ثورة إنصاف الأغنياء!


محمد حسن خليل
الحوار المتمدن - العدد: 5239 - 2016 / 7 / 30 - 15:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


ظننت، كما ظن الكثيرون غيرى فيما أعتقد أن ثورتى يناير ويونيو قد قامتا لإنصاف الفقراء بينما يزداد الأثرياء ثراءً! أظن، وبعض الظن إثم، أننا كان لنا عذرنا: فشعارات الثورة كانت "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" وكانت لها شعارات تكميلية كثيرة تتحدث عن أجور عادلة ونسبة بين الحد الأدنى والأقصى للأجور...الخ.
لماذا قد يكون بعض الظن إثم؟ راقبوا صحفنا وتلفزيوننا. تجدون أولا أننا قد دخلنا فعلا فى المجاعة المائية منذ فترة. وأنه بعد بناء سد النهضة ستزيد المشكلة وتحدث الكثيرون عن الخطط المعدة لمواجهة هذا. بل أنه فى الوضع الحالى وبالذات فى الصيف هناك قرى لا تصل إليها نقطة مياه أكثر من يومين أو ثلاثة كل شهر! وأن الأهالى يضطرون للسفر لقرى أخرى للحصول على المياه، وأن جركن المياه قد وصل ثمنه إلى عشرة جنيهات!
ولكنكم تجدون فى الإعلانات أيضا عن الكثير من المجمعات السكنية (الكمبوندس) الفخمة للأغنياء، وبعضها مزود بحمامات السباحة، بل إن هناك فى إحدى القرى إعلان عن فيلا يسمونها التريو بها ثلاثة أدوار، شقة بكل دور، كل شقة لها حمام السباحة الخاص بها!! كما سبق الحديث كثيرا عن ملاعب الجولف فى مختلف القرى، وكُتِب –والعهدة على الكاتب- أن الملعب الواحد يحتاج إلى مياه فى السنة تكفى لرى عشرين ألف فدان!
هل تتضمن خطة مواجهة المجاعة المائية التى نعيشها وقف إنشاء حمامات السباحة الخاصة بالأفراد، وقف بنائها ووقف ملئ الموجود منها بالمياه، حتى تصل المياه إلى كل قرية؟ هل يتحمل الأغنياء الاستغناء عن الجولف حتى يشرب جميع المصريين؟ أليست هذه دعوة جديرة بالتبنى؟ ألا تكفى حمامات السباحة بالنوادى ومراكز الشباب؟ أم أن الصوت العالى المسموع هو صوت الأغنياء الذين يطالبون بإنصافهم من الفقراء فقط؟!
قل مثل ذلك عندما تبرر الحكومة رفع الدعم عن الوقود وزيادة أسعار الكهرباء وفرض الضريبة المضافة، ومعظمه يقع على عاتق الطبقات الفقيرة، وعلى الشعب التحمل حتى تمر الأزمة فالإصلاح الاقتصادى له ضريبة لابد وأن يدفعها الفقراء بصبر حتى تنصلح الأحوال! وأن الحكومة لا تدخر جهدا وأنها رفعت المعاشات بحيث أصبح الحد الأدنى للمعاش 500 جنيها!! والحد الأدنى للأجور حوالى ثمانمائة جنيه!! ولنتخلى عن الأحلام التى قيلت فى الثورة عن حد أدنى للأجور والمعاشات 1200 جنيها، فالحالة الاقتصادية لا تحتمل!
أما محاولة وضع حد أقصى للأجور حددته الدولة باثنين وأربعين ألف جنيه شهريا، فقد تم رفضه من 11 فئة وظيفية خاصة ضمت البنوك والبترول وقناة السويس والجامعات والقضاة وغيرهم! وفى عام 2013 طرح محاسبون ضد الفساد فى الجهاز المركزى للمحاسبات أن بند الأجور، وكان وقتها 136 مليار جنية، يذهب 60% منه فقط (82 مليارا) ل5.9 مليون عامل وموظف بالدولة بينما يذهب 40% منه (54 مليار) لعشرين ألفا من شاغلى وظائف الإدارة العليا! كما تم تخفيض الضرائب على الأغنياء من حد أقصى 30% إلى 22.5%! هل صدقتمونى فى أن الثورة قامت لإنصاف الأغنياء المساكين من "قرّ" الفقراء المحتاجين!!!
دكتور محمد حسن خليل