الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمكناس
أحمد بيان
2014 / 2 / 23 - 00:37
التستر على الاختلاسات والرشاوى الكبيرة
من مكناس وتحديدا من حالة الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، تمطرنا هذه الأخيرة بفرقعات مقصودة الهدف منها إبراز بعض ملفات الاختلاسات والرشاوى الصغرى، للتغطية على أصحاب الملفات الكبرى من ذوي الحصانة. ونستحضر هنا ملف المتابعين من قبل محكمة المال العام، حيث نجد كل الأضناء يأتون في الحلقة الأخيرة من عمليات الربط.
كما نستحضر ملفات القباضة، فالمصير هو الطرد -نموذج قابض من ملحقة وجه عروس- رغم أدائه لكل مستحقات الوكالة. في حين أن رشاوى كبار الموظفين المقدرة بالملايين، كالتي ضبط متلبسا في إحداها مؤخرا رئيس جناح الماء والتطهير، لم تتجاوز عقوبتها عزله من المهام لا غير، ليتأكد للشغيلة أن واقع الحال يضرب جذوره في أعماق النظام ولا جدوى من تجديد وجوه المسيرين، وأن المدير الجديد حسم الموضوع بنهج الأسلوب الموروث داخل الوكالة. ويتبخر أمل من كان يعقد خيطه الأخير بالمسؤولية الجديدة مع اختيار السيد المدير الجديد لمساعديه والذين هم على شاكلة ذلك المرتشي المشار إليه أعلاه. بل إن من اختاره ليكون ذراعه اليمنى، كمسؤول عن شعبة الزبائن، يعد صاحب تاريخ لا يشرف، إذ منذ التحاقه بالوكالة عمل على التواطؤ مع المختلسين، عندما كان مسؤولا عن مصلحة تدقيق الحسابات، قبل أن يتم إعفاؤه من مهامه.
كما سبق له التورط في فضيحة تزوير وصفات الأدوية ثم إعادة بيعها بنصف قيمتها للحصول على أرباح إضافية، مما يؤدي إلى استنفاذ الفاتورة الشهرية المخصصة للوكالة، وبالتالي حرمان باقي الموظفين من التغطية الصحية. وبدلا من ردعه تم تعيينه على رأس هذه الشعبة ومنحه كامل الصلاحيات، مما زاد من نمو جشعه وتفننه في النهب عبر الإتاوات وابتزاز المعنيين بملفات الترقية.
وقد استغل صاحبنا منصبه للضغط على الموظفين، واقتياد ذوي النفوس الضعيفة منهم، إلى المواقع التي رسمها لهم سلفا من أجل إفراز جهاز نقابي مسؤول، حتى يتسنى له إعادة نهب صندوق التعاضدية.
كما أنه استفاد من مبلغ يعد بمئات الآلاف من الدراهم من صندوق الأعمال الاجتماعية، على أساس تأديتها بالتقسيط المريح، بينما يتم اقتياد الموظفين المحتاجين الفعليين للاستفادة من هذا الصندوق، إلى القروض البنكية.
أما على المستوى الأخلاقي، فحدث ولا حرج. إذ لم تسلم الموظفات من تحرشه سواء كن عازبات أو متزوجات، الكل يخضع للابتزاز والمضايقات. ومع غياب أي شكل من أشكال الحماية، تقع بعضهن ضحية مكبوتاته ونزواته.
وإذا كان يتم التستر على هذه الفضائح، فكيف يتم إخفاء ما لا يمكن إخفاؤه من قبيل توظيف أخ هذا المسؤول كرئيس لشركة "ميراطيك" التي فازت بعرض المناولة في قراءة العدادات وقطع التزويد بالكهرباء والماء للمتخلفين عن أداء الفواتير؟ ألا يعني ذلك رشوة من فوق الطاولة، أم أنه تعبير عن الشفافية التي يتغنون بها؟
وهذه الفضائح، نموذج لحالات لا تحتاج إلى لجن المحاسبة ولا إلى استكشاف عبقري أو الى مسح عميق للملفات. فهي فضائح مكشوفة في أبسط اتصال بهذه المؤسسة، بل إنها حديث الزبناء. وهذه فقط حالة من الحالات الأصغر في نظام تمتد جذور الفساد فيه عبر مسار تاريخي طويل مبني على نهب خيرات الشعب المغربي. وفي انتظار كبش فداء صغير بعد استفحال أشكال النهب والارتشاء هذه، ننبه من يلهثون وراء الفتات، للنظر الى من جرهم شعار محاربة الفساد إلى القضاء وإلى من شملتهم رحمة "عفا الله عما سلف".