الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية7-20 ، نقد أطروحات منصور حكمت المعادية للماركسية


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 6702 - 2020 / 10 / 13 - 19:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

دال / مبدأ البراكسيس الماركسي :الموقف من الدين قضية ثانوية بحتة في النضال لتحرير العمل و لا يجوز إطلاقا السماح بتحويلها إلى بؤرة للتفرفة الحزبية -الاجتماعية مثلما يخطط و يفعل البرجوازيون
"اذاعة همبستكي:
من اين تنبع ضرورة اقرار قرار من قبل اللجنة المركزية حول تصعيد النضال ضد التيارات والحركات الاسلامية؟ لان الجميع يعلم ان الحزب الشيوعي العمالي بوصفه تيار مناهض للدين، وان النضال ضد التيارات الاسلامية الرجعية ايضاً في السنوات المنصرمة هو احد خصائص الحزب الشيوعي العمالي الايراني. اليس ذلك بكافٍ؟
منصور حكمت:
اننا نبغي هنا التحدث عن موضوع مختلف. ان مناهضة الشيوعيين للدين، فضحهم للدين وسعيهم لارساء مجتمع غير ديني هو على قولك مسالة هوية، مسالة قديمة بالنسبة للشيوعيين..."
انتهى الاقتباس .

من بديهيات العلم الماركسي – عكس السوسيولوجيا البرجوازية – أن الاقتصاد هو أساس الحياة البشرية ، و أن شكل علاقات الانتاج السائدة في المجتمع يقدّم البنية التحتية المنتجة للبنى الفوقية للمؤسسات الاجتماعية مثل الدولة و الدين والقانون و الفلسفة و النظام القضائي و غيره المنبثقة كلها من المصالح الاقتصادية للطبقة الحاكمة وتعتمد عليها بشكل كامل . و يترتب على هذا إدراك حقيقة أن جوهر النضال الشيوعي الماركسي الحقيقي يتبلور في الثورة البروليتارية لتحرير العمل و بناء نمط الانتاج الشيوعي القائم على تشريك وسائل الانتاج ، و هو الفعل الاجتماعي الضروري اللازم لتحرير كل طبقات المجتمع في النهاية . و هذا يعني أن إلغاء البنى الفوقية المتجذرة في المحتمع الرأسمالي مرتبط على نحو لازب بالغاء البنية التحتية القائمة عليها لأن البنية التحتية هي البنية الأجتماعية الأساسية الأولى ، في حين أن البنى الفوقية و بضمنها طبعا الدين هي بنى اجتماعية ثانوية . يقول انجلز :"بمجرد أن ينشأ الدين ، فإنه يستوعب دائمًا مخزونًا معلوماً من الأفكار الموروثة من الأجيال السابقة . و في جميع مجالات الفكر ، تعتبر التقاليد قوة محافظة كبيرة . لكن التغييرات التي تحدث في هذا العرض من الأفكار تحددها الطبقة ، أي العلاقات الاقتصادية ".
إذن الدين هو بنية اجتماعية ثانوية تنشأ من الظروف الاقتصادية المجتمعية السابقة ومن ثم تخلق إطارًا لاهوتيًا لتبريرها ثم الحفاظ عليها . و لهذا يؤكد ماركس و انجلز بأن "العالم الديني ليس سوى الانعكاس للعالم الحقيقي" ، و أن الدين لن يختفي إلا نتيجة التطور الاجتماعي المتقدم في النظام الشيوعي .
"المراسلات الخاصة لـ "ألتربيون" الأمريكية ، 18 كانون الأول / 1878
المراسل : "لقد نُسب لك ولأتباعك ، دكتور ماركس ، جميع أنواع الخطب التحريضية ضد الدين . أنت تريد بالطبع أن ترى النظام بأكمله مدمرًا ، جذراً و فرعاً ؟
أجاب (ماركس) بعد تردد : "نحن نعلم بأن الإجراءات العنيفة ضد الدين هراء . لكن هذا هو الرأي : مع تطور الاشتراكية ، سيختفي الدين. يجب أن يتم اختفائه من خلال التطور الاجتماعي ، حيث يجب أن يلعب التعليم دوراً كبيراً ".
انتهى .
طيب ، ماهو مقتضى هذا التحليل العلمي على صعيد الممارسة للبراكسيس الثوري الماركسي ؟ المقتضى واضح : في ظل الصراع ضد هيمنة رأس المال : القضية الدينية هي قضية ثانوية بحتة .
معلوم أن الحركة الشيوعية تهدف إلى بناء أحزاب اشتراكية جماهيرية لكي تربح معركة الديمقراطية ، لذا فقد حرص كل حزب ماركسي حقيقي على وعي و ممارسة ضرورة بذل كل ما في وسعه لإشراك جميع العمال و أصدقائهم في النضال ضد الرأسمالية ، بمن فيهم المتدينون ؛ مع التركيز بشكل صحيح ومتوازن على الدفاع عن الفكر الماركس ضد تسلكات المؤسسة الدينية القائمة عبر فضح دورها الايديولوجي لشرعنة نهب و سلب غالبية فقراء الشعب . و أهم توظيف في ميدان البراكسيس الماركسي بهذا الشأن هو الرفض القاطع لتبديد الجهد و الوقت عبر الانجرار لمتاهات الصراع الديني الثانوي الخالق للفرقة . هذا هو مبدأ ماركس و انجلز و لينين .

في رسالته لماركس المؤرخة في تشرين الأول ، 25-6 من عام 1847 ، يقول إنجلز :
"أما بالنسبة للمسألة الدينية ، فقد اعتبرناها ثانوية كلياً ؛ كمسألة يجب أن لا يُسمح لها أبداً أن تصبح حجة للنزاع بين الرجال في الحزب الواحد ."
و على غرار ذلك ، يقول لينين (1905) :

"لماذا لا نعلن في "برنامجنا" اننا ملحدون ؟ لماذا لا نمنع المسيحيين وغيرهم من المؤمنين بالله من الانضمام إلى حزبنا ؟ الإجابة على هذا السؤال ستتكفل بتوضيح الاختلاف المهم للغاية في الطريقة التي يطرح بها البرجوازيون الديمقراطيون والاشتراكيون -الديموقراطيون مسألة الدين . يعتمد برنامجنا بالكامل على النظرة العلمية ، بالإضافة إلى النظرة المادية للعالم . لذا ، فإن شرح برنامجنا يتضمن بالضرورة شرحًا للجذور التاريخية والاقتصادية الحقيقية للضباب الديني ، كما تتضمن دعايتنا بالضرورة دعاية الإلحاد . إن نشر المؤلفات العلمية المناسبة ، التي كانت الحكومة الإقطاعية الأوتوقراطية تحظرها وتضطهدها حتى الآن ، يجب أن يشكل الآن أحد مجالات عملنا الحزبي . وربما يتعين علينا الآن اتباع النصيحة التي قدمها إنجلز ذات مرة للاشتراكيين الألمان : لترجمة ونشر أدب التنوير والملحدين الفرنسيين في القرن الثامن عشر .
لكن لا ينبغي علينا بأي حال من الأحوال الوقوع في خطأ طرح السؤال الديني بطريقة مجردة ومثالية ، باعتباره سؤالاً "فكرياً" لا علاقة له بالصراع الطبقي ، كما يحدث في كثير من الأحيان من قبل الديموقراطيين الراديكاليين من بين البرجوازية . سيكون من الغباء الاعتقاد أنه في مجتمع يقوم على القمع اللانهائي والتشدد اللانهائي للجماهير العمالية ، يمكن تبديد التحيزات الدينية بوسائل دعائية بحتة . و سيكون من ضيق الأفق البرجوازي أن ننسى أن نير الدين الذي يثقل كاهل البشرية هو مجرد نتاج وانعكاس للنير الاقتصادي داخل المجتمع . لا يمكن لعدد من الكتيبات وأي قدر من الوعظ أن ينير البروليتاريا ، إذا لم تستنير بنضالها ضد قوى الظلام للرأسمالية . إن الوحدة في هذا النضال الثوري حقًا للطبقة المضطهدة من أجل خلق فردوس على الأرض هي أكثر أهمية بالنسبة لنا من وحدة الرأي البروليتاري حول الفردوس في الجنة .
هذا هو سبب عدم قيامنا ولا يجب أن نضع إلحادنا في برنامجنا . وهذا هو السبب في أننا لا نمنع ولا ينبغي لنا أن نمنع البروليتاريين الذين ما زالوا يحتفظون بآثار تحيزاتهم القديمة من الارتباط بحزبنا . سنبشر دائمًا بالنظرة العلمية للعالم ، ومن الضروري بالنسبة لنا محاربة التناقض بين مختلف "المسيحيين". لكن هذا لا يعني على الأقل أنه يجب تقديم السؤال الديني إلى المرتبة الأولى ، حيث لا ينتمي على الإطلاق . ولا يعني ذلك أننا يجب أن نسمح لقوى النضال الاقتصادي والسياسي الثوري حقًا بالانقسام على حساب آراء من الدرجة الثالثة أو أفكار لا معنى لها و آيلة لفقدان كل الأهمية السياسية سريعًا ، وسرعان ما يتم التخلص منها على أنها قمامة من خلال مسار النمو الإقتصادي.
في كل مكان تهتم به البرجوازية الرجعية ، وقد بدأت الآن تهتم في روسيا بإثارة الصراع الديني - من أجل تحويل انتباه الجماهير عن المشاكل الاقتصادية والسياسية الهامة والأساسية ، التي يتم حلها الآن في ممارسة البروليتاريا الروسية كلها متحدة في النضال الثوري. هذه السياسة الرجعية لتقسيم القوى البروليتارية ، والتي تتجلى اليوم بشكل رئيسي في مذابح المئات السود ، قد تتخذ غدًا بعض الأشكال الباطنة . على أية حال ، سوف نعارضه بهدوء واتساق وصبر التبشير بالتضامن البروليتاري والنظرة العلمية للعالم - وعظ غريب عن أي إثارة للفروق الثانوية. ستنجح البروليتاريا الثورية في جعل الدين شأنًا خاصًا حقًا ، فيما يتعلق بالدولة. وفي هذا النظام السياسي ، المطهر من عفن القرون الوسطى ، ستخوض البروليتاريا نضالًا واسعًا ومفتوحًا من أجل القضاء على العبودية الاقتصادية : المصدر الحقيقي للإذلال الديني للبشرية. "
انتهى الاقتباس من لينين .
المصدر :
https://web.archive.org/web/20110720123014/http://www.psylib.ukrweb.net/books/maenl01/txt17

هذه هي ماركسية ماركس و انجلز و لينين ، أما برجوازية منصور حكمت و من لف لفه من المعادين للماركسية العلمية على طول الخط فهم أصحاب الفتوى القاضية بأن "الموقف من الدين هو هوية الشيوعي" و "ان مناهضة الشيوعيين للدين هي مسالة هوية" مثلما يقول الدكتور توما حميد - و ليس النضال لتحرر العمل هو هوية الشيوعي و الدين قضية ثانوية فيه مثلما يقول ماركس و انجلز و لينين .
في كل ما سبق من الأدلة النصية الثابتة و القاطعة ما يكفي للحكم بأن هؤلاء البرجوازيين للنخاع من مدعي الشيوعية في حشعا و حشعع و إنما يضعون صور ماركس و انجلز و لينين في مقراتهم و مواقعهم و منشوراتهم لنفس الغرض بالضبط الذي يضع فيه "الحرس الثوري" للولي الفقيه الايراني و فروعه في العراق الصور المفبركة للإمام علي بن أبي طالب و ابنيه الحسين و العباس : للضحك على الذقون و ذر الرماد في العيون و خداع الطبقة العاملة . نعم أن مناهضة الدين هو هوية : إنه هوية البرجوازيين الراديكاليين المثاليين مثلما يعلمنا لينين ، و ليس أبداً هوية للشيوعيين الثوريين الماديين الحقيقيين المناضلين ضد هيمنة رأس المال و ليس الدين .
يتبع ، لطفاً .