تحديات صعبة أمام قمة العشرين


كاظم المقدادي
الحوار المتمدن - العدد: 5574 - 2017 / 7 / 7 - 16:27
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر     

في السابع والثامن من الشهر الجاري تستظيف مدينة هامبورغ الألمانية الدورة الجديدة لقمة الدول العشرين (G20 ) وهي القمة الثانية عشر،وستترأسها ألمانيا،التي. تولت رئاسة المجموعة منذ مطلع العام الجاري،بعد الصين، التي ترأستها في الدورة السابقة وإستظافت قمتها في عام 2016.

ويذكر ان قمة المجموعة تأسست في عام 1999 في ألمانيا،وهي تضم: ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا واليابان وروسيا والأرجنتين وأستراليا والبرازيل والهند وإندونيسيا وإيطاليا وكندا والمكسيك وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والأتحاد الأوربي والولايات المتحدة وتركيا والسعودية.

تحديات جدية تهددها بالفشل

تواجه قمة هامبورغ 2017 تحديات صعبة عديدة.أولها: الخلافات الجدية في الموقف من قضايا بيئية وتجارية وعسكرية ساخنة بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب،الذي سيحضر القمة لأول مرة.
فعلى صعيد الموقف من الإحترار المناخي العالمي تواجه القمة إنسحاب إدارة ترامب رسمياً من إتفاقية باريس 2015 التي وقعتها في نيويورك في 22/4/ 2016- سنأتي عليه.
وتواجه القمة متطلبات إستكمال ما تناولته المجموعة في الدورة السابقة في الصين من قضايا ذات صلة بالتغيرات المناخية،مثل الطاقة النظيفة والتمويل الأخضر لمشاريع الطاقة المتجددة، والسعي لتلافي فشل القمة السنوية الصينية- الأوروبية ،التي إنتهت في بروكسل في 2/6/2017،دون التوصل لاتفاق حولها بسبب الخلافات حول منح الصين وضع "اقتصاد السوق"،الذي رفضته معظم الدول الأوربية.
وتواجه القمة مهمات مكافحة الأرهاب.وكذلك المطالبة الجماهيرية الأممية الواسعة بمكافحة الجوع إذا أراد قادة القمة حقاً وفعلآ حماية البيئة العالمية، التي لن تتحق (الحماية) بوجود الجوع منتشراً في أرجاء العالم.

إتفاقية باريس الدولية لتغير المناخ

في كانون الأول/ ديسمبر 2015 أنعقد مؤتمر باريس وخرج بإتفاقية دولية للمناخ، حققت إجماعاً عالمياً بموافقة 195 دولة،من بين الـ 197 بلدا الأعضاء في مجموعة الأمم المتحدة للتغير المناخي (بغياب سوريا ونيكاراغوا)، وحدتها مهمة مكافحة التغيرات المناخية واَثارها، بإتخاذ الإجراءات الحاسمة للحد من الأحترار العالمي وتقييده من خلال حزمة من الإجراءات والتدابير لخفض نسبة غازات الدفيئة المسببة للإحتباس الحراري.وتم التوقيع على الإتفاقية في نيويورك في 22/4/2016.
لقد إستندت الأتفاقية والأجماع العالمي الذي حظيت فيه وقل نظيره، على أدلة علمية رصينة وإثباتات قاطعة، وعلى تعاون دولي منقطع النظير، وضع جانباً الخلافات لتكريس الجهود الأممية من أجل معالجة تحد عالمي ضخم جداً. وأثبت التعاون البناء إمكانية النجاح،الذي بنيّ على أسس الإستثمار في هدف عالمي نبيل هو إستمرارية البشرية التي لا يحق لأي كان ومهما كان التخلي عنه.

بإختصار،حقق مؤتمر باريس،في الواقع، نجاحاً كبيراً، أوجزه الخبير البيئي الدولي أ.د.محمد العشري، باعترف العالم بالعديد من الآثار الخطيرة لتغير المناخ على الناس والبيئة، وعمل بشكل حاسم، وصولاً إلى اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ. ووقّعت كل حكومات العالم على الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ بشكل استثنائي خلال أقل من سنة،حيث صدق حتى الآن على الاتفاقية أكثر من 130 بلداً، وهذه الدول تعمل، جنباً إلى جنب مع قطاع الأعمال والمجتمع المدني، على ترجمة تعهداتها بشكل عملي، سواء في السياسات الجديدة أو مشاريع الطاقة النظيفة.

إنسحاب إدارة ترامب من إتفاقية باريس وجهلها بالحيثيات

في 1/6/2017 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً إنسحاب بلاده من إتفاقية المناخ المبرمة في باريس، معتبراً الأتفاقية مرة بـ" أنها لا تصب في صالح الولايات المتحدة"،ومرة بأن " التغيرات المناخية «خدعة مختلقة من قبل الصين»، جاهلآ،كالعادة، بان مشكلة التغيرات المناخية مشكلة مزمنة وتمتد لعقود من الزمن. وقد كرست لمعالجتها إجتماعات كثيرة ومؤتمرات دولية عديدة،وقد تأسست لها هيئة حكومية دولية معنية بالتغيرات المناخية (IPCC) في عام 1988، كمنظمة دولية تابعة للأمم المتحدة، تألفت من 3000 من علماء المناخ،والبيئة والصحة، وماسحي المحيطات، وخبراء الاقتصاد، وغيرهم. وهي الجهة العلمية النافذة في مجال دراسة الاحتباس الحراري وتأثيراته،لتقديم تقديرات شاملة لحالة الفهم العلمي والفني والاجتماعي والاقتصادي لتغير المناخ وأسبابه وتأثيراته المحتملة واستراتيجيات الاستجابة لهذا التغير. وهي هيئة علمية تقوم باستعراض وتقييم أحدث المعلومات العلمية والفنية والاجتماعية – الاقتصادية المتوافرة في كافة أنحاء العالم ذات الصلة بفهم تغير المناخ.وقد قامت الهيئة منذ إنشائها بإعداد 5 تقارير للتقييم،أنجزت أولها في عام 1990، والذ إستخدم كأساس لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي. وقد صدر التقرير في ثلاثة أقسام رئيسية، تتطابق أساسياتها مع فرق العلماء التي أنشأتها IPCC:الفريق العامل الأول للتقييم العلمي لتغير المناخ (حرره ج. هوتون، جي. جينكينز و ج.ج. إيبراوموس) والفريق العامل الثاني للآثار المترتبة على تقييم تغير المناخ (حرره و. تيغارت، جي دبليو. شيلدون و د.سي. غريفيثس)والفريق العامل الثالث لاستراتيجيات الاستجابة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وشمل كل قسم موجزاً لإقرار السياسات. واتبع هذا الشكل في تقارير التقييم اللاحقة. وتضمن الموجز التنفيذي موجزاً لصانعي السياسات جاء فيه:« نحن على يقين من ان الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة البشرية تؤدي إلى زيادة كبيرة في تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، كثاني أكسيد الكربون والميثان ومركبات الكربون كلوروفلورية وأكسيد النيتروز.. وستؤدي هذه الزيادات إلى تعزيز تأثير الاحتباس الحراري، مما ينتج عنه في المتوسط ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض "..

وأعلن علماء كبار في مجال المناخ إن الغازات المسببة للاحتباس الحراري تحبس الحرارة في الغلاف الجوي وتسبب ارتفاعا في حرارة الأرض وارتفاع منسوب البحار والجفاف وبشكل أكثر شيوعا العواصف الشديدة.وأضافوا إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق قد يسرع آثار تغير المناخ العالمي ويجعل موجات الحرارة والفيضانات والجفاف والعواصف أكثر سوءا.

الى هذا، صدر في اَذار/مارس 2014 تقرير جديد للجنة الحكومية الدوليّة المعنيّة بالتغير المناخي أكّد أن الاحتباسَ الحراري يمثل تهديداً متنامياً على الصّحة والنمو الاقتصادي وموارد الميّاه والغذاء لسكّان الأرض.ومن بين أهم الخلاصات التي خرج بها التقرير: تزايد درجة الاحتباس الحراري العالمي بـ 0،9 درجة مئوية منذ بداية القرن العشرين، كما ارتفع مستوى البحر 20 سنتمترا. ومن بين أشكال تأثير التلوث وارتفاع درجة الحرارة على الأرض ازدياد حجم ذوبان الجليد والثلوج ، ما خلّف وسيخلف عددا من الأعاصير والفيضانات (DW arabic).

وفي اَذار/مارس 2016 أعلنت منظمة الصحة العالمية ان نحو 13 مليون شخص يموتون بسبب المخاطر البيئية ،وهو ما يعادل ربع الوفيات عالمياً ("الخط الأخضر").وحذر البنك الدولي من أن 100 مليون شخص إضافي يمكن أن ينحدروا تحت خط الفقر بحلول عام 2030، ما لم تتخذ إجراءات للحد من ارتفاع درجات الحرارة في الأرض جراء التغير المناخي.

دور الدول الصناعية

تعد الدول الصناعية المسبب الأول للانبعاثات العالية لغازات الدفيئة.وهذا ما أكدته الأجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تصدت لظاهرة الأحترار العالمي. لذا بادرت الدول الصناعية في عام 1992 بعقد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التي صادق عليها (191 بلدا) والتزمت بوضع إستراتيجيات لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري. وصادق (174) بلدا على بروتوكول كيوتو الملحق بالاتفاقية. ووضعت الاتفاقية موضع التنفيذ عام 1994. وبعد عامين ونصف العام من مفاوضات مكثفة، اعتُمد توسيع كبير للاتفاقية في كيوتو، باليابان، في ديسمبر1997.

وفي عام 2014 إنعقد مؤتمر قمة المناخ الذي نظمته الأمم المتحدة في المغرب بمشاركة عدد كبير من زعماء العالم، من بينهم (100) رئيس دولة وحكومة و(800) شخصية من كبار قادة الأعمال والمال والمجتمع المدني، بهدف التوصل لاتفاق دولي أثناء مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ المقرر عقده في باريس عام 2015، وبلورة رؤية مشتركة من أجل تنمية اقتصادية منخفضة انبعاثات الكربون لمواجهة تغير المناخ بالتركيز على خمسة محاور هي :خفض الانبعاث. تعبئة الأموال والأسواق. تسعير الكربون. عدم القدرة على التأقلم.تعبئة تحالفات جديدة.وبرز خلال المؤتمر- بحسب أ.د. داخل حسن جريو ، عضو المجمع العلمي العراقي- توافق لقادة العالم بشأن رؤية شاملة لمسألة مواجهة تغير المناخ أهم ملامحها :إن التغير المناخي قضية مصيرية تتطلب تحركا قويا وجادا.الربط بين مكافحة التغير المناخي ومقاومة الفقر والنهوض بالتنمية المستدامة.الالتزام بأن يبقى احترار الكوكب دون درجتين مئويتين..الخوقد وصف الرئيس الامريكي أوباما الأتفاق بـ (التاريخي) ويستجيب للضرورة الملحة في التوصل إلى اتفاق دولي.

وإنعقد مؤتمر باريس في كانون الأول/ديسمبر 2015 وحقق نجاحاً باهراً- كما أسلفنا.

وقد حددت الصين، هدفا يحدد الحد الاقصى لانبعاثاتها للغازات الدفيئة المسؤولة عن ارتفاع درجات الحرارة بحدود العام 2030، وهي المرة الاولى التي تلتزم فيها الصين بتاريخ لبلوغ حد اقصى لانبعاثاتها من الغازات السامة. وستزيد الصين من حصتها في إجمالي استهلاك الطاقة المستخلصة من مصادر لا تطلق أي انبعاثات (المصادر المتجددة والنووية) إلى حوالي (20%) بحلول عام 2020.
اما الولايات المتحدة الأمريكية فوعدت الالتزام من ناحيتها بخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بنسبة (26 الى 28%) بحلول العام 2025. وتمثل الولايات المتحدة والصين معا (40%) من إجمالي انبعاثات ثاني اكسيد الكربون في العالم.والولايات المتحدة مسؤولة عن أكثر من 15 بالمئة من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الصين.

الأكيد ان الرئيس ترامب يجهل كل هذا، ولا يهمه تبعات قراره المستهتر، وإلا لما وقع في 28/3/2017 الأمر التنفيذي، الذي من شأنه ان يقلص الكثير من الجهود التي تبذلها حكومة الولايات المتحدة للحد من انبعاثات الغازات المسببة لتغير المناخ والحد من مخاطره. ويرى د.العشري أن هدف الأمر التنفيذي في الأساس هو إلغاء خطة الرئيس أوباما للطاقة النظيفة، وعدد من القوانين الأخرى المتعلقة باستخراج الفحم وتغير المناخ. وتهدف خطة الطاقة النظيفة إلى الحد من الانبعاثات الناتجة عن محطات الوقود الأحفوري ("البيئة والتنمية"). ويعتقد الخبراء أن الأمر التنفيذي لن يحقق بحد ذاته أهداف الرئيس. وسوف تتم عرقلته في المحاكم لسنوات، ومن المستبعد جداً أن يُعيد لصناعة الفحم جدواها الاقتصادية.

من ردود الفعل

أثار قرار الرئيس الأمريكي ردود أفعال غاضبة من قبل مؤسسات دولية والعديد من رؤساء دول وحكومات العالم. فوصف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش خطوة ترامب بأنها "خيبة أمل كبرى".
وقالت الهيئة التابعة للأمم المتحدة التي تقود مفاوضات المناخ إنه لا يمكن إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية بناء على طلب دولة منفردة. وأصدر المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP إريك سولهايم بياناً أكد فيه أن قافلة العمل للحد من تغير المناخ تسير ولن يوقفها موقف سياسي محض معزول عن الإجماع الدولي.وأكد ان العلم بشأن تغير المناخ واضح تماماً: نحن بحاجة إلى المزيد من العمل، وليس أقل. وهذا تحد عالمي. وتقع على عاتق كل دولة مسؤولية العمل عليه الآن.وأضاف:إن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق لا يُنهي بأي حال من الأحوال هذا الجهد المستمر. فالصين والهند والاتحاد الأوروبي وغيرهم يُظهرون بالفعل قيادة قوية في هذا المجال. وهناك 190 دولة تُبدي تصميماً قوياً للعمل معهم لحماية هذا الجيل والأجيال القادمة.وأشار الى ان الالتزام بالعمل من أجل المناخ يعني مساعدة بلدان مثل العراق والصومال وهما على الخطوط الأمامية في مواجهة التطرف والإرهاب. كما يعني مساعدة المجتمعات الساحلية من لويزيانا إلى جزر سليمان. انه يعني حماية الأمن الغذائي وبناء الاستقرار لتجنب إضافة المزيد من اللاجئين إلى ما هو بالفعل أزمة إنسانية عالمية لم يسبق لها مثيل.

وجدد قادة الصين والأتحاد الأوربي إلتزامهم بإتفاقية باريس لتغير المناخ ووصفوها بأنها "ضرورة حتمية الآن أكثر من أي وقت مضى". وأكدوا في إعلان مشترك "أن تنفيذ الاتفاقية التزام سياسي هام جداً ولا رجوع عنه".وقد مثل البيان الذي صدر عقب القمة الصينية - الأوروبية في بروكسل رفضاً لتوجهات الولايات المتحدة، التي تمثلت في انسحابها من اتفاقية باريس المناخية.

وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، في بيان مشترك نادر، إن الاتفاق لا يمكن التفاوض بشأنه مجددا وناشدوا حلفاءهم تسريع الجهود لمكافحة تغير المناخ. وتعهدوا ببذل المزيد لمساعدة الدول النامية على التكيف.,وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو "رغم أن قرار الولايات المتحدة محبط، سنظل متأثرين بالزخم المتزايد حول العالم لمكافحة تغير المناخ والتحول لاقتصادات ذات نمو نظيف".
وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام مجلس النواب الألماني في برلين أن أوروبا "مصممة اكثر من أى وقت مضى" على مكافحة التغير المناخي وذلك بعد انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس حول المناخ قبل أيام من قمة مجموعة العشرين.وقالت أن التغير المناخى "تحد وجودى للانسانية" وأن اتفاق باريس "غير قابل للتفاوض" مجدداً.
وتعهدت المستشارة الألمانية بأن تواصل برلين التزامها باتفاقية باريس للمناخ في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة وقالت إن الاتفاقية "حجر زاوية لمحاولات حماية كوكبنا". ودعت دول العالم للعمل سويا من أجل حماية كوكب الأرض من ظاهرة تغير المناخ، مؤكدة عزمها المضي قدما بكل حزم على حماية المناخ العالمي رغم خروج الولايات المتحدة من اتفاقية باريس الدولية لحماية المناخ. وقالت ميركل: "أقول لكل من يهمهم مستقبل كوكبنا: واصلوا السير في الطريق سويا حتى ننجح في حماية أرضنا الأم ".وذكرت ميركل أن هناك حاجة إلى اتفاقية باريس للحفاظ على الخليقة، وقالت: "لا يمكن لشيء أن يوقفنا في ذلك، ولن يكون". وأضافت:" يتعين الآن التصرف بصورة أكثر حزما لتضافر الجهود في حماية المناخ"، مؤكدة أن بلادها ستفي بالتزماتها في هذا المجال، مشيرة في الوقت نفسه إلى أهمية المساعدات المالية للدول الأكثر فقرا وتعرضا لأضرار تغير المناخ.

وكتب لويد بلانكفين- الرئيس التنفيذي لمجموعة جولدمان ساكس على تويتر "قرار اليوم نكسة للبيئة والموقف الرائد للولايات المتحدة في العالم".

وقال السناتور الأمريكي بيرني ساندرز:"في هذه اللحظة، التي يسبب فيها تغير المناخ بالفعل ضررا مدمرا حول العالم، ليس لنا الحق أخلاقيا في أن ندير ظهورنا لجهود ترمي للحفاظ على هذا الكوكب للأجيال القادمة".

قمة هامبورغ والتغيرات المناخية العالمية

ستناقش القمة في هامبورغ لأول مرة ضمن أجندتها قضية التغيرات المناخية ومتابعة القرارات المتخذة بشأنها.وأعلنت ألمانيا،الرئيسة الحالية لقمة العشرين، أنها ستطرح قضية تغير المناخ وضرورة التركيز عليها وتضمينها في وثيقة السياسات، إنطلاقاً من:« إن تغير المناخ يمثل واحدا من أهم التحديات العالمية التي ترفع التكاليف والمخاطر في جميع أنحاء العالم". ودعماً للإجماع العالمي على اتفاقية باريس عام 2015،حيث إجتمعت كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وقد وحدتها مهمة مكافحة تغير المناخ وآثاره.
سيحضر القمة لأول مرة الرئيس الأمريكي ترامب، الذي من المتوقع ان يلعب دوراً سلبياً ويجعل القمة صعبة، وقد لا تنجح بتنفيذ تعهداتها بشأن مشكلة التغيرات المناخية.

أن معالجة قضايا التغيرات المناخية تواجه تحديات كبيرة من قبل مجموعة العشرين.فمن المؤكد أن إجراءات إدارة ترامب ستتسبب بتراجع جهود الولايات المتحدة للحد من انبعاثات الكربون، ولكن تأثيرها قد لا يكون كبيراً كما تأمل إدارته. فهي يمكنها فقط أن توقف أو تبطئ إجراءات الحكومة الاتحادية، ولكنها لا تستطيع أن توقف الجهود التي تبذلها الولايات والمدن والقطاع الخاص- يؤكد الخبراء.

في السياق ذاته، تواجه دول المجموعة مشكلة الأنفاق،حيث تنفق مجتمعة نحو 444 مليار دولار سنويا على دعم مصادر الوقود الأحفوري،وهذا الدعم يعيق تطوير مصادر الطاقة المتجددة والحد من التغيرات المناخية.وتتحمل اقتصادات دول المجموعة مجتمعة مسؤولية 80 في المائة من الانبعاثات الملوثة للهواء والمتصلة بنشاطات الطاقة.لكنها بالمقابل تمتلك نحو 75 في المائة من إمكانات التفوق في نشر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030،حيث تضم المجموعة أعظم الأمكانات في مجال تطوير التكنولوجيات والابتكار،ولها نصيب الأسد في مجال تكنولوجيات الطاقة المتجددة.وعدا هذا، تمثل 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و80 في المائة من إجمالي إمدادات الطاقة الأولية العالمية.

توقعات متفائلة وأخرى متشائمة

رغم كل التحديات يتوقع الخبراء ان الدورة الجديدة لقمة العشرين في ألمانيا ستكون محطة مهمة،حيث ستقدم ألمانيا مشروعاً بربط تغير المناخ بالطاقة،حيث أكدت رابطة «بي إي إي» الألمانية للطاقة المتجددة، أن ألمانيا زادت نسبة الكهرباء التي تنتجها باستخدام المصادر المتجددة إلى 35 في المئة من إجمالي إنتاج الكهرباء في النصف الأول من السنة، مقارنة بـ 33 في المئة قبل عام. وزادت مصادرها من الطاقة المتجددة على نحو مطرد على مدى العشرين عاماً الأخيرة بفضل عوامل من بينها قانون الطاقة المتجددة الذي تم تعديله هذا العام لخفض كلفة الطاقة المتجددة للمستهلكين. وأمنت ألمانيا ما يصل إلى 85 في المئة من حاجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة في أيام معينة كانت عاصفة أو مُشمسة بشكل خاص هذه السنة.وأن إنتاج الكهرباء من الرياح والطاقة المائية والشمسية بلغ 35 في المئة من إجمالي توليد الكهرباء في البلد في النصف الأول من العام الجاري. وتعهدت الحكومة بالتحول صوب اقتصاد تقل فيه الانبعاثات الكربونية بحلول منتصف القرن، ووضعت هدفاً بأن تساهم المصادر المتجددة بنحو 80 في المئة من إجمالي استهلاك الكهرباء بحلول عام 2050.وتهدف الحكومة إلى خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون نحو 40 في المئة في 2020 من مستويات التسعينات وبنحو 95 في المئة بحلول عام 2050 ( " الحياة").

وستقدم ألمانيا خطة عمل خاصة بسياسات الطاقة ستعمل على إزالة الكربون وأيضا طرح قضية تسعير الكربون.وستعمل الرئاسة الحالية للمجموعة على دمج القضايا المتعلقة بعلاقة الطاقة بتغير المناخ بشكل مكثف وذلك من خلال التركيز على كيفية دعم سياسات الطاقة في دول المجموعة، بالإضافة إلى التحول على المدى الطويل لاقتصادات منخفضة الكربون وبحث كيفية توجيه الاستثمارات وفقا لذلك.وستتضمن مناقشة التأكيد على أهمية العلاقة بين الطاقة والمناخ ووضع رؤية واضحة تسترشد بمخرجات اتفاق باريس وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لغاية عام 2030 ("المجلة").

لكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت من المبالغة في توقع نتائج من قمة العشرين. وذكرت ميركل بالمواقف الخلافية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مجموعة من القضايا أهمها الاحترار المناخي والتجارة والنفقات العسكرية.وتوقعت ان تكون قمة صعبة انطلاقا من مواقف دونالد ترامب الذي ستعقد معه اجتماعا منفردا قبل بدء القمة.وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم ميركل للصحافيين: "من المطروح عقد لقاء مع الرئيس الأميركي قبل بدء قمة مجموعة العشرين، على الأرجح مساء الخميس. ولكن ليس مؤكدا أن يؤدي هذا الاجتماع المنفرد إلى تبديد الخلافات".
وأكدت ميركل في مؤتمر صحافي: "تنتظرنا سلسلة من القضايا الشائكة"، وأشارت بالخصوص إلى مكافحة التغيرات المناخية في وقت أعلنت واشنطن انسحابها من اتفاق باريس، إضافة الى" خلافات كثيرة حول باقي الموضوعات.. لا أتوقع أن تزول في قمة ليومين ".وحذرت من المبالغة في توقع نتائج من القمة، مذكرة بأن البيان الختامي لاجتماعات مماثلة يجب أن يحظى بموافقة "بالاجماع".:
.