كل الناس .. أولاد ناس


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 6596 - 2020 / 6 / 18 - 17:23
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية     

كإنسان وكواحد من عموم الناس سعدت بالأنباء التي تحدثت شفاء عارضة الأزياء الشهيرة والفنانة والإعلامية رجاء الجداوي كإنسانة أولاً تستحق أن نتمني لها الصحة والحق في الحياة كمانتمني ذلك لكل البشر ..
وسعدت أكثر لإن هذا سيعني أن انتصارها في معركتها مع وباء الكرونا قد تم في مشتشفي حكومي تملكه الدولة مع انها كانت تستطيع دخول أكبر المستشفيات الإستثمارية والعلاج بها ، وهذا دليل علي كفاءة المستشفيات الحكومية إن توافرت لها الإمكانات ، ودليل علي صحة المطالبة بدور أكبر للدولة في مجال الرعاية الصحية وعدم فتح المجال والمساحة للقطاع الطبي الإستثماري لكي يهيمن علي مجالات العلاج والصحة في مصر ..
ماجري مع الفنانة رجاء الجداوي من سرعة النقل إلي المستشفي وقبولها دون أدني تلكؤ أو تردد أو أية معوقات إدارية ، وسرعة إجراء المسحة الطبية بمجرد وصولها للمستشفي ، وماتلا ذلك من ثبوت إصابتها بالوباء من اهتمام ورعاية أشرف عليها السيد محافظ الإسماعيلية شخصياً ، وطريقة العلاج التي عولجت بها عبر نقل بلازما دم متعاف من الوباء لها ..
كانت سعادتي ستكتمل بهذه الأنباء الطبية عن تحسن صحة هذه الفنانة والإنسانة التي يذكرها كل من يعرفها عن قرب بالخير والجمال ، لو أنني كنت علي يقين بأن مابذل تجاهها من اهتمام إجراءات عناية تستحقهما .. هو مايتم اتخاذه حيال كل حالة مماثلة لكل مواطن مصري عاني من أعراض الوباء ، وكل مصاب ثبتت إصابته بالوباء ..
بالطبع لا نطلب أن يتابع المحافظ أو المسئول حالة كل مواطن بذاته ، وإنما أن يكون نفس مااتخذ من إجراءات وعلاجات ورعاية طبية للفنانة رجاء الجداوي هو النموذج أو (السيستم الإداري والطبي) الذي يطبق علي جميع حالات الإشتباه أو الإصابة بالكرونا في مصر ، لإن جميع المصريين هم أرواح تستحق الحق في الحياة ويستحقون نفس الحق في الرعاية ..
أقول ذلك لأنني أعلم جيداً أنكم تعلمون أن هذا ليس هو مايجري علي أرض الواقع ، وأننا مجتمع قد انقسم منذ زمن مابين النخب والعامة ..
بين (أولاد الناس) الذين هم اصحاب المراكز الطبقية والإجتماعية والإدارية المرموقة ، و(باقي الناس) الذين هم لايمتلكون تلك الحظوة المجتمعية ..
، وهذا وباء تم تصنيعه وتوطينه في مصر منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي وحتي تاريخه ..
وأن هناك عشرات الشكاوي والصرخات والمآسي لمواطنين فقدوا حياتهم قبل أن يتمكنوا من الحصول علي سرير للعلاج ، أو إجراء المسحة الطبية التي تم التشديد علي شروط وزارة الصحة التي تجعل إجرائها يتم في مرحلة ظهور أعراض حادة للوباء وليس في مرحلة الإشتباه المبدئي في حمل الوباء ..
بل كلكم يعلم كيف امتدت المسألة إلي الأطباء والممرضين ومختلف تنوعات الطواقم الطبية ..
ولولا حسن حظنا ، وستر الله علينا حتي الآن بوقوع مصر في دائرة البلدان التي لم يهاجمها الوباء بشراسة وذلك بالمقارنة بحدة انتشار الفيروس وشراسته في الصين وأوربا وأمريكا والبرازيل لحدث ماهو أكبر من الكارثة والمأساة في ظل محدودية المستشفيات العامة وعدد الأسرة وأجهزة التنفس بالنسبة لعدد السكان في ظل انكماش الإنفاق علي الصحة منذ 2008 ، وهيمنة مافيا القطاع الخاص الطبي علي مجالات الرعاية الصحية وفقاً لتلك السياسات التي ادخلت صحة وقيمة الإنسان المصري في سياق يحكمه المثل الشعبي الذائع الصيت (معاك قرش /تساوي قرش .. مامعاكش/ ماتساويش) ..
علي كل حال تمنياتنا لجميع المصريين ولكل البشر بعبور هذه المرحلة علي أفضل حال من الصحة والحيوية ، وأن يحاول الجميع في مصر والعالم استخلاص الدروس والدلالات الهامة لهذه اللحظة التي خلعت قلوب البشر جميعاً علي مختلف اشكالهم ومعتقداتهم واجناسهم وقومياتهم وأصولهم العرقية ومراكزهم الإجتماعية ..
____________