إرهابيون في نجدة النظام الجزائري


حميد زناز
الحوار المتمدن - العدد: 4690 - 2015 / 1 / 13 - 15:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يبدو أن النظام في الجزائر باق في غيه، لا يستفيد من الدروس المرة إن لم يكن هو الذي يريد تكرارها، لقد ارتكب الإثم الأكبر حينما سمح بتكوين حزب داعشي سنة 1989 و رسّخ ذلك الإثم حينما دفع بأغلب بلديات الوطن بين أحضان هؤلاء الدواعش إثر انتخابات لا تحمل من الديمقراطية سوى الاسم سنة 1990 و لم يكتف بذلك فقد سمح سنة بعد ذلك لذات الحزب الأصولي العنيف أن يشارك في انتخابات تشريعية في ظروف لم تكن مهيأة لا معنويا و لا ماديا لتنظيم اقتراع مصيري بذلك الحجم, إذ كانت الدولة آنذاك تعاني وهنا كبيرا جراء المتاعب التي كان يخلقها ذات الحزب. و اضطر جزء من السلطة أمام النتائج الكارثية التي كانت معروفة سلفا أن يلغي الانتخابات و يمنح لمتشددي الجبهة الإسلامية للإنقاذ فرصة كانوا متعطشين لها و هي ممارسة العنف تحت تسمية الجهاد و حجة استرداد الحق المسلوب ... و كانت النتيجة قرابة الــ 200000 ضحية و ما يقارب الــ 10000 من المفقودين و ربما فاق عدد الجرحى الــ 300000 و أكثر من 100000اضطروا إلى العيش في المنافي، إلى غير ذلك من الخسائر المادية و المعنوية التي لحقت بالبلاد و العباد...
في واقع الأمر كان هدفهم هدف داعش اليوم : إقامة الدولة الإسلامية و تطبيق الشريعة كما يفعل أتباع البغدادي. كل هذا الخراب و لم يعتبر النظام الجزائري بعد! و لا يزال مستمرا في استفزاز المواطنين وترهيب الديمقراطيين رافعا رايته المعهودة "أنا أو الغول الإسلاموي ؟" و إلا كيف يمكن قراءة سماحها للأمير الوطني السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ، الإرهابي مدني مزراق، بعقد مخيم صيفي رفقة مئات من عناصره بأعالي جبال جيجل، شرق الجزائر؟ ألا يذكرنا هذا الفعل بما فعله نظام بشار الأسد حينما أطلق سراح جهاديين في بداية الثورة السورية سنة 2011 و ها هم يحتلون اليوم أعلى المناصب في عصابة داعش و النصرة ...؟
فكيف يمكن أن يقبل الجزائريون الذين اكتووا بنار مدني مرزاق و أشباهه الدمويين أن تمنح له هذه السلطة الغاشمة صفة " شخصية وطنية" و تستدعيه رسميا للمشاركة في مشاورات حول تعديل الدستور الجزائري؟
في الحقيقة لم يبق لهذا النظام المشلول أدنى مخرج بعد ما تأكد أن الأزمة الاقتصادية آتية لا ريب فيها و قد يستحيل عليه الاستمرار في شراء الذمم بتوزيع المال العام و تبذيره بجنون و لذلك فهو يحضر لتلك الأيام العجاف و كالعادة سيستنجد بالإسلاميين ليخلط من خلالهم الأوراق عله يفلت من بين فكي الكماشة التي يتخبط فيها : من جهة ضغوط المعارضة الداعية إلى انتخابات رئاسية مسبقة بسبب إعاقة الرئيس و عدم شرعية من ينوب عنه و من جهة أخرى غليان الجبهة الاجتماعية و أمكانية انفجار الوضع في أي لحظة.
و كأن التاريخ يعيد نفسه فقد كان النظام آيلا إلى السقوط سنة 1991 فأخرج من عباءته تلك الأزمة التي عصفت بالبلاد و لم تعصف به بل هي التي أبقته حيا و ها هو اليوم يحاول نسج نفس السيناريو من أجل البقاء و التحضير لما بعد بوتفليقة. فهل يلدغ الجزائريون من جحر هذا النظام الفاشل مرة أخرى؟