المملكة 3


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 6454 - 2020 / 1 / 3 - 14:02
المحور: الادب والفن     

إسرائيل تكره المملكة 1


1) السفارديم والأشكناز مشكلة المشاكل الاجتماعية في إسرائيل، هناك إستراتيجيا لنفوذ اليهود الغربيين في كل الميادين تجعل من اليهود الشرقيين مواطنين من الدرجة الثانية.


2) ثم تأتي مشكلة الهوية التي يتنازع عليها العلمانيون والمتدينون بين القومية والدين إلى درجة أن هؤلاء الأخيرين يجعلون من الدين قانونًا يتنافى مع القوانين "الغربية" المتعامل بها، فيمس الصراع الحريات، بين طرف وآخر، وفي كل طرف، مما يشكك في ديمقراطية الدولة، خاصة وأن ما يسمون عرب 48 يُمَيَّز بينهم وبين غيرهم من الطرفين.


3) إسرائيل ليست دولة يهودية إسرائيل مشروع لدولة يهودية لم ينته، فالتهويد ليس قائمًا في القدس الشرقية أو في الخليل أو في الأغوار، التهويد قائم في البنى التحتية من عيني الإيديولوجيا الصهيونية على شكل مؤسسات للدولة من وظائفها السيطرة على المجتمع الإسرائيلي عن طريق تهويده، والسيطرة على الأراضي المحتلة عن طريق تهويدها.


4) تعدد الأصول في المجتمع الإسرائيلي أدى إلى تعدد الغيتوهات، فكانت مشاكل كثيرة للاندماج للغات للأحلام، وكانت صعوبات كبيرة للصهر في بوتقة ثقافية واحدة.


5) المجتمع الإسرائيلي مجتمع من الخائفين على أنفسهم من أقل شيء، وهذا شيء طبيعي للترويع الوجودي الذي يعيشه هذا المجتمع، فمن ناحية يملك جيشه أقوى وأحدث المعدات الحربية، ومن ناحية تزلزل كيانه صواريخ حماس والجهاد الإسلامي العشوائية، لكنها طريقة من طرق النظام تسهل عليه قمع مواطنيه، وذلك بالضغط عليهم، وتسهل على النظام تمرير مشاريعه كما يحصل في كل مرة يكون فيها نتنياهو أو تكون فيها حكومته في مأزق.



















إسرائيل تكره المملكة 2


1) الوضع الاقتصادي ليس بأحسن، مليارات أمريكا مليارات السعودية مليارات بلدان الخليج مليارات الأثرياء اليهود العالميين لا تحول دون "مأساة" اليهودي المتوسط في إسرائيل، فعيشنا كفافنا كما يقال، ورعب الإسرائيلي اليومي أن يصنف في شريحة الفقراء التي تتزايد يومًا عن يوم.


2) وجود الإسرائيلي وبالتالي وجود إسرائيل مهدد من جواها، مهدد ببنيها، مهدد بشبانها الذين يحلمون كالأردني كالفلسطيني بمستقبل الرغد الذي لا توفره لهم دولتهم في مكان آخر، فتتخلخل أسس الصهيونية كدين أرضي، وبين الواجب الرسمي والمسئولية الفردية يختار الإسرائيلي المسئولية الفردية.


3) يتجاهل النظام ذلك، لأنه يتمادى في غيه الفلسطيني العربي الإقليمي المتجدعن، فيعتبر نفسه لعماه البديل الدائم، بينما الشباب الإسرائيلي خاصة والإسرائيليون عامة يعانون ليس فقط من عدم حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ولكن كذلك من عدم حل التفاقم الاقتصادي بين الأفراد، إضافة إلى عدم حل الطريقة في العيش والعمل والسلوك بين علمانيين ومتدينين.


4) أرض الميعاد أرض السراب الاقتصادي، والمخدوعون من الإسرائيليين يرحلون بالآلاف كل عام عائدين من حيث أتوا أو ذاهبين إلى حيث تدلهم حواسهم ورغباتهم وطموحاتهم إلى حبهم للحياة الأفضل.


5) الغلاء فاحش ولا يتناسب مع الراتب، فيضطر الموظف إلى العمل بعد الدوام، ولو كان محظوظًا إلى تشغيل دكان يعمل فيها هو وكل أفراد أسرته، بينما التجار الكبار يشفطون كل شيء، في أرض إسرائيل وفي أرض الاحتلال، إنهم يمثلون "الثقب الأسود" الاقتصادي الذي يشفط كل شيء كل شيء في إسرائيل حتى قلم الحمرة حتى التوراة، وهم الحكام الحقيقيون الذين بعدد أصابع اليد يتحكمون بعدة ملايين عندهم وبعشرات الملايين عندنا، فالسياسة عاهرتهم، والنظام قوادهم.
















إسرائيل تكره المملكة 3


1) المشكل الأمني الذي يردد النظام بلا كلل أنه المشكل الجوهري مشكل ديماغوجي لا أكثر مشكل ابتزازي لا غير للضغط النفسي على الإسرائيليين أنفسهم وللضغط الاستقوائي على أمواج شواطئ الحرب والسلم لدى العرب، فالقوة النووية التي هي إسرائيل لا مشكل أمني لها، مشكلها الأمني بهذه القوة الغبية لا بقوة الأغبياء العرب، فهل للسعوديين قوة تهدد الإسرائيليين، هل للخليجيين، هل للإيرانيين، إنهم في خدمة الإسرائيليين، وقس على ذلك باقي الدول ذات القمع الأمني الذاتي.


2) منذ اكتساح حزب الله للجيش الإسرائيلي فَقَدَ هذا الجيش هيبته لدى الإسرائيليين، غدا الأمن نسبيًا، ومفهومه تحول في أذهانهم من أمن جيش لا يقهر إلى أمن جيش يقهر، والأمن ليس فقط الأمن العسكري، الأمن السياسي، الأمن الاقتصادي، الأمن الثقافي.


3) أن ترفض الخدمة العسكرية في "الأراضي" لم يعد عارًا وطنيًا، العار الوطني لمن يؤدي واجباته العسكرية، فإسرائيل من هذه الناحية غدت دولة كباقي الدول لا دولة فوق الدول، المقدس العسكري ترك مكانه للمقدس الشخصي، هناك أصوات اليوم تطالب بتحويل الجيش إلى مهنة كما هو عليه في فرنسا في إنجلترا في أوروبا.


4) رفض الخدمة العسكرية ولكن أيضًا الفرار من الجيش، هذا لا يعني أن الجيش الإسرائيلي جيش يستهان به لكن ذلك يؤشر إلى مبالغة النظام بشأنه واستصغار الإسرائيليين، وبالتالي في شروط سلمية حقيقية إلى انسحاب جنوده إلى ثكناتهم والبقاء فيها.


5) كان شارون يقول لمن لا تنفع معه القوة استخدم قوة أكثر! لكنه منطق الجبناء اليوم في الجيش الإسرائيلي وفي الحكومة الإسرائيلية، في المستقبل القريب جدًا مع النانوتكنولوجيا لن يكون لنا حاجة إلى جيوش وبطيخ أصفر من مزارع النقب، قنبلة نووية كالتي لإسرائيل أو كالتي تتشدق بها بخصوص إيران سيكون من الممكن حملها في علبة كبريت.


















إسرائيل تكره المملكة 4


1) المشكل الإيديولوجي عميق في المجتمع الإسرائيلي، وهو عبارة عن شرخ يقسمه إلى صهاينة كلاسيكيين لا يريدون أن يجهدوا أنفسهم حتى بالتفكير في كيف ولماذا مرددين مسلمات عن أرض بلا شعب لشعب بلا أرض بينما الفلسطيني يقعد ويقوم في حضنهم، وإلى إسرائيليين محدثين يرون فيما تقوله الصهيونية خزعبلات وادعاءات لتبرير ما لا يبرر.


2) يحاول النظام خلط الأوراق، فكل يهودي هو صهيوني لديه، ليبرر ممارساته القمعية لسياسته، وهو لا يتردد عن إلصاق تهمة "اللاسامية" بكل من ينتقد هذه السياسة، إنه الهروب إلى الأمام وإلى الوراء وإلى اليمين وإلى الشمال وإلى ما حول، بدلاً من مواجهة الواقع الفلسطيني-الإسرائيلي بما له وما عليه، أسهل الطرق وأعقل السياسات، فمصلحة الكرسي أم مصلحة البلد؟


3) الإيديولوجيا التي تنتمي إلى زمن آخر تهلك صاحبها وتجعل منه ببغاء لا أكثر تجعل منه العمياء بين النعامات، فلا هو مواكب لعصره، ولا هو مناسب لشعبه. أنا أفكر بلا إيديولوجيا فأنا موجود، هذا ليس شرطي، هذا شرط علاقات الواقع في العام 2020.


4) الإيديولوجيا الدينية في إسرائيل تتفوق بدمامتها عن الإيديولوجيا الوهابية والإيديولوجيا الداعشية، بدافع هذه الإيديولوجيا الكارثي لصاحبها ولغير صاحبها أيام كاهانا قتل مهستروه في أمريكا صديقي إسكندر عودة الذي زعل عليه ريغان وقتها وطيب سيرته في بلاغ من البيت الأبيض.


5) الشعب الإسرائيلي شعب مسيس كالشعب الفلسطيني لكن هذا كذاك حجارة شطرنج بيد الفكر السائد، هناك أزمة وعي لدى الاثنين، رؤية الواحد كالآخر للعالم مزيفة، تتلاعب بهما الأهواء والأنواء.















إسرائيل تكره المملكة 5


1) الضعف إذن ليس سمة من سمات العرب الأردنيين والفلسطينيين والباقين الضعف سمة من سمات اليهود الإسرائيليين، ليس هناك شيء ثابت، ليس هناك شيء مطلق.


2) الهزيمة ابنة للعنجهية والعنجهية لا تغطي الفساد فكم من موظف كبير في إسرائيل حوكم وألقي في السجن، إذن ليس من الحق المتاجرة بأقدار السلام كما يجري منذ قيام دولة إسرائيل حتى لا قيامها، ففلسطين لم تعترف بها، ومن يعترف بها من البلدان العربية غير اعتراف.


3) التكنولوجيا في تل أبيب بطلة الفيك نيوز والصناعات الأخرى تتوقف على التطبيع غير القانوني غير الطبيعي –كمن يحمل السلم بالعرض- غير الوطني والمرفوض.


4) العمالة رب إسرائيل كالسفالة في كل شيء مصيري أو مصري فمصر هي ربة الأرباب بما فيها يهوه، عندما أرسلت إلى الأستاذ نتنياهو خطة سلامي الأولى عن طريق سفيره في باريس طرحت عليه سؤالاً: لماذا لا تتعامل إلا مع العملاء مع الوسخين، وها أنا منذ عشرة أعوام أنتظر منه الجواب!


5) القفز عن الواقع ضد المنطق هذا ما يتم مع النظام في كل شيء، بينما في الواقع الإسرائيلي الفلسطيني هناك اليهودي والعربي يعيشان الواقع كما هو عليه وهما لهذا يفهمان بعضهما ويتفاهمان.





















إسرائيل تكره المملكة 6


1) في القدس هناك الفلسطينيون والإسرائيليون الذين يعيشون معًا ربما يحقد بعضهم على بعض عندئذ فتش على النظام تجده وراء هذا الحقد وفتش عن الحمام تجده يطير من القدس الشرقية إلى القدس الغربية ومن القدس الغربية إلى القدس الشرقية استراتيجيا فرق تسد لا يعرفها الحمام.


2) في القدس هناك الجامعة العبرية التي فيها طلاب عرب ويهود والتي فيها أساتذة عرب ويهود وفي يوم بعيد مضى اقترح عليّ عميدها العمل فيها.


3) في القدس هناك مستشفى الهوسبيس الذي يتعالج فيه كل المرضى من عرب ويهود وفي يوم بعيد جد بعيد مضى تعالجت فيه والدتي.


4) في القدس هناك الفندق الذي كان أبي ينزل فيه الواقع في المدينة القديمة يوم كان منفيًا من طرف النظام الأردني فهل لم يزل هناك أم أنهم هدموه وبنوا مستعمرة مكانه؟


5) في القدس هناك كباريه كنا نذهب إليه لنرقص ونشرب لما كنا شبابًا جميلين ومغترين وهناك مطعم في شارع صلاح الدين أكلنا فيه صحن حمص لم يزل طعمه حتى اليوم تحت لساني وهناك أسلاك شائكة (لم تعد هناك أسلاك شائكة هناك أسلاك شائكة على أيامنا) قرب باب العامود أمسكتها بيدي ونظرت إلى الطرف الآخر في القدس الغربية فرأيت فتاة من أجمل الفتيات وهي تنشر شلحتها وصدريتها وبنطالها.