عم ياجمال


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 6634 - 2020 / 8 / 2 - 15:47
المحور: الادب والفن     

كلما استمعت لأغنية المبدع الراحل العظيم محمد حمام (عم ياجمال) تيقنت من أنه كان يمتلك إمكانات مطرب عالمي ، وأنه قد ظلم ظلماً شديداً من مؤسسات الدولة الثقافية والإعلامية وقتها ..
محمد حمام في هذه الأغنية يفجر ينابيع إنسانية عميقة المصدر ، ويدفع بها عبر تيارات وجدانية صادقة وأصلية التكوين كمياه نهر الأجداد المفعم بتباريحهم العميقة حين تأتي من أعاليه في تدفق جمالي عذب ..
لو توفرت لحمام ماتوفر لعبد الحليم حافظ أو غيره من إمكانات مؤسسية وإعلامية لحلق في سماوات الغناء كظاهرة فنية فريدة تتجاوز بالغناء المصري آفاقاً غير مسبوقة ..
حمام ظلم حياً ، وميتاً ولم ينل حظه من الإحتفاء والتكريم ، وتذكير الأجيال الجديدة بمغني (بيوت السويس) ، و(الأم) ، (مقدمة ونهاية وأغاني شفيقه ومتولي) ، و(والله لايطلع النهار ياخال) ..
هذا الكلام لاأقوله نتيجة انحياز سياسي أو إيديولوجي ، إنما إلتزاماً بمعايير فنية وجمالية لتجارب فنية عالمية أصيلة مشابهة لمسيرة كمسيرة لويس أرمسترونج في أمريكا ، أو إديث بياف في فرنسا ، من حيث عمق التجارب وصعودهما (كصوتين كل منهما متجذر في عمقه الخاص) من بيئات ومنابت واعماق شعبية اقتحمت عالم الفن النخبوي المتخم بالتصنع ، وكسرت جدرانه وحوائطه وانتصبت كتجارب فنية غائرة في ضمير البشرية ..
سيظل المجد قريناً بصوت حمام في هذه الأغنية وغيرها مماغني علي مر الزمان ..
بل أنني ظللت إلي تاريخه أعتبر أنه من أفضل ماغني للأم .. كانت أغتيته الشهيرة (ياامه .. ياأحن الأطبا عليا .. ) والتي جاءت كتتر غنائي لمسلسل إذاعي قديم بأسم (الأم) ..
هذا، بخلاف روائعه الفريدة (يابيوت السويس) ، (ياشمس غيبي ويامراكب حلي) ، وأغاني تتر مسلسل إذاعي شهير بعنوان (شفيقه ومتولي) منهم اغنية في غاية العمق والمصرية تقول (ماشي يازمن .. ماشي .. ماشي ذي القشاشي .. لاانت مخلي الراكب راكب .. ولامخلي الماشي ماشي) وما إلي غير ذلك من أعمال ..
لكن (عم ياجمال) قد وصلت إلي ذروة من النضج الفني والإحساس المتدفق العميق بحيث يصعب أن علي أعمال كثيرة نالت حظها من الشهرة والإهتمام أن تصعد إلي هذه الذروة التي بلغتها تلك الأغنية ..
وهذا رهان علي خلودها وخلود صوته .. أخطه بيدي ، علي نحو استطيع فيه أن أطمئن إلي تحمل ضميري لمسئولية ماكتبت ..