مع أسئلة الإعلامي أمير عبد حول العلمانية 5/7


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 6608 - 2020 / 7 / 2 - 02:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

www.nasmaa.com
س/ بعض العلمانيين في العراق يخشون أن يطرحوا كلمة علمانية، ويستعيضون عنها بمصطلح المدنية، ما هو ردك؟
هذا خطأ كبير وفظيع ارتكبوه منذ 2003، وبالتحديد منذ 2005، خوفا من اتهامهم بالكفر والإلحاد، كما يشيع الإسلاميون عن العلمانية، وكان لديهم سبعة عشر عاما من الوقت، مما يكفي بل يكفي أقل منها بكثير، لتصحيح المفهوم السائد عن العلمانية، وجعلوا بقية العلمانيين يدفعون ثمن دعوة فريق منهم في أواخر الخمسينات إلى الإلحاد، حتى اكتشفوا خطأ ذلك، عندما قرروا أن يكون ذلك شأنا شخصيا لا علاقة له بالسياسة. وعندما أسسنا التيار الديمقراطي عام 2011 كنت الوحيد الذي يروج للديمقراطية في الندوات التي أقيمت من قبل التيار الديمقراطي، وكانت دعوتي تلقى قبولا جيدا عند الجمهور، ففي كل ندوة كانوا يطلبون ضياء الشكرجي، لكني بقيت وحدي. أما (المدنية) فليس هناك مصطلح دولة مدنية civil state في مقابل الدولة الدينية theocratic state بل الدولة المدنية تطرح في مقابل الدولة العسكرية military state، ولم يلتفتوا إلى أن مصطلح الدولة المدنية قد طرح في المنطقة من بعض رجال الدين الرافضين للدولة الإسلامية، ومنهم محمد مهدي شمس الدين، وهو مصطلح لا يؤدي معنى الفصل بين الدين والدولة أو بين الدين والسياسة كليا، بل طرح في مقابل الدولة الإسلامية.

س/ ما هي العقبات التي تحول دون ذلك على أن يكون المد العلماني رقما مؤثرا وفاعلا في الحياة الاجتماعية والسياسية؟
ج/ من جهة هي ثقافة شريحة واسعة من المجتمع متأثرة بالثقافة الدينية، وغالبا الثقافة الدينية غير المعتدلة، والتي تعتمد التدين الشعبي شبه الأمي، لكن من جهة أخرى يتحمل العلمانيون ذلك، كما بينت لأنهم لم ينهضوا بمهمة إشاعة الثقافة الصحيحة والمفاهيم الدقيقة عن العلمانية، وعدم تعارضها مع الدين، وأيضا كما بينت لعدم الشعور بالمسؤولية بما يكفي، في توحيد صفوفهم.

س/ البعض يصف العلمانيين في العراق على أنهم (نرجسيون) ويمتازون (بالفوقية) و(حب الأنا)، هل هذا الوصف صحيح؟
ج/ للأسف هذا ليس بعيدا عن الواقع، وهو مرض اجتماعي، متفش بشكل خاص بين العاملين في السياسة، سواء في السلطة أو المعارضة، ذلك إن كل صاحب مبادرة لتأسيس حزب وطني ديمقراطي علماني، أو لنقل غير إسلامي، يكون هو المؤسس، وهو القائد للحزب مدى الحياة، ولذا يصعب على الأحزاب المتقاربة جدا في الفكر السياسي أن تتوحد، لأن أكثر قادة هذه الأحزاب لا يرى نفسه إلا في قمة هرم قيادة الحزب، ولا يمارس التداول في مواقع القيادة في حزبه، في الوقت ينكر على رجل السلطة تمسكه بالمنصب، وهذه الازدواجية، كمرض متفش في مجتمعنا للأسف الشديد.

س/ هل بالفعل العراق مر بتجربة (علمانية البعث) وفشل؟ وهل إن البعث بالفعل يتبنى العلمانية؟
ج/ لا أريد أن أتناول الفكر السياسي لحزب البعث، فله ما له، وعليه ما عليه، لكني أتناول التجربتين الديكتاتوريتين لحزب البعث في كل من العراق وسوريا. النظام البعثي في كلا البلدين لا يمكن نعته بالعلماني، لمجرد أنه ليس دينيا، بل هو نظام ديكتاتوري يقمع كل معارضة له، سواء كانت إسلامية أو علمانية. فلو كان نظاما علمانيا، لما كان قد حارب وقمع بقية القوى العلمانية المعارضة له؟