عرب وأمازيغ


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 6233 - 2019 / 5 / 18 - 06:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الصراع العربي الأمازيغي في شمال افريقيا ليس صراعا شوفينيا في حقيقته، رغم كون القوى الرأسمالية لهذا الطرف أو ذاك حريصون على التجييش الشوفيني إما لاستدامة النظام الطبقي القائم والدولة البرجوازية الكومبرادورية الاستبدادية الاستغلالية أو التطلع الى نظام طبقي شوفيني جديد لاستغلال الرأسمالية الامازيغية للطبقة العاملة والفلاحين الفقراء الأمازيغ.

الصراع الأمازيغي العربي هو في حقيقته صراع بين نمطين اقتصاديين واجتماعيين وسياسيين مختلفين تماما. فالغزو العربي الاسلامي الذي اجتاح شمال افريقيا منذ اربعة عشر قرنا حمل معه ثقافته الاستبدادية الشرقية وأنماط عيشه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الطبقية المدعمة ايديولوجيا بدعوى نشر الديانة الاسلامية التي تتضمن نفس المكونات الاستبدادية الشرقية. وقد حاول هذا الغزو خلال اربعة عشر قرنا اقتلاع الجذور الثقافية الامازيغية وانماط عيشها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دون جذوي.

كلمة الأمازيغ أو ابناء مازيغ ظلت تعني كمصطلح تعريفي لساكنة بلاد تامزغا على مر التاريخ الانسان الحر، وقد عاشت الجماعات أو القبائل الأمازيغية أزيد من اربعين قرنا في شمال افريقيا قبل الاجتياح العربي الاسلامي بسلام كما تدل على ذلك الابحاث الاركيولوجية، ولا شك أن أقدم جمجمة للكائن الانساني العاقل "أومو سابيان" الذي اكتشف مؤخرا بمدينة برشيد وعمره ازيد من 300.000 سنة هو للانسان الامازيغي العاقل. كما ان جميع الحضارات التي اجتاحت شمال افريقيا لم تتعمق داخله كثيرا بل كانت تتمازج مع الجماعات الامازيغية المحلية فتعايشت معها في وئام تام بل كانت تتساكن حتى الاديان المختلفة وثنية ويهودية ومسيحية واسلام في ظل تسامح كبير دون ان يشكل ذلك مصدرا حقيقيا للصراع السياسي.

ظل نمط عيش الجماعات الامازيغية في شكله الغالب عبارة عن نمط عيش شيوعي بدائي حيث لم تكن هناك لا طبقات ولا دولة ولا عمل قسري، بل كان هناك تدبير جماعي للشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقد ظل هذا النمط من العيش الغالب متواصلا عبر التاريخ وهناك العديد من الابحاث التي تطرقت لطبيعة نمط عيش الجماعات الامازيغية ومن بين هذه الابحاث القيمة الاقتصادية الحديثة حول هذا الموضوع هو أطروحة دكتوراه الباحث ادريس بن علي والتي تم نشرها فيما بعد تحت عنوان "المغرب ما قبل الرأسمالية" والذي ميز بين نمطين اقتصاديين مختلفين العربي والامازيغي سادا حتى أواخر القرن التاسع عشر، أحدهما نمط مخزني عروبي استبدادي طبقي والآخر ساد بمناطق ما كان تسميه الدولة المغزنة ب"منطقة السيبة" وهي المناطق الامازيغية التي سادت في مناطق الريف والاطلس والمنطقة الشرقية والصحراء.

استقرار الامازيغ في المناطق الجبلية والصحراء لم يكن نابعا من رغبة ذاتية لدى الامازيغ، بل حدثت مع الاجتياحات العربية الاسلامية الاستبدادية الى شمال افريقيا. ونظرا لطبيعة الاستعمار العربي الاسلامي الاستيطاني ورغبته في استعباد الامازيغ وتسخيرهم بالقوة لخدمة مصالحهم الاقتصادية والسياسية، فقد ثار الامازيغ (الرجال الأحرار) على هذه الرغبة ولجأت اغلبيتهم الى المناطق الجبلية والوعرة للعيش بسلام وحرية بدون دولة ولا طبقات. بينما اختارت اقليات امازيغية اخرى الاندماج من موقع ضعف مع القبائل العربية الاسلامية التي سيطرت على السهول سياسيا واقتصاديا في اطار نظام طبقي واستغلال واضطهاد متوحشين للفلاحين الفقراء في البوادي وللصناع التقليديين في المدن.

ومن بين الاحداث التاريخية التي تؤرخ للاصطدام العنيف الذي حدث بين القبائل العربية الاسلامية التي اجتاحت المغرب ما بين القرن الحادي عشر والقرن الثالث عشر ميلادي والقبائل الامازيغية التي كانت تستوطن آنذاك بالسهول الغربية بالمغرب الأقصى خاصة منها قبائل البورغواطة، والتي كانت جد متقدمة في تقنياتها واساليبها في الانتاج الزراعي مما جعلها تعيش حالة من الازدهار الاقتصادي والاجتماعي لقرون عديدة. فان هذا الاجتياح والغزو الذي قادته على الخصوص قبائل بنو سليم وبنو هلال القادمتين من منطقتي السعودية واليمن الحاليتين والذي تسبب في ابادة الكثير من الامازيغ البرغواطيين بمنطقة تامسنا ما بين نهري ابي رقراق وام الربيع التي استقر بنو هلال بينما توجه بنو سليم لغزو منطقة سوس والصحراء (أجداد الصحراويين اليوم) وتعاطوا للرعي والتبادل التجاري وتجارة العبيد بين افريقيا واوروبا. ونظرا لعدم دراية بنو هلال وبنو سليم بالتقنيات الزراعية ونظرا لعدم قبول الامازيغ بالخضوع لاستعبادهم وهيمنتهم ولجوئهم نحو المناطق الجبلية، فقد انهار نظام الزراعة السابق وسادت المجاعة بسبب ذلك وانتشرت الامراض الفتاكة ويشير ادريس بن علي في كتابه الى ان عدد المغاربة في هذه المناطق والذي كان يصل الى 10 ملايين نسمة في القرن الخامس عشر، تراجع الى خمسة ملايين نسمة فقط في القرن التاسع عشر وذلك بسبب المجاعات والامراض الفتاكة كالطاعون والجذري. أما في المناطق الجبلية التي لجأ اليها الامازيغ وواصلوا بها نمط حياتهم الشيوعية البدائية فكانت متوازنة ولم تتعرض لتلك المجاعات والامراض الفتاكة.

وكما اشرت في البداية فان حقيقة الصراع الثقافي العربي الامازيغي ليس في جوهره شوفيني بل هو صراع بين ثقافة تحمل مختلف اشكال الطغيان والاستبداد والاستعباد والانقسام الطبقي وتحقير المرأة وشرعنة النهب وثقافة امازيغية مختلفة تماما تحمل المبادئ الانسانية السامية للشيوعية البدائية التي هي الاصل في انسانية الانسان وليست اختراعا نظريا فوقيا، وحيث كانت المرأة مساوية للرجل في كل شيء (انظر الى رقصة حيدوس) وحيث يتم تدبير الشؤون الجماعية بشكل جماعي لانتاج واعادة انتاج الحياة. انه فرق بين الشيوعية والاستعباد الطبقي.

الانسان الأمازيغي الحر هو أيضا مقاتل شرس كان طيلة قرون يعتمد استراتيجية الانسحاب من امام الهجوم الاجنبي القوي حيث يحتمي بالجبال ريتما يدرس نقاط ضعف العدو ويهي نفسه لطرد العدو من اراضيه. لكن اشكال الغزو السابقة للغزو العربي الاسلامي كانت استغلالية فقط حيث كانت تحتل بعض المناطق الساحلية وتقيم علاقات تبادلية مع القبائل الامازيغية وهذا على خلاف الغزو العربي الاسلامي الاستيطاني، الذي جاء بقبائل عربية لا تتقن سوى الرعي للاستيلاء على الاراضي الخصبة للامازيغ واستعبادهم واستدامة الاضطهاد والقهر والاستغلال.

الصراع العربي الامازيغي هو صراع بين نموذج للحياة الشيوعية الانسانية الحرة الذي عاشته الجماعات الامازيغية للآلاف من السنين ونموذج الحكم الاستبدادي الطبقي العربي الاسلامي من نمط الانتاج الآسيوي. ان فهم جوهر هذه الحقيقة يؤسس لحركة امازيغية تقدمية شيوعية ثورية تتعايش مع كافة الثقافات والشعوب التواقة للحرية والشيوعية/الاشتراكية.

خلاصات أساسية:

1 – هناك الكثير من الأبحاث التاريخية والاقتصادية والسياسية تتحدث عن أنماط حياة الجماعات الأمازيغية بشمال افريقيا، ولا أستعمل هنا كلمة الشعب الأمازيغي ولا المجتمع الأمازيغي. فالجماعات الأمازيغية تواجدت في منطقة شمال افريقيا (وكما يحلوا للبعض تسميتها ببلاد تامزغا) منذ أقدم العصور، بحيث لا يمكن تحديد تاريخ ظهورها في هذه المنطقة ولا من أين جاءت. غير أن المؤكد هو أنها عاشت في عدة مجموعات أو عشائر متفرقة منسجمة مع الطبيعة الغنية بخيراتها المحيطة بها، وفي غياب كلي للملكية الخاصة وهو العامل الذي يضفي على حياة الأمازيغ صفة الشيوعية البدائية لأن كل ما يحيط بها من أراضي ومراعي وثمار وغلل ومنابع للمياه يمكن اعتبارها ملكية جماعية للقاطنين في حضنها يستمدون منها دينامية انتاج الحياة وإعادة انتاجها.

2 – تعتبر الحياة الشيوعية البدائية للجماعات الامازيغية، الحياة التي عاشتها الإنسانية لملايين السنين قبل الثورة الزراعية وظهور الملكية الخاصة في اطار تراكم الفائض من المواد الغذائية لدى البعض دون البعض الآخر. وقد شكلت هذه المرحلة منطلق الانقسام الطبقي وظهور المجتمع والسلطة السياسية ومن تم الدولة وهيمنة طبقات معينة على طبقات أخرى محكومة تستعملها كوسائل انتاج لمراكمة الثروات. ومن هنا تعاقبت اشكال الدول بحسب نمط الإنتاج السائد، كالعصر العبودي حيث يقوم نمط الإنتاج الذي ترعاه الدولة على العبيد كوسائل الإنتاج. ثم أعقب انهيار الدولة القائمة على امتلاك العبيد ظهور الدولة الاقطاعية التي قامت على نمط الإنتاج الاقطاعي واستغلال الملكيات المطلقة والاقطاع لعمل أقنان الأرض كوسائل انتاج لتحقيق تراكم الثروات. ومع انهيار النظام الإقطاعي سيطرة البرجوازية على جهاز الدولة التي تمكنت من خلالها تدريجيا من القضاء على نمط الإنتاج الاقطاعي وتحقيق الهيمنة التدريجية للرأسمال على العمل الحي لتحقيق التراكم الرأسمالي.

3 – القوى الإسلامية العربية التي غزت المغرب فيما يعرف بالفتوحات الإسلامية نشأت وتطورت في الجزيرة العربية في علاقة ديالكتيكية مع الامبراطوريات التي كانت تحتك بها كالإمبراطورية الفارسية في الشرق والامبراطورية الرومانية في الشمال والحبشة والسودان في الغرب. ومن خلال هذا الاحتكاك والعلاقات الديالكتيكية تشكلت دولة الاستبداد الشرقي واتخذت لها الإسلام كقاعدة أيديولوجية، ونتيجة للتراكم المادي الذي حصل لها بفعل تواجدها في مفترق الطرق بين ثلاث قارات، تمكنت من التوسع نحو كافة الاتجاهات. وشكل شمال افريقيا احد أكبر أهداف الغز العربي الإسلامي نظرا لما كان يزخر به من خيرات، وهو ما اسال لعاب الغزاة البدو محترفي الرعي دون الزراعة. ومع غزو شمال افريقيا توافدت العديد من القبائل الصحراوية للاستيطان بسهول شمال افريقيا واتخاذ سكانها جواري وعبيد نظرا لان نمط الإنتاج السائد والمتطور في منطقة الجزيرة العربية هو الاعتماد على العبيد كوسائل للإنتاج لمراكمة الثروات.

4 – هناك قبائل جاءت من شبه الجزيرة العربية ووجدت في منطقة الصحراء جنوب المغرب بيئة مشابهة لبيئتهم فاستوطنوا بها ومارسوا مهام التجارة والتبادل بين افريقيا وأوروبا للذب والعاج والعبيد. لذلك كان الاصطدام حتميا بين الساكنة الأمازيغية المحلية التي تعيش حياة الشيوعية البدائية ونمط الإنتاج العبودي والهيمنة الطبقية الاستبدادية القادمة من الشرق. من هنا يمكن استنتاج أصل الصراع الطبقي السائد في بلدان شمال افريقيا.

5 – التشكيلات الاجتماعية التي سادت بشمال افريقيا عرفت اختلاطا كبيرا خاصة وأن القبائل العربية الإسلامية التي غزت شمال افريقيا على عدة مراحل كانت تفد اليها في فرق عسكرية من الرجال. وعندما يخضعون الأراضي التي يسيطرون عليها يتزوجون من النساء الامازيغيات. غير أن الاختلاط الذي حصل بين العنصرين العربي والأمازيغي لم ينفي التعارض بين الثقافتين العربية الإسلامية والأمازيغية فأصبحت الأولى هي السائدة بفقهها وعلومها وقوانينها وآدابها بينما تم تهميش مطلق للثقافة الأمازيغية التي ظل الانسان الأمازيغي الحر الذي لجأ الى الجبال والمناطق الوعرة هو من يحملها ويتناقلها جيلا بعد جيل.

6- الصراع الطبقي السائد اليوم في بلدان شمال افريقيا هو بين الطبقة الرأسمالية الكومبرادورية ذات الثقافة العربية الإسلامية الاستبدادية ونمطها الإنتاجي الطبقي القائم على استغلال الطبقات الشعبية المسحوقة ذات الثقافة المحلية المختلطة والتي يشكل العنصر الامازيغي غالبية جماهير العمال والفلاحين الفقراء. فالطبقة الرأسمالية الكومبرادورية والتي تشكل أقلية تسيطر بدون شريك على الحكم وتسعى بكافة الوسائل القمعية والأيديولوجية والدينية لضمان استمرارها في مواقعها، لن تفتح المجال بشكل سلمي لمستثمريها (بفتح الميم) بأي شكل من الأشكال لاسترجاع حقوقها الطبيعية وتغيير واقعها. لذلك رأينا ما رأيناه من أحكام جائرة لقمع شباب حراك الريف الذي كان يطالب بشكل سلمي بأبسط حقوقه الطبيعية.

7 – عاش الانسان قبل عشرة آلاف سنة قبل الميلاد الملايين من السنين بدون دولة وبدون ملكية خاصة وبدون طبقات وفي اطار جماعات وعشائر منسجمة تنتج وتعيد انتاج حياتها في انسجام مع الطبيعة المحيطة بها. لكن منذ العصر النيوليتي أو ما يسمى بعصر الثورة الزراعية وتطور آلياتها التقنية، بدأ يظهر فائض الإنتاج لدى بعض العشائر دون الأخرى، ولدى بعض الأفراد دون الآخرين. فكان ذلك بداية الانقسام في كل شيء، انطلاقا من الانقسام الطبقي بين من يملك ومن لا يملك، وبدأ تسليع كل شيء، بما في ذلك أجساد النساء، فظهرت العبودية واقنان الأرض والعبودية المأجورة. ومنذ هذا الانقسام وإلى اليوم طور الانسان آليات اغترابيه للإخضاع والهيمنة والعبودية كان من أبرزها جهاز الدولة والدين والفلسفة والسياسة والأحزاب السياسية والنقابات ... الخ كبنيات فوقية وذلك من أجل الاستئثار بالبنيات الاقتصادية التحتية عبر الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

8 – لخروج الإنسان من هذا الاغتراب والانقسام، الذي عاشه - بعد شيوعيته البدائية المحلية - منذ العصر النيوليتي "كانسان لذاته"، والذي فقد في اطارها انسانيته وتحول الى سلعة فيتيشية تباع وتشترى، أصبح عليه ان يتطور بشكل موضوعي نحو انسان "من أجل ذاته" في اطار شيوعية كونية. شيوعية باعتبارها تخطي إيجابي للملكية الخاصة، أو لاغتراب الذات الإنسانية، وبالتالي باعتبارها التملك الحقيقي للماهية الإنسانية من جانب الإنسان وللإنسان، وبالتالي الشيوعية باعتبارها عودة الإنسان الكاملة إلى ذاته ككائن اجتماعي (أي إنساني) – عودة تصبح واعية ومكتملة في إطار كل ثروة التطور السابق. وهذه الشيوعية – كطبيعية مكتملة التطور – تساوي الإنسانية، وكإنسانية مكتملة التطور تساوي الطبيعة، إنها الحل الحقيقي للنزاع بين الإنسان والطبيعة وبين الإنسان والإنسان – الحل الحقيقي للصراع بين الوجود والماهية، بين التموضع وتأكيد الذات، بين الحرية والضرورة، بين الفرد والنوع.

المراجع:
1 – ابن خلدون، المقدمة، المجلد الأول.
2 – عبد الرزاق، محمد إسماعيل، الخوارج في بلاد المغرب
3 – محمد شفيق، 33 قرن من تاريخ الأمازيغيين
4 – الناصري، أحمد بن خالد، كتاب الاستقصا
5 – الادريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
6 – عبد السلام أديب، الصراع الطبقي والتحولات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب

7 - Fredrique Engels, Origine de la famille de la propriete privé et de l’Etat
8 – Benabou, Marcel, Larésistance africaine à la romanisation
9 - Karl Marx, Le Capital, Volume 1,2 et 3
10 – Aymad, André, Auboyer, Jeannine, Histoire Générale des civilisations
11 - Karl Marx, L’ideologie Allemand,
12 – Benabou, Marcel, Juba II ou l’Africanité vassale de Rome
13 - Karl Marx, Les manuscrits de 1844
14 – Akkache, A, Tacfarinas, Alger
15 – Bernard, Jean, Le sans et l’histoire
16 – Bernard, Jean, Le sang et l’histoire
17 – Berthier, André, La Numidie, Rome et le Maghreb
18 – Bouchenaki, Mounir, Jugurtha, Un roi berbère et sa guerre contre Rome,