كورونا أداة العالم الامبريانولوجي الجديد


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 6535 - 2020 / 4 / 12 - 00:01
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية     

قد لا يكون مقنعا ابدا حكاية المؤامرة وراء ظهور فيروس كورونا لكن مما لا شك فيه ان المؤامرة جاهزة دوما للاستفادة من أي كارثة أيا كانت فالهلع الذي ضرب العالم من فيروس كورونا غير مبرر على الاطلاق فعديد الامراض تسبب وفاة الملايين من ابناء البشر فحسب صحيفة حروزاليم بوست الاسرائيلية كما نقله موقع تلفزيون الحرة بالعربية فان كورونا هو اقل الامراض مسببا للموت ففي العام 2017 مات بسبب امراض القلب والاوعية الدموية والسكتات الدماغية 17.8مليون شخص ومن السرطان 9.6 مليون شخص لنفس العام وامراض الجهاز التنفسي 6.5 مليون شخص ونفس الرقم لمرض السكري وامراض السمنة وحدها قتلت 4.7 مليون شخص فما هي المقارنة السخيفة مع وباء قتل حتى اليوم منذ بدايته في نهاية العام الماضي أي انه مر على ظهوره اكثر من اربعة شهور ولم تصل الوفيات في العالم لأكثر من 100 ألف شخص فما هي الكارثة التي تهدد العالم ليفعل بنفسه ما فعل ولماذا تأخرت الولايات المتحدة كثيرا عن القيام بأية اجراءات وقائية ثم قامت بأخطر اجراءات واكثرها شمولية وقوة بوضوح تام اعتمادها الاجراءات الحامية لاقتصادها لا لإنسانها وهو ايضا ما فعلته معظم الدول الصناعية والغنية بنما انشغلت الدول الفقيرة في حماية ناسها وتخريب اقتصادها وهي المعادلة الاخطر التي تريدها الامبريالية الجديدة " الامبريانولوجي " او امبريالية اقتصاد المعرفة.
كان من الغريب جدا ان تكون الصين حاضنة هذا الفيروس دون غيرها من دول العالم وهي الدولة الاكثر منافسة للولايات المتحدة في اقتصاد الارض فهي تعتبر الدولة الثانية الحاصلة على اكبر حصة من اقتصاد الارض بعد الولايات المتحدة التي تسعى منذ امد لمحاصرة هذا النمو المتواصل لبلد كبير نشيط ومنتج وغني ولديه كل الاسباب ليسعى لمنافسة الاقتصاد الامريكي وكانت حملة الصين لعولمة طريق الحرير ناقوس الخطر الذي دق بقوة في الغرف المظلمة لصانعي القرار في العالم الرأسمالي في خوف شديد من رأسمالي واحد يملك اكبر دولة في العالم فهم امام حزب شيوعي حديدي يقود دولة رأسمالية في محاولة للي عنق التاريخ لصالح منافسة جديدة ليس بين سلاحين متعارضين متناقضين كما كان الصراع بين الولايات المتحدة الرأسمالية والاتحاد السوفياتي ومنظومته الاشتراكية بما فيها الصين التي سارعت للانتقال بحربها الى استخدام نفس اداة العدو حين يملكها الشعب كل الشعب بقيادة حزب شيوعي حديدي لا زال يحمل نفس الافكار والمبادئ التقدمية لكن باشتراكية الثروة بديلا لاشتراكية الفقر والافقار وبدل اغلاق الابواب والستار الحديدي وجدت الصين بالأبواب المفتوحة على مصراعيها افضل السبل لوقف المد الامبريالي الامريكي في العالم.
من مصلحة امريكا اذن ضرب اقتصاد الدولة العدو الاكبر وهو ما يبرر اصرار ترامب على تسمية كورونا بالفيروس الصيني بعكس كل العالم وفي كل المناسبات علما بان هناك اتفاق اممي تقوده منظمة الصحة العالمية بمنع اطلاق اسم بلد او انسان او حيوان على أي مرض وهو ما فعلته منظمة الصحة العالمية بإطلاق اسم كيوفيد 19 على الفيروس منعا والغاء للتسمية الاولى فيروس ووهان نسبة الى المدينة الصينية التي ظهر بها الفيروس لأول مرة والعدو الآخر هو العدو الايديولوجي والسياسي الآخر وهي ايران وهي حرب اقل كلفة واكثر ربحا وقدرة على شل قدرات العدو المفترض دون اعلان الحرب عليه وهو الهدف الذي تريده اسرائيل والعدو الثالث هي اوروبا والتي كانت ايطاليا واسبانيا البلدين الرئيسيين لتفشي الفيروس بشكل لافت في محاولة لهز الاتحاد الاوروبي وشله خشية ان تجد امريكا يوما حلفا خطيرا في مواجهتها وقد بدء يتشكل ولو جنينيا وبالمظاهر السياسية من روسيا والصين ودول الشرق في مقدمتهم ايران وتقارب خجول بين الصين واوروبا وفي المقدمة منها ايطاليا وحسب نعوم تشومسكي فان المؤامرة مشتركة بين " (وكالة المخابرات الأمريكية "CIA " ومجموعة بيلدبيرغ "Groupe Beldeberg " وإسرائيل) على الانخراط في حرب بكتيريولوجية " وفي محاولة لذر الرماد في العيون جاء انتشار كيوفيد 19 عنيفا في الولايات المتحدة واسرائيل والغريب ان كلا البلدين لم يقوما بإجراءات قاسية ضد الفيروس كما هو الحال مثلا في اوساط الفلسطينيين الذين شلوا حياتهم الاقتصادية لصالح استمرار حياتهم بينما واصلت اسرائيل عملها وتحمل خطر العمال الفلسطينيين ذهابا وايابا بل وكسرت نظام السور العنصري وسمحت باختراقه وقد يكون من العجيب ان لا تخاف دولة الاحتلال من العدوى من جانب الفلسطينيين ويصبح الامر عكسيا تماما.
ان المطلوب اليوم هو يقظة حقيقية لكل القوى المستهدفة ومنها الصين واوروبا ودول مشاكسة مثل فنزويلا وايران وكوريا الشمالية التي ستكون المستهدف وجودها ليس اقتصاديا فقط بل وسياسيا وغياب تأثيرها وقدرتها على معارضة المكانة الامريكية في هدفها الجديد الصانع لاقتصاد المعرفة فعديد الدول اليوم ستجد نفسها مثلا مجبرة على شراء براءة اختراع علاج كورونا كما هو الحال مع عديد المكتشفات الاخرى وفي المقدمة السيطرة الامريكية شبه الكاملة على اقتصاد المعرفة ومناجمه وعلى العالم ان يتذكر ما فعلته امريكا في العام الماضي بالدعوة المغرية للهجرة لكل الخريجين والعاملين في مجال الالكترونيات من كل دول العالم وقد مر الامر مرور الكرام على المراقبين دون ان ندري لأي غد يخطط اسياد الامبريالية الجديدة التي لن تعود بحاجة لصناعة الاسلحة النارية فالحرب البكتيرية او الجرثومية " بكتيريولوجية " هي الاخطر في حروب الارض والتي تعتبر سلاح اقتصاد المعرفة القادم سيدا للأرض كبديل لاقتصاد السلعة الذي لم يعد حكرا على الإمبرياليتين وحلفائهم بعد ان اصبحت الصين اكبر سادته دون رأسمالية ولا امبريالية وهو ما يعني ان يصبح الاقتصاد الصيني اقتصاد تكميلي تابع لا تاثير حقيقي له على اعادة هيكلة الارض اقتصادا وسياسة ومجتمع.