معدل الربح و فائض القيمة حسب ماركس / 1-2


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 6604 - 2020 / 6 / 28 - 19:46
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

في العدد : 6599 - 2020 / 6 / 22 من "الحوار المتمدن" الأغر ، نشر الأخ العزيز و الأستاذ الفاضل السيد عبد الحسين سلمان المحترم مقالته المهمة بعنوان "ريع النفط الخام العراقي و فائض القيمة" و التي أثارت نقاشاً مثمراً يستحق عليه المؤلِف الفاضل الشكر و التقدير ، و كنت أنا أحد المشاركين فيه . و قد ورد ضمن هذا النقاش تعليق مهم للأخ و الأستاذ الفاضل الدكتور طلال الربيعي المحترم هذه نصه :
"فائض القيمة وتذبذب اسعار البترول
الصديق العزيز عبد الحسين سلمان
اتفق معك بخصوص عدم انتاج استخراج البترول لفائض قيمة, ولا ادري هل ان ملاحظة الدكتور البروفيسور والأستاذ العزيز حسين علوان حسين في -أن شركات استخراج النفط و الغاز و الأحجار الكريمة و المعادن النفيسة و غير النفيسة هي من أغنى المؤسسات الرأسمالية الآن-, تتعلق بالأرباح التي تجنيها هذه الشركات وهذا لا يمكن مساواته بفائض القيمة دوما. فمثلا, ما الذي يحصل لفائض القيمة المفترض بتذبذب أسعار البترول وانخفاضها وحتى اتخاذها قيمة سلبية كما حصل قبل مدّة قصيرة؟ فما الذي يحصل لفائض القيمة وكيف يختفي جزئيا او كليا بانخفاض سعر النفط او اكتسابه قيمة سلبية؟
وارفق بالمناسبة عينة من كتاب ماركس رأس المال م. 4 بخصوص فائض القيمة الذي يظهر أيضا نموذجا من خط ماركس اليدوي
http://www.bard.edu/library/arendt/pdfs/Marx-Surplus.pdf
مع وافر التحية والاحترام ".
انتهى النص المقتبس .
و قد علقت على هذا بالقول :
"خضوع الرأسمالية لعشوائية قوى السوق
أخي العزيز الأستاذ الفاضل الدكتور طلال الربيعي المحترم
تحية حارة
كلامكم صحيح و دقيق و هو ينطبق على التحقق الفعلي لفائض القيمة لكل الانتاج الرأسمالي - و ليس الانتاج الاستخراجي فقط - في وقت أزمات فائض الإنتاج الرأسمالي و التي كان ماركس أول من شرحه علمياً و أوضح أنه من أهم قوانين اشتغال هذا النظام و سببه التزاحم على جني الأرباح .
قانون الرأسمالية = تحقيق أكبر الأرباح
تحقيق أكبر الأرباح = إنتاج أكبر كمية من البضاعة بأقل كلفة ممكنة
أين المشكلة ؟
المشكلة هي أن أرباح الرأسمالي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال بيع بضاعته المنتجة في السوق ، و هذا ما يجعل أرباح الرأسمالي خاضعة لقانون أخر غير قانون فائض القيمة هو قانون العرض و الطلب الذي يمكن أن يعمل على تعظيم اشتغال قانون فائض القيمة (في حالة زيادة الطلب على العرض) أو إضعافه (في حالة انخفاض الطلب عن العرض) أو نفيه (عندما يفيض السوق بالمنتج الذي لا يشتريه أحد) و هو ما تفضلتم بإيضاحه بالبيع السلبي للنفط ، أي بأقل من كلفة إنتاجه .
نرى هنا كيف أن القيمة التبادلية للنفط في السوق تتقاطع مع قيمته الاستعمالية كثروة ناضبة تتيح خلق 6000 منتج نافع للبشر"
أنتهى نصي .
بعدها تطرق الأستاذ الدكتور طلال الربيعي المحترم لموضوع الربح و فائض القيمة بالقول - من بين أشياء أخرى - : "الاستاذ العزيز د حسين علوان حسين المحترم نعم ان كلامك خاص بالربح وليس بفائض القيمة. فكيف تكون مدة العمل الضرورية سلبية لانتاج قيمة فائضة سلبية؟ انه استحالة فيزيائية .هل يحصل هذا في بضاعة اخرى مثل السيارة او الكومبيوتر؟" . كما تفضل بإحالتي إلى المصدر "نظريات فائض القيمة" لكارل ماركس على الرابط :
http://www.bard.edu/library/arendt/pdfs/Marx-Surplus.pdf
مبيناً أنه " والمصدر اعلاه يشير فيه ماركس الى ان آدم سميث وريكاردو اكثر خلطا بين الربح وفائض القيمة".
فوعدته بكتابة شيء في موضوع الفرق بين الربح و فائض القيمة في النظام الرأسمالي ، و ها أنا أفي بهذا الوعد ، علماً بأن جل المادة الواردة هنا هي نصوص مترجمة لا تعود لي و إن كنت مسؤولاً عنها .

في المجلد الثالث من كتابه "رأس المال" ، يستحدث كارل ماركس مصطلح "معدل الربح" (Rate of Profit) للإشارة إلى : "نسبة الربح إلى إجمالي رأس المال المستثمر في المشروع الرأسمالي خلال الدورة المعينة من إعادة الإنتاج" ؛ أو ، بالمعنى المكافئ ، إلى :"نسبة قيمة أي سلعة مُنتَجة تُتِم دورة إعادة انتاجها و تحقق ربحًا للرأسمالي" . و المقصود بدورة إعادة الإنتاج هي تلك الفترة المحصورة بين بدء الرأسمالي لاستثماره الأولي في مرفق الإنتاج المعني و لغاية بيع المُنتج و استعادة الرأسمالي لرأس ماله الأصلي بالإضافة إلى ربحه .
بالنسبة لماركس فإن مصطلح "معدل الربح" هو مفهوم عام و ليس مفهوماً خاصاً ؛ فمعدل الربح العام أو الكلي في الاقتصاد هو فائض القيمة الذي تولده القوى العاملة مقسوماً على كلفة توظيف تلك القوة العاملة زائداً كلفة الأصول الملموسة أو المادية والمواد الخام المستخدمة في عملية الإنتاج و ذلك وفق معادلته الشهيرة :
P = s / c + v
حيث أن (P) هو معدل الربح ؛ و (s) هو فائض القيمة ؛ و (c) هو رأس المال الثابت (وسائل الإنتاج) و (v) هي تكلفة قوة العمل . من الواضح أن مفهوم معدل الربح حسب معادلة ماركس أعلاه ينطبق على الاقتصاد الرأسمالي كله باعتباره معدل الربح العام المشتق من إجمالي فائض القيمة المنتجة في الاقتصاد نسبة إلى إجمالي تكاليف الإنتاج الرأسمالي . و كل هذا الفائض يتحقق بفضل قوة العمل للعمال العاملين في قطاعات الإنتاج الرأسمالية المنتجة لفائض القيمة .
أما في الاقتصاد البرجوازي ، فإن مصطلح معدل الربح يعني : "نسبة إجمالي رأس المال المستثمَر إلى الرأسمال المتراكم للرأسمالي كربح خلال السنة" ، و ليس لدورة انتاجية واحدة . الفرق بين هذين المفهومين واضح : في تعريفه لمعدل الربح يعتمد المنهج العلمي الدقيق لماركس اكتمال دورة إعادة الإنتاج ببيع المُنتَج و تحقق الربح الرأسمالي و ليس التدوير السنوي لرأس المال كأساس في التعريف . أما الاقتصادي البرجوازي الذي يستخدم نسبة تراكم رأس المال في بحر سنة فإنه سيجد نفسه في نهاية كل سنة إزاء بضائع مصنعة و شبه مصنعة باقية في مخازنه دون أن تترسمل بعد ، أي لم يتم بيعها في السوق فعلاً لتتحول إلى رأس مال متحقق ، و لكنه مضطر لاحتسابها كما لو كانت قد بيعت فعلاً بقيمتها الفعلية التزاما منه بالسقف السنوي لإعداد الميزانيات الحسابية للمشاريع الانتاجية بضمنها استخراج حسابات النتيجة لغرض الضريبة ، رغم أن قيمة ترسملها الفعلي في السوق لاحقاً قد تنقص أو تزيد عن قيمتها الفعلية المثبتة حسابياً ، فتقتضي حتماً إجراء التعديلات القيمية في السنة اللاحقة بقيدها كخسائر أو أرباح – حسب الحالة – تعود للسنة السابقة ، و هكذا . أما إذا استغرقت تمامية دورة التداول للمٌنتَج المعين – إي دورة إعادة الإنتاج – السنة المالية كاملة أو دونها ، فإن هذين التعريفين سيتطابقان . و للأهمية الفائقة لدورة إعادة الإنتاج في تطور الإنتاج الرأسمالي ، نجد أن ماركس يكرس جل المجلد الثاني من "رأس المال" لهذه السيرورة .
فائض القيمة والربح
علمنا أنه عندما يتم استثمار كمية معينة من رأس المال الثابت والمتحول في عملية إنتاجية رأسمالية ما ، فعند نهاية دورة إعادة الانتاج ، ستكون هذه القيم ليس فقط قد جددت نفسها و حسب ، بل و خلقت فوقها فائض قيمة ما دامت قوة العمل المستخدمة في العملية الإنتاجية تحقق على الأقل متوسط الطاقة الإنتاجية السائدة اجتماعياً .
يعبر ماركس عن هذا جبرياً بالمعادلة :
c + v
← c + v + s
حيث أن (c) هو رأس المال الثابت (المكائن و كلف الإنتاج) ، و (v) رأس المال المتحول (الأجور) و ( s ) هي فائض القيمة . وهذا يعني أنه يمكن تعريف قيمة كل منتج رأسمالي على أنها تتألف من هذه المكونات الثلاثة (c + v + s) .
وعلى أساس هذا المفهوم الماركسي الدقيق ، فإن الرأسمالي الذي يدخل في لعبة جني الأرباح من خلال استثماره (c + v) في بداية دورة مراكمة رأس المال ، سيحقق ربحًا ممثلاً بالمكون (s) عبر عملية إعادة إنتاجه ، وبالتالي فإن معدل الربح هو :
s / c + v
و هذا يعني أن معدل الربح (أي نسبة الزيادة في رأس المال من خلال دخوله دورة إعادة الإنتاج) يختلف عن معدل فائض القيمة (نسبة العمل غير المدفوع الأجر الذي يسرقه الرأسماليون من العمال مقسومة على وقت العمل الضروري الذي يبذله العمال لإعادة إنتاج ضروراتهم المعيشية و الذي يتم دفعه كأجور أو كرأس مال متحول من طرف الرأسمالي) .

يتبع ، لطفاً .