ضرورة احترام العلم والحقائق الموضوعية ..


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 6534 - 2020 / 4 / 10 - 14:47
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات     

أي استباق بالحديث الآن عن أسباب نشأة فيروس كوفيد 19 علي نحو يحمل هذا البلد أو ذاك مسئولية انتقاله لأول إنسان ، وقبل أن يكشف العلم بشكل معملي بات ومعتمد وقاطع ، هو مجرد حديث ظني ، أو اجتهاد يكمن وراءه انحياز سياسي أو ثقافي أو ديني ، هذا أمر غير موضوعي ، ولايخضع لأي منهج علمي ، وبالتالي لايستحق الإلتفات الموضوعي وبناء الأحكام والقناعات ترتيباً عليه ..
كلنا يعلن أنه حتي تاريخ اليوم 30 مارس 2020 لم يعلن العلماء بعد عبر استنتجات علمية موثقة ومعتمدة عن الأسرار الكامنة وراء كيفية انتقال الفيروس لأول إنسان أصيب به ..
، ويعرف كل من يتابع الأبحاث الإكتشافات العلمية أنها لاتنجز أعمالها ولاتصل إلي نتائج علمية محددة في أيام أو شهور ، وبالتالي فإن المتوقع هو أن يأخذ ذلك الأمر وقتاً أطول للوصول إلي كشف الحقائق الكاملة حول نشأة وتطور وانتقال الفيروس إلي أول إنسان علي الأرض فلاداعي لإطلاق الأحكام المرسلة الغير مبنية علي دليل علمي ..
فلنحترم العلم
والحقيقة ..

واستطيع مجدداً القول ، وأكرر بدون ملل أن الكثيرين من السياسيين ومن خدعتهم السياقات الحملاتية الإعلامية من المثقفين والمدونين لم يلتفتوا إلي أهمية إحترام العلم وحقائقه التي تخرج من المعامل والمؤسسات البحثية العلمية المعتمدة ، واستبقوا معامل البحث العلمي بإحلال معامل البحث والإدعاء السياسي لمعالجة قضايا علمية بحتة تجيب علي الأسئلة الخاصة بنشأة وطبيعة الفيروس ، وكيف أحدث أول إصابة إنسانية وماهي طبيعة الوسائط التي شهدت تحوره وانتقاله للإنسان وكيف تحول إلي وباء عالمي له مثل هذه الخطورة ..
لم ينتظر هؤلاء إلي أن تجيب مؤسسات البحث العلمي علي هذه الأسئلة (والتي لايمكن أن تصل إلي إجابات محددة وقاطعة وحاسمة عليها قبل جهود تحتاج إلي سنوات وليس أيام وشهور) ..
استبقوا هم ذلك وقاموا بإحلال اجتهاداتهم وتفسيراتهم وظنونهم كل حسب مايخدم انحيازاته ومعتقداته وظنونه السياسية ، محملا هذا الطرف أو ذاك مغبة خلق وإطلاق الفيروس عبر مؤامرة مزعومة ..
وفي تقديري الخاص لايمكن بناء رأي سياسي معتبر وذو قيمة علي قاعدة عدم احترام العلم وحقائقه أيا كانت دلائل النتائج التي ستشير إليها هذه الحقائق عبر توافر الإجابات العلمية علي أسئلة الوباء ..

والأهم من ذلك هو توحيد وتركيز الجهود الإنسانية لاكتشاف وسائل الوقاية والعلاج من الوباء ، وتوفيره لجميع البشر دونما احتكار أو استغلال ..

ولقد أوضحت تجليات محنة وباء الكرونا إلي أي حد وعمق تبلغ ظاهرة إعتماد المثقفين والمدونين للتقارير الإعلامية والمرويات الألكترونية العابرة كحقائق مثبتة بدلاً من البحث والتدقيق وبذل الجهد للحصول علي الحقائق العلمية إعتماداً علي ماهو موثق بتقارير المؤسسات العلمية أو إجراء البحث والتنقيب المبدع والأمين لاستجلاء الحقائق الموثقة ، والأبعاد الموضوعية للأحداث ، وطرح الأسئلة الإختبارية الفاحصة الكاشفة علي مايظهر من معلومات متناقضة هنا وهناك بدلاً من التسرع في تصديق معلومة هنا أو معلومة هناك ..
يتبين لي ذلك عندما أطالع كثير من الكتابات السياسية التي تقع في فخ الحملات الإعلامية ، الموجهة من قبل مراكز صناعة توجيه الرأي العام العالمي في أجهزة المخابرات الغربية بهدف وحيد ، هو الدفاع عن استمرار الهيمنة القطبية الأمريكية التي بدأت العد التنازلي لتهاويها مع بدايات هذا القرن ..
لابد للمثقف المدون أو صاحب الموقف أو الإنحياز أو القضية أن تكون لديه ملكة فلترة وفحص واختبار المعلومات والتأكد من حقيقتها ، ودلالات طرحها ، قبل استخدامها لإثبات صحة وجهة النظر هذه أو تلك ، أودعم هذا الموقف أو ذاك ..
ذلك هو طريق الأمانة الموضوعية الذي يجب أن يتحلي به كل يريد أن يحقق أوسع قدر من الثقة لدي الناس بأفكاره وموضوعاته التي يطرحها عليهم ، متحملاً المسئولية الإنسانية الأخلاقية ..