رأس المال: الفصل الثالث عشر (63) ه) الانتقال من المانيفاکتورة الحديثة والعمل المنزلي إلى الصناعة الكبرى.


كارل ماركس
الحوار المتمدن - العدد: 6639 - 2020 / 8 / 7 - 11:08
المحور: الارشيف الماركسي     



الآلات والصناعة الكبرى
8) دور الصناعة الكبرى في تثوير المانيفاکتورة والحرفة اليدوية والعمل المنزلي
هـ) الانتقال من المانيفاکتورة الحديثة والعمل المنزلي إلى الصناعة الكبرى.
تسريع هذه الثورة عن طريق تطبيق قوانين المصانع على أي موقع عمل

إن زيادة رخص قوة العمل بإساءة استخدام قوة عمل النساء والصغار لا أكثر، وسرقة سائر شروط العمل وشروط الحياة الاعتيادية لا أكثر، والإفراط في تمديد العمل النهاري وقسوة العمل الليلي، لا أكثر، يصطدم آخر المطاف بحدود طبيعية معينة يستحيل تخطيها، مثلما تصطدم الأسس التي يقوم عليها رخص السلع والاستغلال الرأسمالي عموما بهذه الحدود أيضا. وعند بلوغ هذه النقطة في نهاية المطاف – وهذا يتطلب ردحا طويلا – تدق ساعة مجيء الآلات والتحول العاجل للعمل المنزلي المبعثر (وكذلك المانيفاکتورة) إلى المشروع الصناعي.
لعل إنتاج الملبوسات (wearing apparel) يقدم المثال الأكبر على هذه الحركة. وبموجب تصنيف لجنة استقصاء شروط استخدام الأطفال تشمل هذه الصناعة منتجي قبعات القش وقبعات السيدات والقلنسوات، والخياطين، وصانعي الفساتين (dressmakers) وأغطية الرأس (milliners)(1) وخياطة الأثواب، وخياطة القمصان وصانعات المشدات، وصانعي القفازات، والإسكافيين، فضلا عن فروع صغيرة أخرى كإنتاج ربطات العنق والياقات وما إلى ذلك. وفي عام 1861 بلغ عدد العاملات في هذه الفروع الصناعية في إنكلترا وويلز 586,298 بمن فيهن 115,242 في الأقل ممن تقل أعمارهن عن 20 عاما، و16,560 ممن تقل أعمارهن عن 15 عامة. وبلغ عدد هؤلاء العاملات في المملكة المتحدة 750,334 (عام 1861). وكان عدد الذكور العاملين في تلك السنة ذاتها في إنتاج القبعات والأحذية والقفازات والخياطة في إنكلترا وويلز 437,969 بمن فيهم 14,964 تقل أعمارهم عن 15 عاما و89,258 تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاماً و333,117 أكثر من 20 عاما. ولم تأخذ هذه المعطيات في الحسبان فروع كثيرة أصغر حجماً تندرج في إطار هذه الصناعات. ولكن إذا أخذنا الأرقام التي أوردناها الآن، على علاتها، لحصلنا بموجب إحصاء عام 1861 على رقم عام بالنسبة لإنكلترا وويلز وحدهما هو 1,024,276 أي ما يعادل تقريبا عدد المشتغلين في الزراعة وتربية المواشي. عندئذ يدرك المرء لماذا تنتج الآلات مثل هذه الكتلة الهائلة من المنتوجات وتسهم بذلك في تحريره مثل هذه الكتل الغفيرة من العمال.

تتولى إنتاج الملبوسات (wearing apparel) تلك المانيفاکتورات التي لا تقتصر في داخلها على إعادة إنتاج ذلك التقسيم للعمل الذي تجد أعضاءه المبعثرة (membra disjecta) جاهزة أمامها، كما يتولاه المعلمون الحرفيون الصغار الذين لم يعودوا يعملون للمستهلكين الفرديين كما في السابق، بل صاروا يعملون للمانیفاكتورات والمخازن، بحيث غالبا ما تتخصص مدن ومناطق كاملة بفروع إنتاج معينة كالأحذية مثلا؛ وأخيراً يتولى هذا الإنتاج، على نطاق أوسع ما يسمى بالعمال المنزليين الذين يشكلون فرعاً خارجياً للمانيفاکتورات والمخازن وحتى للمعلمين الحرفيين الصغار (2). وتقدم الصناعة الكبرى كتل مواد العمل والمواد الأولية والمصنوعات شبه الجاهزة وغير ذلك، أما كتلة المادة البشرية الرخيصة المتروكة للرحمة والغضب (tailable a merci et misericorde) فتتألف ممن حررتهم، الصناعة الكبرى والزراعة. وتدين المانيفاکتورات في هذا المجال بمنشئها أساسا إلى حاجة الرأسماليين لأن يتوافروا على جيش جاهز رهن الإشارة، بما يتوافق مع أي حركة في الطلب (3). إلا أن هذه المانیفاكتورات تسمح ببقاء الإنتاج الحرفي المشتت والإنتاج المنزلي كأساسي عريض تعتمد عليه. وإن ضخامة إنتاج فائض القيمة في فروع العمل هذه الموازية للرخص المطرد لما تنتجه من سلع، كانت وما تزال تدين بوجودها إلى دفع الحد الأدنى من الأجور الذي لا يكفي سوى لمعيشة نباتية مزرية، كما تدين بوجودها إلى تمديد وقت العمل إلى أقصى حد يمكن لكيان الإنسان العضوي أن يحتمله. فرخص العرق البشري والدم البشري المحولين إلى سلع هو الذي وسّع بالذات ويوسع على الدوام سوق التصريف بالنسبة لإنكلترا على وجه الخصوص والسوق الاستعمارية التي تسودها، فضلا عن ذلك، العادات الإنكليزية والذوق الإنكليزي. وأخيراً حلت اللحظة الحرجة. فأساس الطرائق القديمة، أي الاستغلال المحض والفظ لمادة العمل المقترن، بهذا القدر أو ذاك، بتقسيم منهجي متطور للعمل لم يعد كافيا إزاء تنامي السوق وإزاء النمو العاصف للمنافسة بين الرأسماليين. ودقت ساعة الآلة. فالآلة الثورية الحاسمة، الآلة التي شملت كافة الفروع الغفيرة في هذا المجال الإنتاجي بدرجة واحدة، مثل صناعة الملبوسات وأشغال الخياطة وصنع الأحذية وصنع القبعات وإلخ، هي ماكنة الخياطة. وإن تأثيرها المباشر على العمال يشبه على وجه التقريب تأثير سائر الآلات بشكل عام عندما تستولي للمرة الأولى على فروع إنتاج جديدة في مرحلة الصناعة الكبرى. وتجري تنحية أصغر الأطفال عمراً. وترتفع أجور العاملين على الآلات بالمقارنة مع أجور العمال المنزليين الذين يندرج الكثير منهم في عداد «أفقر الفقراء» (the poorest of the poor). وتنخفض أجور أفضل الحرفيين حالا حينما تشرع الآلة بمنافستهم. وتغدو الفتيات والنساء الشابات على وجه الحصر العاملات الجديدات على الآلات. فهن يعتمدن القوة الميكانيكية للقضاء على احتكار الذكور للأعمال الشاقة، وإقصاء جمهرة المسنات والصغار من مجال الأعمال اليسيرة. وتقضي المنافسة الكاسحة على أضعف العمال اليدويين. وإن النمو المريع لعدد حوادث الموت جوعا (death from starvation) في لندن خلال العقد الأخير يمضي بموازاة انتشار الخياطة الآلية (4). والعاملات الجديدات على ماكنات الخياطة، التي يحركنها باليد والقدم أو باليد فقط وهن جالسات أو واقفات تبعاً لوزن وحجم واختصاص الماكنة، يبذلن قدرة كبيرة من قوة العمل. وتنزل مهنتهن الضرر بالصحة نظرا لطول العملية، رغم أنها أقصر عادة مما كان عليه الأمر في النظام القديم. وحيثما تقتحم ماكنة الخياطة الورش الضيقة والمزدحمة أصلا، سواء في إنتاج الأحذية والمشدات والقبعات وإلخ، فإنها تفاقم التأثيرات الضارة بالصحة.

يقول المفوض السيد لورد: «إن الشعور الذي يخالج المرء عند دخوله ورش ذات سقف واطیء حيث يعمل 30 – 40 شخصا على الماكنات في وقت واحد، لا يطاق… فالحرارة المنبعثة جزئياً من مواقد الغاز التسخين المكاوي خانقة. وحتى في تلك الحالات عندما يطبق في مثل هذه الورش ما يسمى بوقت العمل المعتدل، أي من الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء، يصاب عادة 3- 4 أشخاص بالإغماء كل يوم» (5). إن الانقلاب في النمط الاجتماعي للمشروع، هذا النتاج الضروري لتغير وسيلة الإنتاج، يتفتح بخليط متباين من الأشكال الانتقالية. وتتغير هذه الأشكال تبعا لسعة ومدة استيلاء ماكنة الخياطة على هذا الفرع الصناعي أو ذاك، وتبعة لوضع العمال القائم سلفا، وتبعا لغلبة الإنتاج المانيفاکتوري أم الحرفي أم المنزلي، وتبعاً لبدل إيجار موقع العمل (6). وعلى سبيل المثال ففي صناعة الملبوسات، حيث ينتظم العمل عموماً على أساس التعاون البسيط، لا تؤلف ماكنة الخياطة في البداية سوى عنصراً جديداً في الإنتاج المانيفاکتوري. أما في الخياطة وإنتاج القمصان والأحذية فإن جميع الأشكال تتشابك. هنا نجد الإنتاج المصنعي بالمعنى الدقيق للكلمة وهناك يستلم الوسطاء من الرأسمالي (الرئيسي) (en chef) المادة الأولية ويجمعون في “حجرات” و”عليات” من 10 إلى 50 وأكثر من العمال المأجورين حول ماكنات الخياطة. وأخيراً، وكما يحدث ذلك على العموم مع جميع الآلات، التي لا تشكل منظومة متمفصلة ويمكن استخدامها على نطاق ضيق، فإن الحرفيين أو العمال المنزليين يستخدمون ماكنات الخياطة العائدة لهم بمساعدة أفراد أسرهم أو القليل من العمال الغرباء (7). ويسود في إنكلترا، عملياً، في الوقت الحاضر النظام الذي يركز الرأسمالي بموجبه عددا كبيراً من ماكنات الخياطة في مبانيه، أما لمواصلة المعالجة فهو يوزع منتوج الماكنات على جيش كامل من العمال المنزليين (8). ولكن تنوع الأشكال الانتقالية لا يخفي الميل للتحول إلى الإنتاج المصنعي بالمعنى الدقيق للكلمة. ويتغذى هذا الميل: بطابع ماكنة الخياطة التي يؤدي تنوع أساليب استخدامها إلى توحيد فروع الإنتاج، المنفصلة أصلا، في مبنى واحد، وتحت إمرة رأسمال واحد؛ ومن ثم بواقع أن من الأنسب القيام بأعمال الإبرة التمهيدية وبعض العمليات الأخرى في مكان وجود ماكنة الخياطة؛ وأخيراً، بالميل المحتوم لنزع ملكية الحرفيين والعمال المنزليين الذين يعملون على ماكنة الخياطة الخاصة بهم. ولقد أدرك هذا المصير أصلا قسماً منهم. فالنمو المتواصل لكتلة رأس المال الموظف في ماكنات الخياطة (9) يحفز توسيع الإنتاج ويولد حالات ركود في السوق تطلق إشارة إنذار للعمال المنزليين كي يبيعوا ماكنات خياطتهم. وإن فيض إنتاج ماكنات الخياطة نفسها يدفع منتجيها، المحتاجين إلى التصريف، لأن يؤجروها لمدة أسبوع، وبذلك تنشا منافسة قاتلة بالنسبة لصغار أصحاب الماكنات (10). وإن التغيرات المتواصلة في تصميم الماكنات ورخص ثمنها يتسببان في اندثار قيمة نماذجها القديمة على الدوام أيضا، ما يسفر عن بيعها بأسعار بخسة إلى كبار الرأسماليين الذين يحتكرون الآن لوحدهم استخدامها بصورة مربحة. وهنا أيضا يسدد حلول المحرك البخاري محل الإنسان الضربة القاضية، كما هو الحال في سائر عمليات التحول المماثلة. ويصطدم استخدام قوة البخار في البداية بعقبات تكنيكية صرفة كاهتزاز الآلات وصعوبة التحكم بسرعتها والعطب السريع للآلات الخفيفة وما إلى ذلك، أي كافة العقبات التي سرعان ما تعلم الممارسة سبل التغلب عليها (11). وإذا كان تركز الكثير من آلات تنفيذ العمل في مانيفاکتورات كبيرة نسبياً يدفع من جهة إلى استخدام قوة البخار، فإن تنافس البخار مع عضلات الإنسان يعجل من جهة أخرى في تركز العمال وآلات العمل في مصانع كبرى. ففي إنكلترا مثلا تعيش حالية الميادين الهائلة لإنتاج الملبوسات (wearing apparel)، كما هو شان القسم الأكبر من بقية الصناعات، ثورة في انتقال المانيفاکتورة والحرف والعمل المنزلي إلى إنتاج مصنعي؛ ولكن قبل حصول هذا الانتقال كانت كافة الأشكال المشار إليها قد تغيرت اصلا تحت تأثير الصناعة الكبرى، وتفسخت، واتخذت مظهراً مشوهاً، وتمخضت منذ أمد بعيد عن كل فظاعة النظام المصنعي بل فاقته فظاعة من دون أن تعيد إنتاج عناصر تطوره الإيجابية (12).

إن هذه الثورة الصناعية العفوية تتسارع بصورة مصطنعة بفعل تطبيق قوانين المصانع على جميع الفروع التي تعمل فيها النساء والأحداث والأطفال. وإن التنظيم الإلزامي لأمد يوم العمل، بما في ذلك فترات الراحة، ولحظات بدء وانتهاء يوم العمل، ونظام المناوبة بالنسبة للأطفال، واستثناء جميع الأطفال حتى سن معينة وإلخ، كل ذلك يفرض ضرورة زيادة الآلات (13)، وإحلال البخار محل العضلات كقوة محركة (14). ومن جهة أخرى فإن السعي للكسب في المكان تعويض عن الخسارة في الزمان يؤدي إلى التوسيع الكمي لوسائل الإنتاج المستخدمة بصورة مشتركة – كالأفران والمباني وغير ذلك؛ وباختصار يؤدي إلى تعاظم ترکیز وسائل الإنتاج وما يطابقه من تعاظم حشد العمال. وكلما تعرضت المانيفاکتورة إلى خطر تطبيق قانون المصانع تكرر الاعتراض الرئيسي الحماسي نفسه وهو وجوب إنفاق رأسمال أكبر من أجل مواصلة الإنتاج على النطاق السابق في حالة الخضوع لقانون المصانع. أما ما يتعلق بالأشكال الوسيطة الواقعة بين المانيفاکتورة والعمل المنزلي، وما يتعلق بهذا الأخير نفسه، فإنها تفقد التربة التي تقوم عليها ما إن يتم تحديد يوم العمل وعمل الأطفال. فالإستغلال المنفلت لقوة العمل الرخيصة هو الأساس الوحيد لقدرتها على المنافسة.

لعل أهم شرط للإنتاج المصنعي، خصوصا بعد خضوعه لتحديد يوم العمل، هو ضمان النتيجة المعتادة، نعني الثقة في إنتاج كمية معينة من السلع خلال فترة زمنية معينة، أو بلوغ النتيجة النافعة المستهدفة. زد على ذلك أن الاستراحات القانونية في يوم العمل الخاضع للضوابط تفترض أن الانقطاعات الفجائية والدورية في العمل لن تضر بالمنتوج الماثل في عملية الإنتاج. ومن البديهي أن ضمان النتيجة هذا واحتمال انقطاع سير العمل هما أسهل وقوعاً في الصناعات الميكانيكية البحت مما في تلك الصناعات التي تقوم فيها العمليات الكيميائية والفيزيائية بدور معين كما في صناعات الفخار وقصر الأقمشة، وصبغ النسيج، والخبازة ومعظم صناعات معالجة المعادن. ولكن حيثما يسود يوم عمل غير مقيد، ويسود العمل الليلي، والتبديد المنفلت للبشر، فإن أي عقبة عفوية تعد بمثابة “حدّ طبيعي” أبدي يقيد الإنتاج. وما من سم فاتك يبيد الحشرات الضارة مثلما يزيل قانون المصانع مثل هذه “الحدود الطبيعية”. وما من أحد أطلق الصراخ عن “المستحيلات” بأعلى من صراخ السادة صناعيي الفخار. ففي عام 1864 شملهم قانون المصانع وبعد انقضاء 16 شهرا زالت كافة المستحيلات. وقد أدى قانون المصانع إلى ظهور “طرائق محسنة لتحضير العجينة الفخارية (clip) بالضغط بدل التجفيف، وتصميم جديد للأفران من أجل تجفيف السلعة غير المفخورة وغيرها، وتلك هي أحداث عظيمة الأهمية في فن صناعة الفخار ترمز إلى تقدم لا نجد له مثيلا في القرن الأخير. ولقد تم تخفيض حرارة الأفران تخفيضاً كبيرة مع تقليص كبير في استهلاك الفحم وسرعة أكبر لإنجاز السلعة” (15). وخلافا لجميع النبوءات لم ترتفع تكاليف إنتاج الفخاریات بل ازدادت كتلة المنتوج، بحيث أن قيمة التصدير خلال 12 شهرا، من كانون الأول/ ديسمبر عام 1864 حتى كانون الأول/ ديسمبر عام 1865، تجاوزت القيمة الوسطية لصادرات السنوات الثلاث السابقة بمقدار 138,628 جنيهاً استرلينياً. وفي إنتاج الثقاب كان قيام الأحداث، بغمس عيدان الثقاب في المزيج الفوسفوري الحار الذي كانت أبخرته السامة تسفع وجوههم حتى عندما كانوا يزدردون غداءهم يعتبر قانونا من قوانين الطبيعة. وحين فرض قانون المصانع (لعام 1864) ضرورة توفير الوقت فإنه فرض إدخال “آلة الغمس” “dipping machine” التي لا يمكن أن تصل منها الأبخرة إلى العامل (16). وكذلك الحال مع فروع مانیفاكتورة المخرّمات التي لم تخضع بعد لقانون المصانع، حيث يزعم حالياً أنه لا يمكن انتظام وقت تناول الطعام لأن المواد المختلفة من أجل المخرّمات تتطلب فترات مختلفة للتجفيف، ويتراوح هذا الوقت بين 3 دقائق وساعة كاملة أو أكثر. ويردّ أعضاء لجنة استقصاء شروط استخدام الأطفال على ذلك بالقول:

“إن الأوضاع هنا مماثلة بالضبط لأوضاع طباعة ورق الجدران. وإن بعض أصحاب المصانع الرئيسيين في هذا الفرع أصرّوا بحمية بالغة على أن طابع المواد المستخدمة وعدم تجانس العمليات لمعالجة هذه المواد، لا يسمحان بأية انقطاعات فجائية في العمل من أجل تناول الطعام، لأن ذلك يسفر، حسب زعمهم، عن خسائر كبيرة … وبموجب المادة السادسة من البند السادس لقانون توسيع مجال فعل قوانين المصانع” (لعام 1864) “فإنهم ملزمون خلال 18 شهرا فقط من صدور هذا القانون على تطبيق فرص الاستراحة التي ينص عليها قانون المصانع” (17). وما إن صادق البرلمان على هذا القانون حتى اكتشف السادة أصحاب المصانع:

“إن المتاعب التي توقعناها من تطبيق قانون المصانع لم تقع. ولا نجد أن الإنتاج يواجه أي عقبة. الواقع، أننا ننتج مقداراً أكبر خلال الزمن نفسه” (18). نرى من ذلك أن البرلمان الإنكليزي، الذي لم يتهمه أحد بالعبقرية، توصل بالتجربة إلى الاقتناع بأنه تمكن من إزالة سائر العقبات الطبيعية المزعومة التي يضعها الإنتاج أمام تحديد وضبط يوم العمل بمجرد إصدار قانون ملزم. وينص قانون المصانع عند تطبيقه على فرع صناعي معين، على إعطاء مهلة تتراوح من 6 إلى 18 شهرا ينبغي خلالها على صاحب المصنع الحرص على إزالة العقبات التكنيكية. ولعل كلمات میرابو: “مستحيل؟ لا تقولوا لي أبدأ هذه الكلمة الغبية !»

(Impossible? Ne me dites jamais ce bete de mot) تنطبق تماما على التكنولوجيا الحديثة. ولكن، إذا كان قانون المصانع ينمّي بسرعة، كما في الدفيئة، العناصر المادية الضرورية لتحويل الإنتاج المانيفاکتوري إلى إنتاج مصنعي، فإنه يولد علاوة على ذلك ضرورة زيادة نفقات رأس المال، ويعجل بذلك في هلاك رجال الأعمال الصغار وفي تركيز رأس المال (19).

وإذا أغفلنا العقبات التكنيكية الصرفة والعقبات الأخرى التي تمكن إزالتها تكنيكياً، فإن ضبط يوم العمل يصطدم بالعادات الفوضوية للعمال أنفسهم خصوصا حيث يسود دفع الأجور بالقطعة، وحيث يمكن التعويض عن التغيب عن العمل في شطر من يوم العمل أو من أسبوع العمل بالعمل الإضافي أو بالعمل الليلي، وهذه طريقة تؤدي إلى توحش العامل الراشد ودمار رفاقه من اليافعين والنساء (20). وعلى الرغم من أن عدم الانتظام هذا في إنفاق قوة العمل هو رد فعل فطري حاد على السأم من رتابة العمل الموجع، إلا أنه ينجم، بدرجة أعظم، عن فوضى الإنتاج نفسه، التي تفترض بدورها استغلال رأس المال لقوة العمل استغلالا منفلتاً. وإلى جانب التبدلات الدورية العامة في أطوار الدورة الصناعية والتقلبات الخاصة في السوق في شتى فروع الإنتاج، يظهر على الحلبة أيضا ما يسمى بالموسم والطلبات الفجائية الكبيرة التي يتوجب تنفيذها في أقصر وقت، سواء أكانت هذه الأعمال الموسمية مرهونة بفصول السنة الملائمة للملاحة، أم بالموضة. وتتسع الطلبات المفاجئة باتساع سكك الحديد وخطوط التلغراف.

يقول أحد أصحاب المصانع اللندنيين مثلا: “إن اتساع خطوط سكك الحديد في جميع أرجاء البلد حفز بقوة عادة الطلبات قصيرة الأجل؛ فالمشترون من غلاسكو ومانشستر وإدنبره يفدون اليوم إلى البيوتات التجارية الكبيرة في مدينة الأعمال (سيتي) للقيام بمشتريات بالجملة مرة كل أسبوعين تقريبا، وهي بيوتات نجهزها بالسلع. وعوضا عن الشراء من خزين المستودع، كما جرت العادة سابقة، فإنهم يقدمون طلبات يجب تنفيذها في الحال. وفي السنوات السابقة كان بإمكاننا على الدوام، عندما يكون الطلب ضعيفاً، أن نعمل بصورة مسبقة من أجل تلبية طلب الموسم المقبل، أما الآن فليس بوسع أحد التكهن بما سيكون عليه الطلب” (21).
ويسود المصانع والمانيفاکتورات التي لم تخضع لقانون المصانع بعد عمل مفرط فظيع بصورة دورية – إبان ما يسمى بالمواسم وفي أوقات غير محددة – بسبب الطلبات المفاجئة. وفي القسم الخارجي للمصنع أو المانيفاکتورة أو مخازن السلع – أي في مجال العمل المنزلي غير المنتظم إطلاقا حتى بدون ذلك، والواقع، من حيث حاجته إلى المادة الأولية والطلبات، في تبعية كاملة لأهواء الرأسمالي الذي لا يقيم أي اعتبار الاندثار قيمة المباني والآلات وسواها، والذي لا يخاطر بشيء سوى جلود العمال – في هذا القسم الخارجي ينمو بانتظام دائم جيش صناعي احتياطي متأهب دوماً للخدمة، يهلك من فرط العمل اللاإنساني في شطر من السنة، وينحط إلى فئة رثة في الشطر الآخر منها بسبب من شح العمل.

تشير لجنة استقصاء شروط استخدام الأطفال إلى أن أرباب العمل يستغلون عدم انتظام العمل المنزلي، في المعتاد، من أجل تمديده عندما يجري تنفيذ طلبات عاجلة، حتى الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة ليلاً أو الثانية فجراً، أو، كما تقول العبارة الدارجة، حتى أي ساعة ويجري ذلك في أماكن “تبلغ فيها النتانة من الشدة مبلغا يوقعكم أرضاً” (the stench is enough to knock you down) ولربما تصلون إلى الباب وتفتحونه، ولكنكم لن تقدموا على مواصلة السير (22). ويقول أحد الشهود الذين جرى استنطاقهم، وهو إسكافي: «يا لهم من أناس غريبي الأطوار أرباب عملنا هؤلاء، فهم يظنون أنهم لا يلحقون أي أذى بالفتى اليافع إذا كانوا ينهكونه بعمل قاتل في نصف السنة الأول بينما يرغمونه في النصف الآخر على التشرد بلا عمل تقريباً» (23).
ولقد أعلن الرأسماليون المعنيون هذه “العادات التجارية” (أي الممارسات التي نمت بنمو الصناعة) (usages which hove grown with the growth of trade) وما زالوا يعلنون أنها، شأن المعوقات التكنیكية، “عقبات طبيعية” تعرقل الإنتاج؛ وهو التذمر المفضل لدى لوردات صناعة القطن في ذلك العهد الذي ابتدأ فيه قانون المصانع يهددهم للمرة الأولى. ورغم أن صناعتهم تعتمد أكثر من غيرها على السوق العالمية، وعلى الملاحة أيضا، إلا أن التجربة فضحت ادعاءهم. ومنذ ذلك الحين راح مفتشو المصانع الإنكليز يعتبرون العقبات التجارية، مجرد ذريعة فارغة (24). لقد برهنت التحقيقات العميقة المتجردة التي قامت بها لجنة استقصاء شروط استخدام الأطفال أن ضبط يوم العمل في بعض فروع الصناعة يوزع كتلة العمل المستخدمة فعلا توزیعاً متوازناً على مدار السنة (25)؛ وإن ذلك هو اللجام العقلاني الأول لتقلبات الموضة النزقة، الفارغة، المهلكة والتي لا تتفق، في ذاتها، مع نظام الصناعة الكبرى (26)؛ وإن تطور الملاحة بالبواخر عابرة المحيطات ووسائل المواصلات على العموم قد قضى على الأساس التكنيكي للعمل الموسمي (27)؛ وإن جميع الظروف الأخرى، التي تبدو عصية على الرقابة تزول بتوسيع المباني واستخدام آلات إضافية وزيادة عدد العمال المشتغلين في وقت واحد (28) وانعکاس كافة هذه التغيرات على نظام تجارة الجملة (29). ولكن رأس المال، كما نسمع مراراً من فم ممثليه، لا يوافق على مثل هذا الانقلاب “إلا تحت ضغط تشريع برلماني عام” (30) يضبط يوم العمل بموجب قانون ملزم.

______________

(1) Millinery إنتاج أغطية الرأس بالمعنى الدقيق للكلمة، وكذلك إنتاج معاطف ونقاب السيدات؛ أما صانعات الفساتين (dressmakers) فهن شبيهات بخياطات الملبوسات عندنا.
(2) صنع الفساتين (dressmaking) والقبعات (millinery) الإنكليزية يتم عادة على يد عاملات مأجورات يقمن في أماكن تعود لأرباب العمل، أو على يد مياومات يقمن خارج تلك الأماكن.
(3) زار عضو اللجنة وايت إحدى مانيفاکتورات الثياب العسكرية حيث يعمل 1000 – 1200 شخص جلهم من الإناث، وواحدة من مانیفاكتورات الأحذية فيها 1300 عامل نصفهم تقريبا من الأطفال والأحداث، وإلخ. (لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثاني، ص XLVII، رقم 319).
(4) هاكم مثالا: ورد في التقرير الأسبوعي للمسجل العام (Registrar General) في 26 شباط/ فبراير عام 1864 خمسة حوادث موت جوعا. ونشرت صحيفة تایمز Times في اليوم نفسه خبراً عن حادثة جديدة للموت جوعة. ست حوادث موت بسبب الجوع في اسبوع واحدا.
(5) لجنة استخدام الأطفال. رقم 406 – 409، ص 84، رقم 124؛ ص LXXIII، رقم 441؛ ص 68، رقم 6، ص 84، رقم 126؛ ص78، رقم 85؛ ص76، رقم 69؛ ص LXXII، رقم 438.
(6) “يبدو أن بدل إيجار مباني العمل هو العنصر المقرر في هذا الشأن آخر المطاف، وعليه فإن النظام القديم لتوزيع العمل على أرباب العمل الصغار وعلى الأسر استمر لفترة أطول من غيره وجرت العودة إليه قبل غيره في العاصمة بالذات، (المرجع نفسه، ص 83، الرقم 123). الجملة الأخيرة تتعلق بصناعة الأحذية تحديداً.
(7) لا وجود لمثل هذا الأمر في صناعة القفازات وغيرها من الصناعات التي لا يتميز فيها وضع العمال عن وضع الفقراء المعدمين إلا بالكاد.
(8) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثاني، 1864، ص 83، رقم 122.
(9) منذ عام 1864 كانت صناعة الأحذية في لاسستر، التي تعمل للمبيع بالجملة، تستخدم 800 ماكنة خياطة.
(10) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثاني، 1864، ص 84، رقم 124.
(11) كما هو الحال مثلا في مستودع الأمتعة العسكرية في بيمليكو بلندن، وفي مصنع قمصان تيلي وهندرسون في لندندري، وفي مصنع الألبسة العائد لشركة تايت في ليميريك حيث يستخدم حوالی1200 من “الأيدي”.
(12) “ثمة ميل نحو النظام المصنعي، لجنة استخدام الأطفال، المرجع نفسه، ص LXVII الإنتاج بأسره الآن في حالة انتقالية ويتعرض للتغيرات نفسها التي طرأت على إنتاج المخرّمات والنسيج وغير ذلك، (المرجع السابق، رقم 405). ثورة كاملة، (المرجع السابق، ص XLVI، الرقم 318). في أيام لجنة استقصاء شروط استخدام الأطفال عام 1840 كان إنتاج الجوارب لا يزال يدوياً. ومنذ عام 1846 جرى استخدام آلات متنوعة تدار حاليا بالبخار. وإن إجمالي عدد المشتغلين في إنتاج الجوارب الإنكليزية من كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار، ابتداء من سن الثالثة، بلغ عام 1862 حوالي 120,000 شخص. وبموجب التقرير البرلماني بتاریخ 11 شباط/ فبراير ففي عام 1862 لم يكن مفعول قانون المصانع يسري سوى على 4063 شخصا من أصل ذلك العدد.
(13) فيما يتعلق بإنتاج الفخار مثلا، تفيد شركة كوتشران التابعة لمؤسسة بريتانيا الفخارية، في غلاسكو بما يلي: “من أجل الحفاظ على سعة الإنتاج السابقة لجأنا إلى الاستخدام المكثف للآلات التي يديرها عمال غير ماهرين، ونزداد اقتناعا يوما بعد يوم بأننا نستطيع إنتاج كمية من المنتوجات أكبر مما جرى بالطريقة القديمة”. تقارير مفتشي المصانع، 31 تشرين الأول/ أكتوبر 1865، ص 13. “إن تأثير قانون المصانع يحث على مواصلة ادخال الآلات” (المرجع السابق، ص 13-14).
(14) بعد تطبيق قانون المصانع على إنتاج الفخار، يلاحظ ازدياد كبير لعدد دواليب الفخارين الآلية (power jiggers) بدلا من دواليب الفخارين اليدوية (handmoved jiggers).
(15) تقارير مفتشي المصانع، 31 تشرين الأول/ أكتوبر 1865، ص 96 و127.
(16) إن استخدام هذه وغيرها من الآلات في مصانع الثقاب أدى في أحد أقسامها إلى الاستعاضة عن230 حدثا بـ 32 فتى وفتاة تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً. وفي عام 1865 جرى هذا التوفير في عدد العمال إلى أبعد من ذلك بفضل استخدام قوة البخار.
(17) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثاني، 1864، ص IX، رقم 50.
(18) تقارير مفتشي المصانع، 31 تشرين الأول/ أكتوبر، 1865، ص 22.
(19) “يتعذر تطبيق التحسينات الضرورية … في الكثير من المانيفاکتورات القديمة بدون نفقات من رأس المال تتجاوز قدرة الكثير من مالكيها الحاليين … وإن تطبيق قانون المصانع يقترن بالضرورة بفوضى عابرة. وتتناسب ابعاد هذه الفوضى طرديا مع أبعاد تلك الشرور التي يتوخى قانون المصانع إزالتها” (المرجع السابق، ص 96-97).
(20) في الأفران العالية “يجري تمديد العمل عادة تمديداً مفرطاً في نهاية الأسبوع بسبب عادة العمال بالتعطيل يوم الاثنين وأحيانا عدم العمل في قسم من يوم الثلاثاء بل حتى يوم الثلاثاء بكامله”. لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثالث، ص VI، “إن ساعات العمل عند المعلمين الصغار غير منتظمة عموما. فهم يفقدون يومين أو ثلاثة ومن ثم يعملون ليلة بكاملها تعويضا عن ذلك … فهم يرغمون أولادهم دائما على العمل، إن كان لديهم أولاده” (المرجع نفسه، ص VII). “إن ما يشجع على عدم الانتظام في المجيء إلى العمل هو إمكانية وممارسة التعويض عن ذلك بزيادة عدد ساعات العمل” (المرجع نفسه، ص XVIII). “ثمة خسارة هائلة في الوقت في برمنغهام… فالتكاسل في شطر من الوقت يقابله عمل شاق حنى الاعياء في شطر آخر” (المرجع نفسه، ص المرجع السابق، ص عادة تمديدة مفرط أدناه بل حتى يوم من الصغار غیر

(XI.
(21) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الرابع، ص XXXII. قال إن اتساع شبكة سكك الحديد قد أسهم في إذكاء عادة الطلبات المفاجئة هذه، وكان من عواقبه الاستعجال، والاستهتار بالساعات المخصصة لتناول الطعام، والعمل حتى وقت متأخرة (المرجع نفسه، ص XXXI).
(22) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الرابع، ص,XXXv رقم 235 و237
(23) المرجع نفسه، ص 127، الرقم 56.
(24) فيما يتعلق بالخسائر التجارية الناجمة عن عدم تنفيذ طلبات شحن السلع بحراً، أتذكر أن هذه كانت الحجة المفضلة لدى أرباب العمل الصناعيين في عامي 1832 و1833. وما من شيء يقال الآن بهذا الصدد يملك قوة تلك الحجة آنذاك عندما لم يكن البخار قد اختزل جميع المسافات إلى النصف ولم يخلق بعد وسائل نقل جديدة. وآنذاك أيضا بدت هذه الحجة واهية عند اختبارها في الممارسة، أما الآن فإنها لن تصمد للامتحان إطلاقا. تقارير مفتشي المصانع، تشرين الأول/ أكتوبر، 1862، ص54-55.
(25) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الثالث، ص XVIII، رقم 118.
(26) أشار جون بيللرز في عام 1699 إلى: “أن عدم ثبات الموضة يزيد عدد الفقراء بالضرورة. فهو ينطوي على اثنين من الشرور الكبيرة : 1) يشقى العمال شتاء بسبب شح العمل، لأن تجار الأقمشة وأرباب العمل من الناجين لا يخاطرون بإنفاق رساميلهم من أجل إبقاء العمال في الشغل حتى يحل الربيع لمعرفة ما ستكون عليه الموضة؛ 2) في الربيع يتبين أن عدد العمال غير كافٍ، ويضطر أرباب العمل النساجون لاجتذاب العديد من المتدربين بغية تأمين صناعة البلد الثلاثة أشهر أو لنصف سنة؛ وهذا ما ينتزع الأيدي العاملة من الزراعة ويحرم الريف من العاملين ويغرق المدن بالمتسولين؛ وفي الشتاء يموت أولئك الذين يخجلون من التسول جوعا”. (جون بیلرز، أبحاث عن الفقراء والمانيفاكتورات، إلخ، ص 9).
(John Bellers, Essays about the Poor, Manufactures etc., p.9).

(27) لجنة استخدام الأطفال، التقرير الخامس، ص171، رقم 34.
(28) ورد في الافادات التي أدلى بها تجار التصدير من برادفورد: “من الواضح في ظل هذه الظروف أنه ليس ثمة حاجة لإرغام الأطفال على العمل في المخازن وقتا أطول من العمل من الثامنة صباحا وحتى السابعة أو السابعة والنصف مساء. وهذه مسألة نفقات إضافية وأيد عاملة إضافية. ما كان على الأطفال أن يعملوا إلى مثل هذا الوقت المتأخر من الليل لولا تعطش بعض أرباب العمل إلى الربح بهذه الصورة الجشعة؛ وإن الآلة الإضافية لا تكلف سوى 16 – 18 جنيها استرلينياً … وإن كافة الصعوبات تنجم عن نقص التجهيزات والمباني، (المرجع نفسه، ص 171، الأرقام 35-36-38).
(29) المرجع نفسه، [ص 81، رقم 32]. أدناه إفادة أحد أصحاب المصانع اللندنيين الذي يرى في الضبط الإلزامي ليوم العمل وسيلة لحماية العمال من أصحاب المصانع ولحماية أصحاب المصانع أنفسهم من تجارة الجملة. “يمارس المصدرون الذين يعتزمون مثلا شحن السلع على مركب شراعي الضغط على فرعنا؛ وهم يرغبون في أن يبلغوا المكان المقصود في بداية الموسم المعين، وأن يضعوا في جيوبهم، بالإضافة إلى ذلك، الفرق في تكاليف النقل البحري بين المركب الشراعي والسفينة البخارية؛ أو أنهم يختارون من باخرتين تلك التي تبحر في موعد أبكر من أجل دخول السوق الأجنبية قبل منافسيهم”.
(30) يقول أحد أصحاب المصانع: من الممكن تجنب ذلك مقابل توسيع الإنتاج بقوة تشريع برلماني عام، (المرجع نفسه، ص 8، رقم 38).