامي، الذي يعتبر، بسبب إنتاجه، مؤدلجو الدين الإسلامي، من أعدى أعداء الفكر الاشتراكي العلمي، ومن أكبر أعداء العقل النقدي / الفلسفي، ومن أكبر أعداء الفكر الفلسفي بصفة عامة، حتى يتأتى جعل الشباب، الذي يتفاعل مع أدلجة الدين الإسلامي، من منطلق: أن الأدلجة، فكر، وممارسة، وتحول في اتجاه اكتساب عداوة الإنسان المطلقة، من خلال اكتساب عداوة حقوق الإنسان، وعداوة الديمقراطية، فكرا، وممارسة، وعداوة التحرر، والاشتراكية.

فالإنسان في نظر مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين يجب أن يوصفوا بالظلاميين، نظرا لنكرانهم لشيء اسمه التنوير، الذي يجعل العقول تنفتح على الواقع، في تجلياته المختلفة، ولا يقولون، أبدا، بوجود الإنسان، والإنسان المنعدم، في نظرهم، هو العبد المجبول على الخضوع المطلق، إلى الله المعبود، الذين، يعتبرون أنفسهم، ينوبون عنه في الأرض، ليصبح الخضوع لهم، وعبادتهم، جزءا لا ييتجزأ من عبادة الله، والخضوع المطلق لهم، وله. وما هم عليه، وما يفرضونه في صفوف أتباعهم، يتناقض مع ما جاء في القرءان، وما جاء في القرءان، يوحي بأن الإنسان، يختار من بين المعتقدات، ما يشاء، كما يختار ما بين الاعتقاد بمعتقد ما، وعدمه.

ولذلك، اعتبرنا أن الفكر المؤدلج للدين الإسلامي، من أعدى أعداء الإنسان، والعقل، والفكر العلمي، والعقل النقدي، والديمقراطية، والتحرر، والاشتراكية.

ويعتقد مؤدلجو الدين الإسلامي، أن لا شيء يعدلهم في هذا الكون. فهم الذين يقررون، في هذه الحياة، من يذهب إلى الجنة، ومن يذهب إلى النار، ومن يستمر في الحياة، ومن يجب مصادرة حقه في الحياة، ومن يحسب من أهل الجنة. وهم (من يمتلك مفاتيح الجنة).

وهذا الاعتقاد عند مؤدلجي الدين الإسلامي، هو الذي يعتمدونه في تجييش الأتباع، الذين يتكاثرون، بلا عد، ولا عدد محدد. الأمر الذي يقتضي تشكيل جبهة فكرية / معتقدية دينية، عقلية، إنسانية، فلسفية، ضدهم، من أجل كسر شوكتهم، واعتبارهم مجرد فقاعات العصر، التي يجب أن ينتهي مفعولها، ويبقى الدين الإسلامي فيه، من اختيار الإنسان، دون توظيفه أيديولوجيا، وسياسيا، ليصير كالمعتقدات الأخرى، ومتى يختار الناس الإيمان بها، ليصيروا ممارسين للطقوس المعبرة عن تلك المعتقدات.

والحزب الثوري، عندما يضع برنامجه الذي يوضح، بما فيه الكفاية، خطورة ما تمت الإشارة إليه، فيما يتعلق بخطورة انتشار، وتجذر الفكر الإقطاعي المتخلف، وخطورة انتشار الفكر الإقطاعي الجديد، والمتخلف بدوره، وخطورة الفكر البورجوازي التابع، وخطورة انتشار الفكر البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، وخطورة انتشار الفكر البورجوازي الصغير، بالإضافة إلى خطورة الفكر الظلامي، المؤدلج للدين الإسلامين حتى يستطيع البرنامج الثوري أن يؤدي دوره، كما يجب، تجاه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينتظر منهم أن يتخلصوا من هذه الأشكال، من الفكر، التي تشدهم إلى التخلف، وتحول بينهم، وبين التحريرن والديمقراطية، والاشتراكية.

أما الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها البرنامج الثوري، فتتمثل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، التي تعتبر، بفعل تحقيقها، انتقالا من واقع، إلى واقع مختلف.

فالتحرير، يقتضي تحرير الإنسان، والأرض: تحرير الإنسان من العبودية، ومن كل تبعاتها، وبكل أشكالها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن الاستبداد، بكل تبعاته، وسواء كانت طبيعته اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، ومن الاستغلال، مهما كانت طبيعته، التي تجعله سائدا في مجتمع معين، سواء كان استغلالا اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو ثقافيا، أو سياسيا، نظرا لدوره في إنهاك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مهما كانت الشروط التي يعملون فيها، أو يقدمون الخدمات في إطارها، أو يكدحون في خضمها، ما لم يتحرروا من الاستغلال.

وتحرير الأرض من الاحتلال الأجنبي المباشر، وغير المباشر، وفي إطار التبعية، أو من فسح المجال أمام الأجانب، من أجل امتلاك الأرض، ليصيروا من أصحاب الأرض. ذلك أن الأرض مغربية، ويجب أن تبقى مغربية، قولا، وعملا.

والديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تختلف جملة، وتفصيلا، عن ديمقراطية الواجهة. فالديمقراطية، بالمضامين المذكورة، في حالة تحققها، تساعد، كثيرا، في تحقيق التحرير، أو دعم تحقيقه، على الأقل، كما تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يمهد الطريق، أمام تحقق الاشتراكية، التي هي الهدف الأسمى، لتجاوز كل الوضعيات، التي يعاني منها الإنسان، في واقعه، في مختلف العصور، والتي عاشها، سواء تعلق الأمر بالتشكيلة العبودية، أو التشكيلة الإقطاعية، وحتى في التشكيلة الرأسمالية، التي تبرهن، باستمرار، على أنها لا تختلف عن التشكيلات السابقة، في التنكيل بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

أما ديمقراطية الواجهة، فلا تتجاوز أن تكون مجرد انتخابات غير حرة، وغير نزيهة، وغالبا ما تكون فاسدة إداريا، وسياسيا، ولا وجود لشيء فيها اسمه الديمقراطية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. بالإضافة إلى كونها مجالا لإعادة إنتاج الاستبداد، بكل مظاهره المشينة.

أما الاشتراكية، فهي استجابة لطموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والشعب المغربي، الذي لا يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية لجميع أفراده، إلا بالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، ولا تتحقق، أبدا، في ظل النظام العبودي، أو في ظل النظام الإقطاعي، أو في ظل النظام الرأسمالي.

فالأنظمة السابقة، على النظام الاشتراكي، هي أنظمة، لا يشعر فيها الإنسان بالتحرير أبدا، كما لا يشعر بالديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بقدر ما يتعرض للاستغلال العبودي، أو الإقطاعي، أو الرأسمالي الهمجي.

والنظام الوحيد الذي تتحقق فيه إنسانية الإنسان، بكل أبعادها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هو النظام التحرري، الديمقراطي، الاشتراكي.

ولذلك فالاشتراكية، التي تتداخل مع التحرر، والديمقراطية، هي الإطار المناسب، الذي يعد الإنسان، كإنسان، له نفس الحقوق، وعليه نفس الواجبات، وبدون استثناء، وطيلة تحمله لمسؤولية العمل، على أن تتحقق المدة، التي يصبح فيها مؤهلا، للتمتع بكافة الحقوق، بعد أن استوفى واجب العطاء، بدون حدود، أثناء مدة العمل الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

أما الغاية من وراء تحقيق أهداف البرنامج الاشتراكي الثوري، هي جعل العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هي السائدة في المجتمع، وقطع كل الطرق التي تقود إلى اللا عدالة، في مختلف المجالات، وفي مختلف القطاعات، حتى تصير اللا عدالة في ذمة التاريخ، الذي لا يتكرر أبدا، ويصير التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، حسب المفهوم الاشتراكي العلمي، هي السبب، وهي النتيجة، في وجود واقع جديد، منتج للتحرر، والديمقراطية، والاشتراكية، في أفق التحول إلى التشكيلة الشيوعية، التي هي الهدف الأسمى للإنسانية، من منطلق انتفاء السلطة، وحكم الشعب نفسه بنفسه.

أهداف البرنامج الإصلاحي:

أما الأهداف التي يسعى البرنامج الإصلاحي إلى تحقيقها، فتحتاج إلى العمل على إعداد المجال، حتى يصير قابلا، ومساعدا على تحقيق الأهداف الإصلاحية، أو الهدف الإصلاحي الرئيسي، المتمثل في تحقيق التطلعات الطبقية.

فإعداد المجال، الذي يساعد على تحقيق أهداف الإصلاحيين القريبة، والمتوسطة، والبعيدة المدى، يقتضي:

1) قيام الإصلاحيين بمد الجسور مع الحكم، الذي يصير في المغرب مقررا، ومنفذا، في الكثير مما يجري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، إلى درجة أن الحكم كمقرر، وكمنفذ، وفي ظل تسييد ديمقراطية الواجهة، صار مصدرا لكل ما ينفع، وما يضر في هذه الحياة. لكن ما ينفع من؟ وما يضر من؟ ما ينفع، هو للذين يرضى عنهم الحكم، ولذلك نجد أن الإصلاحيين يحرصون على أن يرضى عنهم الحكم. ولذلك، نجد أن الإصلاحيين، يحرصون على أن يرضى الحكم، باعتبار ذلك الرضى، خير وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية، خاصة، وأن مد الجسور مع الحكم، خاصة وأن رضى الحكم، يجلب الريع المخزني، الذي يجر إلى التسلق السريع، في سلم التطلعات الطبقية، التي تجعل الإصلاحيين، بعد ذلك، يتنكرون إلى علاقاتهم بالجماهير الشعبية الكادحة، وخاصة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

2) قيام الإصلاحيين باستغلال تواجدهم في القيادات النقابية، وفي قيادات الجمعيات، من أجل ترويضها، وجعلها تتراجع عن الالتزام بتنفيذ برنامجها النضالي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى لا يتأثر الحكم بتلك النضالات، وحتى لا يضطر إلى الاستجابة لإرادة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو إلى مطالبهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأن في الاستجابة إلى إرادة الجماهير الشعبية الكادحة، وإلى مطالبهم إنهاك لسلطة الحكم ،ورفع من شأن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يتخلصون، بذلك، من حدة الاستغلال الهمجي، الذي يتعرضون له، ودور القيادات الإصلاحية: النقابية، والجمعوية، هو الحيلولة دون الاستجابة لإرادة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.

3) العمل على إرضاء الحكم، من خلال التواجد في المؤسسات المنتخبة، انتخابا غير حر، وغير نزيه، إلى درجة أن الحكم يجد فيهم ما لم يكن يتصوره. وبالتالي، فإنه يغض الطرف عنهم، من أجل التمكن من تحقيق التطلعات الطبقية، بوسيلة، أو بأخرى، عن طريق استغلال الموارد الجماعية، في الجماعات التي يشرفون، من خلالها، على تسيير الشأن المحلي.

4) استغلال مختلف المسؤوليات، التي يتحملونها في مختلف المؤسسات، التي ترصد لها أموالا طائلة، تمكن المشرفين من تحقيق التطلعات الطبقية، التي تعتبر هاجسهم الرئيسي، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليصيروا، بذلك، في طليعة من يعتمد عليهم الحكم في تحقيق أهدافه، على حساب الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهو ما يعتبر في نظر الحكم، وسيلة للسيطرة على الجماهير الشعبية الكادحة، عن طريق من كانوا يعتبرون أملا للجماهير المذكورة، حتى يتأتى لها الوعي بممارستهم، التي تجعلهم يقدمون خدمات للحكم، على حسابهم، مما يجعلهم لا يسألون من الحكم عما يفعلون.

5) استغلال التواجد في البرلمان، من أجل التمتع بفيض من الامتيازات الريعية، التي تجعلهم (لا) يستطيعون قول لا للحكم، فيشدون على قول (نعم)، بالتواجد، حتى يحضر معهم في كل لحظة، تقتضي منهم قول (نعم)، سواء كانوا في الحكم، أو في المعارضة؛ لأن جميع البرلمانيين، يعتبرون بمثابة وزراء للحكم، كما كما صرح بذلك المرحوم الحسن الثاني، في عهده، لأن البرلمانيين الذين يختارهم الحكم، بعد الضحك على الشعب، بكل أساليب التضبيع، والتزوير، وبيع وشراء الضمائر في سوق النخاسة، خاصة، وأن الحكم، تعود على اختيار من يصل إلى المجلس الجماعي الترابي، أي مجلس، في أي عمالة، وفي أي إقليم، حتى يؤدي كل عضو جماعي دوره، كما تعود على اختيار جميع أعضاء البرلمان.

6) استغلال التواجد في الحكومة، من أجل التصرف غير المشروع، في مختلف القطاعات، التي يتم الإشراف عليها من قبلهم، من أجل تحقيق التطلعات الطبقية، التي تقتضي نهب المشاريع، والتصرف في قيمتها، على أنها منجزة، أو على أنها منجزة بشكل رديء، حسب الشروط التي تملى على المقاولين، الذين يوكل إليهم إنجاز المشاريع؛ لأن التواجد في الحكومة، هو منا سبة، قد لا تتكرر. لذلك، نجد أن الإصلاحيين، عندما يتحملون إحدى المسؤوليات، لا يغادرونها إلا وهم مصنفون إلى جانب الإقطاعيين، والإقطاعيين الجدد، أو إلى جانب البورجوازية الكبرى، أو التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وصولا إلى مغادرة الإصلاحيين للحكم، إلى الأبد، ويصبح مهتما بتحقيق أهداف الإقطاع، أو الإقطاع الجديد، أو البورجوازية، أو التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

أما الأهداف التي يسعى الإصلاحيون إلى تحقيقها محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، فيمكن اعتبارها أهدافا مختصرة في:

1) تحقيق التطلعات الطبقية، التي تتمثل في استغلال النفوذ في الجماعات الترابية، أو في البرلمان، أو في الحكومة، من أجل مضاعفة نهب ثروات الشعب المغربي، التي تحرم منها الجماهير الشعبية الكادحة، والتي غالبا ما تمر إلى الجيوب، عبر مشاريع معلنة، ومنفذة بطريقة رديئة، حتى تتقلص المصاريف في الواقع، لتمر إلى جيوب المسؤولين، بالإضافة إلى التمتع بجملة من الامتيازات الريعية، عن طريق التواجد في البرلمان.

2) مغادرة الطبقة الوسطى، التي ينتمي إليها الإصلاحيون، والالتحاق بالطبقات العليا، على مستوى امتلاك الثروات الهائلة، التي تؤهلهم للشروع في إقامة المشاريع العقارية، أو التجارية، أو الصناعية، أو الاشتغال على التهريب، أو الاتجار في الممنوعات، سعيا إلى الحصول على أكبر قدر من الممتلكات، التي تؤهله ليصير من الأثرياء المشهورين، على المستوى الدولي.

3) الارتباط بالمؤسسات المالية الدولية، التي يفتح بها حسابات للإصلاحيين، الذين تحولوا إلى ليبراليين كبار، لإدارة الملايير، التي يحصلون عليها من مشاريعهم، التي تكونت لديهم من نهب ثروات الشعب المغربي، من خلال إشرافهم على قطاعات معينة، أثناء تحملهم للمسؤوليات الحكومية، أو من خلال الامتيازات التي صاروا يتمتعون بها، أثناء تواجدهم في البرلمان، مقابل إقرار ما تريده الحكومة، أو تريد الدولة إقراره.

والغاية من تحقيق الإصلاحيين للأهداف المذكورة، تتجسد في مغادرة مجال الكادحين، إلى الطبقة الوسطى، ومغادرة الطبقة الوسطى، وكل المجالات، التي تبددها إلى الطبقة العليا، التي لا يرتاد مجالها إلا الأثرياء الكبار، من أجل مشاركتها في المشاريع، التي تشتغل عليها، لجعل أنهار من الثروات، تصب في الجيوب، التي يعدها لهذه الغاية، والتي لا تعرف الامتلاء أبدا.

العلاقة القائمة بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي:

فما هي العلاقة القائمة بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي؟

إن العلاقة القائمة بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي، هي علاقة تناقض؛ لأنه في الوقت الذي يسعى فيه البرنامج الثوري، إلى خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من خلال السعي المستمر إلى تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، نجد أن البرنامج الإصلاحي، لا يسعى، في نهاية المطاف، إلا إلى تحقيق التطلعات الطبقية لإصلاحيين، الذين يدعون ما لا يقتنعون به، ويفعلون خلاف ما يدعون، مما يتناسب مع اقتناعهم المنسجم مع سعيهم إلى تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، خاصة، وأن ادعاء الإصلاح، ما هو إلا غطاء، من أجل إيجاد المجال الذي يهدف إلى تحرير العلاقة، مع الجهات التي تساهم، من قريب، أو بعيد، في تحقيق التطلعات الطبقية، وخاصة مع السلطة القائمة، التي تمد الإصلاحيين بالامتيازات الريعية، التي تمكنهم من التصنيف إلى جانب الأثرياء الكبار، على المستوى الوطني، ولم لا على المستوى العالمي. وبعد ذلك، فليذهب الإصلاح إلى الجحيم. وهو ما يعني أن البرنامج الثوري، عندما يهتم بالكادحين، فإن البرنامج الإصلاحي، لا يهتم إلا بالعمل على تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين بصفة عامة، وللقيادات الإصلاحية المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، بصفة خاصة.

وما هو أفق علاقة البرنامج الثوري، بالبرنامج الإصلاحي؟

لقد ذكرنا أن العلاقة التي تجمع بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي، هي علاقة تناقض، الأمر الذي يترتب عنه اعتبار البرنامج الإصلاحي، مثله مثل البرنامج الإقطاعي، أو الإقطاعي الجديد، أو البورجوازي، أو التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف؛ لأنه، إذا كان البرنامج الإقطاعي، لا يخدم إلا مصالح الإقطاع، وبرنامج الإقطاع، الجديد لا يخدم إلا مصالح الإقطاع الجديد، وبرنامج البورجوازية، لا يخدم إلا مصالح البورجوازية، وبرنامج التحالف البورجوازي، الإقطاعي، لا يخدم إلا مصالح التحالف البولرجوازي الإقطاعي. وبناء على ذلك، فإن البورجوازية الصغرى المعنية، بالبرنامج الإصلاحي، فإن برنامجها يختلف جملة، وتفصيلا، عن البرنامج الثوري، مما يجعل البرنامج الإصلاحي لا يسعى إلا إلى تحقيق التطلعات الطبقية، مما يجعله لا يختلف عن الطبقات، التي تمارس الاستغلال على الفلاحين الفقراء، والمعدمين، وعلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. والبرنامج الوحيد، والفريد، الذي يسعى إلى تحرير الإنسان من العبودية، والاستبداد، والاستغلال، وتحقيق الديمقراطية، والاشتراكية، وبدون سعي الحزب الثوري إلى تحقيق الاشتراكية، والديمقراطية، والتحرير، فإن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، سيتضاعف استغلالهم، وستتعمق معاناتهم. ولكن توحد حزب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا بد أن تكون له انعكاسات إيجابية، على المسار العام للكادحين، وبذلك يكون أفق البرنامج الثوري، منفتحا على العمل، من أجل فرض تمتيع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بالحقوق الإنسانية، وحقوق العمال، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، والاستمرار في النضال، بلا هوادة، لتحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، من أجل أن يصير الواقع، في تجلياته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في خدمة الكادحين.

وهذا الأفق الذي ينهجه الحزب الثوري، في تفعيل البرنامج الثوري، ينعكس سلبا على الحركة الإصلاحية، وعلى البرنامج الإصلاحي، الذي لا يتجاوز مراوحة المكان، الذي لا يتغير، وممارسة التضليل على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا ينتبهوا إلى ما يمارسه الإصلاحيون، من خلال الالتزام بتفعيل برنامجهم الإصلاحي، ليبقى أفق العلاقة بين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي، هو نفسه أفق التناقض القائم في الفكر، وفي الممارسة، وفي البرنامج، وفي الأهداف، وفي الغاية من تلك الأهداف.

خاتمة:

وبعد هذا التناول للبرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي، نصل إلى الإقرار بأن البرنامج الأولى بالتفعيل، بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة، هو برنامج الحزب الثوري؛ لأنه هو البرنامج الذي يعمل على تغيير الواقع، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولأنه هو الذي يراهن في العمل على تغيير الواقع، وعلى وعي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين بالذات، وبالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ولأنه بدون الوعي بالذات، وبالواقع، لا يمكن أن ينخرطوا في عملية التغيير، من أجل تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، لفك الحصار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل أن ينخرط العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في العملية السياسية، ومن الباب الواسع، في بناء الدولة الاشتراكية.

وهكذا، نجد أن موضوع (البرنامج الثوري، والبنامج الإصلاحي، أية علاقة؟ وأي أفق؟) هو بمثابة إجراء مقارنة على مستوى التكون، وعلى مستوى منهجية البناء، وعلى مستوى الأهداف، وعلى مستوى الغاية من تلك الأهداف، وصولا إلى الجواب على السؤال: ما هو البرنامج الأصلح للتفعيل، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة؟

ونظرا لأن البرنامج الإصلاحي، يسعى إلى تحقيق التطلعات الطبقية للإصلاحيين، بصفة عامة، وللقيادات الإصلاحية، في مستوياتها المختلفة بصفة خاصة، وصولا إلى تحقيق الغاية المتمثلة في التصنيف على مستوى الثراء، إلى جانب الإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، فإننا وجدنا: أن البرنامج الثوري، هو الرنامج الذي يعمل في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في صفوف الشعب المغربي، ويفعل، بواسطتهم، ومن أجلهم، وسعيا إلى جعلهم يحرصون على تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، وصولا إلى تحقيق الغاية المتمثلة في جعل الواقع في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة، وأن من طبيعة الواقع، أن يصير في خدمة الإنسان، قبل أن تتدخل الطبقات الاجتماعية المسيطرة، في تحريف طبيعة الواقع، ليتحول ذلك التحريف إلى خدمة الطبقات المسيطرة، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يغرقون في المعاناة، التي لا حدود لها، بسبب بسبب الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، الذي لا يصير إلا همجيا، لمضاعفة فائض القيمة، الذي يتبقى للطبقة المسيطرة، المتحكمة في الواقع، والتي تتغير طبيعتها من مرحلة، إلى أخرى، وصولا إلى تقسيم المجتمع، إلى طبقة تتكون من أقلية من الأسياد، أو من الإقطاع، أو من الإقطاع الجديد، أو من البورجوازية، أومن التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، أو من البورجوازية الصغرى، التي يمكن تصنيف مؤدلجي الدين الإسلامي معها، وإلى أكثرية تبلغ نسبة متقدمة من الشعب، تخضع خضوعا مطلقا للطبقات المسيطرة، وتستغل استغلالا همجيا، من أجل الوقوف وراء النمو السريع، كشرط للملكية الفردية، في مختلف المراحل، التي يجمع فيما بينها وجود مستغل للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ووجود الكادحين الذين يمارس عليهم الاستغلال الهمجي.

فهل يرتبط العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بتفعيل البرنامج الثوري؟

وهل يؤتي تفعيلهم له، بعد امتلاك الوعي أكله لصالحهم، على المستوى القريب، أو المتوسط، أو البعيد؟

إن المشكل القائم في واقعنا، أن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يحملون وعيا مقلوبا، ويعتقدون أن ما يحملونه، هو الوعي الصحيح.