من خواطر طارق حجّي


طارق حجي
الحوار المتمدن - العدد: 6464 - 2020 / 1 / 13 - 15:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

قرأت أكثر من مرة كتابات تبكي على ضياع إسبانيا والحلم بإسترجاعها. ورغم أن إسترداد الأسبان لبلدهم فى 1492 م وضع نهاية (لا رجعة فيها) للحكم العربي/الإسلامي لشبه الجزيرة الإيبيرية ، فإن "البعض" يكررون تباكيهم على ما حدث منذ 528 سنة ويعبّرون عن حلم يراودهم وهو حلم عودة إسبانيا للحكم العربي/الإسلامي. وهو من جهة أمر "مستحيل الحدوث" ومن جهة ثانية فهو حلم يفضح إزدواجية تفكير ومشاعر البعض. فعلى أي أساسٍ يبرر هؤلاء رغبتهم فى إعادة إحتلال العرب والمسلمين لبلد غير عربي وغير إسلامي ؟ ——————————————— لسنوات عديدة كان عددٌ من كتَّاب بلدان الجزيرة العربية يصنفونني ك "عدو" لبلدانهم. وهو محض هراء. فأنا فى مسائل الفكر والثقافة لا "أحب" و لا "أكره". فقط : أقبل وأستحسن أو أرفض وأستهجن. فقد كنتُ أرفض وأستهجن مرجعيتهم التى تعود للقرون الوسطى. فلما غيّرت كبيرتُهم (السعودية) إتجاه البوصلة من ظلمات ما قبل أكثر من ألف سنة للعصر والحداثة ، لم يعد رفضي وإستهجاني بنفس الدرجة ، بل وجد ترحيب مني بكثير من الخطوات الهامة خاصة فى السعودية. ولا أخفي ان رفضي وإستهجاني لم يكن بسببهم وبسبب توجهاتهم بقدر ما كان بسبب تأثيرهم السلبي على مجتمعنا المصري وهو التأثير الذى يحتاج لمجهود كبيرمنّا للتخلص من أسقامه وأمراضه وأدرانه - وما أكثرها ...——————————————- البنت الصغيرة يحق لوالدها أن يزوجها / ختان البنات / الرجل هو الذى يملك حق الطلاق / الزوجة ملزمة دينياً بطاعة زوجها / شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل / جواز ضرب الزوج لزوجته / وضع المرأة فى الميراث يختلف عن وضع الرجل / تفخيذ الرضيعة / مباشرة الرجل لزوجته (جنسياً) بعد وفاتها ... هذه القواعد تجعل المرأة ما بين مفهومين : المفهوم الأول أنها كائن أقل من الرجل ... والمفهوم الثاني والذى تترجمه بعض الأمور التى ذكرتها فحواه أن المرأة "شيء" (يفخذها الرجل وهى رضيعة ، ويزوجها أبوها بإرادته لا بإرادتها ، ويباشرها (جنسياً) زوجها بعد وفاتها ... وسواء كان مجتمعنا مستعداً لقبول أفكار تختلف كليةً عما سبق ، وترى أن المرأة كائن و إنسان و مواطن لا يقل ذرةً عن الرجل ، أم يعارض هذه الأفكار ، فإن واجب كل مفكر تنويريّ يحتم عليه أن يكون مقتنعاً بأنه لا يمكن تحرك أي مجتمع صوب الحداثة والمدنية والمعاصرة والتحضر قبل صيرورة نساءه متساويات بنسبة 100٪ فى الحقوق مع الرجال. —————————————————- تنظيم "حماس" كان إسمه حتى 1987 "الإخوان المسلمون - فرع غزة". ودراسة تاريخ حماس تؤكد ما يلي : أن إسرائيل مثلها مثل بريطانيا لعبت بالدمية التى تسمي "الإسلام السياسي" لإضعاف حركة "فتح" ، وهو ما تم حرفياً. وهو تكرار لأمور مماثلة مثل تكوين جماعة الإخوان فى مصر (1928) لشق صف الحركة الوطنية التى كان "الوفد" يقودها ومثل إنشقاق پاكستان عن الهند (1947). ومن أهم عناصر تكوين "حماس" التعليم الديني الأزهري الذى أوجدته مصر فى غزة عندما كانت تحت إشراف مصر (1967/1948). ولا شك عندي أن علي مصر اليوم (سنة 2020) أن تدرس تجربة التعليم الديني الواسع فى قطاع غزة وما نتج عنه. وليس عندي شك أن التعليم الديني الواسع (اليوم) فى مصر بحاجة للمراجعة قبل أن نصل لنقطة اللا-عودة. ولعل مصريين كثيرين لا يعرفون أن أكثر من أربعة ملايين من المصريين يدرسون حالياً فى كليات ومعاهد ومدارس تتبع المؤسسات الأزهرية.
———————-———————- سألتنى صحافية ألمانية تعمل فى أشهر محطات التلڤزيون الألمانية وتدير مكتب هذه المحطة فى بريطانيا : "هل تلوم النساء المحجبات اللائي تعرفهن أو تتعامل معهن على قرار تحجبهن ؟ ". فقلتُ لها : أنا لست صحفياً أو إعلامياً أو ناشطاً فى المجالين السياسي والإجتماعي. أنا مفكرٌ إستوعب التاريخ وجل كلاسيكيات الإنسانية فى مجالات الفكر السياسي والفلسفة والآداب والفنون وعلوم الإدارة الحديثة بشتى فروعها وتقريباً "كل" العلوم الإجتماعية والإنسانية. لذلك ، من السطحية والسذاجة والتبسيط المخل لوم أحد على تأثره بموجة أو موجات ثقافية/مجتمعية. وتحديدًا : فأنا معني بظواهر فكرية وثقافية وإجتماعية ، ولست معنياً بالتعامل مع تجليات هذه الظواهر. وأنا أختلف عن معظم من يُسمون فى مِصْرَ بالتنويرين فى كونهم منشغلين بالتعاطي مع تجليات الظاهرة بينما أنا منشغلٌ بالظاهرة ذاتها ومكوناتها وتاريخها وأسباب ذيوعها وشيوعها. ثم أضفتُ : إن معظم من يسمون بالتنويرين اليوم فى مصر يفتقدون للثراء المعرفي والثقافي بشكلٍ يجعل بعضهم "أسوأ السفراء" للتنوير الحقيقي وقيم الحداثة. فهؤلاء ما أن يكتبوا أو يتحدثوا حتى يعرف أيُ إنسانٍ موسوعيّ الثقافةِ حجم وأبعاد فقر وهزال تكوينهم المعرفي. ——————————-